فى عالم ملىء بالتحديات البيئية الاقتصادية يبرز مصطلح الاقتصاد الأخضر كرؤية طموحة لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادى، والحفاظ على بيئة نظيفة وخالية من التلوث، ففى عام 2008 أطلقت الأمم المتحدة مبادرتها للاقتصاد الأخضر من خلال تطوير سياسات وتقنيات تعزز النمو والاستدامة وتقلل من التلوث البيئى والانبعاثات الضارة التى تؤثر فى كافة مناحى الحياة فى جميع أرجاء الكوكب.
وواكبت مصر مبادرات الأمم المتحدة بالمشروعات البيئية والمعروفة بالاقتصاد الأخضر حيث تنفذ الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 من أجل بناء نظام وطنى يقوم على أدوات التمويل المبتكرة وتحديد الحلول الرقمية التى تعزز من التنفيذ وتأسيس وحدات التنمية المستدامة ودمجها بالجوانب المتعلقة بتغير المناخ فى مصر.
واستطاعت مصر البدء فى تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال منظمة وطنية تدعم التحول الأخضر والمعروفة باسم “نوفى”، والتى تنفذها وزارة التعاون الدولى بالتعاون مع الجهات الدولية والإقليمية المانحة وذلك من خلال التوسع فى مشروعات الطاقة والمياه والنقل والزراعة والصناعة.
كما أصدرت وزارة المالية أول طرح سيادى للسندات الخضراء فى اقتصاديات الدول الناشئة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقيمة 750 مليون دولار لأجل خمس سنوات وبأقل عائد يبلغ 5.25%.
وقد حقق مؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب 28” والذى انعقد مؤخراً فى دولة الإمارات عدداً من الإنجازات وأهمها معالجة الوقود الأحفورى بشكل مباشر والتأكيد على ضرورة السيطرة على متوسط ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بحيث لا تتجاوز 1.5 درجة مئوية بالإضافة إلى إطلاق صندوق “التيرا” للتمويل المناخى من جانب دولة الإمارات برأسمال يقدر بنحو 30 مليار دولار، بالإضافة إلى حشد أكثر من 85 مليار دولار كتمويلات مالية تتشارك فى تمويل المشروعات التنموية والخدمية فى مجال البيئة.
ومن النتائج التى تم النقاش والتفاوض بشأنها مضاعفة مصادر الطاقة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة استخدام الطاقة بحلول عام 2030 ودعوة الدول الغنية لتقديم الدعم السريع والوفاء بتعهداتها فى صندوق الخسائر والأضرار الذى وعدت به منذ فترة بقيمة 100 مليار دولار.
ختاما.. إن عملية التحول من الاقتصاد البنى “التقليدى” إلى الاقتصاد الأخضر ليست بمستحيلة، ولكن ليست بالسرعة التى يعتقد بها البعض، وربما الإنجاز الذى تحقق هو نجاح المجتمع الدولى فى وضع الأساس البنيوى الذى يمهد الطريق نحو مستقبل هذا الاقتصاد الجديد ونشر ثقافة التحول للاقتصاد الأخضر.