هناك حاجة لإنشاء آليات مؤسسية لضمان التعاون الفعّال بين مختلف الجهات
قالت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية إن مصر تسعى إلى إعادة تشكيل أطر الحوكمة العامة لتصبح أكثر كفاءة واستجابة لتطلعات مواطنيها لكنها تواجه تحديات جوهرية تحتاج إلى معالجة عاجلة.
وأكد تقرير صادر عن المنظمة على أهمية تعزيز التنسيق بين الوزارات والجهات الحكومية لتحقيق التكامل في تنفيذ السياسات.
وأوصى بإنشاء آليات مؤسسية مثل لجان فنية ومجموعات عمل متخصصة لضمان التعاون الفعّال بين مختلف الجهات، ويشدد التقرير على أهمية بناء قدرات مؤسسية قوية في مجال جمع البيانات وتحليلها، وتحسين جودة البيانات وإتاحتها للمسؤولين وصناع القرار يمكن أن يساهم في اتخاذ قرارات أكثر استنارة وفعالية.
وأوصى التقرير بوضع بروتوكولات واضحة لجمع البيانات واستخدامها بشكل منهجي.
وأوصى باتخاذ خطوات لتحسين الوصول إلى المعلومات العامة بشكل منهجي، بما في ذلك إنشاء منصات رقمية تتيح للمواطنين الاطلاع على المعلومات والمشاركة في عمليات صنع القرار.
وقال إن مثل هذه المبادرات تساهم في تعزيز المشاركة الشعبية وزيادة الشعور بالتمكين لدى المجتمع.
وأوصى التقرير بتطوير نظم متكاملة لقياس الأداء الحكومي وربطها بأهداف رؤية مصر 2030، وقال إن هذه النظم يجب أن تكون قادرة على تقديم تقارير دورية توضح تقدم العمل في مختلف القطاعات الحكومية، مما يعزز من المساءلة والشفافية.
كما شدد التقرير على أهمية تعزيز مشاركة المرأة والشباب في مواقع صنع القرار، حيث يُوصى بوضع سياسات تهدف إلى تمكين هذه الفئات وضمان تكافؤ الفرص، سواء في القطاع العام أو الخاص.
وأشار إلى أن البيروقراطية المفرطة من أكبر العقبات التي تواجه المواطنين والشركات على حد سواء، وأوصى بوضع استراتيجية وطنية شاملة لتبسيط الإجراءات الإدارية، مع التركيز على التحول الرقمي لتقليل الوقت والتكاليف المرتبطة بالحصول على الخدمات.
واقترح أيضًا تحسين بيئة العمل في القطاع الحكومي من خلال تحديث البنية التحتية وتطوير نظم العمل الداخلية.
ويرى التقرير أن تحسين القدرات البشرية داخل القطاع العام هو مفتاح لنجاح أي إصلاح إداري، إذ يجب أن تتضمن الاستراتيجية الوطنية برامج تدريبية متطورة تستهدف تحسين مهارات العاملين في الحكومة وتزويدهم بالأدوات اللازمة للتكيف مع المتغيرات.
وقال إنه رغم التقدم المحرز في رقمنة الخدمات الحكومية، إلا أن هناك ضرورة لوضع خطط أكثر شمولية لتوسيع نطاق التحول الرقمي.
وأوصى بتحسين البنية التحتية الرقمية وتوفير التدريب اللازم للمواطنين والعاملين لضمان استفادة الجميع من هذه التحولات.
وشدد على أن الإصلاح الإداري في مصر ليس مجرد هدف قصير المدى، بل هو عملية مستمرة تتطلب التزامًا طويل الأجل من جميع الأطراف المعنية.
وذكر أن التنفيذ الفعّال للتوصيات المقدمة من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية يمكن أن يساعد في تحقيق تحول جذري في كفاءة الحكومة واستجابتها لتطلعات المواطنين، مضيفًا أن الطريق ليس سهلاً، لكنه مليء بالفرص التي يمكن أن تحقق نقلة نوعية في مستقبل البلاد.
وقال التقرير إن تحسين إدارة الموارد البشرية لا يقتصر فقط على تحسين التدريب، بل يتطلب أيضًا تطوير سياسات توظيف مرنة تتيح استقطاب المواهب والحفاظ عليها في مواجهة التغيرات العالمية.
ودعا إلى تعزيز روح الابتكار داخل القطاع العام، من خلال تحفيز الموظفين وتشجيعهم على اقتراح أفكار جديدة تُسهم في تحسين الأداء.
وأوصى على صعيد تحسين البيانات، بتأسيس قواعد بيانات موحدة تتسم بالمرونة وسهولة الوصول، بما يدعم اتخاذ قرارات دقيقة وسريعة. هذه القواعد يجب أن تُدار وفقًا لمعايير دولية لضمان حماية الخصوصية وتحقيق التكامل بين المؤسسات المختلفة. تطوير آليات للتواصل الداخلي بين الجهات الحكومية يُعد ضروريًا لضمان تناقل المعلومات بشكل سريع ومنظم، وهو ما يسهم في تسريع تنفيذ المشروعات التنموية الكبرى.
ويشير التقرير إلى أهمية اعتماد الحكومة على مؤشرات قياس أداء واضحة ترتبط مباشرة برؤية مصر 2030. هذه المؤشرات يجب أن تغطي كافة القطاعات وتشمل أبعادًا مثل الشفافية، والكفاءة، والعدالة الاجتماعية، والاستدامة البيئية.
وأكد التقرير على أن توسيع نطاق الشراكات بين القطاعين العام والخاص يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف المنشودة.
وقال إنه لتحقيق ذلك، يجب توفير إطار قانوني وتنظيمي يضمن تحقيق الفوائد المتبادلة ويعزز من ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.
التقرير يقدم أيضًا توجيهات بشأن تحسين البنية التحتية للخدمات العامة، مع التركيز على استخدام تقنيات حديثة لتحقيق مستويات أعلى من الجودة والكفاءة، وأوصى بتفعيل برامج تجريبية صغيرة في مجالات مثل الصحة والتعليم والطاقة قبل التوسع في تطبيقها على نطاق واسع. مثل هذه البرامج يمكن أن توفر نماذج عملية للتعلم من الأخطاء وضمان نجاح التنفيذ على مستوى أوسع.
ولفت إلى أن الإصلاح الإداري يتطلب أيضًا مراجعة دورية للقوانين واللوائح لضمان مواكبتها للتغيرات السريعة في العالم، مشيرًا إلى أنه يجب أن تكون هذه المراجعات مرنة ومبنية على أدلة واضحة ومشاورات واسعة مع كافة الأطراف المعنية.
بالإضافة إلى ذلك، يشدد التقرير على أهمية رفع الوعي لدى المواطنين حول حقوقهم وواجباتهم، مما يعزز من مشاركتهم الفعالة في تنفيذ السياسات العامة.
كما أشار إلى أهمية تحقيق التوازن بين التحول الرقمي وحماية الفئات المهمشة التي قد تواجه صعوبة في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.
وذكر أنه يجب توفير قنوات بديلة للحصول على الخدمات لضمان عدم ترك أي فئة خلف الركب، هذا يشمل أيضًا تحسين وصول ذوي الاحتياجات الخاصة إلى الخدمات الحكومية، سواء عبر التحول الرقمي أو من خلال الوسائل التقليدية.