يجد سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، نفسه أمام قوة غير متوقعة تهدد طموحه في تحويل شركته إلى شركة بقيمة تريليون دولار، وهذه القوة هي الملياردير إيلون ماسك.
بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة، كان فريق “أوبن إيه آي” يستعد للتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
إلا أن ظهور ماسك كشخصية مؤثرة وقريبة من الرئيس المنتخب زاد الأمور تعقيداً، خاصة مع احتمال تأثيره على السياسات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، سواء عبر الدفع نحو تنظيمات جديدة تستهدف منافسيه أو الفوز بعقود حكومية مربحة لتعزيز مشروعه الخاص “إكس إيه آي”.
وفي تصريحات خلال مؤتمر لصحيفة “نيويورك تايمز”، أبدى ألتمان ثقته في أن ماسك لن يستخدم نفوذه السياسي للإضرار بمنافسيه أو تعزيز مصالحه الخاصة، واصفاً مثل هذا السلوك بأنه “غير أمريكي”.
غير أن العلاقة بين ألتمان وماسك، اللذين أسسا “أوبن إيه آي” معاً في عام 2015، تدهورت بشدة، حسب ما ذكرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
ماسك وصف ألتمان بأوصاف قاسية واتهمه وشركته بالخداع، حتى أنه رفع دعاوى قضائية لإلغاء شراكة “أوبن إيه آي” مع “مايكروسوفت”.
وعلى الرغم من الانتقادات، فإن “أوبن إيه آي” تتبنى سياسة تركز على تعزيز التنافسية الأمريكية، وإعادة بناء الاقتصاد، ودعم الأمن القومي، وهي أولويات تتماشى مع رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة.
السباق في ميدان الذكاء الاصطناعي
منذ إطلاق تطبيق “تشات جي بي تي” في نوفمبر 2022، ظلت “أوبن إيه آي” في صدارة شركات الذكاء الاصطناعي. تسعى الشركة حالياً لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية للحفاظ على هذا التفوق، وهي خطوة يصفها ماسك بالخيانة للرسالة الأصلية للشركة.
في الوقت نفسه، يواصل ماسك تعزيز مكانته في هذا المجال عبر مشروعه “إكس إيه أي”، الذي أطلق نموذج الذكاء الاصطناعي “جروك – 2” لينافس مباشرة “تشات جي بي تي” و “جيمناي” من “جوجل”، و “للاما” من “ميتا بلاتفورمز”.
كما أن ماسك أطلق مؤخراً “كولوسس”، وهو حاسوب خارق يستخدم لتدريب نماذج “إكس إيه أي”.
ووفقاً لـ”إنفيديا”، يعد هذا الحاسوب الأسرع من نوعه في العالم.
التأثير السياسي لمصلحة “إكس إيه أي”
رغم تأكيدات المقربين من ماسك بأنه لن يستغل نفوذه السياسي ضد “أوبن إيه آي”، فإن البعض يعتقدون أن وجوده في دائرة صنع القرار قد يمنحه ميزة تنافسية كبيرة لتعزيز شركته.
فعلى سبيل المثال، يمكن للحكومة الأمريكية أن تصبح واحدة من أكبر عملاء “إكس إيه أي”، وهو سيناريو يزيد من الضغوط على “أوبن إيه آي”.
رييد هوفمان، مؤسس “لينكدإن” وعضو مجلس إدارة “مايكروسوفت”، أعرب عن قلقه من احتمال تأثير العداء بين ماسك وألتمان على السياسات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
وأضاف أن مثل هذا السلوك قد يؤدي إلى صراعات مدمرة للصناعة والمجتمع الأمريكي.
تفوق ماسك التقني والتشغيلي
إلى جانب نفوذه السياسي، يمتلك ماسك ميزة تفوق تقنية وتشغيلية واضحة، فشركاته تجمع أكبر قاعدة بيانات خاصة في العالم، بما يشمل بيانات الأقمار الصناعية من “ستارلينك”، والفيديوهات المجمعة من سيارات “تسلا”، وبيانات منصة “إكس”.
وهذا التميز يمنح “إكس إيه أي” قوة كبيرة في سباق تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي.
رغم كل هذه التحديات، يبقى التفوق الحقيقي لماسك في قدرته على تحقيق رؤى طموحة بسرعة لا يمكن لمنافسيه مجاراتها.
كما وصف أحد المستثمرين: “إيلون يستطيع تحويل الأفكار إلى واقع بطريقة تفوق الآخرين.”
بالنظر إلى ديناميكية الصراع بين “أوبن إيه آي” و”إكس إيه أي”، فإن التحديات التي تواجه ألتمان تتجاوز المنافسة التقنية لتشمل النفوذ السياسي والاقتصادي المتزايد لماسك.