أعرب غالبية خبراء الاقتصاد الذين استطلعت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية آراءهم عن اعتقادهم بأن المجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأمريكي سيتخذ نهجاً حذراً في التعامل مع معدلات الفائدة الرئيسية خلال الفترات المقبلة ، خوفا من أن تؤدي سياسات إدارة دونالد ترامب إلى استثارة معدلات التضخم ودفعها قدماً إلى الأمام.
وأفادت الصحيفة بأن الاقتصاديين، الذين استَطلعت آراءهم ما بين 11 و13 ديسمبر الجاري، صعدوا بتوقعاتهم للفائدة الرئيسية مرجحين أنها ستكون أعلى خلال العام المقبل مقارنة بما توقعوه في استطلاع رأي سابق أجرته الصحيفة بالتعاون مع “جامعة شيكاغو بووث” بكليتها المرموقة في إدارة الأعمال والاقتصاد خلال سبتمبر الماضي.
واعتقد الغالبية العظمى منهم أن الفائدة ستحوم حول 3.5 % أو أعلى بنهاية عام 2025 بينما قال معظم من استُطلعت آراؤهم في سبتمبر الماضي إنه من المحتمل أن تهبط إلى أقل من 3.5 % إذا واصل مجلس الاحتياط خفض الفائدة بواقع ربع نقطة في المائة في اجتماعه الأسبوع المقبل، حسبما هو متوقع، فإن الفائدة الرئيسية ستقف عند 4.25% أو 4.5 %.
ويقول الاقتصادي السابق في مجلس الاحتياط، والذي يحاضر حالياً في “جامعة جون هوبكنز” الذي ساعد في تصميم مسح الآراء جوناثان رايت “إنه على مدار الأشهر القليلة الماضية، أصبحت المخاطر السلبية على سوق العمل أقل سوءاً، وتصاعد التضخم يبدو متوقفاً بعض الشيء”.
وتابع رايت :”التضخم هبط بلا متاعب بأكثر مما توقعت أنا ومعظم الناس، لكني أعتقد أننا ما زلنا نرى أن التوقف الأخير (وصولاً إلى هدف البنك) سيكون أمراً أكثر صعوبة، ولذا فإنه من المؤكد أن للاحتياطي الفيدرالي ليس من المرجح أن يكون في عجلة من أمره في مسألة خفض سعر معدلات الفائدة”.
ومن جانبها .. اعتبرت تارا سينكلير التي عملت سابقاً في وزارة الخزانة وهي بروفيسور حالياً في “جامعة جورج واشنطن” أن هذا يمكن ترجمته بأن الاحتياطي الفيدرالي بعد خفضه للفائدة في ديسمبر سيمضي قدماً في “توقف ممتد”، ليبقي على معدلات الفائدة ثابتة على مدار العام المقبل بأكمله.
وقالت :”من وجهة نظري، فإنهم سيحتاجون إلى البقاء في منطقة التقييد بكافة الطرق حتى يتضح أن التضخم عاود تراجعه إلى ما هو مستهدف منهم.”
ويخطط المسؤولون للعمل بسرعة على كيفية اتباع سياسة معدل فائدة “محايدة” لا تحفز النمو أو تثبطه ، وقاموا بمناقشة إبطاء وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة الرئيسية بصورة علنية بمجرد اقترابهم من هذا المستوى، رغم أن رئيس الاحتياط الفيدرالي جاي باول اعترف بأن صناع السياسة يفتقرون إلى الوضوح بشأن كيف سيتحقق ذلك..قائلا في تصريحات للصحفيين :”نحن واثقون تماما بأنه سيكون أقل مما نحن عليه الآن”.
وتلوح في الأفق بشكل كبير، عودة ترامب إلى البيت الأبيض الشهر المقبل، الذي تعهد بفرض رسوم جمركية متدرجة وترحيل ملايين من الأمريكيين فيما سيقوم أيضاً بخفض ضرائب وإلغاء تدابير ولوائح.
وبينت (فاينانشيال تايمز) أن أكثر من 60 % من الاقتصاديين المُستطلع آراؤهم في المسح الذي نفذته الصحيفة بالتعاون مع جامعة “شيكاغو بووث”، يعتقدون أن خطط ترامب سيكون لها أثر سلبي على النمو في الولايات المتحدة وأغلبهم يتبنون أيضاً فكرة ارتفاع التضخم إذا نفذ ترامب خطته بفرض رسوم جمركية عالمية ورفعها بشكل كبير على الصين.
وقال أكثر من 80 % من بين 47 خبيراً اقتصاديا استطلعت آراؤهم، إن التضخم خلال العام المقبل ، والذي يقاس بمؤشر أسعار النفقات الشخصية بعد استبعاد أسعار الغذاء والطاقة، لن يقل عن مستوى 2 % حتى يناير 2026، أو بعده. لكن في استطلاع سبتمبر، لم يضع نفس التقديرات سوى 35 % فقط ممن استطلعت آراؤهم.
وحذر اقتصاديون من أن مجلس الاحتياط الفيدرالي ربما يكافح أيضاً من أجل تجاوز تلك المرحلة، فيما يتهيأ البعض لحدوث “مواجهة” بين الرئيس المنتخب وباول إذا أرغم البنك المركزي على الإبقاء على مستويات مرتفعة لمعدلات الفائدة الرئيسية لكبح تأثير سياسات ترامب.