حققت شركات العقارات مبيعات قياسية خلال العام الجارى بدعم من ارتفاع أسعار البيع، وزيادة الإقبال على الشراء للتحوط من انخفاض قيمة العملة المحلية.
وسجلت مبيعات الشركات العقارية المدرجة فى البورصة المصرية ارتفاعًا كبيرًا، حيث استفادت من توجه الحكومة لجذب استثمارات أجنبية مباشرة مستدامة عن طريق تطوير مدن ساحلية جديدة، ومنها مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالى.
وسجلت إيرادات شركة مدينة مصر للإسكان والتعمير ارتفاعًا بنحو 59% خلال أول 9 أشهر من العام الجارى لتصل إلى 7.5 مليار جنيه، مقابل 4.7 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضى، بينما قفزت أرباحها بحوالى 89% لتسجل 2.5 مليار جنيه، مقارنة بـ1.3 مليار جنيه خلال نفس الفترة.
فيما بلغت إيرادات شركة أوراسكوم للتنمية 15.5 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2024، مقابل 10.4 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2023 بنمو 49%، وقفزت أرباح الشركة 10% لتصل إلى 2.2 مليار جنيه، مقابل 2 مليار جنيه خلال نفس الفترة.
وحققت شركة “إعمار مصر” نموًا فى أرباحها بنسبة 107% خلال التسعة أشهر الأولى من 2024، لتصل إلى 10.3 مليار جنيه، مقابل حوالى 5 مليارات جنيه خلال نفس الفترة من 2023، بينما ارتفعت إيراداتها بنحو 25% لتصل إلى 13.3 مليار جنيه، مقابل 10.6 مليار جنيه خلال نفس الفترة.
جاد: نظرة المستثمرين للقطاع العقارى شهدت تغييرًا إيجابيًا بعد “رأس الحكمة”
قال محمود جاد، محلل العقارات بإدارة بحوث شركة العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية، إن نمو أرباح القطاع العقارى جاء نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار البيع، مما أسهم فى نمو حجم مبيعات الشركات وتحقيقها أرباحًا قياسية.
أضاف جاد، أن النظرة العامة للقطاع العقارى والقطاعات المرتبطة به شهدت تغييرًا إيجابيًا بعد توقيع اتفاقية تطوير مدينة رأس الحكمة، فى ظل توافر استثمارات أجنبية مباشرة.
أوضح أن أبرز الشركات العقارية التى ستستفيد خلال الفترة المقبلة هى تلك المرتبطة بمشروعات كبرى أو التى تمتلك أذرعًا فى مجالى الفندقة والسياحة، بالإضافة إلى أسهم الشركات التى تعمل فى القطاعات السابقة واللاحقة للتطوير العقارى، كما أن الشركات غير المرتبطة بهذه المشاريع ستستفيد أيضًا من إعادة تسعير القطاع بشكل إيجابى.
السعدنى: تأثير الصفقات الكبرى سيظهر فى 2026
قالت مريم السعدنى، محللة العقارات بشركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار، إن العام الجارى شهد نموًا ملحوظًا فى القطاع العقارى، مدفوعًا بإقبال المصريين على الاستثمار فى العقارات.
وأرجعت ذلك إلى أزمة نقص العملة وتوجه المستهلكين للتحوط من خلال الأنشطة المختلفة، وعلى رأسها القطاع العقارى.
أضافت السعدنى، أن أغلب الشركات حققت نتائج إيجابية منذ العام الماضى، حيث استفادت مجموعة طلعت مصطفى من دخول أسواق جديدة وتوسعاتها فى قطاع الفندقة، بينما استفادت شركات أخرى، مثل أوراسكوم للتنمية، من تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار.
وتابعت: “أدى ارتفاع معدلات التضخم إلى زيادة أسعار العقارات ومبيعات هذه الشركات، ما ساعد شركات مثل سوديك وبالم هيلز لتحقيق مبيعات وأرباح قياسية، كما تتمتع شركة إعمار مصر بسيولة مرتفعة ومركز مالى قوى، مما يعزز ثقة المستثمرين ويشجعهم على اللجوء إلى سهم الشركة، خاصة مع ارتفاع معدلات الفائدة”.
وتوقعت أن يبدأ تأثير الصفقات الكبرى على نتائج أعمال شركات التطوير العقارى بداية من 2026-2027، ومع ذلك، أشارت إلى أن عقود المقاولات ستكون الأقرب للتحقق خلال الفترة المقبلة.
وقالت إن نمو مؤشر القطاع العقارى سيتباطأ خلال العام المقبل مقارنة بالعام الجارى، خاصة مع استقرار سعر الصرف، وتوقع عدم حدوث تحركات كبيرة فى سعر الصرف كما كان فى السابق، كما سيؤدى تراجع معدلات التضخم إلى توجه المستثمرين نحو وسائل استثمارية أخرى.
شفيع: القطاع العقارى سيحافظ على هوامش ربحيته المرتفعة خلال 2025
وقال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن القطاع العقارى حقق خلال العام الجارى هوامش ربحية تفوق ما تحقق فى العام الماضى، كما جاءت أعلى من هوامش الربحية التى سجلتها القطاعات الأخرى.
وتوقع شفيع أن يحافظ القطاع العقارى على هوامش ربحيته المرتفعة خلال العام المقبل، مدعومًا بالظروف الاقتصادية الحالية وسلوك المصريين الذى يميل إلى التحوط عبر الاستثمار فى العقارات.
أضاف أن تحقيق هوامش ربحية مرتفعة يعود إلى فلسفة المصريين وخوفهم من انخفاض قيمة العملة والتضخم، مما يدفعهم للتحوط عبر الملاذات الآمنة مثل العقارات، التى تُعد من أنشط القطاعات، إلى جانب الذهب وسوق المال.
أشار إلى أن الاستحواذات والصفقات الكبرى التى تمت خلال الفترة الماضية قدمت دعمًا كبيرًا للشركات، خاصة تلك التى اتجهت نحو الاستثمار فى العقارات السياحية، مثل مجموعة طلعت مصطفى، وسوديك، وإعمار مصر، وأوراسكوم للتنمية، التى تعمل فى هذا القطاع بالفعل.
وقال إن الاستثمارات الكبرى التى شهدها السوق خلال العام الجارى، بالتعاون مع الصناديق السيادية، تهدف أساسًا إلى تحقيق أهداف استراتيجية على مستوى الدولة، تشمل جذب استثمارات أجنبية مباشرة مستدامة، بالإضافة إلى تعمير مساحات واسعة.
أضاف شفيع، أن غالبية الخبراء يتوقعون استمرار الأداء الإيجابى للقطاع العقارى، نظرًا للزخم الكبير فى الإقبال على شراء العقارات، مما يعزز جاذبيته.
وأشار أيضًا إلى الدور الذى تلعبه القطاعات المرتبطة بالعقارات، مثل شركات السويدى وأوراسكوم كونستراكشون، بالإضافة إلى القطاع البنكى، الذى يُعد الممول الأساسى لهذه الأنشطة.
وتوقع تقرير صادر عن شركة “ذا بورد كونسالتنج للاستشارات” حدوث موجة تصحيح فى السوق العقارى المصرى خلال الفترة المقبلة، ولكنها لن تصل إلى حد الفقاعة العقارية، مشيرة إلى أن تلك الموجة تعتمد على العديد من المحاور سواء نقاط القوة التى يتمتع بها السوق أو نقاط الضعف التى تثير المخاوف لدى العملاء والشركات.
وقال التقرير إنه على الرغم من التكهنات المستمرة فى السوق، إلا أن قطاع العقارات فى مصر أثبت تاريخيًا مرونته خلال فترات عدم اليقين الاقتصادى، حيث غالبًا ما ينظر المصريون إلى العقارات باعتبارها استثمارًا موثوقًا به للحفاظ على الثروة، فى حين تعمل القوة الشرائية المتزايدة للمغتربين المصريين والمستثمرين الأجانب على تغذية وازدهار إمكانات نمو القطاع.
وركز التقرير على نقاط الضعف التى يعانى منها سوق العقارات فى مصر والتى تزيد المخاوف لدى العملاء من تأثر السوق بصورة سلبية خلال الفترة المقبلة، والتى لخصها فى 5 محاور رئيسية، كما رصد التقرير 4 نقاط للقوة يتمتع بها السوق وسيكون لها دور فى تعزيز قدراته على مواجهة الصدمات.
وتتمثل نقاط الضعف فى ارتفاع الأسعار بشكل كبير والتحول نحو مشتريات الاستثمار وتوقعات أسعار الفائدة، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بإعادة البيع وارتفاع معدلات الإلغاء.
بينما تمثل نقاط القوة الطلب القوى المستدام فى ظل عدد سكان يتخطى 107 ملايين نسمة، مما يتطلب ما يقرب من مليون وحدة، من بينها من 95 ألفًا إلى 125 ألفًا فى سوق الفئة “AB”، وانخفاض التعرض للأزمات العالمية، وتزايد الاهتمام من قبل الأجانب والمغتربين، بالإضافة إلى اعتبار أن العقارات الملاذ الآمن فى ظل حالة عدم اليقين، وحركة البيع والشراء فى الساحل الشمالى.
الدجوى: 7.9% نموًا متوقعًا لقطاع العقارات خلال 2025
وتوقع على الدجوى، محلل العقارات بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية، أن يشهد القطاع العقارى نموًا مستدامًا خلال السنوات المقبلة، مع تقديرات بارتفاع متوسط أسعار الوحدات بنحو 15.6% فى 2025 متأثرة بارتفاع أسعار الوقود فى 2024 والتى أثرت بشكل مباشر على أسعار مواد البناء، بالإضافة إلى تأثير التضخم والذى من المتوقع أن يسجل معدل 21.2% خلال 2025.
ورجح أن يشهد القطاع العقارى نموًا بنسبة 7.9% فى عام 2025 مدفوعاً بارتفاع الاستثمار الأجنبى المباشر بنسبة نمو حوالى 361% حيث سجل 46.1 مليار دولار خلال العام المالى 2023-2024.
وقال إن تحسن التصنيف الائتمانى لمصر من قبل وكالات التصنيف الدولية مثل “فيتش” سيكون له دور كبير فى تعزيز ثقة المستثمرين وزيادة الاستثمارات فى القطاع، وكل هذه العوامل مجتمعة تدفع القطاع العقارى فى مصر نحو آفاق جديدة، ما ينعكس بشكل إيجابى على مؤشر القطاع العقارى فى البورصة، ويجعله واحدًا من القطاعات الأكثر جذبًا للاستثمار فى المستقبل القريب.
أضاف الدجوى، أن القطاع العقارى شهد أداءً قويًا خلال العام الجارى، مدعومًا بعدة عوامل رئيسية، أهمها صفقة رأس الحكمة حيث كانت من أبرز المحطات التى عززت أداء القطاع والتى مكنت مصر من تسجيل أعلى مستوى للاستثمار الأجنبى المباشر فى تاريخها.
أوضح أن صفقة رأس الحكمة لم تكن الوحيدة التى ساهمت فى نمو القطاع؛ حيث جاء التحسن فى أداء شركات القطاع العقارى مدفوعًا بارتفاع إيرادات الشركات، وذلك بسبب ارتفاع متوسط سعر الوحدات العقارية نتيجة للتضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية.
وتابع: “كما شهد قطاع الضيافة زيادة ملحوظة فى الإيرادات، حيث حققت الكثير من الفنادق التابعة لشركات عقارية معدلات إشغال مرتفعة، خاصة من قبل السياح الأجانب، وكان ذلك نتيجة لعدة عوامل منها تحسن جودة الخدمات السياحية فى مصر وفقًا للمعيار العالمى Global Review Index لتصل إلى نسبة 85.1% خلال العام الجارى، كذلك ساعد توجه الشركات العقارية لتصدير العقار المصرى للأجانب، سواء للسكن أو الاستثمار، فى تعزيز الطلب على الوحدات العقارية، مما ساهم فى تحقيق عوائد كبيرة”.