يواجه الأمريكيون ذو الميزانية المحدودة تحديات متزايدة في الحصول على سيارات بأسعار معقولة؛ مع ارتفاع تكاليف السيارات الجديدة، فيما قد تؤدي التعريفات الجمركية الجديدة التي سيفرضها دونالد ترامب على السيارات المصنوعة في المكسيك إلى تفاقم الأزمة.
وأوضحت صحيفة “وول ستريت جورنال”، اليوم الخميس، أن ثلث السيارات التي تباع في الولايات المتحدة بأسعار تقل عن 30000 دولار تنتج حاليا في المكسيك مثل سيارة نيسان سنترا وفورد مافريك وغيرها من الطرازات الشعبية، وقد كان هذا الرقم في عام 2014 لا يتجاوز 20%.
وتعتمد شركات السيارات على المكسيك لتقليل تكاليف التصنيع خصوصًا في إنتاج السيارات الصغيرة التي تتمتع بهوامش ربح أقل من الشاحنات والسيارات الرياضية.
وكان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، قد هدد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على السيارات القادمة من المكسيك وكندا، وهو ما قد يعيد النظر في اتفاقية التجارة الحرة التي تم التفاوض عليها خلال ولايته الأولى.
وتوقع الخبراء، أن تؤدي هذه التعريفات الجديدة إلى زيادة تتراوح بين 2000 إلى 3000 دولار في تكلفة كل سيارة تباع في الولايات المتحدة.
ويرجح المحللون، أن هذه الزيادة ستؤثر بشكل أكبر على السيارات الاقتصادية التي يفضلها المستهلكون من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض، وبعض الطرازات مثل هوندا سيفيك التي تُصنع في كندا أيضًا، مما يعني أن قطع الغيار المنتجة في المكسيك وكندا ستكون عرضة لهذه التعريفات، مما يزيد من تكاليف التصنيع بالنسبة للشركات والمستهلكين على حد سواء.
تأتي هذه التهديدات بالتعريفات الجمركية في وقت يعاني فيه العديد من الأمريكيين من تكاليف سيارات جديدة مرتفعة بشكل غير مسبوق.
وشهدت أسعار السيارات الجديدة ارتفاعًا ملحوظًا خلال فترة جائحة كورونا، نتيجة لنقص قطع الغيار والمشاكل في سلسلة التوريد، كما أسهمت زيادة معدلات الفائدة في رفع تكاليف ملكية السيارات، حيث ارتفعت المدفوعات الشهرية لتمويل السيارات بشكل كبير، من 500 دولار في عام 2016 إلى حوالي 700 دولار في الوقت الحالي.
ووفقًا لبيانات صناعة السيارات، وصل المتوسط الحالي للمدفوعات الشهرية إلى نحو 700 دولار، بينما يضطر واحد من كل خمسة مشترين لدفع أكثر من 1000 دولار شهريًا.
وقد أدى هذا الارتفاع في التكاليف إلى تحول العديد من المتسوقين نحو السيارات الصغيرة والأقل تكلفة، مما أدى إلى زيادة مبيعات السيارات التي تُنتج في المكسيك.
ويوجد أكثر من 20 مصنعًا للسيارات في المكسيك، حيث يتم إنتاج نحو 4 ملايين سيارة سنويًا، يتم شحن نحو 70% منها إلى الولايات المتحدة.
واختارت العديد من الشركات الكبرى في صناعة السيارات، مثل فورد، وجنرال موتورز، وتويوتا، وغيرها، المكسيك كموقع رئيسي لإنتاج السيارات، بعد توقيع اتفاقية “نافتا” في عام 1994، التي سمحت بالتجارة الحرة بين الدول الثلاث.
وأتاحت المكسيك فرصة للشركات لتقليل تكاليف التصنيع بفضل انخفاض الأجور مقارنة بالولايات المتحدة حيث تبدأ الأجور في مصانع السيارات بالمكسيك من 3.50 إلى 4.30 دولار في الساعة، في حين أن متوسط الأجر في الولايات المتحدة يبلغ حوالي 33 دولارًا في الساعة، وفقًا لبيانات من مكتب إحصاءات العمل الأمريكي.
ونتيجة لهذه التكاليف المنخفضة، أصبحت المكسيك وجهة رئيسية لإنتاج السيارات الصغيرة والاقتصادية، مما يساهم في تعزيز ربحية هذه الطرازات التي كانت تُنتج في الولايات المتحدة بتكاليف أعلى.
وخلال ولايته الأولى، سعى ترامب إلى تقليص انتقال الوظائف الصناعية من الولايات المتحدة إلى دول مثل المكسيك والصين.
وفي إطار هذه الجهود، أعاد التفاوض على “نافتا” ليحصل على اتفاق جديد يسمى “اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا”، الذي حافظ على التجارة الحرة بين الدول الثلاث، مع فرض شروط جديدة تهدف لحماية العمال الأمريكيين والكنديين، ومن بين هذه الشروط، يتعين على الشركات أن تلتزم باستخدام نسبة أعلى من الأجزاء المصنعة في أمريكا الشمالية لتجنب التعريفات الجمركية، كما ألزمت الاتفاقية الشركات باستخدام 40% إلى 45% من المواد المستخدمة في تصنيع السيارات من قبل عمال يتقاضون ما لا يقل عن 16 دولارًا في الساعة، مما ساعد في تقليص الفجوة في الأجور بين المكسيك والدول الأخرى.
ومع التهديدات المستمرة بفرض التعريفات الجمركية، بدأت بعض شركات السيارات في دراسة البدائل على سبيل المثال، قال توم دونيلي، رئيس شركة “مازدا” في أمريكا الشمالية، إن الشركة قد تفكر في زيادة الإنتاج في مصانعها بالولايات المتحدة أو استيراد السيارات من اليابان في حال تم فرض التعريفات، مضيفة أنه لا يمكن لأي شركة أن تتحمل فجأة تأثيرات هذه التعريفات الجديدة.
وفي الوقت ذاته، تأمل العديد من شركات السيارات في أن تكون تهديدات ترامب جزءًا من استراتيجيات تفاوضية للحصول على شروط أفضل في الاتفاقات التجارية.