تتجه الأسهم الفرنسية، بنهاية العام 2024، إلى تسجيل أسوأ أداء سنوي منذ اندلاع أزمة منطقة اليورو مع تعاظم مخاوف المستثمرين حيال الرسوم الجمركية والمأزق السياسي في البلاد، فضلاً عن ضآلة الطلب على السلع الرفاهية.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن مؤشر “كاك40″، في بورصة باريس للأوراق المالية، بعد بدايته القوية هذا العام مدعوماً بالمبيعات القوية التي حققتها شركات مثل “إل في إم إتش”، سرعان ما تلاشى أثرها، وفقد 3% من قيمته خلال هذا العام، مقارنة بمكاسب نسبتها 6% حققها مؤشر “ستوكس أوروبا-600” الذي يقيس أداء الأسهم في أرجاء منطقة اليورو.
وبدا المستثمرون متأثرين بشدة بالأزمة السياسية في فرنسا، ونقص الطلب من سوق الصادرات الرئيسية في الصين، وضعف أداء الاقتصاد المحلي، كما أن أفق اندلاع حرب تجارية بعد تهديد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية متصاعدة على السلع، فاقم من عمق من صعوبة الأوضاع في السوق.
ويرى رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك “سوستيه جنرال” الفرنسي، رولان كالويانن، أن “هناك كثيراً من الأشياء تحدث في نفس الوقت، تجعل من الناس يتجنبون الأسماء الفرنسية”، لافتاً إلى أن “التراجع بات ملحوظاً للغاية”.
ويقول محللون، إن الأزمة السياسية في البلاد أرهقت السوق بشدة، إذ أن فرانسوا بايرو أصبح رابع رئيس وزراء للبلاد في غضون عام واحد.
وأثارت تلك الأزمة جدلاً عميقاً في الداخل الفرنسي بشأن كيف ستتمكن البلاد من معالجة العجز المتصاعد في الموازنة، المستثمرون قلقون من الوضع النقدي في البلاد الذي دفع تكاليف الإقراض لأجل 10 سنوات إلى أعلى من 3% هذا العام، كما أن الهامش الإضافي الذي تدفعه فرنسا على مؤشر الديون الألمانية بلغ أعلى مستوياته منذ أزمة الديون في منطقة اليورو.
وكانت مؤسسة “مودي” العالمية للتقييم قد خفضت من تصنيف فرنسا الائتماني، في مطلع هذا الشهر، في أعقاب تصويت سحب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء مايكل بارنيه، لتعكس “ضعفاً ملموساً” في آفاق الاقتصاد.
ويأتي هبوط الأسعار في سوق الأوراق المالية الفرنسي مناقضا بشكل صارخ مع جارتها الألمانية، التي حصدت أسهمها مكاسب هذا العام بلغت نسبتها 18.7%، وهو ما يتصدى بقوة للتشاؤم الذي يحيط بأداء اقتصادها المحلي.
ويرى المحلل في “باركليز”، إيمانويل كو، أن السوق لا يزال “منقسماً” حول ما إذا كانت شركات السلع الرفاهية سوف تعاود انتعاشها في عام 2025، أم أن مكاسبها سوف تشهد مزيداً من الضعف مرة أخرى.. وتوقع أن ينمو القطاع بنسبة 3 % فقط خلال العام المقبل، في ظل ثبات معدلات صرف العملة.
وشهدت أسهم البنوك وشركات التأمين – التي تشكل 10% من مؤشر بورصة باريس – هبوطاً حادا لانكشافها بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي، علاوة على أنها تستحوذ على حصة مهمة من الدين الحكومي، التي ينظر إليها المستثمرون حالياً على أنها أكثر مخاطرة.
وهبطت أسهم بنك “بي إن بي باريبا”، أكبر بنوك أوروبا الذي يتداوله المستثمرون باعتباره ممثلاً للاقتصاد الفرنسي، بنسبة 8 % خلال هذا العام.
كما أن المنافسة الشرسة من جانب السيارات الكهربائية المصنعة في الصين والأزمة السياسية أضرت بشدة الشركات المصنعة للسيارات في أوروبا، من بينها “سيلانتيس”، التي تمتلك موديلات “بيجو” و”فيات” و”جيب”، إذ هبطت أسهمها بنسبة 41 % في باريس خلال العام الجاري.