ارتفعت قيمة توزيعات الأرباح النقدية من قبل الشركات المدرجة فى البورصة على مدار الأعوام التسع الماضية متأثرة بصورة أساسية بنمو أرباح الشركات المدرجة التى شهدت نموًا مطردًا مدفوعة بعدة عوامل على رأسها حركة سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
وأجرت “البورصة” مسحًا على أحجام توزيعات الأرباح النقدية على مدار الفترة من 2016 إلى 2024، مقارنة بصافى الأرباح المحققة من الشركات المدرجة بالمؤشر الرئيسي للبورصة المصرية خلال نفس الفترة لتحديد نسبة توزيعات الأرباح من المحقق فعليًا.
تعد التوزيعات النقدية للأرباح من أهم الأدوات التي تعكس صحة الشركة المالية واستقرارها،فهي تمثل جزءًا من الأرباح التي تقرر الشركة توزيعها على مساهميها كعائد مباشر على استثماراتهم، وتُظهر التوزيعات النقدية التزام الشركة بمكافأة مساهميها وتعزز من ثقتهم في استراتيجيتها المستقبلية.
أما عن المستثمرين، تعتبر التوزيعات النقدية مؤشرًا هامًا على جودة الإدارة المالية وقدرة الشركة على تحقيق تدفقات نقدية مستدامة، كما توفر مصدر دخل منتظم، خاصة للمستثمرين الذين يبحثون عن عوائد مستقرة وطويلة الأجل، مما يجعلها عاملاً جذابًا عند اتخاذ قرارات الاستثمار.
ووفق المسح، تطورت نسبة التوزيعات النقدية إلى إجمالى أرباح شركات EGX30 لتقفز من 55% فى عام 2016 إلى 58% فى عام 2024، فيمات بلغت نحو 71% خلال عام 2017، و78% خلال عام 2018، و104% خلال عام 2019، و77% خلال عام 2020، و35% خلال عام 2021، ونحو 44% خلال عام 2022، و51% خلال عام 2023.
وشهد عام 2019 قفزة فى توزيعات الأرباح حيث تخطت نسبة التوزيعات إجمالى أرباح أكبر 25 شركة مدرجة فى المؤشر الرئيسي – محل المسح- خلال العام.
وحققت الشركات المدرجة بـEGX30 باستثناء البنوك نحو 118 مليار جنيه أرباحًا خلال العام الماضي، مقارنة بنحو 100 مليار جنيه فى العام الأسبق، فيما سجلت الأرباح نحو 82 مليار جنيه خلال 2022، و51 مليار جنيه خلال عام 2021.
وبلغت الأرباح 26 مليار جنيه خلال 2020، و23 مليار جنيه خلال 2019، و37 مليار جنيه خلال 2018، فيما سجلت نحو 28 مليار جنيه خلال 2017، ونحو 22 مليار جنيه في 2016.
الألفي: لا يمكن الجزم بتغير سياسة توزيعات الأرباح
وقال عمرو الألفى، رئيس استراتيجيات الأسهم ببحوث رامبل بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، إن تغير سياسة توزيعات الأرباح للشركات تختلف على حسب المعطيات الاقتصادية فى البلاد، والقطاعية على مستوى القطاع التى تعمل تحت مظلته الشركة.
وأشار إلى أنه في حال ارتفع سعر الفائدة قد تتجه بعض الشركات لتخفيض توزيعاتها النقدية، لتوفير السيولة المطلوبة لتمويل استثماراتها بدلاُ من الاقتراض بسعر فائدة مرتفعة.
وأضاف الألفي، أنه قد يكون تخفيض بعض الشركات لتوزيعاتها النقدية بهدف الاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة أيضا ولكن في حال الشركات التي لديها صافي نقدية بعد خصم الديون. ولكن خلال الفترة الماضية، لا يمكن الجزم بأن الشركات قامت بتغيير سياسة توزيع الأرباح بشكل قاطع حيث تتأثر كل شركة بظروفها الخاصة.
وأوضح الألفي، أن الاحتفاظ بصافي الأرباح عادة ما يكون لتحقيق معدلات نمو أعلى، لأن الاحتفاظ بالأرباح يعني ارتفاع معدلات النمو، طالما أن الشركة تحقق عائدا إيجابيا على حقوق المساهمين.
دفعت فروق العملة الأجنبية الناتجة عن تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار تسارع وتيرة أرباح الشركات المدرجة خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري مما دفع بعضها لأرباح قياسية، وسجلت بعض الشركات قفزات واسعة فى أرباح فروق العملة وصلت إلى 2000 مرة.
وانخفضت العملة المصرية بنحو 60% في ليلة واحدة عقب تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، ومنذ ذلك الحين يشهد الجنيه المصري، سلسلة من التقلبات في نطاق يتراوح وفقاً لأسعار صرف البنك المركزي بين 46.8 جنيه و51 جنيها.
رشاد: قرار التوزيع يرجع إلى مجالس إدارات المؤسسات
ومن جانبه قال إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال هولدنج للاستثمارات المالية، إن قرار توزيع الأرباح النقدية يرجع إلى مجالس إدارات الشركات وجمعياتها العمومية، ويحق للجمعية العمومية رفعه.
وأوضح رشاد، أن أسعار الفائدة المرتفعة أثرت على الشركات المدرجة في محورين مختلفين، أولاُ أن الشركات أصبحت تحتاج إلى أن توزع أرباح نقدية مغرية لتشجيع المستثمرين على الاستثمار في أسهمها بدلاً من الأوعية الادخارية ذات العائد المرتفع، ثانياُ أصبحت الشركة تتجه للاستثمار بالسيولة النقدية التي لديها لارتفاع تكلفة التمويل من البنوك.
وسجل إجمالي توزيعات الأرباح النقدية عن الشركات المدرجة خلال عام 2024، ارتفاعا إلى 68.79 مليار جنيه مقارنة بعام 2023 الذي سجل 51.22 مليار جنيه، فيما ارتفع إجمالي توزيعات الأرباح النقدية عن الشركات المدرجة خلال عام 2022، حيث سجل إجمالي توزيع الأرباح النقدية بقيمة 36.32 مليار جنيه مقارنة بعام 2021 الذي سجل 17.5 مليار جنيه.
وبلغ إجمالي توزيعات الأرباح النقدية عن الشركات المدرجة خلال عام 2017 نحو 19.67 مليار جنية، مقارنة بعام 2016 الذي شهد 11.79 مليار جنيه توزيعات أرباح.
عشماوي: قيمة التوزيعات النقدية تختلف وفق القطاعات
وقال معتز عشماوي العضو المنتدب لشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن المعيار الأساسي لتوزيعات الأرباح يختلف باختلاف نشاط الشركة، وخطة الشركة الاستثمارية المستقبلية، وقوة الجمعية العمومية في متابعة طرق صرف السيولة الخاصة بالشركة، موضحًا أن قيمة التوزيعات النقدية تختلف باختلاف القطاع الذي يضم الشركة، وطريقة اعتمادها على السيولة، لذلك فإن توزيع الأرباح أوعدمه يعتمد على طبيعة الشركة.
وتقوم الشركات المدرجة بتوزيع الأرباح النقدية من التدفقات النقدية الحرة، وهي التدفقات النقدية المتبقية بعد خصم جميع الالتزامات المالية للشركة، مثل الديون والقروض وغيرها. وبناءً على ذلك، تتأثر التوزيعات النقدية بشكل مباشر بمستوى الرافعة المالية للشركات، حيث تختلف قيمة التوزيعات وفقًا لحجم الالتزامات المالية ومستوى الديون الذي تتحمله كل شركة.
شفيع: أغلب الشركات تحتفظ بالسيولة نظرًا لارتفاع أسعار الفائدة
وقال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن بعض الشركات على مدار الأعوام السابقة كان لديها سياسات في توزيعات الأرباح النقدية تماشت مع ارتفاع صافي الربح الخاص بها.
ويرى شفيع، أن السياسات تختلف من شركة لآخرى، فهناك بعض الشركات التي استفادت من التعويم بشكل إيجابي انعكس على صافي أرباحها، وبالتالي ارتفعت توزيعات الأرباح الخاصة بها، والبعض الأخر تأثر بشكل سلبي من التعويم انعكس علي صافي أرباحها، وبالتالي انخفضت توزيعاتها.
وأضاف شفيع، أن طبيعة السوق أصبحت تتغير بوتيرة سريعة، ونتيجة لذلك فإن الشركات من الممكن أن تحتفظ ببعض السيولة تحسباُ لارتفاع أسعار المواد الخام كنوع من أنواع التحوط.
عبدالعزيز: علاقة طردية بين التوزيعات النقدية وصافي الأرباح
وقال عونى عبدالعزيز، رئيس شعبة الأوراق المالية باتحاد الصناعات المصرية، إن التوزيعات النقدية وصافي الأرباح تجمعهما علاقة طردية، فمن المفترض أن ترتفع قيمة توزيعات الأرباح المقدية مع تزايد صافي الأرباح.
وأضاف عوني، أن التعويم علي مدار الأعوام السابقة تسبب في زيادة إيرادات الشركات وبالتبعية صافي الربح، لذلك فإنه من الطبيعي نمو التوزيعات النقدية بشكل كبير في السنوات التى تشهد تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
ورجح عوني، أن تكون الشركات المدرجة اتبعت سياسة التحوط، أي أنها تحتفظ ببعض السيولة تحسباُ لتغيير الأوضاع المفاجئة، ولكن من المفترض أن توزع الشركات توزيعات نقدية في كل الأحوال.
عبد الحكيم: بعض الشركات قللت التوزيعات لزيادة احتياجها للسيولة
وقال محمد عبد الحكيم، رئيس قسم البحوث في شركة أسطول لتداول الأوراق المالية، إن التوزيعات النقدية للشركات تختلف بحسب تصنيف الشركات، فالشركات التي تكون في طور النمو عادة تهتم بالنمو والتوسع أكثر من التوزيعات النقدية على عكس الشركات الناضجة التي تهتم بالتوزيعات النقدية للاحتفاظ بالمستثمرين.
وأوضح أن قيمة التوزيعات النقدية تختلف باختلاف خطط الشركات، فبعض المؤسسات التي تنوي التوسع، تشغيل خطوط إنتاج جديدة عادة لا تهتم بالتوزيعات النقدية وتكون الأولوية للتوسعات.
وقال عبد الحكيم، إن احتياج الشركات للسيولة ارتفع نتيجة زيادة أسعار المواد الخام اللازمة لإنتاج المواد النهائية، لذلك قللت الشركات من التوزيعات لزيادة احتياجها للسيولة.