لجأ عدد من شركات الاستثمار العقارى لتقديم عروض “الكاش باك” للعملاء ضمن خططها التسويقية للمشروعات العقارية، حيث يسترد العميل قيمة ما يدفعه من أموال للشراء عبر عدة طرق مختلفة.
ويرى خبراء ومتعاملون بالقطاع العقارى أن نظام “الكاش باك” يشكل تهديدًا لسوق العقارات بسبب عدم مصداقيته وصعوبة تنفيذه على أرض الواقع، مؤكدين أهمية التزام الشركات العقارية بتنفيذ المشروعات وفقًا للجدول الزمنى المحدد والبحث عن آليات تمويلية جديدة بخلاف أموال العملاء.
وقدمت عدد من الشركات العقارية عروض “كاش باك” على منتجاتها بنسبة بلغت 100%، مع إمكانية استرداد قيمة الوحدة على فترة زمنية تصل إلى 9 سنوات، من خلال شيكات بنكية، أو سندات، أو بإضافة بنود بالعقد تنص على استرداد قيمة الوحدة خلال الفترة الزمنية المتفق عليها.
ودافعت الشركات التى تقدم عروض “الكاش باك” عن سياستها التسويقية، مؤكدة أنها تعد إحدى آليات التسويق العقارى وتتشابه مع نظام الإيجار الإلزامى، وتستهدف تخفيف الأعباء المالية عن العملاء.
قال رياض العادلى، رئيس شركة “نكست دور” للاستشارات العقارية، إن اعتماد بعض شركات التطوير العقارى على نظام “الكاش باك” فى الترويج لمشروعاتها ظاهرة غير صحية، وأضرت بالقطاع العقارى.
أضاف العادلى، أن نظام “الكاش باك” لا يخدم مصالح العملاء، بل يعرضهم لمخاطر متعددة، خاصة وأنه لا يضمن تأجير الوحدات قبل بناء أو تسليم المشروع.
وأوضح أن النسب المقررة فى نظام “الكاش باك” غير منطقية ولا تعكس الوضع الفعلى فى المدن التى يتم فيها طرح هذه الوحدات، حيث لا يتناسب النظام مع الواقع المحلى للعرض والطلب فى هذه المدن.
توقعات بارتفاع أسعار العقارات بنسبة تصل 45% خلال 2025
وأشار إلى أن الوحدات الإدارية والتجارية فى العاصمة الإدارية الجديدة، على سبيل المثال، لم يتم تسليمها أو تأجيرها حتى الآن، رغم العروض التى تروج لها بعض الشركات.
وقال إن الشركات التى تطرح هذا النظام تقوم برفع أسعار الوحدات بشكل كبير ثم تخصم منها النسبة المقررة فى نظام “الكاش باك”، ما يؤدى إلى بيع الوحدات بأسعار أعلى من قيمتها.
أضاف العادلى، أن اللجوء إلى مثل هذه العروض الترويجية يعد وسيلة للشركات لتحسين نسبة مبيعاتها فى فترات الركود.
أوضح أن المشكلة تكمن فى أن هذه الشركات لا تلتزم بتقديم العوائد المتفق عليها مع العملاء، ما يجعل هذه العروض غير فعالة وغير مفيدة للعملاء، وبالتالى يشترى العملاء بأسعار مبالغ فيها وغير مناسبة لقيمة الوحدات.
وقال إن الالتزام ببناء وحدات سكنية أو تجارية عالية الجودة بأسعار عادلة يعد الخيار الأفضل فى التعامل مع العملاء، كما يجب على الشركات العقارية الالتزام بمواعيد البناء والتسليم المتفق عليها فى العقود، والعمل على وجود إدارة قوية ومؤهلة لإدارة مثل هذه المشاريع.
أضاف العادلى، أن الهدف الأساسى من طرح نظام “الكاش باك” من قبل بعض الشركات هو جمع الأموال دون وجود خطة حقيقية لبناء وتسليم الوحدات فى الوقت المحدد.
وأوضح أن هذه الشركات لا تقدم أى ضمانات للعملاء بشأن تنفيذ المشاريع أو تسليمها فى الوقت المحدد، مما يؤدى إلى تراجع الثقة بين العملاء والشركات.
وقال إن الشركات العقارية الكبرى التى تلتزم بالمعايير الأخلاقية والمهنية لا تلجأ إلى مثل هذه الأنظمة لجذب العملاء.
وأشار إلى أهمية تقديم الشركات تسهيلات حقيقية للعملاء بناءً على حجم المدفوعات المقدمة من قبلهم، بما يعزز من مصداقية الشركات فى السوق.
عبدالمنعم: الشركات تقدم عروضًا لجذب العملاء ولكن لا يتم تنفيذها فى الواقع
وقال إبراهيم عبدالمنعم، رئيس شركة يونايتد كونسالتنج للتسويق العقارى، إن هناك منافسة كبيرة بين الشركات العقارية التى تحاول جذب أكبر عدد من العملاء عن طريق تقديم تسهيلات متنوعة.
أضاف أن نظام “الكاش باك” ليس واقعيا، إذ تقوم الشركات بتقديم العروض لجذب العملاء، لكن لا يتم تنفيذ ما يتم الإعلان عنه فى الواقع.
وأوضح عبدالمنعم، أن بعض الشركات العقارية تحدد نظم سداد مرنة للعملاء، تشمل تقديم خصومات معينة أو تسهيلات على فترة السداد، مما يساعد العملاء فى تسهيل عملية الدفع.
وأشار إلى أن هذه العروض تختلف عن “الكاش باك”، لأن تلك الشركات تتعامل مع الواقع وتنفذ التزاماتها، بينما “الكاش باك”، لا يعكس أى التزام حقيقى من قبل الشركات، إذ تروج الشركات لهذا النظام فقط لجذب الأموال دون أن تقدم أى ضمانات بتنفيذ المشروع أو تسليمه فى الوقت المحدد.
“السداد المبكر” برنامج جديد لتوفير السيولة لشركات العقارات
وقال إن موقع المشروعات العقارية له دور كبير فى نجاح عمليات البيع، فإذا كان الموقع مميز ويتم البناء بشكل متطور وفقًا للجدول الزمنى المحدد، فلا حاجة لتقديم عروض مثل “الكاش باك”، لأن الطلب على الوحدات سيكون قويًا.
أضاف أن الشركات التى تروج لهذا النظام تحاول جمع الأموال من العملاء دون أن تلتزم بالمراحل الحقيقية للبناء والتسليم.
وأوضح أن نظام “الكاش باك” يضر بسمعة قطاع العقارات ككل، فالشركات الكبرى التى تعمل وفق نظام محدد وشفاف تلتزم بالحياد والجدية فى عقودها، مما يبنى علاقة من الثقة بين الشركة والعملاء.
وتابع: “فى المقابل فإن الشركات التى تقدم عروض الكاش باك لا تلتزم بالشفافية ولا بالواقعية فى عروضها، مما يثير شكوك العملاء حول مصداقية هذه الشركات”.
وطالب العملاء بعدم الوقوع فى فخ العروض المضللة، والتى تهدف فقط إلى جمع الأموال دون أى قيمة حقيقية، ونصحهم بالتعامل مع الشركات التى تتمتع بمصداقية فى السوق، حيث تكون العقود القانونية السليمة هى الضامن لحقوق العملاء.
المنشاوى: خدعة تسويقية تهدف لجذب العملاء دون تقديم خطة واضحة للمشروع
وقال رضا المنشاوى، مدير قطاع التسويق والمبيعات بشركة ديارنا العقارية، إن نظام “الكاش باك” يعد خدعة تسويقية تهدف إلى جذب العملاء دون تقديم خطة واضحة للمشروع.
أضاف أن هذه العروض يتم تقديمها لجذب الانتباه وزيادة حركة البيع، لكن لا يتم تنفيذها على أرض الواقع، مما يجعلها مجرد دعاية لجذب العملاء.
أوضح المنشاوى، أن هناك بعض الشركات التى لا تلتزم بتسليم المشاريع فى الوقت المحدد، لافتًا إلى أن الشركات التى تروج لهذا النظام تقدم أسعارًا غير حقيقية، حيث يتم تمويل المشروع من أموال العملاء.
وأكد أنه يصعب على الشركات رد الأموال التى دفعها العملاء وفقًا لما يتم الترويج له، مشيرًا إلى ضرورة اعتماد الشركات العقارية على مصادر تمويل بديلة غير مرهونة بالأموال التى يدفعها العملاء، لأن ذلك يعزز من ثقة العملاء فى الشركات ويجعلهم أكثر رغبة فى الاستثمار.
سليمان: الشركات تقدم تسهيلات لتلبية احتياجات العملاء.. والعروض حقيقية ومجدية
فيما قال أحمد سليمان، مسؤول مبيعات بشركة رفكو للتطوير العقارى، إنه فى ظل الارتفاع المستمر لأسعار العقارات وتراجع القدرة الشرائية للعملاء، أصبحت التسهيلات والعروض التى تقدمها الشركات العقارية واحدة من أهم أدوات التسويق التى تهدف إلى جذب العملاء وتحفيزهم على الشراء.
أضاف سليمان، أن هذه التسهيلات تشمل أنواع متعددة مثل “الكاش باك”، والخصومات الكبيرة، أو الإيجار الإلزامى للوحدات، حيث تسهم جميعها فى تقديم حلول مبتكرة تساعد العملاء على اتخاذ قرار الشراء فى وقت أسرع.
أوضح أن الشركات العقارية أصبحت أكثر حرصًا على تقديم حزم متنوعة من التسهيلات التى تلبى احتياجات العملاء وتتناسب مع أوضاع السوق الراهنة.
وأشار إلى أن هذه التسهيلات تشكل محفز قوى للعملاء الراغبين فى شراء الوحدات، حيث تعتبر أداة جذب فعالة، خاصة فى سوق يزداد فيه التنافس بشكل يومى.
وقال إن عروض “الكاش باك”، التى تعد واحدة من أبرز التسهيلات، تعتمد على استرداد العميل جزءً من قيمة الوحدة المدفوعة بعد الشراء سواء دفعة واحدة أو على دفعات متفرقة.
أضاف أن هذه العروض حقيقية ومجدية، وغالبًا ما تقدم فى المراحل الأولى من طرح المشروعات الجديدة كميزة مخصصة للعملاء الأوائل، مما يجعلها جذابة للعديد من المشترين.
عبدالله: العروض ليست مجرد وسيلة للترويج لكنها تعزز قدرة العملاء على الشراء
وقال طارق عبدالله، مسؤول مبيعات بإحدى الشركات العقارية، إن هذه العروض ليست مجرد وسيلة للترويج، بل أداة فعالة لتخفيف الأعباء المالية عن العملاء فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
أضاف عبدالله، أن الخصومات التى تقدمها الشركات العقارية على أسعار الوحدات تعد من العوامل التى تسهم فى زيادة إقبال العملاء على الشراء.
وأوضح أن بعض الشركات تقدم خيار الإيجار الإلزامى، حيث تتيح للعملاء استخدام الوحدات لفترة معينة مع إمكانية تحويل الإيجار إلى جزء من سعر الوحدة، مما يوفر لهم فرصة لاختبار العقار قبل الشراء النهائى.
وأشار إلى أن المنافسة الشديدة بين الشركات العقارية وكثرة المعروض فى السوق دفعت الشركات إلى البحث عن آليات تسويقية مبتكرة.
وأكد أن هذه العروض والتسهيلات ليست مجرد وسيلة تسويقية، بل أصبحت جزء هام من استراتيجيات الشركات العقارية للتكيف مع ظروف السوق الحالية.
وقال عبدالله، إن الشركات ستظل فى سباق دائم لتقديم حلول مرنة ومبتكرة تسهم فى تلبية احتياجات العملاء وتعزز قدرتهم على اتخاذ قرارات الشراء، مما ينعكس بشكل إيجابى على حركة السوق العقارى.