أصبحت روسيا تواجه تحديات اقتصادية كبيرة مع تزايد اعتمادها على خط أنابيب “ترك ستريم” كمسار وحيد لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، بعد انتهاء العقد الذي كان ينظم عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا مع بداية العام الجاري.
فالاعتماد على خط “ترك ستريم” فقط يعرض روسيا لخطر فقدان مليارات الدولارات من عائدات الغاز هذا العام. كما أن هذا الوضع يهدد أمن الطاقة للمشترين الأوروبيين الذين ما زالوا يعتمدون على الغاز الروسي، ويزيد من احتمالية خسارة شركة “غازبروم” الروسية لمزيد من الإيرادات إذا ما تعرض “ترك ستريم” لأي هجوم تخريبي أو تعطيل.
وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية، يوم أمس الاثنين، عن إحباط محاولة استهداف محطة لضغط الغاز في “ترك ستريم” في منطقة كراسنودار جنوب روسيا بواسطة تسع طائرات مسيرة أوكرانية.
ويعتبر خط أنابيب “ترك ستريم”، الذي يضم مسارين تحت البحر الأسود من روسيا إلى تركيا، شريانًا حيويًا للغاز الروسي. وتبلغ طاقته الإجمالية 31.5 مليار متر مكعب سنويًا.
ووفقًا لتقرير شرته صحيفة “فيدوموستي” الروسية، سجل الخط زيادة بنسبة 23% في الإمدادات الموجهة للاتحاد الأوروبي ومولدوفا في عام 2024، حيث تم نقل 16.7 مليار متر مكعب عبره، متجاوزًا بذلك الكميات التي مرت عبر أوكرانيا، والتي بلغت 15.4 مليار متر مكعب.
ومع ذلك، فإن هذه الكميات تمثل جزءًا صغيرًا مقارنة بحجم الغاز الروسي الذي كانت تصدره موسكو قبل الحرب مع أوكرانيا. ففي تلك الفترة، كانت روسيا تضخ حوالي 140 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا إلى أوروبا عبر مسارات متعددة، من بينها أوكرانيا و”ترك ستريم” و”يامال-أوروبا” و”نورد ستريم”.
وتشير التقديرات إلى أن شركة “غازبروم” الروسية سجلت إيرادات شهرية بلغت 8 مليارات دولار من مبيعات الغاز في ذروة أزمة الطاقة الأوروبية عام 2022، عندما تجاوزت أسعار الغاز 1000 دولار لكل ألف متر مكعب.
لكن الإيرادات المتوقعة لعام 2024 بأكمله قد تصل إلى 10 مليارات دولار فقط، وهو انخفاض كبير يعكس تراجع الطلب الأوروبي على الغاز الروسي بسبب العقوبات والمخاوف الأمنية.
وفي ظل توقف عبور الغاز عبر أوكرانيا، تجد روسيا نفسها معتمدة بالكامل تقريبًا على “ترك ستريم”.
ورغم ذلك، فإن هذا المسار لا يستطيع تعويض الفقد الكامل في الإمدادات، إذ لا يستطيع سوى توفير حوالي 20 مليار متر مكعب سنويًا للأسواق الأوروبية، وهو أقل بكثير من الكميات المفقودة.
في الوقت نفسه، تستمر أسعار الغاز في أوروبا بالارتفاع بسبب انخفاض الإمدادات الروسية. وقد ارتفع سعر الغاز في السوق الأوروبية إلى 50.3 يورو لكل ميجاواط/ساعة في بداية يناير، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من عام.
ونتيجة لذلك، يتزايد الضغط على الدول الأوروبية لإيجاد بدائل أخرى، مثل الغاز الطبيعي المسال والمصادر المحلية والطاقة المتجددة.
ومع استمرار التوترات السياسية والاقتصادية، يبدو أن مستقبل تجارة الغاز بين روسيا وأوروبا سيظل محفوفًا بالمخاطر، خاصة إذا ما استمرت العقوبات والمخاوف الأمنية المتعلقة بخط “ترك ستريم”.