شهدت البورصة المصرية فى الأعوام الأخيرة تراجعا فى الطروحات الأولية، مقابل رواجة لم تسبق فى الأسواق المجاورة، كتداول السعودية وبورصتى دبى وأبوظبى، مقابل قيادة لنشاط الطروحات الأولية من قبل الإمارات والسعودية، حيث واصلت الإمارات قيادة نشاط الطروحات الأولية في المنطقة، حيث استحوذت إلى جانب السعودية على النصيب الأكبر من الاكتتابات العامة في الخليج منذ 2021، وسط سعي الحكومتين لجمع الأموال لدعم خطط التنويع الاقتصادي.
وعلى الرغم من أن عام 2024 شهد الزخم الأكبر للطروحات فى المنطقة، إلا أن البورصة المصرية لم تشهد سوى طرحين هما أكت فاينانشيال والمصرف المتحد.
وبحسب بلومبرج، ستظل الإمارات الوجهة الرائدة للطروحات في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا للعام الثالث على التوالي، كما تُصنف الإمارات والسعودية ضمن أفضل عشر وجهات عالمياً من حيث طروحات الأسهم.
رشاد: اللوائح والقوانين الواضحة تساعد على عمق السوق
وقال إيهاب رشاد، إن أسواق المنطقة خاصة الخليج توفر بيئة استثمارية أكثر أمانًا ووضوحًا وتتميز بالقوانين الواضحة والمفهومة، مما يطمئن المستثمرين، والبنية التحتية للبورصات والأسواق المالية منظمة بشكل جيد، والدعم الحكومي للشركات والتشجيع على الاستثمار، بالإضافة إلى تواجد عدد كبير من المستثمرين يزيد الطلب على الأسهم.
وأضاف أن اللوائح والتنظيمات التي تحكم عمل السوق، ومع وجود لوائح واضحة تزيد بيئة الاستثمارآمناً، مما يجذب الشركات لطرح أسهمها، خاصةً مع وجود شفافية وتوافر معلومات عن الشركات واضحة ومعلنة، لتزداد ثقة المستثمرين أكثر في الاستثمار بالسوق.
ولفت إلى أن أحجام السيولة فى الأسواق السعودية والإماراتية ساعدت على جذب المزيد من الطروحات الأولية حيث تضمن للمستثمرين القدرة على بيع أسهمهم بسهولة، فى حين يحتاج السوق المصرى لدور صانع السوق والذى بدوره سيزيد من أحجام السيولة.
وأوضح أنه فى ظل المعطيات الاقتصادية كمستويات التضخم المرتفعة ومعدلات الفائدة العالية تدفع الشركات للتردد في الطرح، لأنها تؤثر على أرباحها وتزيد من تكاليفها.
وتابع أن أبرز الحوافز التى تستطيع الحكومة تقديمها هي الإعفاءات الضريبية، والتى ستضمن جذب عدد من الشركات للسوق، ولكن الأهم هو إصلاح البيئة الاستثمارية بشكل عام، من خلال تعديل بعض القوانين وإنشاء قوانين جديدة لتشجيع الاستثمار.
وشهدت سلطنة عمان أيضاً صفقات كبيرة، ما جعلها تتفوق على دول مثل المملكة المتحدة وألمانيا من حيث حجم الطروحات، وتخطط السلطنة لخصخصة نحو 30 شركة حكومية، من بينها شركة “أسياد” للخدمات اللوجستية، وشركة “عُمان لنقل الكهرباء”، كما تخطط “أوكيو”لمزيد من الطروحات في السنوات المقبلة.
وشهدت سوق تداول طرح نحو 36 شركة بالعام الماضى بقيمة 17.3 مليار ريال، بينما استقبلت بورصة دبى 3 طروحات أولية فى 2024 بقيمة 10.5 مليار درهم إماراتى.
واستقبلت بورصة أبوظبى 4 طروحات أولية خلال العام الماضى بقيمة 12.3 مليار درهم إماراتى، فيما شهدت البورصة المصرية خلال 2024 طرح أولى لشركتين بحصيلة طرح تقدر بحوالى 5.6 مليار جنيه.
المصرى: السيولة وسعر الصرف والتشريعات تدعم أسواق الخليج
وقال ياسر المصرى، العضو المنتدب بشركة العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية، إن أبرز العوامل التى تجعل الأسواق العربية كالسعودية والإمارات أكثر جاذبية للطروحات بالمقارنة بالسوق المصرى تتمثل فى 4 عناصر أساسية هى: السيولة وسعر الصرف والتشريعات وتنوع قاعدة العملاء أى عمق السوق.
وأوضح أن السيولة تعطى عمقا للسوق مما يمكنه من استيعاب الطروحات دون حدوث حالة من الذعر عند المستثمرين أو ضغط على السوق بتوفير سيولة لدخول الاكتتابات أوتحدى من الخروج من الأسهم فيما بعد انتهاء الطرح إذا كانت الكيانات المطروحة كبيرة نسبيا.
وتابع قائلاً: “أما عن اللوائح والتشريعات والتنظيمات التى يكون من شأنها التيسير على المستثمر فكلما كانت القوانين ميسرة كلما كانت أكثر جاذبية للطرح، وبصفة عامة لا تعتبر مصر من البلاد ذات التشريعات المتشددة على المستثمرين ولكن قد يشوبها بعض من البيروقراطية”.
وأضاف أن الشفافية والحوكمة لا جدال فيهما، حيث أن المستثمر الراغب فى دخول الاكتتاب من مصلحته معرفة كافة التفاصيل، مؤكدًا على أن السوق المصرى يتمتع بالإفصاحات المتوالية من الشركات، وصدور الكثير من اللوائح الخاصة بالحوكمة التى تجعل المستثمر مطمئن على استثماراته فى شركة معينة.
ويرى المصرى، أن السوق المصرى يتميز بهذه النقطة عن أى نظير مع العلم بأن هناك فرق كبير بين الإفصاح والتدخل فى مسار التداول، مشيرًا إلى أن هناك نقص فى التنويع فى قاعدة المستثمرين بين المؤسسات مالية والأفراد من عرب وأجانب، حيث يشهد السوق ضعف واضح من المؤسسات المالية ليس فى قدرة المؤسسة المالية ولكن فى ضعف رغبة المؤسسة المالية من بنوك وشركات تأمين وغيرها من دخول سوق المال بقوة.
وتميل هذه المؤسسات إلى الاستثمار الآمن نوعا ما، وحال رغبت فى دخول طرح أو إدارة طرح فهذه رغبة يشوبها قدر كبير من الاستحياء وبالتالى تدخل الطرح بنسبة غير مؤثرة بالنسبة للمؤسسة وكذلك عند إدارة الطرح نادرا ما يأتى طرح مضمون التغطية من مدير الطرح.
ولفت إلى أنه يجب على الحكومة لتحسين جانب الطروحات إعادة الإعفاء الضريبى لجزء من الأرباح طبقا لنسبة من رأس المال تشمل إعفاء ضريبى عند تحقيق الشركة أرباح تعادل 10% من رأسمالها والامتثال الضريبى لما هو أكثر من ذلك.
وأضاف أنه لابد وأن تنشر الوعى بالبورصة ونشر فوائد الطرح فى البورصة للمؤسسات، وأن يكون إلزامًا على الشركات الرابحة الحكومية القيد بالبورصة لدعم عمق السوق، وكيفية استفادة الشركة والمستثمرين الرئيسيين بها من فوائد الطرح مثل الاعفاءات الضريبية وسهولة الحصول على تمويل وانخفاض تكلفته والحوكمة وسهولة التخارج وسهولة التسعير وبداية للقيد الإقليمى والعالمى.
وأوضح أن أسعار الفائدة المعلن عنها لمحاربة التضخم تؤثر بشكل ما على قرارات الشركات فى عملية الطرح، لأن المستثمر الذى ينوى دخول الطرح للاكتتاب يقارن بين العائد على الطرح والعائد فى البنوك، بالَإضافة إلى ميل بعض المستثمرين إلى الاستثمر الآمن لأقصى قدر.
حسن: تمثيل مصر فى المؤشرات العالمية يؤثر على استثمارات الأجانب
وقال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة ألفا لإدارة الاستثمارات المالية، إن الأسواق المجاورة تتمتع بدرجة أعلى من الاستقرار السياسي والاقتصادي مقارنة بالسوق المصري، مما يساهم في زيادة حجم الاستثمارات فيها ويؤدي إلى نمو السوق بشكل ملحوظ، وهو ما يشجع توافد المستثمرين الأجانب إلى تلك الأسواق بصورة أكبر.
وأوضح أنه مع حل الأزمة الاقتصادية فى مصر عن طريق توفير السيولة والموارد الدولارية بشكل مستقر ومستدام، ستنتعش البورصة.
وتابع أن الشركات فى السعودية والإمارات تعمل على طرح الشركات الأكثر تأهيلا وتستطيع تحقيق عائد أفضل للمستثمرين، مما يشجع على رواج الطروحات، لافتا إلى أن البورصة المصرية تحتاج أولا لزيادة المعروض من الشركات والذى سيجذب المستثمرين والطروحات الأخرى وغيرها من الجوانب التى ستزيد من حجم السوق.
وأشار إلى أن الطروحات الحكومية هى الحل وطوق النجاة لاستيعاب السيولة التى ستتوفر من تخارج الشركات، كما أنها ستحافظ على حجم السوق الحالى دون انخفاضه على الأقل، ولابد من طروحات بنفس كفاءة الشركات التى سيتم شطبها، حيث يهتم الأجانب بالمؤشرات العالمية والتى ستتأثر أوزان مصر النسبية بانخفاض رأس المال السوقى، وبالتالى خروج أجانب بنفس النسبة.
ومن ناحية أخرى تواجه الشركات المصرية عدة تحديات منها التوترات الجيوسياسية والتضخم ومعدلات الفائدة المرتفعة، حيث أدت هذه التحديات لتأخر الطروحات، لكن لم تؤثر بنفس المستويات فى أسواق الخليج نتيجة استقرار البيئة الاقتصادية هناك.
حامد: يجب زيادة المحفزات الضريبية للشركات الراغبة للطرح
وقالت راند حامد، العضو المنتدب بشركة عكاظ لإدارة وتكوين المحافظ المالية، إن أحجام التداولات فى السوق السعودية أو سوق دبى ساعدها على رواج الطروحات، بينما تأثرت البورصة المصرية بشكل أكبر بالمعطيات الاقتصادية من الأسواق المقارنة، مع وجود تخوف من الشركات الكبرى من الطرح فى ظل أحجام تداولات منخفضة لا يستوعبها السوق.
وأوضحت أن توجه الحكومة فى الفترة الماضية كان نحو طرح النسبة الأكبر من الشركات لمستثمرين استراتيجين وجذب سيولة دولارية، لكن بعد اتفاقية رأس الحكمة من المتوقع أن يزداد اهتمام الحكومة بطرح نسب أكبر بالسوق للمستثمرين في السوق.
وتابعت أن تأخير الطروحات الحكومية – كبيرة الحجم-، لتهيئتها ومن ثم استغرقت وقتا أطول لإعادة هيكلتها.
وأشارت إلى أن السوق المصرية تتميز بالقطاعات المتنوعة، لكن تحتاج إلى زيادة معدلات السيولة لاستيعاب لطروحات الكبرى، مع تأخر الحكومة فى تنفيذ طروحاتها.
ولفتت إلى أن الطروحات الخاصة تحتاج إلى محفزات أكثر لتتوجه نحو القيد بالبورصة، وخاصة الضريبية، ليتم إتاحة تخفيضات ضريبية للشركات المدرجة.
وأوضحت أن السيولة المرتفعة والمحفزات الضريبية تساعد على جذب المزيد من صفقات الطرح الأولى.
فتح الله: السيولة كلمة السر في إنتعاش الأسواق الخليجية
وقال محمد فتح الله، خبير أسواق المال، إن العوامل الرئيسية التي جعلت الأسواق المالية السعودية والإمارات أكثر جاذبية للطروحات هي؛ السهولة والتيسير في الإجراءات وإمكانية الانتهاء من التراخيص خلال 24 ساعة، والاستفادة من تجارب الآخرين، مع عدم التدخل فى آليات السوق.
وأضاف أن البنية التحتية للسوق كاللوائح والتنظيمات هى حجر الأساس في نجاح الطروحات وانتعاش الأسواق، مشيرًا إلى أن السيولة كلمة السر لإنتعاش الأسواق السعودية والإماراتية، حيث تحتاج مصر الاستفادة من تجارب الآخرين بعودة المستثمرين ولابد من وجود محفزات لعودة الجاذبية للسوق المصري.
وأوضح أن التضخم عدو الاقتصاد ومعالجة آثاره بزيادة أسعار الفائدة أصابت عجلة الاقتصاد بالشلل، بالتوازى مع التقلبات المستمرة فى سعر الصرف والتى تواجهها الشركات عند الطرح فى البورصة.
وقال فتح الله، إنه لابد وأن تقدم الحكومة محفزات لزيادة جاذبية السوق، وأهمها الإعفاءات الضريبية التى ستتيح لكلا الجانبين تحقيق ربحية، وإزالة المعوقات أمام الشركات الراغبة فى الطرح، من خلال التعرف علي المنظومة الخاصة بالطرح في الدول المتقدمة وإرسال بعثات للتعلم والاقتباس والبدء من حيث انتهي الآخرين لتوفير الوقت والجهد.
وذكر أن الجاذبية الأكثر أهمية هى الاستثمارات الأجنبية، حيث تعد شهادة للاقتصاد على أنه علي الطريق الصحيح، ولابد من استعادة هذه الفئة مرة أخري إلي السوق، بالنظر إلى تجارب الدول التي تحولت من هذه الحالة إلي دول جاذبة للاستثمار.