على الرغم من الإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة لمزيد من كبح جماح التضخم، والتي أثارت شكاوى المستثمرين ورجال الأعمال، إلا أن نسبة القروض غير المنتظمة شهدت تراجعًا خلال الربع الثالث من العام الماضي 2024.
وانخفضت نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالى القروض خلال الربع الثالث من العام الماضي 2024، لتصل إلى 2.4%، بحسب مؤشرات السلامة المالية الصادرة عن البنك المركزي.
وتعد القروض غير المنتظمة هي التي يعجز المقترضون فيها عن السداد المنتظم وفقًا للجدول الزمني المتفق عليه.
وقالت سهر الدماطى، خبيرة مصرفية، إن البنوك كانت متحفظة فى منح الائتمان خلال تلك الفترة، وكانت قرارات المنح تتم وفق معايير أكثر تشددًا مع دراسات أكثر دقة تحليل للملف الائتماني للعميل، لضمان عدم تخلفهم عن السداد، وهذا انعكس بالإيجاب على معدل القروض غير المنتظمة.
وأضافت أن وقف الاستيراد في تلك الفترة، حَجم شهية المستثمرين والشركات نحو الاقتراض، وفضلت تقليص نشاطها وإنتاجها وعمالتها بما يُلائم السيولة المتوفرة لديها، عن الاقتراض.
وذكرت الدماطي، أن البنوك تمنح قروضًا وتسهيلات بضمانات على العميل، ليتم تسييلها في حال التعثر، وذلك يُسهم في خفض معدل القروض غير المنتظمة.
وتابعت: “إعدام البنوك لبعض المديونيات يعكس إيجابياته على المؤشرات المالية لها، مما يجعلها لا تُصنف كقروض غير منتظمة”.
عامر: تحسن الأوضاع المالية والاقتصادية دعم قدرة العملاء علي السداد
وأرجع هاني عامر المحلل المالي بشركة العربي الإفريقي لتداول الأوراق المالية، تراجع معدل القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض، إلى التحسن الملحوظ في الظروف المالية والاقتصادية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنة بالفترة نفسها 2023.
وأوضح أن الفترة شهدت عوامل إيجابية عديدة أسهمت في ذلك التحسن، على سبيل المثال وليس الحصر، استقرار سعر الصرف واختفاء السوق الموازي، مما حقق وفرة في العملة الصعبة، فضلًا عن فتح باب الاستيراد والإفراج عن البضائع في المواني، مما دعم نشاط الشركات والمصانع وضاعف قدرتهم على سداد أقساط القروض.
وتابع: “شهدت الفترة نفسها من 2023 تداعيات الصراع الروسي الأوكراني، وازمة شح العملة، بخلاف قفل باب الاستيراد، مما عرقل نشاط المصانع وبالتالي قدرتهم على السداد”.
وأكد عامر، أن تراجع معدل القروض غير المنتظمة يعتبر دلالة على الحرص والتدقيق الجيد من قبل البنوك لسجل العملاء الائتماني قبل منحهم التسهيلات، مما يعزز من صلابة البنوك ويُحسن من مؤشرات السلامة المالية للقطاع المصرفي.
وأرجعت الدكتورة شيماء وجيه الخبيرة المصرفية، تراجع معدل القروض غير المنتظمة وانخفاض نسبة الديون المتعثرة، إلى التطبيق الفعال لبرنامج الإصلاح المصرفي الذي يتم تنفيذه على غرار قانون البنوك لعام 2003.
وتابعت: “نجحت البنوك، من خلال البرنامج، في توفير مخصصات كافية لمواجهة القروض المتعثرة”.
وأضافت وجيه، أن البنوك تتوسع في تطبيق خطط واستراتيجيات تدعم خفض معدل القروض غير المنتظمة، حيث يتجه بعضها إلى تفعيل مبادرات البنك المركزي لمساندة المتعثرين، ومنح العملاء الأفراد والمؤسسات تيسيرات للسداد على فترات زمنية أطول.
فيما تتوجه بنوك لشراء الديون المتعثرة من بنوك أخرى لإعادة هيكلتها، كما تتبع كيانات مصرفية سياسات تحوطية لمنح تسهيلات وقروض للعملاء من خلال ضمانات يجوز تسييلها لسد قيمة الأقساط والحد من الديون المتعثرة.
توقعات بنمو المحافظ الائتمانية فى البنوك بفضل مبادرات التمويل الميسر
وقال المدير المالي لأحد البنوك الخاصة إن معظم التعثر يكون فى القروض بالعملة المحلية أكثر منه من القروض بالعملة الأجنبية، فى ظل أن شريحة العملاء المقترضة بالدولار تكون الضمانات المأخوذة عليها صارمة، أو لصالح شركات حكومية مضمون قروضها من وزارة المالية.
أضاف أنه لذلك يكون هناك أثر إيجابى من فروق إعادة تقييم محفظة القروض بالعملة الأجنبية، إحصائيًا إذ يجعل القروض غير المنتظمة حجمها أقل.
أوضح أن فى سبتمبر كان سعر الصرف أعلى من إغلاق يونيو، وأن أيضًا الربع الثالث والرابع من كل عام يشهد إعدام مديونيات وزيادة فى هيكلة القروض لأن البنوك تحرص على إغلاق العام بمؤشرات جيدة.
ولفت إلى أن السوق تطبع بمستويات الفائدة المرتفعة وأغلب المستثمرين مرروا الفائدة المرتفعة بالفعل للتكلفة.
لكن رجال الأعمال يرون أن استمرار اتباع البنك المركزي لسياسة التشديد النقدي، يعرقل تنفيذ مشروعات استثمارية أو التوسع فيها نتيجة لزيادة تكلفة الإقراض بالجنيه، مما دفع الكثيرين لإيداع مدخراتهم في البنوك للاستفادة من الفائدة المرتفعة المضمونة خير من الاستثمار في مشروعات ذات ربحية محتملة، مطالبين بضرورة خفضها لدعم الاستثمار ودورة عجلة الإنتاج.
وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري في اجتماعهـا الأخير خلال ديسمبر الماضي، الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75%، على الترتيب.
وقال مصدر مصرفى فى أحد البنوك العامة، إن البنوك اتبعت سياسات حذرة خلال الفترة الماضية فى تمويل بعض القطاعات الاقتصادية، وتجنبت تمويل بعض القطاعات التى شهدت تذبذبًا فى نشاطها مثل السياحة، كما أن بعض القطاعات الإنتاجية لم تُقبل على الاقتراض بسبب عدم قدرتها على تحمل تكلفة التمويل المُرتفعة، مثل الشركات الزراعية والصناعية.
وأضاف أن السياسات الحذرة سواء للإقراض من قبل البنوك، أو الحصول على التمويل من قبل بعض الأنشطة الاقتصادية، حجمت معدلات القروض غير المنتظمة خلال الفترة الماضية، وتوجهت أغلب التمويلات إلى القطاعات النشطة مثل شركات العقارات والمُقاولات التى تستطيع تحمل تكلفة الاقتراض المرُتفعة وتستطيع ترويج خدماتها رغم ذلك.