رغم الفائدة المرتفعة، نمت قروض التجزئة المصرفية نحو 22% خلال أول 11 شهرًا من العالم الحالى، لتجاوز حاجز تريليون و142 مليار جنيه، لكن بعد استبعاد متوسط معدلات التضخم، فإن النمو الحقيقى سيكون سلبيًا، لكنه يظل تسارعًا نسبيًا عن 20% معدل النمو الذى حققته تمويلات الأفراد من البنوك خلال الفترة نفسها من العام الماضى.
وتوقع مصرفيون انتعاش قروض التجزئة بالقيمة الحقيقة الفترة المقبلة، بالتزامن مع ترجيحهم خفض البنك المركزى أسعار الفائدة التى وصلت مستويات قياسية إذ تخطت 27.25% على الإيداع لليلة واحدة.
وتوقع بنك جولدمان ساكس، خفض عميق لأسعار الفائدة في مصر خلال 2025 بشكل تدريجي، بمعدل 14.25%، لتصل بنهاية العام إلى 13%، مقابل 27.25% حاليا على الودائع.
فيما ترى فيتش سوليوشنز، أن البنك المركزي يتجه نحو خفض الفائدة خلال 2025، بوتيرة حادة في حدود 9%، لتصل إلى 19.25%.
وتوقع أحمد أبو الخير، الخبير المصرفي، أن يقود خفض الفائدة نحو تنشيط قروض الأفراد بشكل كبير، نتيجة لانخفاض تكلفة التمويل الذي يجعلها أكثر جاذبية.
القروض غير المنتظمة فى البنوك تتراجع بالربع الثالث من 2024
وتابع: “تزامن التوقعات بشأن مزيد من التراجع في معدلات التضخم وخفض الأسعار مع تخفيض الفائدة، يُزيد من القدرة الشرائية لدى الأفراد، ويُدعم إقراضهم من البنوك لشراء السلع أو الخدمات التي كانت مؤجلة”.
وأكد أن استمرار تراجع التضخم يُبشر بزيادة استهلاك الأفراد كشراء السيارات أو العقارات وغيرها، مما يدعم النشاط الاقتصادي.
وقال أبو الخير، إنه في حال حدوث خفض قوي في قيمة الجنيه، فإن ذلك يؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة والمحلية، وهذا يعني زيادة حاجة الأفراد للاقتراض بمبالغ أكبر لسد الفجوة السعرية المحتملة، ما يحتم على البنوك رفع حدود التمويل بهدف التوسع في إقراض العملاء.
وتوقعت فيتش سوليوشنز، أن يتراوح سعر الصرف بين 50 و55 جنيهًا خلال 2025، وسط ضغوط سعرية على العملة المحلية خلال الربع الأول من العام، بسبب استحقاقات أذون الخزانة وزيادة الطلب على الدولار.
ويرجح أبو الخير، أن تُجري البنوك تعديلات على حدود التمويل، فيما استبعد حدوث زيادات كبيرة ومفاجئة في سقف التمويل لجميع القروض، لضرورة اتباع البنوك نهجًا حذرًا ودراسة جيدة قبل المنح.
وجيه: نشاط متوقع بقروض التجزئة الفترة المقبلة
وقالت شيماء وجيه خبيرة مصرفية، إن تخفيض الفائدة متوقع أن يحدث مع بداية الربع الثاني من 2025، وبالتالي معدلات الفائدة على القروض، مما يشجع العملاء على الاقتراض خاصة في الأنشطة الاستهلاكية.
وأشارت إلى أن البنوك تعمل على التوسع في منح تمويلات لأغراض متنوعة كالتمويل العقاري خاصة في ظل مبادرات البنك المركزي لتشجيع القطاع.
وتابعت: “وكذلك تعمل البنوك على تنفيذ اتفاقيات مع عدد من المدارس والجامعات والمعاهد لتيسير منح تمويلات لأغراض التعليم، مما يعزز بالأخير محافظ قروض الأفراد لدى القطاع المصرفي”.
وفي ظل انخفاض واردات السيارات من السوق الخارجي وارتفاع أسعارها، تحرص البنوك على توفير برامج سداد مرنة لقروض السيارات، بحسب الخبيرة المصرفية.
وأكدت أن استمرار انخفاض معدلات التضخم، يعكس إيجابياته على السياسة النقدية للبنك المركزي لتصبح تيسيرية بعد أن كانت متشددة، وذلك يدعم نشاط البنوك في الإقراض وبقيم تمويل أعلى لتُناسب تطلعات العملاء.
فهمى: قروض الأفراد شهدت زخمًا خلال الفترة الماضية رغم ارتفاع أسعار الفائدة
وقال ماجد فهمى، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية سابقًا، إنه على الرغم من أن الفائدة على الإقراض مرتفعة، إلا أن قروض الأفراد شهدت إقبالًا من العملاء خلال الفترة الماضية، لكونها ضرورة ملحة لمواكبة التضخم.
ولفت فهمي إن رفع البنوك سقف التمويل الممنوح لعملائها، نتيجة للارتباط المباشر بين قيمة القرض الممنوح، ودرجة المخاطر التي تحرص المصارف على تحديدها.
واستبعد تخفيض معدلات الفائدة بالحدة المتوقعة خلال 2025، خشية من الخروج المفاجئ للأموال الساخنة وتبعاته على السوق والاقتصاد المحلي.
وتابع: “الدولة تحرص على اجتذاب المستثمرين الأجانب من خلال الفائدة المرتفعة، لتجنب أزمة شح العملة الناتج عن خروجهم وظهور سوق موازٍ يضر بالاقتصاد المحلي”.
ولم يكن التمويل الاستهلاك بمعزل عن النمو فى قروض الأفراد المصرفية إذ ارتفعت قيمة التمويل الاستهلاكى نح 25% خلال أول 10 أشهر من العام الحالى ليصل إلى 47.5 مليار جنيه، لنحو 3.27 مليون عميل مقابل 37.5 مليار جنيه لنحو 2.812 مليون عميل.
وارتفع ذلك متوسط تمويلات العميل الواحد إلى 14.5 ألف جنيه مقابل 13.5 ألف جنيه، إذ كان نمو التمويلات أسرع من النمو فى عدد العملاء، بحسب بيانات هيئة الرقابة المالية.
وتستحوذ الإلكترونيات على الحصة الأكبر من تمويلات الأفراد بنحو 28.7%، ويليها قروض السيارات بحصة نحو 27.8%، والأجهزة المنزلية بنحو 10.8%، ومشتريات السلاسل التجارية بنحو 5.8%.