توقع مصرفيون تباطؤ نمو صافى دخل المتاجرة خلال 2025 مقارنة بالعام الماضى، فى ظل التغير الطفيف فى أسعار صرف العملات الأجنبية مقارنة بالنمو الملحوظ الذى طالها فى معظم البنوك خلال 2024، بفضل تحرير سعر الصرف فى مارس الماضى.
وقال معتز حامد، خبير مصرفى، إن فارق سعر العملات الأجنبية على مدى العام الماضى، ساهم فى نمو ملحوظ بأرباح تداول العملات الأجنبية، سواء التغير القوى فى قيمتها عقب التعويم أو التغير الطفيف على مدى الأشهر اللاحقة، كما استفادت البنوك من استثماراتها فى أدوات الدين الحكومية محليًا وعالميًا، خاصة أن جزء منها بغرض المتاجرة، ويستفيد البنك من فارق السعر بين الشراء والبيع.
وتوقع هدوء وتيرة النمو فى أرباح العملات خلال 2025، لأن أسعار صرف العملات الأجنبية ستتجه للاستقرار وقد تنخفض خاصة مع تجديد الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين المحلية خلال ديسمبر الماضى وبداية العام الجارى، ما ينعكس إيجابًا على أسعار العملات الأجنبية لفترة أطول، وقد تشهد انخفاض تدريجى طفيف حال تحسنت تدفقات السيولة الأجنبية.
وقال بنك الاستثمار الأمريكى جولدمان ساكس فى أحدث تقرير صادر عنه، أن قيمة الجنيه المصرى ستشهد تحسنًا خلال الفترة المقبلة بدعم من تدفق المزيد من الأموال الساخنة فى أدوات الدين المصرية.
وأوضح حامد أن الربع الرابع من العام الماضى شهد متغيرات ستساهم فى نمو صافى الدخل من المتاجر بوتيرة جيدة، الأولى هى ارتفاع سعر صرف الدولار تدريجيًا من 48.36 جنيهًا فى نهاية سبتمبر الماضى حتى وصل 50.88 جنيه بنهاية 2024، وهو ما سينعكس على أرباح معاملات البنوك فى العملات الأجنبية خلال تلك الفترة، والثانية هو اتجاه تخفيض أسعار الفائدة عالميًا، فالبنوك المصرية التى بحوزتها سندات دولية بالعوائد المرتفعة قبل التخفيض ستسفيد من إعادة تقييمها.
وخفض مجلس الاحتياطى الفيدرالى معدل الفائدة 1% خلال الربع الأخير من 2024، لتسجل نحو 4.25% و4.5%، ومنذ يونيو الماضى خفض البنك المركزى الأوروبى أسعار الفائدة 1% لتختتم العام الماضى عند مستوى 3%.
18.1 مليار جنيه صافى دخل المتاجرة فى “التجارى الدولى” أول 9 أشهر من 2024
وحقق بنكا التجارى الدولى والعربى الأفريقى الدولى أعلى قيم وأعلى معدلات نمو فى صافى دخل المتاجرة خلال أول 9 أشهر من العام الماضى، وذلك بفضل أرباح المعاملات فى العملات الأجنبية، ورغم أن بنك مصر ثالث أعلى قيمة فى صافى دخل المتاجرة إلا أنه حقق تراجعًا مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، نتيجة لتباطؤ أرباح المتاجرة فى العملات الأجنبية بحسب مسح أجرته “البورصة” على 17 قائمة مالية للبنوك.
وأظهر المسح نمو صافى دخل المتاجرة فى 13 بنكًا بفضل ارتفاع أرباح من المعاملات بالعملات الأجنبية، وتصدر البنك التجارى الدولى القائمة بينما تذيلها بنك الأسكندرية مُحققًا خسائر.
وتصدر البنك التجارى الدولى قائمة البنوك الأسرع نموًا فى صافى دخل المتاجرة خلال أول 9 أشهر من العام الماضى عند مستوى 474.8%، مُسجلًا نحو 18.19 مليار جنيه فى سبتمبر الماضى مقابل نحو 3.1 مليار جنيه فى سبتمبر 2023.
وجاء ذلك مدفوعًا بنمو أرباح التعامل بالعملات الأجنبية 457.6%، والتى وصلت نحو 18.5 مليار جنيه فى سبتمبر 2024 مقابل 3.3 مليار جنيه فى سبتمبر 2023، وهو ما امتص الأثر السلبى لخسائر تقييم عقود صرف آجلة بنحو 416.2 مليون جنيه بدلًا من أرباح تقدر بنحو 147.4 مليون جنيه، وكذلك خسائر عقود مبادلة العوائد بنحو 23.1 مليون جنيه بدلًا من أرباح تقدر بنحو 117.8 مليون جنيه فى سبتمبر 2023.
فى حين هدأت وتيرة خسائر عقود مبادلة العملات مُسجلة نحو 109.7 مليون جنيه فى سبتمبر الماضى بدلًا من خسائر بنحو 439.2 مليون جنيه فى سبتمبر 2023.
وأظهرت قائمة الدخل للبنك أن صافى دخل المتاجرة هو الأسرع نموًا خلال أول 9 أشهر من 2024، مقارنة بنمو صافى الدخل من العائد عند 74.8% وصافى الدخل من الأتعاب والعمولات عند 32.15%.
وارتفعت صافى أرباح البنك التجارى الدولى 88.9%، مُسجلة نحو 42.3 مليار جنيه فى سبتمبر الماضى مقابل نحو 22.4 مليار جنيه فى سبتمبر 2023.
6 مليارات جنيه أرباح معاملات العملات الأجنبية فى “العربى الأفريقى” فى سبتمبر
وفى المرتبة الثانية جاء البنك العربى الأفريقى، إذ نما صافى دخل المتاجرة لديه 354.07% خلال أول 9 أشهر من 2024، ووصل نحو 5.9 مليار جنيه فى سبتمبر الماضى مقابل 1.3 مليار جنيه فى سبتمبر 2023.
وذلك بدعم من نمو أرباح التعامل فى العملات الأجنبية 310.8%، مُسجلة نحو 6.08 مليار جنيه فى سبتمبر الماضى مقابل نحو 1.48 مليار جنيه فى سبتمبر 2023، رغم أن خسائر عقود مبادلة العملات سجلت نحو 25.13 مليون جنيه بدلًا من 4.7 مليون جنيه.
فى حين تباطأت خسائر القيمة العادلة لعقود الصرف الآجلة بغرض المتاجرة خلال أول 9 أشهر من العام الماضى، مُسجلة نحو 96.8 مليون جنيه فى سبتمبر بدلًا من 169.3 مليون جنيه فى سبتمبر 2023.
كيف تستفيد البنوك المحلية من نمو أعداد صناع المحتوى و”فريلانسرز”؟
وأظهرت قائمة الدخل للبنك العربى الأفريقى أن وتيرة نمو صافى دخل المتاجرة هى الأسرع خلال أول 9 أشهر من 2024، إذ ارتفع صافى الدخل من العائد 96.3% ونما صافى الدخل من الأتعاب والعمولات 56.02%.
احتل بنك فيصل المرتبة الثالثة فى القائمة من ناحية مُعدل النمو، ونمت صافى دخل المتاجرة لديه 340.2% خلال أول 9 أشهر من العام الجارى، مُسجلة نحو 270.6 مليون جنيه فى سبتمبر الماضى، مقابل نحو 61.4 مليون جنيه فى سبتمبر 2023.
وتحولت التعاملات فى العملات الأجنبية ببنك فيصل إلى الربحية مُسجلة نحو 157.5 مليون جنيه فى سبتمبر الماضى، مقابل خسائر تُقدر بنحو 43.6 مليون جنيه فى سبتمبر 2023.
أرباح عمليات النقد الأجنبى تتراجع 28.9% فى بنك مصر
وأظهر مسح “البورصة”، تراجع قيمة صافى دخل المتاجرة لدى بنك مصر 0.15% خلال أول 9 أشهر من العام الماضى، إذ سجلت نحو 3.15 مليار جنيه فى سبتمبر مقابل نحو 3.16 مليار جنيه فى سبتمبر 2023.
نتيجة لتراجع ناتج عمليات النقد الأجنبى 28.9% خلال فترة المقارنة، إذ سجلت نحو 726 مليون جنيه مقابل نحو 1.02 مليار جنيه، وتراجع فروق تقييم الاستثمارات المالية بالقيمة العادلة إلى 313 مليون جنيه فى سبتمبر الماضى مقابل 1.17 مليار جنيه فى سبتمبر 2023.
6 مليارات دولار زيادة فى التسهيلات الدولارية للحكومة خلال 9 أشهر
وفى المقابل تحولت عمليات عقود المشتقات المالية إلى الربح مُسجلة نحو 74 مليون جنيه فى سبتمبر الماضى مقابل خسائر تُقدر بنحو 9 ملايين جنيه، وارتفع عائد الاستثمارات المالية إلى 389 مليون جنيه بدلًا من مليون جنيه.
واستفاد البنك من ارتفاع فروق بيع الاستثمارات المالية 70.2% خلال أول 9 أشهر من العام الماضى، ووصلت نحو 1.6 مليار جنيه فى سبتمبر الماضى مقابل 971 مليون جنيه فى سبتمبر 2023.
صافى دخل المتاجرة يتحول للخسارة فى بنك الإسكندرية رغم التعويم
وحقق صافى دخل المتاجرة فى بنك الإسكندرية خسائر تقدر بنحو 9.02 مليون جنيه فى سبتمبر الماضى مقابل ربحًا بنحو 15.7 مليون جنيه فى سبتمبر 2023، وجاء ذلك تأثرًا بخسائر المعاملات بالعملات الأجنبية بنحو 8.9 مليون جنيه مقابل ربحًا بنحو 15.7 مليون جنيه.
وقال أحمد شوقى، الخبير المصرفى، إن تحرير سعر الصرف فى مارس الماضى كان له أثر ملحوظ على صافى دخل المتاجرة بغالبية البنوك المصرية، ولكن خلال العام المقبل ستتباطئ بقدر تباطئ تغير قيمة العملة المحلية.
وأشار ماجد فهمى الرئيس الأسبق لبنك التنمية الصناعية، إلى أن عودة السيولة الأجنبية للقنوات الرسمية وعودة التعاملات للبنوك، ساهمت فى تنشيط الأرباح الناتجة عن عمليات تدبير العملة خلال 2024 عكس الحال خلال 2023.
وأوضح أن اختلاف تقديرات سعر الصرف فى العقود الآجلة وارتفاع على مدى العام الماضى، تسبب فى تحقيق خسائر فى هذا البند بالبنوك، خاصة العقود التى تمت فى بداية العام.
وأشار إلى أن نمو صافى دخل المتاجرة خلال 2025، يُحدد حسب تغيرات قيمة العملة المحلية، ورغم توقعات تراجعها، إلا أن التغيرات الجيوسياسية واحتمالية تحسن إيرادات قناة السويس ووجود تدفقات دولارية قد تساهم فى استقرارها، وبناء عليه لا نتوقع نموًا كبيرًا مثل 2024.