كشف محللو بنك “جيه بي مورجان” الأمريكي أن نموذج “ديب سيك” للذكاء الاصطناعي قد يسبب تحولات كبيرة في استراتيجيات الإنفاق الرأسمالي وأنماط الاستثمار الراسخة.
وقال محللو البنك -في تقرير بحسب ما أوده موقع (إنفستنج) الأمريكي- إن كفاءة “ديب سيك” في تقليل تكاليف التدريب والاستدلال قد تؤثر بشكل كبير على شركات التكنولوجيا وبخاصة تلك التي تعمل في تطوير الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية.
ويتوقع أن تستفيد الشركات التي تعمل في طبقة التطبيقات حيث يتم نشر قدرات الذكاء الاصطناعي مباشرة للمستخدمين النهائيين؛ وعلى سبيل المثال، من المتوقع أن تحقق شركة “سيلزفورس” التكنولوجية الأمريكية المتخصصة في تقديم خدمات البرمجيات السحابية مكاسب من التحول المحتمل للقيمة نحو قطاع تطبيقات البرمجيات مع كون النماذج الأساسية للذكاء الاصطناعي أكثر كفاءة من حيث التكلفة وأكثر وصولاً.
وبالمثل، يبدو أن شركة “سنوفليك” الأمريكية المتخصصة في تقديم حلول التخزين والتحليل السحابي للبيانات في وضع مريح، حيث من المحتمل أن يؤدي زيادة تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الطلب على البنية التحتية الحديثة للبيانات.
ومن ناحية أخرى، تواجه الشركات التي تعتمد على البنية التحتية والتي استثمرت بشكل كبير في عمليات تدريب الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع مخاطر قد تعيق تقدمها، فمن الممكن أن تواجه شركة “أوراكل” التي كانت توسع بشكل كبير مراكز البيانات السحابية الخاصة بها، مخاطر فائض القدرة في حال تحولت دورة استثمارات الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر نحو الاستدلال بدلاً من التدريب.
وعلى الرغم من أن شركات مثل “مايكروسوفت” و”أمازون” و”جوجل” تواصل الإبلاغ عن استثمارات قوية في الأجهزة المخصصة للذكاء الاصطناعي، إلا أن المحللين يحذرون من أن السرد العام للإنفاق على الذكاء الاصطناعي قد يتحول إذا بدأت قدرات “ديب سيك” منخفضة التكلفة في الحصول على زخم.
ويعد قطاع أشباه الموصلات واحداً من القطاعات التي تشهد تأثيرات مختلطة.
ويعتقد محللو جيه بي مورجان أن شركات مثل “إنفيديا” و”برودكوم” و”مارفيل تكنولوجي” قد تستفيد من التبني الواسع للاستدلال باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث تقدم هذه الشركات الأجهزة الأساسية اللازمة لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي بكفاءة.
ومع ذلك، قد تتأثر شركة “إنتل” التي تظل تعتمد بشكل كبير على مبيعات وحدات المعالجة المركزية التقليدية، سلباً مع استمرار انتقال عبء العمل الحسابي للذكاء الاصطناعي نحو المعجلات المتخصصة.
كما يحمل نموذج “ديب سيك” الذي يتمتع بالكفاءة من حيث التكلفة تداعيات لشركات خدمات السحابة والإنترنت فقد دمجت كل من “أمازون” و”جوجل” نموذج “ديب سيك-آر1” في عروض خدمات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما، مما يشير إلى تحول نحو مزيد من الوصول إلى النماذج بشكل أوسع.
ومن المتوقع أن تقوم “ميتا” التي تبنت النماذج المفتوحة المصدر للذكاء الاصطناعي، بدمج تطورات “ديب سيك” في إطار عمل “لاما” للذكاء الاصطناعي، مما يعزز موقعها الاستراتيجي في النظام البيئي للذكاء الاصطناعي.
وعلى الرغم من هذه التطورات، يلاحظ المحللون أن المنافسة بين مزودي نماذج الذكاء الاصطناعي لا تزال شديدة، وأن التدقيق التنظيمي في استخدام البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي قد يضيف بعض عدم اليقين.
وبعيداً عن قطاع التكنولوجيا، يمتد تأثير “ديب سيك” إلى صناعات أخرى، ويشير التقرير إلى إمكانية أن يعيد الذكاء الاصطناعي المدعوم بالأتمتة تشكيل مشهد البرمجيات الأمنية، حيث من المتوقع أن تشهد شركات مثل “كراودسترايك” و”بالو ألتو نتوركس” زيادة في الطلب مع نشر الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في الشركات.
كما تتكيف قطاعات التكنولوجيا المالية وتعدين بتكوين مع تأثير “ديب سيك”؛ وعلى سبيل المثال، من المتوقع أن تستفيد شركة “شوبيفاي”من أدوات الذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة للتجار، مما يعزز الأتمتة في التجارة الإلكترونية وتخصيص العملاء.
وفي قطاع الطاقة، واجهت شركات المرافق والمنتصف تشككاً من المستثمرين في البداية، حيث أثار ظهور “ديب سيك” المخاوف بشأن تقديرات الطلب على الطاقة المرتبط بالذكاء الاصطناعي وشهدت أسهم شركات مثل “كونستليشن إنيرجي” و”فيسترا” انخفاضاً بسبب المخاوف من تقليص توسع مراكز البيانات.
واختتم التقرير أن تلك المخاوف قد تكون مبالغ فيها حيث أن اتجاهات اعتماد الذكاء الاصطناعي على المدى الطويل والمبادرات الأوسع لتوصيل الكهرباء تواصل دفع الطلب القوي على بنية الطاقة الموثوقة.