يتجه سوق العقارات نحو آفاق جديدة من النمو غير المسبوق، مدفوعًا بعدة عوامل اقتصادية وسياسية من شأنها إعادة تشكيل المشهد الاستثماري في مصر، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن شركة “ذا بورد كونسالتينج” لأبحاث ودراسات السوق.
أوضح التقرير أن عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الساحة السياسية العالمية أدت إلى زيادة حالة عدم اليقين الجيوسياسي، مع تصاعد المخاطر الاقتصادية والتجارية.
أضاف التقرير أن هذا الوضع يثير مخاوف بشأن تدفقات الاستثمار الأجنبي في مصر واستقرار سعر الصرف، مما يستدعي من صناع القرار المصريين البقاء في حالة تأهب لمختلف السيناريوهات المحتملة.
وتابع تقرير “ذا بورد كونسالتينج”، أن البنك المركزي المصري يستعد لاتخاذ خطوة جريئة بخفض أسعار الفائدة بمعدل يتراوح بين 2 ـ 3%، لتصل لنحو 16- 18% بحلول نهاية العام، وهذه الخطوة من المتوقع أن تعزز الاستثمار، وتحفّز النمو الاقتصادي، وتعيد تشكيل ديناميكيات السوق.
“التسليم الفوري”.. آلية جديدة لجذب العملاء وإنعاش سوق العقارات
ولفت التقرير إلي أنه بعد فترة من التباطؤ، يشهد سوق العقارات حالة من الانتعاش الكبير، مدفوعًا بالعروض الترويجية الجذابة، موضحا أن الحكومة تواصل دعم التوسع العقاري، مما يعزز المنافسة بين كبار المطورين.
أضاف أن محاور التنمية الجديدة تتمركز في عدد من المناطق من ضمنها طريق السويس، ومدينة المستقبل، والتجمع السادس، ومدينة هليوبوليس الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، والتجمع السابع المنتظر، وزايد الجديدة وأكتوبر الجديدة التي أصبحت وجهات رئيسة للمشروعات العقارية الجديدة، مما يفتح آفاقًا جديدة للنمو غير المسبوق.
ورغم النمو المحلي القوي، لا يزال السوق العقاري في مرحلة مبكرة من التوسع العالمي، إذ تمثل مصر 0.25٪ فقط من السوق العقاري العالمي، مما يبرز الحاجة إلى تعزيز حضورها الدولي.
وتوقع التقرير، أن تسهم المشروعات الجديدة والاستراتيجيات الترويجية في تعزيز جاذبية مصر للمستثمرين الأجانب.
ومع التراجع المتوقع في أسعار الفائدة، من المرجح أن تستمر خطط الدفع الممتدة، مما يوفر للمشترين مرونة مالية أكبر ويشجع المزيد من الاستثمارات في القطاع العقاري.
أضاف التقرير أن سوق العقارات المصري سجل رقمًا قياسيًا في المبيعات خلال عام 2024، إذ بلغت مبيعات 11 من كبرى الشركات العقارية 1.17 تريليون جنيه، بزيادة نسبتها 135% مقارنة بمبيعات عام 2023.
وأوضح أن الطلب الكبير على العقارات في 2024 جاء مدفوعًا بالإعلان عن مشروعات تطوير رأس الحكمة وانطلاق الموسم الصيفي، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في عمليات البيع خصوصا في النصف الثاني من العام.
“طلعت مصطفى” تتصدر بـ510 مليارات جنيه تليها “بالم هيلز” و”ماونتن فيو”
كشف تقرير “ذا بورد كونسالتينج”، أن مجموعة طلعت مصطفى تصدرت القائمة بمبيعات قياسية بلغت 510 مليارات جنيه، محققة نموًا غير مسبوق بنسبة 264% مقارنة بـ 140 مليار جنيه في 2023.
وإلى جانب “طلعت مصطفى”، جاءت “بالم هيلز” في المرتبة الثانية بمبيعات بلغت 150 مليار جنيه، تلتها “ماونتن فيو” بـ 105 مليارات جنيه، ثم “G للتطوير العقاري” التي سجلت 77 مليار جنيه.
وفي المرتبة الرابعة حلت “أورا ديفلوبرز” بمبيعات بلغت 61.84 مليار جنيه، تلتها “سوديك” بـ 50 مليار جنيه، ثم “إعمار مصر” التي سجلت مبيعات تعاقدية بلغت 49 مليار جنيه.
أما “سيتي إيدج” فقد جاءت في المرتبة السابعة بمبيعات 47 مليار جنيه، تلتها “مدينة مصر” بـ 46 مليار جنيه، ثم “هايد بارك” بـ 45.9 مليار جنيه، فيما حلت “المراسم” عاشرًا بمبيعات بلغت 34 مليار جنيه.
اقرأ أيضا: جيه إل إل: سوق العقارات فى القاهرة يستعد للنمو على المدى الطويل
أضاف التقرير أن هذا النمو الاستثنائي في المبيعات يعكس الطفرة التي يشهدها قطاع العقارات المصري، وسط توجه متزايد للاستثمار في المشروعات السكنية والتجارية، ما يعزز مكانة مصر كوجهة استثمارية واعدة في القطاع العقاري.
ويعكس الأداء القوي للشركات العقارية المصرية في 2024 توجه السوق نحو الاستثمار طويل الأجل والتوسع الإقليمي، إذ بدأت بعض الشركات الكبرى في التوسع نحو الإمارات وعُمان، مع زيادة الطلب على العقارات الفاخرة والمشروعات المتكاملة.
أضاف أن استقرار سعر الصرف وتزايد الطلب من المستثمرين المحليين والأجانب ساهم في تحقيق هذه القفزة الكبيرة، مما يجعل 2024 عامًا محوريًا في تاريخ السوق العقاري المصري.
50% من عمليات الشراء تمت بغرض الاستثمار خلال النصف الأول
وأكد التقرير أن قطاع العقارات شهد في عام 2024 تحولات كبيرة، إذ ارتفعت المبيعات إلى مستويات غير مسبوقة رغم التحديات الاقتصادية والتقلبات في السوق.
ومع نهاية النصف الأول من العام الماضي، أصبح تسعير العقارات بالدولار الأمريكي توجهاً سائداً، إذ وصل سعر الصرف حينها إلى متوسط 42 جنيهًا مقابل الدولار، مما أثر على قدرة المشترين على الاستثمار.
وتابع أن أكثر من 50٪ من عمليات الشراء تمت بغرض الاستثمار، إذ تم تقسيم المستثمرين بين الفئة طويلة الأجل، والمضاربين، والمستثمرين الباحثين عن عوائد سريعة.
وأشار التقرير إلي أن توجهات الأثرياء المصريين ازدادت نحو شراء العقارات في دول منها الإمارات واليونان وإسبانيا، مدفوعين بأسعار عقارية مشابهة وتحفيزات تتعلق بأسعار الصرف الأجنبي.
وتابع أن مناطق مثل دبي، وعمان، والعراق أصبحت وجهات مفضلة للمطورين العقاريين البارزين، في ظل بحثهم عن فرص توسع جديدة.
معدلات إلغاء حجوزات تتجاوز 20%
أضاف أن بعض الشركات الكبرى شهدت معدلات إلغاء حجوزات تجاوزت 20٪، ويرجع ذلك إلى التشديدات الاقتصادية وقوانين التمويل العقاري التي حدّت من قدرة العملاء على استكمال الأقساط.
“العقارات الجزئية” النموذج الاستثماري الأكثر انتشارًا نتيجة انخفاض القدرة الشرائية
وأوضح أن نموذج “العقارات الجزئية” بات هو النموذج الاستثماري الأكثر انتشارًا بسبب انخفاض القدرة الشرائية واتجاه المستثمرين إلى تملك حصص صغيرة من العقارات بدلاً من شراء وحدات كاملة.
ونظراً لازدهار سوق إعادة البيع، لجأت الشركات إلى إنشاء أقسام خاصة لهذا الغرض، لضمان السيطرة على عمليات إعادة البيع داخل مشاريعها.
ولفت التقرير إلى أن العام الماضي، بدأ بموجة من الذعر نتيجة التقلبات الاقتصادية، لكن قرار تعويم الجنيه في مارس أدى إلى توقف شبه تام في الأنشطة العقارية.
وأسهم موسم الصيف في تنشيط السوق خلال الربع الثاني، خصوصا مع الإعلان عن مشروع رأس الحكمة الذي أنعش المبيعات.
وخلال الربع الثالث حافظت منطقة الساحل الشمالي على زخم المبيعات، بينما شهدت القاهرة تراجعاً نسبياً، موضحا أن استقرار سعر الصرف خلال الربع الأخير دعم الاستقرار الاقتصادي، لكنه أدى أيضاً إلى تباطؤ في حركة السوق بسبب تراجع الطلب المفاجئ.
أكد تقرير “ذا بورد كونسالتينج”، أن قطاع العقارات سيظل قطاعًا رئيسيًا في الاستثمار، لكن التحديات الاقتصادية تستوجب حلولًا جديدة لمواكبة تطورات السوق. في ظل ارتفاع الطلب على العقارات الفاخرة والاستثمارية، فإن الشركات العقارية مطالبة بابتكار نماذج تمويلية مرنة لمواصلة النمو في السنوات المقبلة.
شركات التسويق العقاري تسهم بـ70 ـ 80% من المبيعات
أضاف أن شركات التسويق العقاري تلعب دورًا حيويًا في السوق العقاري المصري، إذ تسهم في تشكيل تصورات العملاء وزيادة الوعي بالعلامات التجارية.
وتابع :” في عام 2024، سيطرت حوالي 800 شركة تسويق عقاري على السوق. وهذة الشركات تسهم بما يتراوح بين 70 ـ 80% من مبيعات معظم المطورين”.
واحتلت شركة ذا أدريس المرتبة الأولي ، محققة مبيعات تعاقدية لصالح الغير بقيمة 84,2 مليار جنيه، في حين حققت شركة B2B مبيعات بقيمة 79.2 مليار جنيه، وناوي 65 مليار جنيه.
وبلغت مبيعات شركة كولدوويل بانكر ، نحو 51.3 مليار جنيه، و21.08 مليار جنيه لصالح شركة RED، في حين حققت شركة ريماكس 19 مليار جنيه.