رغم تحسن تدفقات الدولار، لا تزال حاجة مصر للعملة الأجنبية تفوق حجم التدفقات، لكن قدرة البلاد على الوصول للأسواق الدولية بتكلفة منخفضة يدعم توقعات المحللين بتحرك محدود للجنيه فى حدود 5 إلى 15% خلال العام الحالى.
قال على متولى، محلل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى إحدى شركات الاستشارات فى لندن، إنَّ الدولار قد يشهد ارتفاعاً العام الحالى لكن بوتيرة أقل بكثير مما كانت عليه خلال العام الماضى.
وتوقع أن يسجل سعر الدولار ما بين 50 و52 جنيهاً خلال العام الجارى 2025، فيما يتراوح بين 54 و56 جنيهاً العام المقبل 2026.
وتوقعت شركة الأبحاث «فيتش سوليوشنز» أن يتأرجح سعر الصرف فى مصر ما بين 50 و55 جنيهاً خلال 2025، مؤكدة استمرار الضغوط على الجنيه المصرى خلال الربع الأول من 2025؛ نتيجة استحقاقات أذون الخزانة كبيرة للأجانب.
«جولدمان ساكس»: هناك فرص لارتفاع الجنيه
لكن بنك جولدمان ساكس يرى أن الأجانب بالفعل تخارجوا من الأذون فى الربع الأخير من العام، وأن الأذون المُستحقة بالفعل فى حوزة مستثمرين محليين لذلك استبعد انخفاض الجنيه.
بل توقع أن يسجل ارتفاعاً خلال الفترة المقبلة مع فرص زيادة الاستثمارات فى أوراق الدين الحكومى بعد تراجع المراكز الشرائية للمستثمرين إلى نحو 10 مليارات دولار فقط.
وفى ضوء تعافى اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، توقعت «فيتش سوليوشنز»، استمرار ارتفاع تحويلات المصريين فى الخارج بمعدل نمو 31% على أساس سنوي، لتُسجل نحو 28.9 مليار دولار بنهاية العام المالى الجارى 2024-2025.
اقرأ أيضا: تفاؤل حذر بشأن مستقبل نمو الاقتصاد المصرى على المدى القريب
فيما توقعت «فيتش سوليوشنز»، ارتفاع إيرادات السياحة خلال العام الجارى 2025، لتصل إلى 17.4 مليار دولار، على أن تواصل نموها إلى 18.4 مليار دولار، و19.2 مليار دولار بنهاية 2026، و2027 على الترتيب.
وقال شهاب حلمى، محلل مالى أول فى برايم القابضة للاستثمارات المالية سابقاً، إن الدولار حال ارتفاعه سيتحرك فى حدود 10% إلى 15%.
واستبعد أن تؤدى الهدنة فى غزة حال استمرارها لتحسن ملحوظ خلال النصف الأول من العام الحالى فى إيرادات قناة السويس.
وكان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قد أكد مُسبقاً، أن سعر صرف الجنيه قد يشهد تقلبات ارتفاعاً وانخفاضاً فى حدود 5% خلال الفترة المقبلة، وفقاً لحركة الطلب على الدولار.
«منير»: زيادة الدولار عالمياً قد تدعم ارتفاعه محلياً
فيما رجحت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلى بشركة «إتش سي»، خفض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار بنحو 5 إلى 10% خلال العام، نتيجة ارتفاع الضغوط على الجنيه من عوامل خارجية وداخلية.
وأوضحت أن زيادة قيمة الدولار بقدرٍ ما، تأتى مدفوعة بزيادة قيمته عالمياً، وأن تداعيات التوترات فى غزة على قناة السويس، تُصعب عودة إيراداتها لما كانت عليه قبل الأزمة إلا بحلول نهاية الربع الثانى أو بداية الربع الثالث من العام.
وأضافت أن أحد العوامل الداخلية المتحكمة فى سعر الصرف هو حجم الديون، مشيرة إلى جهود وحرص الدولة على إعادة هيكلتها بهدف تقليل حدة تأثيرها على قيمة العملة المحلية.
ولفتت «منير» إلى أن الحكومة المصرية تعمل على تنفيذ صفقات جديدة مشابهة لصفقة رأس الحكمة لتعزيز السيولة الدولارية للدولة وضمان استقرار نسبى فى سعر الصرف.
وكانت الحكومة المصرية، أعلنت أنه يجرى الإعداد لمشاريع على غرار رأس الحكمة فى البحر الأحمر والسلوم وفى وسط البلد، وكشفت تعيين مكتب استشارى لتطوير منطقة وسط البلد واستغلال المبانى الحكومية.
ويرى عمرو الألفى، رئيس استراتيجيات الأسهم فى شركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، أن ارتفاع قيمة الجنيه مرهون بتحسن ميزان المدفوعات ما يقيس وضع مصر الخارجى مع الدول الأخرى.
وتحول ميزان المدفوعات إلى العجز بقيمة بلغت نحو 991.2 مليون دولار فى الربع الأول من العام المالى الجارى 2024-2025، مقابل فائض بقيمة 228.8 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام المالى السابق، بحسب بيانات صادرة عن البنك المركزى.
وارتفع عجز ميزان المعاملات الجارية خلال الربع الأول من العام المالى الحالى 2024-2025، بمعدل 110.5%، ليبلغ نحو 5.9 مليار دولار، مقابل 2.8 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضى.
وتوقع «الألفى» أن يشهد سعر صرف الدولار ارتفاعات تدريجية خلال العام الجارى 2025، مُسجلاً نحو 52.8 جنيه بنهاية الربع الأول، و54.7 جنيه بنهاية يونيو، و56.7 جنيه بآخر الربع الثالث، على أن يختتم العام عند سعر 58.6 جنيه.
وقال «الألفى»، إن تعافى إيرادات قناة السويس لمستويات ما قبل تفاقم التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، قد يستغرق وقتاً.
وقال هشام حمدى، محلل الاقتصاد الكلى، إن الوضع يُبشر بإيجابيات فى إيرادات السياحة وقناة السويس عقب هدنة غزة، فضلاً عن تراجع أسعار الطاقة عالمياً الذى يدعم خفض عجز الميزان التجارى لمصر، وهذا ما يُسهم فى تضاءل الضغوط على العملة المحلية.
ويرى «حمدى»، أن إيرادات قناة السويس قد تبدأ فى التعافى النسبى من تأثير التوترات الجيوسياسية بحلول الربع الثانى 2025.
«شفيع»: إنتاج الغاز عنصر مؤثر فى مستقبل العملة
ويرى مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث فى شركة العربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، أن الدولار قد يرتفع، خاصة أن عدم قدرة مصر على تصدير الغاز الطبيعى المسال وزيادة الاعتماد على استيراده، يُزيدان من عجز الميزان التجارى.
لكن مصر تنتظر بدء الحفر فى حقل ظُهر العملاق وربط آبار جديدة للإنتاج خلال الأسابيع المقبلة، فى خطوة ترى كابيتال إيكونوميكس أنها تقلل الضغوط عن ميزان المدفوعات إذا نجحت فى تقليل واردات مصر من الغاز.
وذكر «شفيع»، أن العوامل الداعمة لتقليل حدة خفض قيمة الجنيه، هو إقبال المستثمرين الأجانب على أدوات الدين الحكومى وما يوفره من سيولة دولارية، فضلاً عن زيادة تدفقات المصريين فى الخارج.