ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن جنوب إفريقيا تشهد خلافات ساخنة حول الموازنة العامة لعام 2025، والتي من المقرر عرضها خلال الأيام المقبلة، في اختبار لقدرة حكومة التحالف على الصمود أمام العقبات الاقتصادية والسياسية التي تعرقل إقرارها.
تواجه حكومة الرئيس سيريل رامافوزا اعتراضات قوية من أحزاب الأقلية داخل الائتلاف الحاكم، حيث عارضت تلك الأحزاب مسودة الموازنة في جلسة استمرت 12 ساعة، بسبب مقترحات بزيادة ضريبة القيمة المضافة بمقدار 60 مليار راند (3.3 مليار دولار) لسد العجز المالي، الذي تفاقم جزئيًا نتيجة انسحاب الولايات المتحدة من تمويل برامج مكافحة الإيدز خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب.
مخاوف من عدم التوصل إلى اتفاق قبل تقديم الموازنة
وفقًا لمسؤولين حكوميين، لا يزال التوافق السياسي غائبًا، على الرغم من تأكيد مكتب الرئيس رامافوزا أن وزير المالية يعكف حاليًا على إنهاء الموازنة، تمهيدًا لعرضها على البرلمان بعد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء يوم الاثنين المقبل.
وقال مسؤول حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته: “الأمر لم يُحسم بعد، فبعض الأحزاب ترفض أي زيادة ضريبية، لكن الحقيقة أنه لا توجد أموال لسد العجز.”
ائتلاف هش ومصاعب غير مسبوقة
يعد هذا التعثر في إقرار الموازنة أمرًا غير مسبوق في جنوب إفريقيا، التي تحكمها حكومة ائتلافية واسعة النطاق منذ يوليو الماضي، بعد تحالف حزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC)، الذي يرأسه رامافوزا، مع تسعة أحزاب أخرى عقب فشله في تحقيق الأغلبية المطلقة لأول مرة منذ انتهاء نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد).
معارضة قوية لزيادة الضرائب واقتراحات بديلة
يرفض حزب “التحالف الديمقراطي”، ثاني أكبر أحزاب الائتلاف، رفع ضريبة القيمة المضافة من 15% إلى 17%، وهو المقترح الذي أثار جدلًا داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي نفسه.
واقترح التحالف الديمقراطي بدائل أخرى، مثل: بيع حقوق استغلال ميناءين رئيسيين للقطاع الخاص، وتشكيل فريق عمل لخفض التكاليف على غرار نموذج إيلون ماسك في واشنطن.
وحذر جون ستينهويزن، زعيم حزب التحالف الديمقراطي ووزير الزراعة في حكومة رامافوزا، من أن: “إذا لم نواجه الواقع الاقتصادي الصعب، فسنظل عالقين في دوامة لا تنتهي من رفع الضرائب وزيادة الديون التي لا يمكننا تحملها.”
الحكومة تدافع عن زيادة الضرائب لحماية الفئات الفقيرة
أكد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أن الحكومة بحاجة إلى تمويل إضافي لضمان تغطية زيادات رواتب موظفي الخدمة المدنية، وتمويل الضمانات الاجتماعية لحماية الفئات الأكثر تضررًا من ارتفاع تكاليف المعيشة.
وأشار وزراء الحكومة إلى أن وزير المالية، إنوش جودونجوانا، اقترح تخفيض نسبة الزيادة الضريبية إلى 0.75% – 1%، إلا أن التحالف الديمقراطي رفض حتى هذه النسبة المخففة.
أزمة الديون وتزايد الضغوط المالية
تواجه جنوب إفريقيا ارتفاعًا كبيرًا في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، حيث وصلت إلى ما يقارب 75%، مقارنة بـ أقل من 24% في عام 2008، مما يعني أن 22 سنتًا من كل راند تجمعه الحكومة يذهب إلى خدمة الدين، مما يزيد الضغوط على الموارد المالية للدولة.