حذرت صحيفة لوموند الفرنسية، من أن سوق الأعمال الأوروبية تواجه حالة من الارتباك، بسبب تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الاتحاد الأوروبي، إلى جانب استمرار التقلبات الجيوسياسية وهيمنة مبدأ “قانون الأقوى” في التجارة العالمية.
أشارت الصحيفة، إلى أن الشركات الأوروبية بدأت تجميد مشروعاتها، مع محاولة التفاوض للحصول على إعفاءات من الرسوم، فيما تستعد لرفع أسعارها لمواجهة التداعيات المحتملة.
وأكد لودوفيك سوبرا، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة أليانز الألمانية للتأمين، أن مزاج قادة الأعمال الأوروبيين مر بمراحل “حداد اقتصادي” — بدءًا من استبعاد فوز ترامب، ثم التفاؤل بسياسته الاقتصادية، وصولًا إلى حالة الذهول بعد توليه السلطة وتطبيق سياساته التجارية المتشددة.
وشدد سوبرا على ضرورة أخذ تهديدات ترامب بجدية، محذرًا من “ضربة مدمرة” ستتلقاها الشركات الأوروبية حال تنفيذ هذه التعريفات، رغم عدم وضوح الإجراءات التفصيلية.
الاتحاد الأوروبي يرد برسوم مضادة
ردًا على تهديدات ترامب، أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض رسوم جمركية جديدة على منتجات أمريكية بقيمة 26 مليار يورو (28 مليار دولار)، تشمل المنسوجات، الأجهزة المنزلية، والمنتجات الزراعية — مستهدفةً الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون.
أعربت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، عن أسفها لهذه الإجراءات، داعية إلى المفاوضات لتهدئة التوترات المتصاعدة.
وفي ظل هذه العاصفة التجارية، أصبحت الشركات الأوروبية تُعيد تقييم استراتيجياتها، على أمل تجنب الأسوأ، بينما تستعد في الوقت ذاته لدمج أي رسوم محتملة ضمن تكاليف الإنتاج.
أرقام التجارة عبر الأطلسي في مهب الريح
رغم أن الاتحاد الأوروبي يتمتع بفائض تجاري واضح مع الولايات المتحدة في السلع — بلغ 157 مليار يورو في 2023 — فإنه يعاني من عجز بقيمة 109 مليارات يورو في قطاع الخدمات، خاصة الخدمات الرقمية.
وبحسب سوبرا، فإن الفارق الصافي لصالح أوروبا لا يتجاوز 48 مليار يورو، أي ما يعادل 3% فقط من إجمالي التجارة بين الطرفين.
وأكد أن ترامب “لا يهتم بالأرقام”، بل يرى أن الاتحاد الأوروبي بُني “لخداع الولايات المتحدة” — على حد تعبيره — ويصر على أن أوروبا يجب أن تدفع الثمن.
صناعة الصلب.. الخاسر الأكبر
توقعت رابطة الصلب الأوروبية، أن يفقد الاتحاد الأوروبي 3.7 مليون طن من صادرات الصلب نتيجة الرسوم الأمريكية. وتعد أمريكا ثاني أكبر سوق للصلب الأوروبي، مستحوذة على 16% من إجمالي صادرات الاتحاد.
يُقدر حجم التبادل التجاري السنوي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بحوالي 1.5 تريليون دولار، ما يشكل 30% من التجارة العالمية.
ورغم الفائض التجاري الأوروبي في السلع، يشير الاتحاد إلى أن هذا الفائض يقابله جزئيًا فائض أمريكي في تجارة الخدمات.
بريطانيا.. موقف مختلف
خارج الاتحاد الأوروبي، أعلنت بريطانيا أنها لن تفرض رسومًا انتقامية على الواردات الأمريكية. وأكد جوناثان رينولدز، وزير الأعمال البريطاني، أن لندن ستواصل “التواصل المثمر” مع واشنطن للدفاع عن مصالح الشركات البريطانية.
لكنه لم يستبعد فرض رسوم مستقبلية، مشددًا على أن “كل الخيارات مفتوحة”، وأن بريطانيا “لن تتردد في الرد بما يخدم مصلحتها الوطنية”.