لم تنس السوق بعد، عندما تصاعدت أسعار الدولار فى السوق الرسمية بعد تحريره فى فبراير الماضى لتتخطى نظيرتها فى السوق السوداء انطلقت التطمينات بأن الأسعار ستتراجع بعد عبور الاختناقات المؤقتة فى المعروض من العملة الصعبة.
فى البداية كان الحديث عن 3 شهور، لكن بعد مرورها اكتشف المسئولون والمحللون أن موسم شهر رمضان الاستيرادى أصبح على الأبواب، فامتدت الوعود إلى 6 اشهر، والآن مضت الشهور الستة ونزلت سلع شهر رمضان إلى الأسواق، وأصبح رمضان نفسه على الأبواب، ومازال الدولار فوق مستوى 18 جنيها، وهو نفسه السعر الذى بلغته العملة الأمريكية فى السوق السوداء فى الأسبوع الأخير قبل التعويم وهو الأسبوع الذى سبب الكثير من الآلام على مدار الشهور الستة الماضية.
التوقعات، التى لاتزال حاضرة فى الأذهان، كانت تشير أيضا إلى أن سعر العملة الأمريكية سيهبط إلى مستوى 16 جنيها مع نهاية السنة المالية، والتى ستنتهى الشهر المقبل، وسيستكمل مسيرة الهبوط إلى 14 جنيها بنهاية 2017.
الآن تختلف التحليلات، وتبنى توقعات جديدة بعضها ينطلق من خطأ التوقعات السابقة، إذ يرى عدد من الخبراء ان السعر الحالى البالغ 18.14 جنيه لدى البنك المركزى لم يكن متوقعا وتجاوز التقديرات، فى حين ينظر الفريق الآخر الى ان هذا كان متوقعا فى ظل المستوى الذى بلغه فى السوق السوداء لهذا السعر قبل اجراء عملية تحرير سعر الصرف.
وقالت ريهام الدسوقى كبير المحللين الاقتصاديين ببنك الاستثمار الإقليمى ارقام كابيتال أن زيادة سعر الدولار الى 18 جنيها فى البنوك كان شيئا متوقعا وخاصة انه وصل الى هذه المعدلات بالسوق السوداء قبل التعويم ولفتت الى ان التأخر فى اتخاذ قرار التعويم هو ما ادى الى تدهور الأوضاع اكثر مما كان متوقعا قبل الإجراء بشهر او شهرين.
وذكرت ان الانخفاض الكبير فى قيمة العملة حدث خلال آخر شهر ونصف تقريبا قبل التعويم، وكانت القيمة العادلة تدور فى حدود 12 الى 14 جنيها طبقا للمؤشرات الاقتصادية ولكن نتيجة المضاربات الكبيرة وتأخر الحكومة فى اتخاذ القرار ادى الى سيطرة السوق الموازية وزيادة وتيرتها بشكل متزايد.
واضافت انه من المتوقع تحسن قيمة العملة على النصف الثانى من عام 2017 مع دخول فصل الصيف وزيادة الموارد عبر السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والاستثمارات، لكن سرعة التحسن ستعتمد على كمية الزيادة فى الموارد خلال فترة الستة اشهر المقبلة.
وقالت انه من الممكن تحسن اداء العملة لتصبح فى حدود 17 جنيها خلال الشهرين المقبلين بحلول اواخر يونيو، بينما مع نهاية ديسمبر المقبل سيتراوح سعره بين 15 الى 16 جنيها.
وارتفع سعر الدولار الرسمى من 8.78 جنيه خلال الشهور الستة السابقة على التعويم إلى مستوى 13.5 جنيه فى يوم التعويم 3 نوفمبر وتصاعد تدريجيا إلى أن بلغ 19.19 جنيه يوم 29 ديسمبر، قبل أن يفقد نحو 15% من قيمته فى شهر فبراير فى نول سريع أقلق المستثمرين الأجانب فى أوراق الدين الحكومى، قبل أن يسترد خسائره بدءا من مارس ويستقر منذ ذلك الحين فوق مستوى 18 جنيها.
وفى سياق متصل قال هانى فرحات محلل الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار سى اى كابيتال ان وصول سعر الدولار الى 18 جنيها كان غير متوقعا، وارتفاعه الى هذه القيمة يعود الى عدم وضوح فى حجم التعاملات خارج القطاع المصرفى بعد التعويم والتى انتقلت الى السوق الرسمى.
وتوقع فرحات تراجع سعر الصرف الى حدود تتراوح بين 15 و16 جنيها خلال عام 2018 والأشهر المقبلة.
قالت نانسى فهمى المحلل المالى ببنك الاستثمار بلتون، إن هناك طلباً على العملة الأمريكية من قبل أغلب الشركات بعد انتهاء المخزون السلعى لديها، بالإضافة إلى الموسم السلعى لشهر رمضان.
وترى أن أسعار صرف الدولار أمام الجنيه، قد تشهد انخفاضاً طفيفاً خلال الفترة المقبلة، مع توقعات زيادة الموارد الدولارية الوافدة إلى السوق المحلية، عبر إعادة فتح السندات الدولارية، والحصول على الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي.
وتعتزم الحكومة إعادة فتح السندات الدولية التى طرحتها بقيمة 4 مليارات دولار فى يناير المقبل لزيادة قيمة الإصدار بقيمة تتراوح بين 1.5 و2 مليار دولار، وحصلت الحكومة على تمويلات خارجية خلال أول 4 شهور من العام الحالى بقيمة 4.5 مليار دولار.
وتتوقع فهمى أن يتراوح سعر صرف الدولار خلال العام الجارى بين 16 و17 جنيهاً، إلا أنها ترى أن حتى هذه الأسعار مرهونة بزيادة الموارد الأجنبية فى السوق المحلي.
وقال بنك «أتش إس بى سى» فى ورقة بحثية له مطلع الشهر الماضى، إنه غير قادر على توقع القيمة العادلة للجنيه أمام الدولار، لكن الدولار سيتجاوز 18 جنيهاً خلال العامين الماليين الحالى والمقبل.
كذلك تتوقع مؤسسة «فوكس إيكونوميكس» الإسبانية والمتخصصة فى الأبحاث الاقتصادية، أن يستقر سعر صرف الدولار خلال العام الجارى عند 18.02 جنيه، والعام المقبل عند 18.21 جنيه، فى حين أن توقعاتها جاءت مخالفة لأغلب توقعات السوق وترى أن الدولار سيصل 20.42 جنيه للدولار الواحد بحلول 2021.
لكن وكالة التصنيف الائتمانى «موديز»، فى أحدث تقرير لها عن مصر الشهر الماضى توقعت، أن يسجل الدولار 14.8 جنيه فى المتوسط خلال العام المالى الحالى و16.5 جنيه فى السنة المالية المقبلة، ثم يتراجع إلى 16 جنيهاً فى السنة المالية التالية.
وقالت «موديز»، فى تقريرها، إن توقعاتها بشأن الجنيه أكثر تحفظاً من صندوق النقد الدولى، والذى يتوقع الدولار عند 12 جنيهاً فى عام 2017، و13.2 جنيه فى 2018 و14 جنيهاً فى عام 2019.