حركة ماكرون «إلى الأمام» فى مهمة صعبة أمام 4 قوى سياسية عتيقة
لن تصمت الأحزاب اليمينية واليسارية والليبرالية الفرنسية العتيقة أمام هزيمتها فى الانتخابات الرئاسية لصالح إيمانويل ماكرون، مرشح الحركة الوليدة التى تحولت لحزب «إلى الأمام»، الرئيس الفرنسى المنتخب البالغ من العمر 39 عاماً.
وسيتعين عليه التغلب على التحدى العام بسبب الركود الاقتصادي، والناخبين المنقسمين، وخطر الشلل فى البرلمان؛ لأن حزبه سيكون فى الغالب أقلية، بينما الكتلة الأكبر ستكون للمعارضة.
وأظهر «ماكرون» قوة التيار العام فى فرنسا المناهض لسياسة الهوية القومية، والغضب تجاه العولمة، على الأقل داخل القارة الأوروبية.
سوف يستخدم الرئيس المنتخب إنجازه غير العادى والشرعية الديمقراطية فى محاولة كسب قلوب الناخبين المتشككين، وسيبدأ بإصلاحات شعبية لجعل الحياة العامة فى فرنسا أكثر أخلاقية، بما فى ذلك فرض حظر على النواب الذين يستغلون مناصبهم لتوظيف أفراد أسرهم. كما سيتحرك بسرعة للإشارة إلى نيته فى إصلاح ثانى أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو، والمشاركة مع ألمانيا فى تعزيز النمو الاقتصادى للكتلة.
وقال توماس جينولي، وهو محاضر فى جامعة «بو» لصحيفة فاينانشيال تايمز، إن «ماكرون» هو آخر رصاصة فى سلاح السوق الحرة بعد الحرب على الوحدة الأوروبية، والأمل فى التوافق المؤيد للاتحاد الأوروبى، مضيفاً أنه إذا نجح فسوف تتضرر الأطراف المتطرفة، وإذا فشل فسيمكنها تفجير النظام بالكامل، لكن الميزة له الآن هو أنه يدير المشهد كرئيس.
وتعهد «ماكرون»، يوم الأحد الماضى، الرئيس المنتخب بمكافحة الأكاذيب والشلل وعدم الكفاءة وحدد أولوياته فى السعى إلى الوحدة حول تشريع توافقى يشدد القواعد الأخلاقية للأعضاء فى البرلمان، ثم إصلاح سوق العمل عن طريق القرارات الرئاسية، قبل السعى إلى إصلاح أوروبا، وقال لأنصاره: «أوروبا تنظر إلينا، والعالم ينتظرنا».
ومن الناحية العملية، فإن «ماكرون» يعلم أن أهم العقبات الهائلة فى طريقه هى الناخبون المنقسمون على أنفسهم والأحزاب الراسخة المستقرة الكثيرة التى باتت فى جهة المعارضة بعد خسارة سباق الانتخابات.
ومن بين الناخبين البالغ عددهم 20 مليوناً الذين اختاروا «ماكرون» فى جولة الإعادة، قال 43% إنهم فعلوا ذلك لمنع مناقسته مارين لوبن من السلطة، وفقاً لمسح مؤسسة إيبسوس. وكشف أن 16% فقط من ناخبى «ماكرون» يؤيدون برنامجه.
وبالإضافة إلى المزاج المتحدى، بلغ الامتناع عن التصويت 25%، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1969، وبلغ عدد الأصوات البيضاء رقماً قياسياً 12% ويؤدى هذا إلى حقيقة أن 47% من الفرنسيين لا يحبون الرئيس المنتخب.
يعتمد الكثير على نجاح الرئيس الوسطى فى جذب الأعضاء المعتدلين من الأحزاب السائدة الراسخة لتجميع أغلبية صلبة خلف حزبه «إلى الأمام» فى انتخابات الجمعية الوطنية (البرلمان) فى يونيو المقبل.
فى حين أن استراتيجية توحيد اليمين الوسطى الإصلاحى ووسط اليسار، وقدوته فى هذا الطموح هو الزعيم التاريخى شارل ديجول الذى شكل الوحدة الوطنية عندما تولى السلطة فى عام 1958، وسط الاضطرابات الناجمة عن الحرب الجزائرية، ويمكن للرئيس «ماكرون» أن يمثل عودة الرجل العظيم الذى يبهر العالم، ويسعى إلى أن ينتهى بالجمهورية الخامسة دون سياسة الائتلاف المتقلبة وعدم الاستقرار الحكومى.
ويقول «جينولي»: يحاول إيمانويل ماكرون إضافة أرضية إلى منزل متعدد الطوابق؛ لأنه قد يواجه برلماناً معوقاً للعمل.
وبخلاف النتيجة الواضحة بفوز المرشح الوسطى، فإن بيانات التصويت تكشف عن وجود أربع قوى سياسية ذات وزن متساوٍ تقريباً برزت من الانتخابات الفرنسية: ناشط، جبهة وطنية معادية للرأسمالية، الجمهوريون فى السوق الحرة، الذين انتقلوا إلى الحق فى الهجرة والمسائل الاجتماعية، اليسار المتطرف تحت العلامة التجارية جان لوك ميلينشون، والسيد ماكرون ليبرالية حركة «إن مارش».
وتخطط الأحزاب الثلاثة المهزومة للانتقام فى الانتخابات البرلمانية على أمل أن تصبح قوة المعارضة الرئيسية للرئيس الجديد.
وقد تكون الانتخابات التشريعية فى يونيو أكثر صعوبةً من التنبؤ بالانتخابات الرئاسية، حيث يصل عدد الدوائر الانتخابية إلى 577، يترشح فى كل دائرة منها ثلاثة أو أربعة مرشحين فى الجولة الثانية من التصويت فى 18 يونيو بعد الجولة الأولى التى تستلزم حصول أى مرشح على 12.5% من الأصوات على الأقل ليمر إلى الجولة الثانية.
فى الوقت نفسه، قد تحاول النقابات، التى تعارض خطط «ماكرون» لإدخال إصلاحات سوق العمل اختبار سلطة الرئيس الجديد، وعدم خبرته فى إثارة الاحتجاجات فى الشوارع.
وقال «ماكرون»، فى مارس الماضى، إنه لا يريد أن يكون رئيساً للجمهورية الرابعة فى إشارة إلى الفترة غير المستقرة سياسياً التى سبقت عودة ديجول إلى السلطة فى عام 1958.