مستثمرون يطالبون الحكومة بطرح أراضٍ بأسعار مخفضة فى المدن الجديدة لتشجيع التوسعات
الكيانات الكبرى تتجه لتأسيس شركات إدارة مستشفيات.. ولاعبون جدد يظهرون فى 2018
مخاوف من تطبيق تسعيرة جبرية على مستشفيات وعيادات القطاع الخاص
«سمير»: الاستحواذات تراجعت بسبب المغالاة فى الأسعار وزيادة المعروض للبيع
«الأسمر»: السوق بحاجة لاستثمارات كبرى بقطاع المراكز الطبية المتخصصة
«الجنزورى»: «تعويم الجنيه» هبط بأسعار المستشفيات.. ومستثمرون أجانب يدخلون السوق
«عبدالمعطى»: تأخر التشريعات وتذبذب العملة ورفع «الفائدة» حجمت توسعات القطاع
رغم كون القطاع الصحى أحد أكثر القطاعات جاذبية للاستثمار فى السوق المصري، إلا إن تلك الجاذبية لم تنجح فى استقطاب رؤوس أموال جديدة للسوق، ولم تشجع أغلب المستثمرين العاملين فيه على تنفيذ توسعات لمشروعاتهم، حسب مستثمرين بالقطاع.
واتفق عدد من المستثمرين على أن الاستحواذات والاندماجات والتوسعات فى القطاع تراجعت بشكل ملحوظ خلال الشهور الـ8 الماضية متأثرة بارتفاع أسعار الكيانات الراغبة فى التخارج، وندرة المستشفيات العامة الجاذبة للشراء وزيادة تكاليف الإنشاءات الجديدة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأراضى وتذبذب سعر العملة الأجنبية.
وقال خالد سمير، عضو مجلس إدارة غرفة الرعاية الصحية باتحاد الصناعات، والعضو المنتدب لمستشفيات ومراكز دار العيون، إن الاستحواذات فى قطاع الصحة تراجعت بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، نتيجة ندرة الكيانات المؤهلة للاستحواذات والاندماجات.
وأوضح «سمير» أن العامين الماضيين شهدا إبرام العديد من صفقات الاستحواذ على المستشفيات الكبرى المؤهلة والجاذبة للاستثمار، لكن «حالياً أصبحت الكيانات الجاهزة تعد على أصابع الأيدى».
وشهدت السنوات الماضية استحواذات كبرى فى القطاع الطبى، إذ استحوذت شركة مستشفيات كليوباترا التابعة لمجموعة أبراج كابيتال الإمارتية، على مستشفيات القاهرة التخصصى والنيل بدراوى والشروق وكليوباترا، وكذا استحوذت مجموعة أندلسية على مستشفيين بالقاهرة والإسكندرية، إضافة إلى شراء شركة استثمارات السعودية الحصة الأكبر فى مستشفى ابن سينا.
وأضاف سمير: «القطاع الصحى منقسم إلى 3 شرائح، مستشفيات كبيرة (تزيد سعتها على 100 سرير) ومستشفيات متوسطة (أقل من 50 سريراً)، ومراكز طبية صغيرة (15 سريراً).. وأغلب الاستحواذات السابقة تمت على الكيانات الكبيرة التى تقدم خدمات عامة».
وعدّد «سمير» أسباباً لتراجع الاستحواذات فى القطاع الصحى، أبرزها مغالاة المستشفيات الراغبة فى البيع فى تقييم سعرها، وزيادة عدد المستشفيات الراغبة فى البيع أمام المستثمرين، إضافة إلى اتجاه المستشفيات الكبرى لتأسيس شركات لإدارة المستشفيات بدلاً من شرائها.
وقال إن الفترة الماضية شهدت ظهور أنظمة جديد للاستثمار فى المستشفيات منها الإدارة، والتمويل والإدارة (أى تشارك شركة الإدارة فى رأسمال الكيان التى تديره)، وأن تلك الأنظمة ستقلل من الأستحواذات على المستشفيات التى تقدم خدمات عامة.
ورجح «سمير» أن يتجه المستثمرين الفترة المقبلة لشراء المستشفيات التخصصية خاصة (العيون والمسالك البولية والحقن المجهرى والتوليد)، وأن تتراجع الاندماجات التى لم تنجح خلال السنوات الخمس الماضية.
وطالب الحكومة بضرورة توفير أراضٍ بأسعار مخفضة لمستثمرى القطاع الخاص، لتنفيذ مشروعات فى المدن الجديدة، مقابل أن توفر تلك المستشفيات 10% من خدماتها بالمجان، وقال إن تشجيع المستثمر المحلى على التوسع بالخدمات الطبية يحمى السوق من سيطرة الشركات الأجنبية.
واقترح أن تطرح الحكومة مشروعات لإقامة مدن صحية على غرار المدن الصناعية، وأن تستعين بشركات تطوير صحى كما هو الحال فى القطاعين العقارى والصناعى.
وقال إن تلك المدن قادرة على جذب استثمارات كبرى فى مجال الدواء والمستشفيات المتخصصة والعامة والمراكز الطبية، كما أنها ستسهم بشكل كبير فى تعظيم عوائد السياحة العلاجية التى تستهدفها الدولة.
وأبدى «سمير» نظرة متفائلة لعام 2018، الذى توقع أن يشهد ظهور لاعبين جدد من أوروبا فى السوق، وتنفيذ توسعات من المستثمرين المحليين.
وشهدت الأشهر الماضية إعلان عدد من المستثمرين الرئيسيين فى القطاع الصحى أبرزها (مجموعة مستشفيات كليوباترا، وأندلسية السعودية، والسعودى الألماني)، عن اعتزامها ضخ استثمارات جديدة فى السوق المصرى خلال الأشهر المقبلة لكنها لم تنفذ بعد.
وتخطط مجموعة مستشفيات السعودى الألمانى، لإنشاء 4 مستشفيات جديدة بمحافظات الجيزة والإسماعيلية وأسيوط ومدينة القاهرة الجديدة، فيما تجهز مجموعة مستشفيات أندلسية مصر إنشاء مستشفيين جديدين بمدينتى السادس من أكتوبر، والتجمع الخامس باستثمارات 750 مليون جنيه، وترصد مجموعة مستشفيات كليوباترا أكثر من مليار جنيه للاستحواذ على مستشفيين وإدارة ثالث وإنشاء عدد من العيادات المتخصصة.
ولم تمنع النظرة المتفائلة لـ«سمير» من إبداء مخاوفه من اتجاه وزارة الصحة لتسعير الخدمات الصحة المقدمة عبر القطاع الخاص جبرياً بداية من العام المقبل.
وقال «سمير»: «التسعير الجبرى مخالف لقواعد السوق الحر ولن تستطيع الحكومة دعوة أحد للاستثمار فى القطاع حال فرض أسعار للخدمات المقدمة».
وأضاف: «يوجد 4 مؤثرات أساسية تحدد ملامح تسعير الخدمة الصحية بمصر هى أسعار الأراضي، وسعر الدولار، فلسفة السوق الحرة نفسها، وتقادم الخدمة الصحية واحتياجها للتطوير المستمر».
واتفق معه مصطفى الأسمر، عضو غرفة الرعاية الصحية باتحاد الصناعات، وقال إن الغرفة لم تتلق أى مشروعات بخصوص التسعيرة الجبرية المزمع فرضها على المستشفيات والعيادات الخاصة من قبل وزارة الصحة.
وأضاف: «الأمر ليس بهذه السهولة، وعلى وزارة الصحة أن تطرحها للنقاش المجتمعى.. ونحن كغرفة رعاية صحية سنعقد اجتماعاً لبحث الموقف».
وتعتزم الإدارة المركزية للعلاج الحر التابعة لوزارة الصحة، تطبيق تسعيرة جبرية للخدمات المقدمة بالمستشفيات الخاصة والعيادات، بداية العام المقبل، حسبما قال على محروس رئيس الإدارة لـ«البورصة» فى وقت سابق.
ويضم السوق المصرى 2020 مستشفى خاص و380 ألف عيادة، و40 مركزاً لزراعة الأعضاء و582 للغسيل الكلوى، من المقرر أن تطبق عليها الحكومة الأسعار الجبرية.
وذكر الأسمر، أن القطاع الصحى لايزال محتفظاً بجاذبيته للاستثمار، فى ظل الزيادة السكانية، واحتياج السوق لخدمات طبية متميزة.
وأشار إلى احتياج القطاع الصحى لضخ استثمارات جديدة خاصة فى مجال المراكز الطبية المتخصصة، التى تلعب دوراً قوياً فى المنظومة الصحية.
وعزا «الأسمر» تراجع الاستحواذات خلال الأشهر الـ8 الماضية، إلى تأخر صدور اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الجديد، والتى توضح الحوافز والتسهيلات التى سيشهدها القطاع.
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة ضخ استثمارات عربية وأجنبية جديدة فى السوق المصري، وطالب بضرورة إلزام الحكومة للمستثمرين الجدد بتقديم خدمات تسهم فى تحسين الخدمات الطبية المقدمة وتحديث الأجهزة ورفع كفاءة المستشفيات.
وقالت غادة الجنزورى، ممثل غرفة الرعاية الصحية فى مجلس إدارة اتحاد الصناعات ومدير مستشفى الجنزورى التخصصى، إن قرار تعويم الجنيه الصادر نوفمبر الماضي، ساهم فى انخفاض قيمة المستشفيات المصرية عند تسعيرها بالدولار، ما يجعلها أكثر جذباً للمستثمرين الأجانب الفترة الحالية.
وأضافت الجنزورى لـ«البورصة»: «يوجد إقبال شديد من قبل المستثمرين الخليجيين للاستثمار فى القطاع الصحى فى مصر، خاصة أنه لايزال يحتفظ بصدارة القطاعات الأكثر جاذبية».
واتفق معها المحلل الاقتصادى شريف عبدالمعطى، وقال إن عام 2018 سيكون مغايراً تماماً للعام الجاري، من حيث التوسعات والاستحواذات الجديدة فى قطاع الصحة.
وأضاف «عبدالمعطي» أن قطاع الصحة تأثر مثل باقى القطاعات الأخرى بتأخر صدور بعض التشريعات المنظمة للاستثمار وفى مقدمتها قانون الاستثمار الجديد ولائحته التنفيذية، إضافة إلى حالة الارتباك التى أصابت سعر العملة الأجنبية بعد تعويم الجنيه.
وتابع: «الاستثمارات بشكل عام تراجعت خلال الأشهر الـ8 الماضية، والنسبة المنفذة منها تركزت فى القطاعات القادرة على تحقيق عوائد تصديرية كبيرة».
وذكر أن قرار البنك المركزى بزيادة سعر الفائدة 7% على 3 مرات خلال الفترة من نوفمبر الماضى وحتى سبتمبر الحالي، أثرت بشكل كبير على الاستثمار، «مين ضامن يحقق عائد أعلى من الفائدة على الإيداع التى بلغت 18.75%».
وأبدى عبدالمعطى تفاؤله باقتراب تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل المزمع عرضه على مجلس النواب الشهر المقبل، وقال «النظام سينعكس إيجابياً على القطاع، لكن تأثيره على القطاع الخاص مرهون بآليات التنفيذ على أرض الواقع ومحددات تسعير الخدمات».