يظهر استحواذ شركة «توتال» الفرنسية، على أصول الغاز الطبيعى المسال لشركة «إنجى سا» بقيمة مليار دولار، أهمية اقتصاديات الحجم فى هذا القطاع.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أنه بعد استحواذ شركة «رويال داتش شل» على مجموعة «بى جي» العام الماضى، أعلنت الشركة العالمية لاستشارات الطاقة «وود ماكنزي»، أن الصفقة تعد احدث دليل على أن شركات الطاقة ذات الكميات الكبيرة من الإمدادات المتنوعة، ستواصل الهيمنة، فى الوقت الذى ستتوسع فيه أيضا شركات تداول السلع مثل «جلينكور» و«ترافيجورا».
ومن المتوقع أن تتضاعف التجارة فى سوق الغاز المسال البالغ قيمته 90 مليار دولار بحلول عام 2040 مدعوما بالطلب المتزايد من باكستان إلى الصين لتوليد الطاقة بدلا من حرق الفحم.
وأوضحت الوكالة أن الميزة التنافسية التى تتفوق بها شركات الطاقة على شركات التداول، أنها تمتلك السلسلة المتكاملة بداية من حقول الغاز إلى محطات التبريد والسفن العملاقة التى تعبر المحيطات.
وقال فرانك هاريس، نائب رئيس استشارات الغاز الطبيعى المسال فى «وود ماكنزي» إن حجم ونطاق ومرونة هؤلاء اللاعبين يجعلهم الأفضل فى خدمة المشترين من الأسواق الناشئة ذوى الاحتياجات المعقدة.
ومنذ صفقة استحواذ شركة «شل» على مجموعة «بى جى» انخفضت أسعار الوقود فى اليابان أكبر مستهلك فى العالم إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2005. كما تراجعت معدلات الطلب بأكثر من النصف منذ ذروة عام 2012 وربما تستمر التخمة من المعروض على الأقل حتى وقت مبكر من العقد المقبل.
وأشارت الوكالة إلى أن شركة «أنجى» تخارجت من سوق الغاز الطبيعى لتقلل من تعرضها لتقلبات أسعار السلع والتركيز على عمليات المصب وخدمات كفاءة الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة.
وفى الوقت الذى ستظل فيه اليابان وكوريا الجنوبية والصين أكبر المشترين، فإن الموردين يستهدفون أسواقا جديدة فى آسيا والشرق الأوسط.
وكشفت بيانات وحدة «بلومبرج» لتمويل الطاقة المتجددة، أن معدل الطلب من الدول الناشئة سيرتفع إلى 61 مليون طن سنويا بحلول 2030 مقارنة بحوالى 3.2 مليون طن العام الماضى أو نحو 12% من السوق العالمية.
وقال جان كريستيان هاينتز، الذى كان يعمل فى قطاع تجارة الغاز الطبيعى المسال لمدة 9 سنوات قبل تأسيس شركة «وايدانغل» للغاز الطبيعى المسال، إن جميع الأنظار تتحول نحو اللاعبين الناشئين فى الوقت الحالي. وجميع التجار يبحثون عن أسواق جديدة يمكن فتحها.
وأوضح كلاوديو ستيوير، مدير شركة «سينرجى المحدودة» لاستشارات الطاقة فى إنجلترا، أن طبيعة الاستثمار فى الغاز الطبيعى المسال، كثيف الاستهلاك لرأس مال يعنى أن شركات البترول الدولية والوطنية ستهيمن على هذا السوق لأنه من المحتمل أن يكون تمويل المشاريع التى تبلغ قيمتها مليارات الدولارات أكثر صعوبة على شركات تجارة الغاز.
وقال فيليب سوكيه، رئيس شركة «توتال» فى مقابلة، إن الاستحواذ على شركة «أنجى»، والاستراتيجية الخاصة بالشركة سيضاعفان إنتاج الغاز الطبيعي، ويضاعفان أحجام التجارة أربعة مرات، وهو ما سيسمح لـ«توتال» بالسيطرة على 10% من قيمة السوق بحلول عام 2020، وسيعطى الشركة مصداقية أكبر.
وقالت المحللة فى شركة «بى إن إى إف»، ماغى كوانغ، إن شركة «توتال» سترث بعض إمدادات «أنجى» فى سوق الولايات المتحدة، ولكن مع وجود أكثر من 70% من الكميات غير متعاقد عليها فإن بيعها فى سوق مزدحم قد يشكل تحديا.
وأوضحت الوكالة أن عملية تداول الغاز الطبيعى المسال بدأت منذ أكثر من خمسة عقود عندما كانت شركة «أنجى» رائدة فى جلب صفقات الوقود عبر البحر الأبيض المتوسط من الجزائر. ومنذ ذلك الحين أصبح الأمر أكثر تعقيدا وأصبح التجار يتجهون باستمرار إلى إعادة توجيه وتبديل الشحنات من قارة إلى أخرى.
وهنا يأتى دور شركات تجارة الغاز، وتخطط العديد منها للتوسع، إذ أعلنت شركة «ترافيجورا» بناء محطة استيراد ثانية فى باكستان، فى حين كشفت «جلينكور» الشهر الماضى عن نيتها لتعزيز الاستثمارات بعد دخول السوق قبل أربع سنوات.
ويعنى الأسلوب الحديث فى تجارة الغاز الطبيعى المسال، أنه يمكن شراء الشحنات عدة مرات قبل أن تصل إلى العميل النهائى وهو ما يشبه كيفية عمل سوق البترول لعقود ولكن شركة «توتال» الفرنسية لا تخشى زيادة حدة المنافسة.