التقرير ينتقد نموذج النمو المتبع منذ حكومة نظيف ويقول إنه لم يخلق فرص عمل كافية
الصندوق: ضعف المنافسة والفساد وسوء الحصول على التمويل والأراضى عقبات رئيسية أمام تنمية الشركات
شدد صندوق النقد الدولى، فى تقريره الثانى عن برنامج اﻹصلاح الاقتصادى لمصر، على ضرورة إفساح المجال أمام القطاع الخاص وتعزيز المنافسة.
وقال فى التقرير، إن الدولة لا تزال تلعب دورًا بارزًا فى الاقتصاد المصري، مشيراً إلى أنه بالنظر إلى القطاع غير الرسمى الكبير، تظل الدولة صاحب العمل المفضل للكثير من المواطنين، حيث تقدم أجورًا وظروف عمل جذابة من ناحية المنافع والأمن الوظيفي، وتنافس القطاع الخاص الرسمي.
وقال رئيس بعثة الصندوق إلى مصر سوبير لال، إن دور الدولة يجب أن يتغير ويجب أن يسمح للقطاع الخاص أن يستثمر وأن يقرر أين يستثمر وماذا يستثمر وماذا يصدر.
وأضاف أن القطاع الخاص ليس قادرًا على المنافسة فى ظل الدور الحالى للدولة والذى يخلق مشاكل تؤدى إلى تغيير مشهد التنافسية.
وقال فى المؤتمر الصحفى الذى عقده عبر اﻹنترنت، إن الهدف الكلى للإصلاحات يجب أن يكون إتاحة الفرصة للقطاع الخاص للاستثمار وخلق فرص العمل، مضيفا أن يجب الاستفاده منه فى الوظائف وإيجاد طرق أخرى للإنتاج.
وطالب بخفض التعريفات غير الجمركية للسماح للقطاع بالمنافسة عالميا، مشيرا إلى أن تعزيز النمو يتطلب إتاحة التمويل وتسهيل الحصول على أراض.
وأضاف أن هناك حاجة لتعزيز الشفافية والحوكمة حتى يستطيع المستثمرون حساب التكاليف بشكل جيد.
وانتقد تقرير المراجعة الثانية الصادر عن الصندوق نموذج التنمية المتبع فى العقدين الماضيين خاصة التوجه الذى تبنته الدولة فى النصف الثانى من العقد الماضى، وهى الفترة التى شهدت تسجيل أعلى معدل نمو معروف لمصر عند 7%، وقال إنه لم يساهم فى زيادة اﻹنتاجية.
وذكر أن السياسات الداخلية، وضعف المنافسة، وحقوق الملكية السيئة أدت إلى عدم تحفيز نمو الإنتاجية، وضعف القدرة التنافسية وديناميكية القطاع الخارجى للقطاع الخاص؛ الأمر الذى حال دون تحقيق الاستفادة الكاملة من الفرص التى تتيحها العولمة والتى ساعدت على رفع مستويات المعيشة بين العديد من البلدان المماثلة.
وقال الصندوق، إن هناك حاجة إلى نموذج نمو جديد لرفع معدل النمو المحتمل فى مصر وتلبية احتياجات السكان المتزايد، مشيراً إلى أنه يمكن تحقيق نحو 700 ألف فرصة عمل سنويا ورفع مستويات المعيشة بصورة مستدامة إذا ما أخذ القطاع الخاص زمام المبادرة فى الاستثمار وفرص العمل.
وأضاف أن حصة القطاع العام من إجمالى العمالة تقدر بنحو 30% أى ما يعادل ضعف معدل التوظيف الرسمى فى القطاع الخاص وفقاً لتقرير مسح سوق العمل 2012.
وذكر أن الدولة تقدم دعمًا واسعًا وتمتلك عددًا كبيرًا من المؤسسات العامة بما فى ذلك القطاعات التى تتنافس مباشرة مع القطاع الخاص فى مجالات مثل القطاع المصرفى وقطاع الطاقة والتصنيع والزراعة والنقل والسياحة والخدمات.
وأضاف: «لا تخضع المؤسسات المملوكة للدولة لنفس معايير الشفافية والمساءلة للمساهمين ككيانات خاصة، وتمتلك الدولة أيضا معظم الأراضى لأغراض استثمارية لا يمكن للقطاع الخاص الوصول إليها بسهولة من خلال عملية تخصيص شفافة وموجهة نحو السوق، وأن هذا الدور الكبير للدولة يفرض نفقات عامة كبيرة، ويحد من الحيز المالى للاستثمارات الإنتاجية فى البنية التحتية ورأس المال البشري، ويهمش القطاع الخاص، والنتيجة هى مجال محدود لزيادة النمو وخلق فرص العمل، ولا سيما للشباب والنساء».
وبحسب مؤشرات الفساد العالمية لعام 2016، قال صندوق النقد الدولي، إنها تظهر مستويات عالية من الفساد فى مصر مقارنة مع معظم أقرانها الإقليميين واقتصادات الأسواق الناشئة الأخرى، مشيراً إلى أن الحد من الفساد يمكن أن يكون له آثار اقتصادية قوية جدا.
وأضاف أنه وفقاً لـ«أوجور أند داسجوبتا» 2011، فإن تحسن وحدة واحدة فى الفساد يرتبط بزيادة قدرها 0.59-0.86 نقطة مئوية فى نمو نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي.
وتابع: «وفى هذا السياق، ربما كان الفساد قد خفف إلى حد ما أثر الإصلاحات السابقة على النمو، على الرغم من أنه سيكون من الصعب تقدير الأثر الدقيق».
وقال الصندوق، إن القطاع الخاص المتسم بالديناميكية وتخصيص الموارد الذى يحرك السوق شرط أساسى لتحولات النمو التى تتمتع بها الاقتصادات الناشئة على مدى العقود الخمسة الماضية، يتطلب ذلك إعادة توجيه الدولة للتركيز على توفير بيئة مستقرة للاقتصاد الكلى وإيصال السلع التموينية العامة بكفاءة، كما يتعين استكمال ذلك بإصلاحات تحسن بيئة الأعمال التجارية وتعزز تنمية القطاع الخاص.
وأضاف أن هناك مجموعة محدودة من الإصلاحات التى تمثل إمكانات كبيرة لتخفيف الاختناقات الرئيسية التى تعترض النمو فى وقت قصير نسبيا، وتشمل إطاراً تنظيمياً حديثاً لخلق مجال متكافئ للجميع؛ وتعزيز المنافسة فى أسواق المدخلات والمنتجات؛ وزيادة التكامل التجارى وإزالة الحواجز غير الجمركية؛ وتحسين فرص الحصول على التمويل والأراضي؛ وتعزيز الإدارة، والشفافية، ومساءلة الشركات المملوكة للدولة؛ وإصلاحات سوق العمل.
وقالت الوثائق، إن نمو الاقتصاد المصرى فى العقدين الماضيين لم يكن كافياً لتحسين مستويات المعيشة، وأن متوسط نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بلغ 4.2% سنويًا خلال الفترة 1990-2017، إلا أن نمو نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى كان أكثر تواضعًا بنسبة 2% سنويًا على خلفية النمو السكانى القوي، فضلاً عن معدل الفقر سجل 27.8% فى الفترة 2015-2016.
وأضافت أن نموذج النمو منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادى والعشرين كان غير فعال، وأنه كان هناك تعميق لرأس المال المحرك الرئيسى للنمو، فى حين كانت مساهمات الإنتاجية الكلية للعاملين واستخدام العمالة صغيرة أو سلبية، ما أدى إلى عدم تمكن مصر من خلق فرص عمل كافية لسكانها المتناميين.
وتابع صندوق النقد الدولى: «يشكل الافتقار إلى المنافسة والفساد وسوء الحصول على التمويل والأراضى وعدم كفاية الهياكل الأساسية، عقبات رئيسية أمام تنمية الشركات وتحسين الإنتاجية، ويشير المستثمرون إلى أن عدم تكافؤ الفرص، فضلا عن وقت وتكلفة بدء الأعمال وتشغيلها، هما من القيود الرئيسية».
وذكر أن دعم الطاقة تستفيد منه الشركات ذات العلاقات الأفضل مع الحكومة ويفضل الصناعات كثيفة رأس المال، مشيراً إلى أن نحو 12% فقط من الشركات المصرية لديها قرض مصرفى أو خط ائتمان.
وأوضح أن تخصيص الأراضى للقطاع الخاص محدود وغير فعال، وأن الافتقار إلى اللوجيستيات المتكاملة المتعددة الوسائط يقيد الاستثمار والتجارة، بجانب أن الاختناقات التنظيمية والعوائق غير التجارية السائدة، بما فى ذلك الإجراءات الجمركية المرهقة، والتى تزيد من وقت وتكلفة التجارة عبر الحدود.