الاقتصاد يحتاج اتفاقاً يتضمن مرحلة انتقالية تدفع الاستثمار والإنفاق
%3 نسبة التضخم جراء تراجع سعر صرف الاسترلينى
جرى التصويت فى المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبى فى يونيو 2016 وهى تجربة فريدة لما يحدث لاقتصاد عندما يصبح أقل عولمة ويتخلى عن التكامل الوثيق مع أقرب جيرانه.
حتى الآن كان هناك اثنين من الآثار الكبيرة وهما الانخفاض الكبير فى قيمة الجنيه الاسترلينى مقابل الدولار واليورو، وعدم اليقين بشأن الترتيبات التجارية فى المستقبل.
ونقلت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية عن جون وريث، رئيس وحدة استراتيجية أسعار الفائدة فى المملكة المتحدة بمؤسسة أوبس قوله، إن تداعيات الاستفتاء كانت معروفة مقدما ولن تزيد على الانخفاض الكبير فى قيمة الجنيه الاسترلينى”.
وكان الأداء الأولى للاقتصاد أفضل بكثير من أن يخشى عليه عموماً بسبب الاستهلاك القوى، وأدى الانخفاض فى الجنيه الإسترلينى إلى تعزيز أرباح السياحة والمصدرين، ولكن مع بداية عام 2017 أدى انخفاض العملة إلى ارتفاع الأسعار فى المحلات التجارية.
وفى حين ساعدت التحركات فى أسواق السلع العالمية على رفع معدلات التضخم، فإن ارتفاعات الأسعار فى المملكة المتحدة تجاوزت تلك الموجودة فى الاقتصادات الكبيرة الأخرى.
وبحلول سبتمبر 2017، ارتفعت الأسعار بنسبة 3% خلال العام الماضى، مقارنة بنسبة 1.5% فى منطقة اليورو، و2.2% فى الولايات المتحدة، و0.7% فى اليابان.
وكان من الصعب قياس تأثير عدم اليقين الواسع، لكن هناك الكثير من الترابط بينه وبين أرقام الاستثمار الأجنبى. والحقيقة أن الإنفاق الاستثمارى العام لم ينخفض كما توقع البعض، وكان إجمالى الإنفاق الرأسمالى أعلى بنسبة 2.4% على أساس سنوى فى الربع الثانى من عام 2017 على سبيل المثال.
ويقول كالوم بيكرينج، الخبير الاقتصادى فى بنك الاستثمار بيرنبرج، إن التوظيف والاستثمار كانا على ما يرام، حيث أن الاقتصاد المحلى ما زال يتسع فالشركات التى تفشل فى الاستثمار أو توظيف العمال تخاطر بفقدان حصتها فى السوق. ولكن فى حين استمر معدل البطالة فى المملكة المتحدة فى الانخفاض، ظل نمو الأجور راكداً بنحو 2% سنوياً.
وانخفض دخل الأسر المعيشية بالقيمة الحقيقية منذ يونيو 2016، وبحلول الربع الثانى من عام 2017، كان الدخل الحقيقى بعد خصم الضرائب أقل بنسبة 0.4% مما كان عليه فى الأشهر الثلاثة التى سبقت التصويت، ومع ذلك، ارتفع استهلاك الأسر المعيشية بنسبة 1.6%، وقد تمكن المستهلكون من تخفيف أثر انخفاض سعر الصرف على مستويات معيشتهم.
ويعتمد مستقبل النمو الاقتصادى فى المملكة المتحدة أكثر وبشكل كبير على كيفية سير محادثات الخروج مع الاتحاد الأوروبى، لكن المهم بحسب راى تيج باريخ، كبير الاقتصاديين فى معهد المديرين البريطانيين هو العمل على تأمين ترتيب انتقالى لأى علاقة جديدة مع الاتحاد الأوروبى لاعطاء فرصة للاطراف المعنية لترتيب أوضاعها.
ويعتقد بنك انجلترا، أن التضخم قد بلغ ذروته فى 2017، مما يشير إلى نهاية تأثير انخفاض الجنيه الاسترلينى على أسعار المستهلك.
لكن عدم اليقين بشأن اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى قد يبطئ الاقتصاد البريطانى لكنه سيتحسن بمجرد التوصل لاتفاق فترتفع الاستثمارات والأجور والإنفاق بشكل أسرع، فى حين أن الاتفاق السيئ أو عدم وجود اتفاق سيؤدى إلى تباطؤ فى أحسن الأحوال.