وافق مجلس النواب على قانون رقم 20 لعام 2018، الذى عدل بعض مواد القانون رقم 152 لعام 1980 بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر. وتهدف هذه التعديلات الى تمكين القطاع الخاص من المشاركة فى مشاريع سكك حديد مصر. وتأتى هذه الخطوة فى ظل توجه الدولة نحو فتح العديد من القطاعات الهامة للاستثمار الخاص، على غرار ما يتم فى قطاعى الكهرباء وأنشطة الغاز مؤخرا.
وكان المجلس قد أقر تعديلات مشابهة لقانون رقم 113 لسنة 1983 الخاص بإنشاء الهيئة القومية للأنفاق، تسمح بمشاركة للقطاع الخاص بالمشاركة فى انشاء وإدارة وتشغيل وصيانة مشروعات خطوط المترو ومنح التزامات المرافق العامة للمستثمرين.
يُعد نظام السكك الحديدية فى مصر ثانى أقدم خط سكة حديد بعد إنجلترا. وأصبح النظام الذى تم تصميمه لنقل ما بين 10 إلى 12 مليون مسافر سنويًا، يُستخدم لخدمة ما يقرب من 500 مليون مسافر سنويًا حاليا، ولكن بدون تطويره وصيانته بالشكل المطلوب.
وبحسب البيانات الصحفية لوزير النقل فى مارس الماضي، قررت الحكومة تنفيذ خطة شاملة لتجديد نظام السكك الحديدية. كما تبحث الوزارة انشاء خط جديد عالى السرعة يربط ميناء العين السخنة على البحر الأحمر بميناء الإسكندرية على البحر المتوسط.
وفى إشارة إلى وجود الإرادة السياسية لمعالجة مشكلة القطاع، ذكر الرئيس السيسى أن إصلاح نظام السكك الحديدية يتطلب استثمارات كبيرة تتراوح بين 200 إلى 250 مليار جنيه مصري. ومن هنا أطلت من جديد فكرة السماح للقطاع الخاص بالمشاركة فى مشاريع القطاع، والحاجة إلى تعديل تشريعى للسماح بذلك.
ولكن ما التعديلات التى أدخلها القانون رقم 20 لعام 2018؟
عهد القانون رقم 152 لعام 1980، الى الهيئة –وهى هيئة عامة- بكل ما يخص نظام سكك حديد مصر، والتى تمثل منفعة عامة، فى نظر القانون الإدارى المصري. وهذا يعنى أن الهيئة تتمتع بالاحتكار القانونى لإنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة السكك الحديدية.
بالنظر للتعديلات الأخيرة، لا تزال الهيئة مسؤولة عن إنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة وتطوير هذا القطاع. لكن لم تعد هذه المهمة حصرية للهيئة. فقد أصبح للهيئة بموجب هذه التعديلات، وفقا لتقديرها ورهناً بموافقة وزير النقل، أن تؤسس شركات مساهمة بمفردها أو مع الآخرين لتحقيق أغراضها. ويمكن تداول أسهم هذه الشركات فى البورصة. وهو ما يعنى أمكانية قيام شراكة مع القطاع الخاص للمساهمة فى شركات مثل صيانة القطارات أو تصنيع عرباتها مثلا.
ويمكن اجمال أهم ما ورد بموجب التعديلات الأخيرة فى النقاط التالية:
• يمكن للقطاع الخاص للمرة الأولى الحصول على التزام لبناء أو إدارة أو تشغيل أو صيانة «مرافق السكك الحديدية». لذا، لم تعد مشاركة القطاع الخاص تقتصر على المشاركة فى المشاريع الجديدة فقط، كما كان الحال مع التعديل الذى سبق صدوره بموجب القانون رقم 149 لعام 2006.
• يمنح التعديل درجة كبيرة من الحرية عند التفاوض واختيار صاحب الالتزام، وذلك لتشجيع المستثمرين. فى هذا السياق، لن يخضع منح الالتزام لقانون التزامات المرافق العامة رقم 129 لعام 1947، والقانون رقم 61 لعام 1985 بمنح الامتيازات المتعلقة باستثمار موارد الطبيعة والمرافق العامة (وهى القوانين التى تحكم عادة منح الامتيازات للمرافق العامة). كما يستثنى منح الامتياز من نطاق تطبيق قانون المناقصات رقم 89 لعام 1998، على الرغم من كونه القانون الأساسى الذى يحكم المناقصات العامة.
• يصدر رئيس الوزراء قرارا بمنح الالتزام بعد موافقة مجلس الوزراء وبناءً على اقتراح وزير النقل.
• الحد الأقصى لمدة الالتزام هو 15 سنة فقط.
• سيحدد الالتزام آلية الإشراف التقنى والمالى المناسبة وأساس رسوم الخدمة.
ويمثل فتح هذا القطاع للمشاركة المباشرة من القطاع الخاص فرصاً استثمارية جاذبة للمستثمرين من القطاع الخاص، خاصة بالنظر لعدد مستخدمى الخدمة الحاليين ومعدل الزيادة السكانية المرتفعة. لكن يظل النجاح رهنا بإمكانية التوصل لتوافق بين الحكومة ومستثمرى القطاع الخاص على صيغة من شأنها أن تجعل الفرص الاستثمارية فى هذا القطاع مربحة للمستثمرين، مع الحفاظ على اعتبارات المصلحة العامة. ويعد تحقيق التوازن بين أسعار الخدمات التى سيقدمها المستثمر فى هذا القطاع لجعلها فى متناول المواطنين مع القدرة على تحقيق الربح للمستثمرين، أبرز صور هذا التحدي.
د. هبة الله أنور أحمد رسلان
مدرس بقسم القانون المدنى – كلية الحقوق جامعة القاهرة
محامية بمكتب الشرقاوى وسرحان للمحاماة والاستشارات القانونية
[email protected]