الأسبوع الماضى، أدهشنى حادث مأساوى غريب لم أسمع عنه فى حياتى المهنية.
تفاصيل الحادث مذهلة، ودفعتنى لعدم تصديقها. قصة بتفاصيلها، من المفترض ألا تحدث فى أى مكان.. لكن أثناء تدقيقى وبحثى وراء المأساة، أدهشتنى تفاصيل أغرب.
الواقعة، رغم أنها الأولى لهذه الشركة، فإنها ليست جديدة على القطاع، إذ سبق أن تكررت كثيراً فى عدة شركات عريقة وكبرى للسيارات عاملة فى السوق المحلى.
القصة بدأت باستقبالى مكالمة تليفونية من أحد الأصدقاء يطلب منى الوقوف بجانبه ضد إحدى أكبر الشركات العاملة فى السوق المصرى، والتى يتجاوز سعر سيارة واحدة من العلامات التى فى حوزتها، رقماً يتجاوز ملايين الجنيهات.
المتحدث معى، أخبرنى أن الشركة باعت سيارته، دون علمه، لعميل آخر أثناء تواجدها فى مركز الصيانة.
فى البداية كان الموضوع بالنسبة لى هزلياً.. كيف تبيع شركة سيارة فى فترة الصيانة، دون علم صاحبها؟ لم أصدقه.. وجادلته.. فقال بحزن شديد، وبعد نقاش مطول، إنه قام بحجز موعد لصيانة سيارته (الصيانة الدورية)، وأرسلها بالفعل إلى مركز الخدمة، ودفع عربوناً تجاوز الـ70 ألف جنيه لبدء عملية الصيانة الدورية، مع إجراء صيانة لبعض الأجزاء التالفة فى هيكل السيارة، على أن يتم سداد باقى المبلغ عند الاستلام.
وبعد أيام، اتصل صديقى بمركز الصيانة، وفقاً للموعد المحدد لاستلام السيارة.. وكانت المفاجأة. العميل: مساء الخير عايز عربيتى..
المهندس: عربية إيه يا أفندم؟ العميل: عربيتى جاتلكم هنا من أسبوع.. المهندس: حضرتك إحنا سلمنا العربية للعميل بالفعل، ودفع باقى المبلغ المستحق على العربية ومشى! صمت رهيب.. صدمة.. ثم أعقبها مجموعة من الشتائم وفى النهاية.. لا شىء. هنا جاء دورى، إذ بادرت بالتحقق من الاستغاثة.. وذهلت عندما تبين لى أن الواقعة حقيقية، وأن هناك شخصاً آخر دفع المستحقات المتبقية على السيارة، وتسلمها بالفعل. وتبين لى أيضاً، أنَّ هذا النصاب، باع السيارة المليونية لشخص آخر، ووقع عقداً مزوراً.. وبالتأكيد استطاع خداع المشترى، خصوصاً أنه يحمل الرخصة والمفتاح.. وهكذا أصبح مالك السيارة لا يملك حيلة سوى البحث مع الشرطة، ويدعو الله أن تعود سيارته الفارهة.. الأغرب أننى عندما بدأت البحث فى تفاصل وملابسات الحادث، اكتشفت أن هذه الحالة ليست جديدة على مراكز الخدمة فى مصر. فقد حدثت بالفعل أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، ومع شركات عملاقة.
والمشكلة أن الشركات تعتمد على مبدأ «ادفع وامشى»، دون البحث التفصيلى عن صحة وصفة مستلم السيارة، وهل هو مالكها بالفعل أم أنه «نصاب جديد».
وهذا الأمر، يكثر فى الشركات صاحبة العلامات الفارهة. فغالباً من يسلم السيارة لمركز الصيانة أو يتسلمها، يكون السائق.. وهنا تكمن المشكلة.
وفى غالبية هذه الحالات، تقوم شركة التأمين بتعويض المتضررين.. ولللأسف لا تتحمل شركات السيارات المتسببة فى الجريمة أى تكاليف أو تعويضات.
ووفقاً للقواعد العالمية، من المفترض عند استلام سيارة من مركز الخدمة لا بد أن تسلم إما لصاحب السيارة بشخصه أو من ينوب عنه بتفويض رسمى.. هذا عالمياً.. أما فى مصر، فثمة مبدأ «ادفع.. تشيل» أو من خلال الاتصال الهاتفى بصاحب السيارة للتأكيد على أن من سيتسلم السيارة شخص موثوق فيه.. وبالطبع من الممكن خداع المهندس.. فالموضوع مجرد مكالمة تليفونية، ولهذا أطالب باتخاذ تدابير واضحة وصارمة، وتطبيقها على جميع مراكز الخدمة التابعة للشركات، وعدم الاستهتار بالأمر. فلدينا هنا كارثة حقيقية قد تنفجر فى أى وقت.. والسرقات تعددت وأشكالها تغيرت.. ولهذا يجب أن نحفظ حق العميل ونترك التأمين فى حاله.