من فترة لأخرى، يظهر أسبوع واحد بشكل واضح، القوى الرئيسية في الأسواق.
وكان الأسبوع الماضي أحدهم بالنسبة للأسهم، إذ سلط الضوء على مجموعتين متنافستين من التأثيرات والتي لن تهدأ على الأرجح في وقت قريب ولديها تداعيات استثمارية مهمة.
وكان اليوم التالي للانتخابات النصفية الأمريكية، 7 نوفمبر، الأكثر إثارة للملاحظة في تقلبات الأسبوع الماضي، وارتفع فيه مؤشر “داو جونز الصناعي” بأكثر من 500 نقطة، أو 2.1%، وصعد “ناسداك” بنسبة 2.6%، واكتسب “ستاندرد آند بورز” 2.2%.
وكان السبب الفوري للارتفاع هو انقسام الكونجرس، بعد أن كسب الديمقراطيون الأغلبية في مجلس النواب وحظى الجمهوريون بأغلبية مجلس الشيوخ، ومن المعروف ان هذه النتيجة الانقسامية تكون مفيدة للأسواق لأن الجمود السياسي يبقى الحكومة على الهامش، ويسمح للشركات بالقيام بما تبرع فيه، وهو السعي وراء الفرص المربحة دون تدخل غير ضروري من خلال التشريعات والتنظيمات الجديدة.
وكانت هناك قوى اقتصادية قوية تلعب في الأسواق، وواصل الاقتصاد الأمريكي التقدم للأمام مدفوع بثلاثة محركات متزامنة وذاتية التجدد وهما تعزز الاستهلاك نتيجة أسواق العمل القوية، وازدياد الاستثمار التجاري وهو ما يعكس تحسن معنويات الشركات، وأخيرا المحفزات المالية خاصة مع ازدياد الاتفاق الحكومي، كما أن الكونجرس المنقسم يعني أنه لن يتم إلغاء أو تخفيف الخفض الضريبي.
ولكن هذه الآفاق الاقتصادية المحببة للولايات المتحدة غلبها عاملان تسببا في انخفاض “داو” بنسبة 0.8% في 9 نوفمبر، و”ستاندرد أند بورز” بنسبة 0.9%، وخسران “ناسداك” 1.7%.
والعامل الهبوطي الأول هو أن النشاط الاقتصادي خارج الولايات المتحدة يواصل التباطؤ، مما يجعل بعض الديون الكبيرة أكثر عبئا، وهذا ظهر في البيانات الاقتصادية الأوروبية الأسبوع الماضي، وفي التحذير الصارخ من البنك المركزي الصيني بشأن “التغيرات العميقة” التي تواجه اقتصاد بكين.
والثاني أن الأسواق و”الاحتياطي الفيدرالي” لم يسويا اختلافاتهما في وجهات النظر بشأن مستقبل وتيرة رفع أسعار الفائدة، وأكد “الفيدرالي” في 8 نوفمبر، نواياه الأكثر تشددا المدعومة من بيانات مؤشر أسعار المنتجين القوية في 9 نوفمبر، بجانب قرار البنك المركزي الأوروبي لإنهاء برنامج التيسير الكمي رغم المخاطر المالية والاقتصادية لمنطقة اليورو.
وسيستمر هذا الشد والجذب، على الأرجح في الأشهر المقبلة، مما سيقود إلى مزيد من التقلبات السوقية التي لن تختبر فقط صبر وعزيمة المستثمرين وإنما بعض المجالات الاستثمارية التي لم تتأثر بالتراجع المفاجئ في أكتوبر.
ويجب أن يخدم الأسبوع الماضي كتذكير للمستثمرين بأنه لا عودة سهلة أو لا عودة على الإطلاق للثلاثي الرائع المتزامن وهما ارتفاع أسعار الأسهم، وأسواق الأسهم المربحة.
وعدم وجود تقلبات يومية تقريبا، وبدلا من ذلك، تسلط حركات الصعود والهبوط الضوء مجددا أن الأسواق تمر بعملية تحول مهمة في مؤثرات حيوية مثل النمو والسيولة وتلك الفنية.
وبجانب السؤال طويل الأجل بشأن أي القوى المؤثرة المتنافسة ستسود في النهاية، يجب أن ينظر المستثمرون أيضا إلى التداعيات الفورية على استراتيجيات الاستثمار، ومع استعدادهم للوقائع التي أوضحتها تحركات السوق الأسبوع الماضي، ينبغي أن يرى المستثمرون الحاجة إلى:
أولا.. إعادة تقييم بعض النماذج التي تقوم على هجر أساليب الاستثمار النشطة لصالح الاستراتيجيات السلبية.
ثانيا.. تكملة الاستثمارات طويلة الأجل والاستراتيجية في المحافظ ببعض الأنظمة التكتيكية الحاسوبية التي تمنع المعاملات غير ذات الكفاءة من الحدوث.
ثالثا.. تقدير بقدر أكبر دور المخصصات النقدية في المحافظ باعتبارها وسيلة لتحسين الخيارات للاستجابة سريعا لفترات التقلبات الحادة في أسواق العملات.
رابعا.. الاستعداد جيدا لمخاطر السيولة.
وأخيراً.. لتخفيف المخاطر، دعم تنوع الأصول في المحفظة باستراتيجيات محددة لإدارة المخاطر الحادة النادرة.
محمد العريان المستشار الاقتصادي لمجموعة “أليانز”
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”