«بلومبرج»: قواعد الانبعاثات الجديدة تجبر الشركات على إعادة رسم خارطة الطريق
ترغب الصين، أكبر سوق للسيارات الكهربائية فى العالم، فى زيادة حجم هذا القطاع.. لذلك تقدم تسهيلات كبيرة لشركات تصنيع السيارات حول العالم تثير فى بعض الأحيان القلق بين مجتمع الأعمال العالمى. وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أنه بدءاً من يناير المقبل يتعين على جميع الشركات الكبرى العاملة فى الصين بداية من عمالقة الصناعة، ومنها «تويوتا موتورز» و«جنرال موتورز»، إلى الشركات المحلية، ومنها «بى واى دى» و«بايك موتور» الوفاء بالحد الأدنى من متطلبات الحكومة لإنتاج مركبات تعمل بالطاقة المتجددة.
وتتطلب المعادلة الحكومية المعقدة أن يكون جزء كبير من إنتاجها أو وارداتها من خلال الطاقة المتجددة بداية من العام المقبل، مع تحقيق أهداف متصاعدة بعد ذلك.
ولكن إذا لم يتمكنوا من شراء ما يكفى من الائتمانات، فإنهم يواجهون غرامات حكومية أو فى أسوأ الحالات إغلاق خطوط التجميع الخاصة بهم.
وقال يونشى وانج، مدير مركز الصين للطاقة والنقل فى جامعة «كاليفورنيا»، أن الضغط يتصاعد ويمكن أن يكون النموذج الصينى قدوة لبلدان أخرى بل يمكن أن يغير قواعد اللعبة حول العالم.
والرسالة القادمة من الصين أكبر باعث للغازات المسببة للاحتباس الحرارى فى العالم واضحة، إذ إنها جادة تماماً فى قيادة مستقبل السيارات الكهربائية رغم انسحاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، من دعمه للوقود البديل والبدء فى عملية الانسحاب من اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أن هذه التحركات من قبل الصين من شأنها أن تساعد على تقليل الاعتماد على البترول المستورد وتخفيف الضباب الدخانى الخانق لمدنها، كما أنها ستساعد شركات صناعة السيارات المحلية على اكتساب المزيد من الخبرة فى قطاع تصنيع السيارات الذى يزداد نمواً حول العالم.
ونظراً إلى حجم السوق الصينى الذى يعد الأكبر بالنسبة للسيارات عموماً وللمركبات الصغيرة على وجه الخصوص، فإنَّ شركات السيارات سوف تضطر إلى تسريع جهودها فى التنمية والتصنيع من أجل تحقيق الأهداف.
وأوضحت «بلومبرج» لتمويل الطاقة الجديدة، أنه بحلول عام 2025 يرغب قادة الصين فى تحويل 7 ملايين سيارة سنوياً أو نحو 20% من إجمالى الإنتاج لتصبح سيارات هجينة تعمل بالكهرباء أو البطاريات، وهو على الأرجح واحدة من أهم تشريعات السيارت الكهربائية فى العالم.
ومن المؤكد أن أكبر شركات لصناعة السيارات فى العالم سوف تنتبه لهذ التشريعات؛ حيث أعلنت شركة «فولكس فاجن» التى باعت حوالى 40% من سياراتها فى الصين، العام الماضى، أنها ستقدم نحو 40 طرازاً محلياً من محركات الطاقة المتجددة فى الصين خلال العقد المقبل.
وقالت الشركة، فى بيان، إنَّ مجموعة صناعة السيارات الألمانية سوف تفى بمتطلبات الحكومة الصينية.
ومن المقرر أن تقوم الحكومة الصينية بتطبيق القواعد الجديدة على جميع الشركات التى تقوم بتصنيع أو استيراد أكثر من 30 ألف سيارة سنوياً، وسوف يرتفع هذا الرقم بنسبة 12% فى عام 2020 ثم يستمر فى الزيادة بما يتماشى مع خطة الحكومة النهائية لإزالة المركبات التى تعمل بالوقود الأحفورى.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى شركة «بى إم دبليو» لصناعة السيارات التى تبيع المزيد من المركبات فى الصين أكثر من أى مكان آخر، وتسعى لتصنيع سيارتين هجينتين فى البلاد.
كما تخطط، أيضاً، لإنتاج سيارتين كهربائيتين بما فى ذلك سيارة الدفع الرباعى «آى إكس 3» بدءاً من عام 2020.
ومع ذلك فإنَّ بعض الشركات ستكافح للوصول إلى الأهداف.
ويقول صوفى شين، محلل صناعة السيارات فى شركة «برايس ووترهاوس» فى شنغهاى، إنَّ شركات صناعة السيارات على المستويين الفنى والتجارى غير مستعدة لتعزيز إنتاج السيارات بمستوى الحصص المطلوبة ولذلك تتحول إلى اكتشاف مجموعة واسعة من الحلول”.
وقال بيتر فليت، رئيس منطقة آسيا والمحيط الهادئ فى شركة «فورد» التى خسرت 378 مليون دولار فى الصين خلال الربع الثالث، إن شركته تتعاون مع شركة «زوتى أوتوموبيل»، وهى شركة محلية صغيرة لإنتاج سيارات مؤهلة للحصول على التسهيلات الصينية.
ومن المقرر أن تقوم «فورد» بتقديم ما لا يقل عن 15 سيارة هجينة فى الصين بحلول عام 2025.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تخطط فيه كل من «تويوتا» و«فيات كرايسلر» إلى جانب «هوندا» و«ميتسوبيشى» ببيع السيارات الكهربائية التى طورتها مجموعة «قوانغتشو» الصينية.
وذكرت «بلومبرج»، أنه بخلاف التسعير والمواصفات الخاصة بالعلامة التجارية ستكون النماذج الجديدة متطابقة إلى حد كبير مع الأهداف الصينية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى لا تزال السيارات الكهربائية أكثر تكلفة بكثير من نظيراتها التى تعمل بالبنزين فى كل مكان.
ولكن فى الوقت الحالى، تغطى الإعانات الحكومية للمركبات الجديدة معظم هذه الفجوة؛ حيث قد تصل قيمة الدعم إلى 7900 ألف دولار للسيارة الكهربائية الواحدة.
ومع ذلك تسعى الحكومة للتخلص من هذه الحوافز، وسوف تختفى تماماً فى عام 2021 وقد يعنى ذلك وجود مخاطر تستمر لعدة سنوات بالنسبة لصانعى السيارات؛ حيث إنه من غير المتوقع أن تكون تكاليف البطاريات تنافسية حتى عام 2024. ومع ذلك تمتلك الحكومة الصينية أدوات أخرى، إذ تحد العديد من أكبر المدن بما فى ذلك بكين، وشانغهاى، وشنتشن، عدد السيارات التى تعمل بالبنزين على طرقاتها من خلال تقييد إصدار لوحات ترخيص جديدة.
وتتوقع وحدة «بلومبرج» لتمويل الطاقة المتجددة، بيع 2.5 مليون سيارة كهربائية فى الصين فى عام 2022. وسيساعد الخبراء الاقتصاديين فى إنجاح جهود الصين فى نهاية المطاف من أجل تطوير الخبرة فى التصنيع والعلامات التجارية التى ستحتاجها لتصدير المزيد من السيارات إلى دول أخرى.
ولا شك أن الصين ستقوم بتعديل نظامها الائتمانى ودعمها فى إطار سعيها لتشجيع صناعة السيارات الكهربائية المحلية.