فى ظل ما يصفه المتعاملون فى القطاع العقارى بـ«الركود النسبى»، تبحث الحكومة والمطورون عن منفذ للتسويق الخارجى لمشروعات الإسكان الفاخر، معتمدة على عدد من الإجراءات؛ منها المشاركة فى المعارض الخارجية، ومنح الإقامة للأجانب مقابل شراء وحدات سكنية.
الإجراءات الحكومية تحظى بدعم من شركات الاستثمار العقارى الكبرى، وتتم بالتنسيق مع شعبة الاستثمار العقارى الممثلة للمطورين الذين اشتركوا مع وزارة الإسكان فى صياغة عدد من الإجراءات التى تهدف لدعم فكرة «تصدير العقار».
المبيعات الخارجية للعقارات المصرية تعتمد، أيضاً، على التسويق للمصريين العاملين فى الخارج، وهو ما بدأته وزارة الإسكان من خلال طرح وحدات ضمن حصتها العينية بمشروعى «مدينتى» و«الرحاب» للبيع خارج مصر بجانب أراضى «بيت الوطن»، ويتم تسعير تلك المنتجات بالدولار.
ومؤخراً وقعت وزارة الإسكان اتفاقية للمشاركة بمعرض «ميبيم – MIPIM» العقارى والذى سينعقد فى شهر مارس 2019 بمدينة كان الفرنسية.
وقال المهندس خالد عباس، نائب وزير الإسكان للمشروعات القومية، إن «ميبيم» هو أكبر معرض عقارى فى العالم، وتشارك فيه أكثر من 50 دولة، و5 آلاف مستثمر من مختلف دول العالم، ويضم أكثر من 1000 مشروع عقارى.
أضاف «المعرض لا يُعد فرصة لتسويق وتصدير العقار المصرى للخارج فحسب، بل فرصة كبيرة لتوقيع الاتفاقيات فى مجال الاستثمار العقارى؛ حيث يشارك بالمعرض أكثر من 1300 من صناع القرار بمختلف دول العالم».
وزارة الإسكان تعاونت مع المطورين لتحديد عدد من الإجراءات للتوسع فى تصدير العقار؛ منها إقامة معرض دائم للعقار المصرى فى معظم الدول العربية كمرحلة أولى تحت مظلة الدولة ممثلة فى مجلس الوزراء، ووزارة الإسكان مع وجود مندوب مقيم لتسهيل الحصول على الإقامة، على أن يتحمل المطورون العقاريون المشاركون فى المعرض جميع التكاليف، بجانب تدشين حملة ترويجية وأفلام دعائية عن أهم الفرص العقارية والاتصال المباشر بشركات التسويق العالمية، ودعوتهم لزيارة المقاصد المصرية المختلفة، وأهم المشروعات، بالإضافة إلى التعاقد مع إحدى الشركات الاستشارية العالمية المتخصصة فى المجال العقارى لإصدار مجموعة من التقارير التى تنشر عالمياً عن الفرص الجاذبة للاستثمار العقارى.
وقدر تقرير صادر عن البنك المركزى، صافى تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجهة لشراء عقارات خلال الربع الأول من العام المالى الجارى بـ237 مليون دولار، مقابل 91 مليوناً خلال الفترة المقارنة من العام المالى الماضى بنسبة ارتفاع %160.
كما ارتفعت التحويلات من غير المقيمين خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالى الماضى 2017 – 2018 إلى 256 مليون دولار مقابل 97.2 مليون دولار خلال الفترة نفسها من 2016 – 2017.
نائب وزير الإسكان يرى أن فكرة تصدير العقار يجب أن تعتمد على خطة مستقبلية محددة الأهداف ومنها الحصول على نسبة %1 من مبيعات سوق العقارات العالمى، ما يعادل من 5 إلى 6 مليارات دولار سنوياً.
وقال إن وزارة الإسكان أعدت خطة للمعارض التى ستشارك بها، خلال العام الجارى، وتم وضع خطة منفصلة لكل معرض والفئات المستهدفة ونوعية المشروعات التى سيتم الترويج لها فى الخارج.
أضاف «عباس»، أن أسعار العقارات السكنية فى مصر ما زالت أقل من الدول المحيطة بها ما يمثل عنصر جذب للمشترين الأجانب.
وأعلنت وزارة الإسكان عدداً من الضوابط للموافقة على منح الإقامة للأجانب الذين يشترون وحدات سكنية فى مصر ضمن خطة الوزارة لزيادة مبيعات العقارات المصرية بالخارج.
وقررت الوزارة منح الإقامة للأجانب مقابل تملك وحدة سكنية منتهية الإنشاء، طبقاً للقانون رقم 230 لسنة 1996، وقرار وزير الداخلية الصادر فى هذا الشأن.
كما يتم منح الإقامة للأجانب حائزى الوحدات السكنية تحت الإنشاء، التى يتم سداد ثمنها بالكامل بالدولار، بشرط أن يكون الأحد الأدنى لمقدم الوحدة %40 من ثمنها، أو 100 ألف دولار.
وبالرغم من ذلك لا يزال المطورون المحليون يعتمدون بشكل أساسى على مشتريات السوق المحلى التى تسيطر على النسبة الأكبر من المبيعات.
وتوقع مطورون عقاريون تحدثت إليهم «البورصة» تحقيق العوائد المستهدفة من تصدير العقار المصرى خلال 3 سنوات بعد إزالة العوائق التى تواجه هذا الملف.
وقالوا إن الدولة بدأت خطوات جادة عبر حزمة إجراءات قانونية بهدف زيادة اﻹقبال على امتلاك عقار فى مصر من خلال فتح أسواق جديدة لتصدير العقار المصرى إليها.
وطالب ممثلو قطاع الاستثمار العقارى بحل الأزمات التى تواجه المبيعات الخارجية، ومنها صعوبة تسجيل العقارات، وتوفير خدمات جديدة لزيادة جاذبية العقار المصرى فى السوق الخارجى، ومنها خدمات الرعاية الصحية والمطارات وتنويع المنتج العقارى، بما يتناسب مع اﻷسواق المستهدفة.
وقال محمد سلطان، الرئيس التنفيذى لشركة بالم هيلز، إنَّ أسعار العقارات فى مصر منخفضة وجاذبة للاستثمار اﻷجنبى، مقارنة بالدول المحيطة بجانب أن الحياة فى مصر أقل فى التكلفة، وهى من العوامل التى تعد ميزة تنافسية للسوق المحلى.
أضاف أن تصدير العقار مرتبط بـ3 عوامل أساسية، منها الاستقرار اﻷمنى والسياسى، باﻹضافة للمزايا التنافسية التى توفرها أى دولة، ومصر لديها تلك المقومات حالياً.
أوضح أن نجاح مبادرة التصدير العقارى يحتاج إلى مقومات أساسية فى البنية التشريعية واﻹجراءات التى يتم فرضها من قبل الدولة، باﻹضافة إلى تكاتف الجهات المعنية بالدولة ﻹنجاح هذا الملف المهم الذى سيتحول خلال الفترة المقبلة إلى أهم عوامل جذب الاستثمار اﻷجنبى المباشر.
أشار إلى أن نسبة %12.5 من إجمالى عملاء مشروعات «بالم هيلز» أجانب، وتستهدف الشركة خلال الفترة المقبلة زيادة تلك النسبة لـ%25 من خارج مصر.
وقال أحمد شلبى، الرئيس التنفيذى لشركة تطوير مصر، إنَّ توجه الدولة نحو تصدير العقار يعد مؤشراً جيداً ضمن خطة جذب الاستثمار اﻷجنبى المباشر.
أضاف أن قطاع العقارات والتشييد والبناء يمثل %20 من إجمالى الناتج المحلى، وهذا رقم كبير ولكن الأهم العمل على جذب استثمارات جديدة فى قطاع العقارات مثل إنشاء الفنادق والقرى السياحية ومشروعات الترفيه التى تؤدى بدورها لتوفير الكثير من فرص العمل.
أوضح أن قانون الاستثمار الجديد ساند قطاع العقارات؛ حيث أعطى الحق لمن يمتلك وحدة سكنية تتراوح قيمتها بين 50 ألفاً و400 ألف دولار فى الحصول على الإقامة، وهذا يشجع على زيادة الاستثمارات.
أشار إلى أن تنمية القطاع السياحى تتطلب توفير الخدمات الصحية بالمناطق السياحية وتطوير منطومة الطرق والمطارات.
وقال إن آليات تطوير القطاع العقارى السياحى تحتاج إلى دخول الدولة لتسويق المناطق الموجودة بمصر خارجياً، وقيام الشركات العقارية بالتواصل مع شركات التسويق الدولية والعالمية للاستفادة منها فى تسويق المشروعات المصرية، بجانب توجيه الدعوات لتلك الشركات لزيادة المشروعات السياحية المصرية مع توفير جميع المعلومات التى تخدم منظومة التسويق الدولى هذا بجانب طرح الفرص الاستثمارية الكبيرة داخل السوق المصرى.
أضاف أن تلك اﻹجراءات ستخدم منظومة تصدير العقار إلى الخارج والتى تركز على كل من منطقة الخليج وأوروبا.
وقال هشام شكرى، رئيس مجلس إدارة مجموعة رؤية القابضة، إنَّ ملف تصدير العقار يحتاج إلى عدد من الإجراءات لتحقيق النتائج المستهدفة منه عبر تعديل الخطوات القانونية ونوعية المنتج العقارى واﻷسواق المستهدفة.
أضاف أن أداء وزارة الإسكان، خلال الفترة الماضية، اتسم بالجدية فى هذا الملف فى محاولة للتغلب على أبرز السلبيات التى تعيق تطور صناعة تصدير العقار، وتم التعاون مع الوزارة فى إعداد خطة للتصدير العقارى.
أوضح «شكرى»، أن العام الماضى شهد تنسيقاً جيداً بين الوزارة والمطورين العقاريين، وأولت الوزارة اهتماماً بحل بعض الملفات التى تمثل بعض الصعوبات أمام تصدير العقار، من أبرزها تسجيل الأصل للأجانب والتمويل لا سيما فيما يتعلق بملف التمويل العقارى للأجانب.
أشار إلى أنه يتعين على البنوك منح تمويل عقارى للأجانب بهدف تمويل شراء الوحدات المختلفة على أن يكون ذلك التمويل بالدولار بهدف الابتعاد عن سعر الفائدة المرتفع على الجنيه.
وقال، «من الضرورى اهتمام الدولة بصناعة تصدير العقارات، التى بلغت 300 مليار دولار على مستوى العالم، منها 150 مليار دولار تمثل حجم تعاملات الصناديق العقارية عالمياً».
أضاف أن اليونان تصدرت قائمة الدول المصدرة للعقارات على مستوى العالم بحوالى 20 مليار دولار رغم المشكلات التى تواجهها على مستوى الخدمات، والمكسيك استطاعت جذب حوالى 40 مليون سائح فى العام، وفى الوقت نفسه يواجه القطاعان العقارى والسياحى لديهما مشاكل وأزمات كبيرة.
أوضح أن تصدير العقار المصرى يحتاج إلى زيادة معدلات الإشغالات السياحية، ما يوفر فرصة للشركات لترويج منتجاتها لدى المترددين على المقصد السياحى المصرى.
وقال عمرو القاضى، الرئيس التنفيذى لشركة «سيتى إيدج للتطوير العقارى»، إن الشركة افتتحت 3 مراكز تسويق ومبيعات فى الخارج؛ منها إنجلترا وألمانيا بهدف الترويج للعقار المصرى.
أضاف أن الشركة تتفاوض مع مراكز طبية أمريكية ﻹنشاء مستشفيات فى العلمين الجديدة بهدف توفير خدمات الرعاية الصحية للعملاء المستهدفين.
أوضح أن الاتجاه الحالى هو زيادة حصة مصر من سوق تصدير العقارات العالمى من خلال تسهيل اﻹجراءات وتوفير الخدمات التى تلائم اﻷسواق المستهدفة.
أشار «القاضى» إلى أن الحديث عن تصدير العقار المصرى إلى دول مثل روسيا وإنجلترا والصين قد يواجه منافسة كبيرة من دول أخرى، منها تركيا واليونان بسبب وجود سابقة خبرة لدى شركاتهما وعوامل جذب تتفوق على السوق المصرى.
وقال إن الشركات المصرية يمكنها استهداف السوق الأفريقى فى المرحلة الحالية، خاصة الدول الأفريقية الغنية حيث تمثل مصر سوقاً مختلفاً بالنسبة لها.
أضاف أن الحكومة المصرية يجب أن تنشئ هيئة رسمية تكون مسئولة عن نشاط تصدير العقارات لإزالة المعوقات، وتسهيل التعاون بين الوزارات المعنية ومنها الإسكان والعدل والمالية والداخلية وغيرها.