آلية جديدة للنمو الاحتوائى تدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
الشركات الأوروبية تواجه البيروقراطية وتدخلات الدولة وبطء حل النزاعات فى مصر
قرار تسجيل المصانع غير ضرورى ومكلف ويؤثر بشكل مباشر على الشركات الأوروبية
قال ايفان ساركوس، سفير الاتحاد الأوروبى فى مصر، إن الاتحاد يعتزم ضخ 110 ملايين يورو فى مصر خلال العام الحالى كجزء من أولويات الشراكة بين الطرفين، وذلك فى قطاعات التعليم وإصلاحات المالية العامة، ومشروعات الطاقة والمياه ومكافحة ختان الإناث.
أوضح أن 25 مليون يورو سيتم توجيهها لوزارة التعليم فى إطار دعم عملية تطوير الإدارة والمبانى وجذب الخبرات اللازمة لرفع كفاءة التعليم الذى عانى من تدهور كبير خلال الأعوام الماضية.
أضاف فى حوار أجرته معه جريدة “ديلى نيوز إيجيبت” أن مشروعات الطاقة والمياه ستستحوذ على 75 مليون يورو من التمويلات خلال العام الحالى فى إطار آلية الاتحاد الأوروبى للمياه والطاقة لدعم قدرات الوزارات المعنية للعب أدوارها كما هو مطلوب، والأشراف على تنفيذ الاستراتيجيات، خاصة أن مصر تعانى من ضعف جودة البنية التحتية خاصة فى المناطق الريفية، لذلك سيمول الاتحاد دراسات الجدوى للمشاريع الجديدة وأيضًا لتطوير المشروعات القائمة عبر دمج المنح مع توفير القروض من المؤسسات الأوروبية، وأن مكافحة ختان الأناث تم تخصيص له 5 ملايين يورو لوقف العنف ضد الفتيات الصغيرات.
وذكر أن الجزء المتبقى سيتم توجيهه لإصلاحات الإدارة العامة، والإدارة المالية العامة، ودعم الوزارات المعنية مثل التخطيط فى وضع الخطط والإصلاحات الرقابية، ووزارة المالية فى إدارة الإصلاحات المتقاطعة لتحسين وصول الخدمات العامة للمصريين.
وقال إن الرؤية المستقبلية للاقتصاد المصرى لا يمكن أن تكون سلبية، رغم التحديات المختلفة، فالمؤشرات الاقتصادية تحسنت بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
أضاف أن عددا من الاصلاحات الاقتصادية التى نفذتها الحكومة كانت شجاعة وضرورية فى الوقت نفسه، فتحرير سعر الصرف ساهم فى زيادة تنافسية العملة وزيادة الاحتياطيات الأجنبية، وخطة رفع الدعم عن معظم المنتجات البترولية بنهاية العام المالى هدف مهم يجب الوصول إليه.
ذكر سوركوس أن كل الدراسات أثبتت أن الدعم غير موجه للفئات المستهدفة، وأن استفادة الأغنياء منه أكبر من الفقراء مستحقى الدعم، وأن آلية تسعير الوقود الجديدة تحمى موازنة الدولة من اضطرابات سعر الصرف وأسعار النفط العالمية، بما يضمن استدامة الموارد المالية المطلوبة لدعم الفئات الأضعف.
وأشاد بجهود الحكومة فى مراجعة النظام الضريبي وتحديث الإدارات الضريبية لأن تأكد المواطنين والشركات من عدالة النظام الضريبية شىء أساسى.
ونوه إلى أن الاتحاد الأوروبى يسعى لمساعدة مصر للتغلب على التحديات الاقتصادية، ويجرى العمل على تحسين مستقبل الصادرات عبر دعم هيئة تنمية الصادرات التابعة لوزارة التجارة والصناعة فى المجال التقنى والمؤسسى والدعم المالى للمصدرين مع التركيز على المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وذكر أن الاتحاد يولى اهتمامًا كبيرًا بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة نظرًا لدوره الكبير فى النمو الاحتوائى وتوليد فرص العمل اللازمة لدمج الشباب فى الاقتصاد، كاشفًا عن تنفيذ آلية النمو الاحتوائى للاتحاد الأوروبى التى تهدف لتوفير فرص عمل عبر وضع إطار عمل متكامل لكافة انشطتها بهدف تحسين بيئة الأعمال ودعم الشركات فى النمو وزيادة تنافسيتها.
أوضح أن الآلية من جانب تعمل على الاصلاحات الضرورية فى بيئة الأعمال مثل الضرائب والتزامات الجمارك والشمول المالي والرقابة البنكية ومن الجانب الآخر تسهل وصول الشركات الصغيرة والمتوسطة للوصول إلى تمويل طويل الأجل وتمويل سلاسل الإمداد مع التركيز على سلاسل الإمداد التى لديها فرص نمو كبيرة مثل النشاط الزراعى، ويكون ذلك عبر نظام مشترك.
أضاف أن منح الاتحاد الأوروبى على سبيل المثال تكون جزءا من التمويل يعقبه قروض من وكالات التمويل الأوروبية مثل الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية وبنك الاستثمار الأوروبى والبنك الألمانى للتنمية بما يجعل أثره أكبر على الاقتصاد.
وتوقع أن يصل إجمالى التمويلات عبر تلك الآلية نحو 475 مليون يورو، تشمل منح الاتحاد الأوروبى وتمويلات المؤسسات الأوروبية.
وذكر أن هناك دعما مؤسسياً لجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر لرفع كفاءته وتحسين أدائها فى إطار دعم الجهود الحكومية لتطوير القطاع الصغير ومتناهى الصغر.
ولفت إلى أن الاتحاد يقدم دعمًا لوزارة الصناعة والتجارة والهيئات التابعة لها، فى تصميم وتنفيذ استراتيجيات وسياسات متكاملة للتجارة، والصناعة وتطوير القطاع الخاصة بصفة عامة وقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بصفة خاصة.
أضاف أن استراتيجية مصر 2030 التى يعد تمويلها أولوية للاتحاد الأوروبى حددت مستويات الفقر المرتفعة ومدى الوصول للخدمات الاجتماعية الاساسية مثل التعليم والصحة والحماية الاجتماعية تحد رئيسى لها، وهو أمر مهم لأن الاصلاحات الاقتصادية التى تجريها الحكومة يجب أن تكون مدعوماً بإجراءات قوية للفئات الأكثر ضعفًا.
وقال إن مصر سوق جاذب للتجارة والاستثمار نتيجة الموقع الاستراتيجي ونسبة الشباب المرتفعة والفرص الاستثمارية فى قطاعى الغاز والبترول لكن هناك عدة تحديات تواجه الشركات الأوروبية أبرزها البيروقراطية الشديدة، والتدخل الكبير للدولة فى النشاط، وبطء حل النزاعات وضعف الوصول لأدوات التمويل، وعدم كفاية حقوق الملكية الفكرية والفساد، فرغم أن مصر أحرزت تقدمًا فى مؤشر سهولة أداء الأعمال وارتفعت 8 مراكز لكنها مازالت فى المرتبة 120 من 190 دولة ما يعنى أن عليها العمل على تطوير بيئة أعمال أكثر ملائمة.
أضاف أنه بخلاف العقبات التى تم ذكرها فهناك بعض الحواجز التقنية أمام التجارة التى تؤثر بشكل مباشر على الشركات الأوروبية بينها القرار رقم 43 لعام 2016، والخاص بتسجيل المصانع المُصدرة، وهو غير ضرورى ومكلف ويستهلك المزيد من الوقت، فكثير من الشركات التى ترغب فى التصدير إلى مصر تعانى تأخير كبير فى تسجيل مصانعها وبعضها ينتظر ﻷكثر من عامين رغم إرسالها كافة البيانات المطلوبة.
تابع: ”هناك عقبات أخرى مثل الفحص قبل الشحن، والبيانات المعقدة المطلوبة عن واردات بعض السلع والقواعد الصارمة بصورة غير مبررة على واردات اللحوم”.
ورأى أن إزالة الحواجز التقنية فى مجال التجارة بوسعها تشجيع الشركات الأوروبية على الاستثمار فى مصر.
وقال إن الاستثمارات الأجنبية الأوروبية المباشرة فى مصر ارتفعت 55% خلال السنوات الخمس الماضية لتسجل 8.7 مليار يورو فى العام المالى 2016-2017 مقابل 5.6 مليار يورو فى العام المالى 2012-2013.
فى حين أن إجمالى الاستثمارات الأجنبية القائمة بلغت 42.7 مليار يورو بنهاية 2016 وفقًا لوحدة الاحصائيات فى الاتحاد الأوروبى “يوروستات”.
وأشار إلى أن استثمارات الاتحاد الأوروبى متركزة فى قطاعات البترول والغاز وتوليد الطاقة الكهربائية والطاقة المتجددة، والبنية التحتية للانتقالات خاصة مترو القاهرة الكبرى وتحديث نظام السكك الحديدية.
أضاف أن هناك اهتماماً من المستثمرين بقطاعات التجزئة والتصنيع وخدمات الاتصالات.
وقال إن الاتحاد الأوروبى أخذ خطوة ناجحة فى عقد شراكة بين القطاعين العام والخاص عبر اطلاق خطة الاستثمار الأوروبى الخارجى والصندوق الأوروبى المستدام للتنمية، والمقرر أن تضخ 44 مليار يورو استثمارات فى القطاعات المختلفة داخل الدول المُستهدفة وبينها مصر.
وذكر رغم أن الاتحاد الأوروبى هو أكبر المستثمرين فى مصر لكن تواجده يجب أن يكون أكبر، حيث إنه لا يستغل الفرص المتاحة بشكل كامل، وعلى المدى الطويل فإن تذليل حواجز التجارة لا يحفز الواردات فقط لكن أيضًا الاستثمارات الأجنبية.