اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة 101..
لقد أعلنت مؤسسة “فيتش” العالمية للتصنيفات الائتمانية، الخميس الماضى الموافق 21 مارس 2019، عن رفع التصنيف الائتماني لمصر، من B إلىB+، مع نظرة مستقبلية مستقرة.. وهى نظرة تفاؤلية تجاه الاقتصاد المصرى سنشرح أسبابها.. وتعتبر هذه المراجعة الإيجابية الخامسة لمؤسسات التصنيف الائتمانى فى ضوء مراجعات صندوق النقد الدولي الدورية ايضا منذ بدء تنفيذ برنامج اصلاح مالى ونقدي فى نوفمبر 2016 تحت مظلة الصندوق.
ولا شك أن قرار الرفع هذا من الأهمية بمكان لمصر كشهادة دولية امام العالم عن تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى المصرى مع استمرار باقى التحديات.. وسوف يسهم بلاشك فى رفع درجات الثقة فى الاقتصاد ومناخ الاستثمار المصرى ودعم جهود الدولة فى جذب المزيد من الاستثمارات كما سيساعد على تقليل المخاطر وبالتالى خفض تكلفة التمويل للحكومة لاحقاً..
فتبنى مصر لبرنامج إصلاح المالى والنقدي أدى الى تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد رغم استمرار بعض التحديات (مثل انخفاض حجم الاستثمارات الاجنبية وارتفاع حجم الديون وارتفاع اسعار الفائدة)، حيث صبت الحكومة اهتمامها على خفض عجز الموازنة لتستهدف مستويات اقل من 10% وتحسين مؤشراتها والوصول إلى مستويات الدين العام المحلى والخارجى (وهو من أكبر التحديات) إلى نسب 80-85% من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية القادمة، وكذلك السعي إلى خفض مستويات البطالة والتضخم إلى أقل من 10% (التضخم حاليا 14.4% والبطالة نحو 11%).. وما ترتب عليه من تحمل المواطنين لأعباء هذا البرنامج من ارتفاع الاسعار لجميع السلع والخدمات وانفخاض قيمة المدخرات ورفع أسعار الفائدة وارتفاع تكاليف التمويل وارتفاع معدل التضخم إلى 35% فى مايو 2017..
اليوم وبعد 3 سنوات من تطبيق البرنامج هناك تحسن ملحوظ فى المؤشرات الكلية للاقتصاد فى ظل عوامل مساعدة كثيرة ظهرت مؤخرا مثل اكتشافات الغاز المستمرة منذ حقل ظهر وترشيد الإنفاق وانخفاض سعر صرف الدولار وانخفاض اسعار البترول عالمياً، وتحسن بعض القطاعات المهمة المدرة للموارد الدولارية (السياحة وتحويلات العاملين بالخارج).. فقد ساعدت جميعها على تحسين مؤشرات الموازنة العامة وبالتالى بالتبعية على مؤشرات الاقتصاد الكلى من معدلات نمو وصلت إلى 5.3% (مستهدف 6% العام القادم) واستمرار تحقيق فائض اولى.. وتحسن اداء القطاع الخارجى باستمرار انخفاض عجز الميزان الجارى إلى 2.5% كنسبة من الناتج المحلى الاجمالى فى 2018 مقارنة بـ3.5% فى 2017..
حيث أشارت مؤسسة فيتش إلى أن احتياطي النقد الأجنبي لدي البنك المركزي المصري بلغ 44.06 مليار دولار بنهاية فبراير2019 وإن كان بالنسبة لى أنه ليس ملكاً لمصر بل هو بمثابة التزامات لها اجال سداد ولكنه مهم لبث الطمأنينة بوجود مخزون دولارى لدرء الأزمات.. كما أشارت إلى أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي مستمرة في التراجع، بدعم من التحسينات الهيكلية للميزانية وظهور فوائض بالميزانية…
وترى “فيتش”، أن مصر تستهدف عجز الموازنة إلى 8.6%، من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2018- 2019، بدعم من زيادة الإيردات بنسبة 28% وخفض النفقات بـ17% على أساس سنوى.
وتوقعت وكالة التصنيف العالمية أن يتراجع إنفاق الدولة على الأجور والإعانات والفوائد بنسبة تقارب 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من يونيو 2016 إلى يونيو 2020، كما تستهدف السياسة النقدية للدولة خفض التضخم إلى أقل من 10%، وزيادة الاحتياطيات من العملات الأجنبية لتغطى 6 أشهر من المدفوعات الخارجية الحالية.
كما تستهدف مصر خفض عجز الموازنة في العام المالي 2019- 2020 إلى 7.3%، بدعم من خفض معدلات الفائدة وتراجع الدين، بالإضافة لجولة جديدة من إصلاح الدعم من خلال تفعيل آلية تسعير الوقود التلقائي..
وإن كنت أرى أن انخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه إلى أكثر من 60 قرشاً والاتجاه نحو خفض الفائدة بنسب تتراوح بين 2 و3% خلال 2019 فى ظل المؤشرات الإيجابية الأخرى التى تحققت سيكون لا أثر كبيراً بتحقيق مزيد من التحسن على مستوى المؤشرات الكلية..
ولكن يتبقى أن يشعر المواطن بتحسن حياته المعيشية من صحة وتعليم ومرافق وخدمات بل وتحسن مستوى دخله أيضاً، وهو ما تولى له الدولة حالياً اهتماماً خاصاً.. ورفع مستويات التشغيل والإنتاج والتوظيف من خلال رفع معدلات الاستثمار الكلية إلى نسب تتراوح بين 20 و25% من الناتج المحلى الإجمالى واستهداف وصول الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مستويات تفوق 15 مليار دولار والتوسع فى الاستثمارات الزراعية والصناعية واللوجستية ومضاعفة الصادرات المصرية لتصل إلى مستويات 40 مليار دولار، واستمرار تحسن مؤشرات قطاع السياحة والتى أتنبأ لها أن يكون عام 2019 عام عودة الحياة بالنسية لهذا القطاع الذى عانى خلال السنوات الماضية..
تمنياتى لمصرنا وشعبها بكل الخير والتقدم والرخاء..
وما نبغى الا اصلاحاً وتوعية..