تعد مبادرة «حزام واحد وطريق واحد»، المعروفة بشكل كبير باسم «الحزام والطريق»، جزءاً لا يتجزأ من رؤية الصين لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمى، وبصفتها أكبر ممر اقتصادى مخطط له فى العالم، تضم المبادرة أكثر من 70 دولة، كما أنها تربط الصين بالشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا من خلال الموانئ والطرق السريعة والجسور والأنفاق وخطوط السكك الحديدية، على طول مسارين يعبران عدة مناطق.
وأوضح موقع «تريد أرابيا»، المعنى بشئون الشرق اﻷوسط، أن الغرض من هذه المبادرة هو تحسين طرق التواصل والتجارة والصفقات التجارية والتعاون عبر المنطقة اﻷوروبية الآسيوية وأفريقيا.
ويُنظر إلى الشرق الأوسط كشريك رئيسى فى تمكين المبادرة العالمية من الوصول إلى إمكانياتها، ويمكن أن تكون العوائد المحتملة على المنطقة كبيرة فى حال نجاح المبادرة التى قد تساعد فى تعزيز التجارة الثنائية والممرات التجارية الجديدة والبنية التحتية المحسنة والفرص الاستثمارية الجديدة.
ولضمان حصول الشركات فى المنطقة على الفرص التجارية الجديدة، يجب أن تمتلك البنوك المحلية الأدوات المناسبة لدعم المعاملات بفعالية وكفاءة.
تعزيز العلاقات التجارية بين الشرق اﻷوسط والصين
تعززت العلاقة بين الشرق الأوسط والصين بالفعل بشكل كبير منذ مطلع القرن الجارى، فعلى سبيل المثال ارتفعت التجارة الثنائية بين دول مجلس التعاون الخليجى والصين من 10 مليارات دولار فى عام 2000 إلى نحو 115 مليار دولار عام 2016، مع إمكانية ارتفاع هذا الرقم إلى 600 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
وتستحوذ السعودية وعمان والكويت والإمارات فعلياً على ما لا يقل عن %30 من إجمالى البترول المورد إلى الصين، مع احتمالية ارتفاع هذه النسبة إلى %80 بحلول عام 2040، وتوجد بلا شك إمكانات كبيرة لزيادة التجارة مع الصين.
ومع ذلك، لن تتوقف احتمالية زيادة الصادرات عند هذا الحد، فمبادرة الحزام والطريق يمكن أن تساعد أيضاً فى زيادة إمكانية الوصول لأكبر دول جنوب وشرق آسيا والمحيط الهادئ، وهى أسرع المناطق نمواً فى العالم.وأشارت «تريد أرابيا» إلى ضرورة تسهيل الفرص التجارية من خلال الطرق البرية والبحرية، فهناك خطط لإنشاء ممر بحرى يربط حقول البترول والغاز فى دول مجلس التعاون الخليجى بالصين وشرق وجنوب شرق آسيا.
وفى الوقت نفسه، يمكن لمشروع الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى، الذى يتضمن بناء السكك الحديدية والطرق وخطوط الأنابيب عبر باكستان، تخفيض المسافة التى ينتقل عبرها البترول حالياً من الشرق الأوسط إلى الصين، من 16 ألف كيلومتر إلى 2500 كيلومتر فقط.
ولن يؤدى هذا اﻷمر إلى تسريع وصول البترول وصادرات الشرق الأوسط اﻷخرى إلى آسيا فقط، بل إن تخفيض وقت الشحن قد يؤدى أيضاً إلى تحسين التكاليف، وبدورها ستصبح الواردات إلى الشرق الأوسط من جميع أنحاء آسيا أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة.
بالإضافة إلى فرص التجارة المباشرة، يساعد موقع الشرق الأوسط الاستراتيجى بين أفريقيا وأوروبا فى جعله مثالياً للعمل كبوابة للتجارة فى أماكن أخرى، مما يساعد الصين على الوصول إلى الأسواق الأخرى، فعلى سبيل المثال يمكن للإمارات أن تصبح مركز المبادرة فى الشرق الأوسط فى ظل إعادة تصدير نحو %60 من التجارة بين الصين والإمارات إلى أفريقيا أو أوروبا.
استغلال الفرص
واعترافاً بالإمكانيات التجارية التى يمكن أن تحققها «الحزام والطريق»، تستكشف المنطقة بشكل متزايد طرقاً للاستثمار فى المبادرة واستغلال الشراكة بين الشرق الأوسط والصين بشكل أكبر، فعلى سبيل المثال، وقعت موانئ أبوظبى شراكة مع شركة «كوسكو»، وهى أكبر شركة شحن فى الصين، لبناء محطات جديدة لدعم التدفقات التجارية المتزايدة التى يتوقع حدوثها نتيجة المبادرة الصينية.
وفى مكان آخر، تحرص السعودية على إقامة شراكة مع الصين فى عمليات تشييد مشروع المبادرة من خلال تطوير البنية التحتية لموانئ وشبكات الطاقة، بالإضافة إلى ذلك، قام العاهل السعودى سلمان بن عبدالعزيز مؤخراً ببعثة تجارية إلى الصين نتج عنها توقيع صفقات اقتصادية وتجارية بقيمة تزيد على 65 مليار دولار، وتعد الصين أيضاً سوقاً مهماً للغاية بالنسبة للبنان، فالصين أكبر شريك تجارى لها بالفعل، وإذا نجحت لبنان فى زيادة صادراتها للصين، فقد يسفر ذلك عن فوائد اقتصادية كبيرة.
وأوضح «تريد أرابيا» أن لبنان لديها القدرة على العمل كمركز لوجيستى وتجارى للصين فى الشرق الأوسط، كجزء من المبادرة التى تشارك فيها البلاد بنشاط.
وفى الوقت نفسه، يقدم الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى، على وجه التحديد، فرصاً استثمارية للشرق الأوسط، حيث تستهدف الإمارات بناء مصفاة لتكرير البترول بالقرب من ميناء جوادر الباكستانى، الذى يعد مدخل صادرات الشرق الأوسط فى الممر الصينى الباكستانى، للاستفادة من القوة الإستراتيجية لهذا المركز التجارى الجديد.
ويمكن أن يوفر الممر الاقتصادى أيضاً المزيد من الفرص الاستثمارية فى قطاعات عديدة، مثل البنية التحتية والتعدين وتكنولوجيا المعلومات.
بنوك تدعم فرص النمو
فى ظل تطلع الشركات العاملة بجميع أنحاء المنطقة للاستفادة من العلاقة القوية مع الصين، ستحتاج البنوك المحلية إلى دعم النشاط الجديد بفعالية وكفاءة.
وتتمثل الاستراتيجية الرئيسية التى يمكن أن تتبناها البنوك بالمنطقة فى إقامة شراكات غير تنافسية مع مزودى خدمات التجارة العالمية المتخصصين، الذين يجمعون بين القدرات الدولية والقدرات التكنولوجية المتقدمة، للمساعدة فى ضمان قدرة سلسلة التوريد المالية على منافسة الكفاءة المتزايدة لسلسلة التوريد المادية، مع المعرفة الخاصة باحتياجات وقدرات المنطقة والفهم المتعمق لاحتياجات العملاء المحليين.
ومن خلال هذا التعاون، يمكن لمصارف الشرق الأوسط أن تقدم للعملاء الدعم اللازم لمساعدتهم فى اغتنام الفرص التجارية الجديدة مع الصين، فضلاً عن آسيا، مما يسمح لهم بالازدهار فى عالم التجارة.