كشف تحليل أجرته صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن حالة عدم اليقين الناجمة عن خروج بريطانيا من الكتلة الموحدة الأوروبية ، عززت الاستثمار الأجنبى المباشر فى دول الاتحاد الأوروبى الـ27 الأخرى ، خلال السنوات الثلاث التى تلت عملية الاستفتاء.
وارتفع إجمالى رأس المال المستثمر فى دول الاتحاد الأوروبى بنسبة %43 فى السنوات الثلاث المتنهية الربع الأول من 2019 مقارنة بالسنوات الثلاث السابقة.
وأوضحت شركة «إف دى آى ماركيت» وهى قاعدة بيانات مملوكة للصحيفة البريطانية للاستثمار عبر الحدود ، أن هذا الأمر يتناقض بشكل حاد مع معدل الأستثمار فى بريطانيا التى شهدت انخفاضًا فى عمليات الاستثمار بنسبة %30 خلال الفترة نفسها.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى استثمار حوالى 340 مليار دولار من رأس المال فى الدول الـ 27 دولة خلال تلك الفترة ارتفاعًا من 237 مليار دولار فى الأعوام الثلاثة السابقة.
وجاءت الزيادة الأكبر من إنفاق الشركات الأوروبية خارج حدودها الوطنية، بما فى ذلك شركات المملكة المتحدة التى تستثمر فى دول أخرى فى الاتحاد الأوروبى.
وخلال الفترة نفسها، انخفض رأس المال الذى استثمرته الشركات الأجنبية فى الاستثمارات المباشرة الجديدة فى المملكة المتحدة بمقدار 36 مليار دولار، لتصل إلى 85 مليار دولار رغم الزيادة الطفيفة فى 2018.
وقالت كريستين ماكميلان، المحللة فى شركة «إف دى آى ماركيت» إنه من الواضح أن الدول المجاورة بدأت تجنى ثمار عدم اليقين الناجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
وتعقبت قاعدة بيانات الشركة، الاستثمارات المباشرة الجديدة والتى غالبًا ما يعتبرها الاقتصاديون أكثر تدفقات رأس المال ذات الصلة عند تقييم آفاق النمو الاقتصادى وفرص العمل فى أى بلد.
وأوضح إيلونا سيرويكا، زميل باحث فى مرصد السياسات التجارية فى المملكة المتحدة بجامعة «ساسكس»، أنه عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات المباشرة الجديدة فإن هذا الأمر هو الذى يساهم حقًا فى نمو الإنتاج.
وأضاف أن الاستثمار الأجنبى المباشر، يميل إلى تحسين الإنتاجية، إذ كان هناك أيضًا نقل للمعرفة والخبرة الإدارية من الشركات الأجنبية .
وعلى النقيض من ذلك، لا تفصل البيانات الرسمية الاستثمارات المباشرة الجديدة عن غيرها من أشكال الاستثمار، مثل عمليات الدمج والاستحواذ والاستثمار فى قطاع الأسهم.
وقال أستاذ الاقتصاد السياسى بجامعة «جرونينجن» بهولندا، لوكاس لينسي، إن انخفاض الأرقام الرسمية يمكن أن يعنى أى شيء غير تراجع الاستثمارات فى الوقت الحالى.
وأوضح سيرويكا، أن بعض الاستثمارات فى المملكة المتحدة قد تتأخر مؤقتًا فقط بسبب عدم اليقين بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي، إذ أظهرت البيانات الجديدة أن بعض الشركات لا يمكنها الانتظار ولذلك قامت بالاستثمار فى مكان آخر.
وأشارت الصحيفة إلى أنه ثبت أن تدفق رأس المال إيجابى لسوق العمل فى الاتحاد الأوروبى ، حيث تم خلق أكثر من 1.2 مليون فرصة عمل فى دول الاتحاد الأوروبى خلال السنوات الثلاث الماضية نتيجة للاستثمارات الأجنبية المباشرة الجديدة، وهو أكثر من عدد الوظائف التى تم خلقها فى السنوات الثلاث السابقة والبالغة 474 ألف وظيفة.
ووفقا لتقديرات قاعدة البيانات كان حوالى 53 ألف من الزيادة فى فرص العمل نتيجة لانشاء شركات المملكة المتحدة مشروعات جديدة فى باقى دول الاتحاد الأوروبى.
وكانت الزيادة فى الاستثمار الأجنبى ذات قاعدة عريضة فى معظم قطاعات الأعمال ، بما فى ذلك قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإلكترونيات.
وتم إنشاء حوالى 150 ألف وظيفة فى فترة السنوات الثلاث بزيادة %30.. وفى المقابل كان هناك انخفاض بنسبة %28 فى نمو الوظائف فى المملكة المتحدة.
وشهدت الخدمات المالية أيضا نموا قويا فى الوظائف فى السنوات الثلاث الماضية ، وتم إنشاء ما يقدر بنحو 49 ألف وظيفة فى الاتحاد الأوروبى نتيجة للاستثمار فى الخدمات المالية ، أى ما يقرب من زيادة تقدر بنحو 19 ألف وظيفة أكثر مما كانت عليه فى السنوات الثلاث السابقة.
وأشارت الصحيفة البريطانة،إلى أنه تم تسجيل ارتفاع فى الاستثمار الأجنبى المباشر بمعظم بلدان الاتحاد الأوروبى خلال هذه الفترة.
وفى إسبانيا وبولندا ، زاد عدد الوظائف التى تم توفيرها بسبب الاستثمار الأجنبى بأكثر من الضعف فى كلا البلدين خلال فترة الثلاث سنوات مقارنة بالسنوات الثلاث السابقة.
وقال المتحدث باسم وزارة الأعمال والمشاريع والابتكار الأيرلندية، إن المملكة المتحدة تكافح مع تداعيات استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبى. لكن أيرلندا شهدت نمواً قوياً فى الاستثمار الأجنبى المباشر فى السنوات الأخيرة.
وأضاف أن هذا الأمر يرجع جزئيًا إلى القوى العاملة فى البلاد والبيئة المؤيدة للأعمال.. ولكن من الواضح أيضًا أن عضوية أيرلندا فى الاتحاد الأوروبى أصبحت مؤخرًا نقطة رهان كبيرة على زيادة معدل الاستثمار.