المخاوف البيئية والاجتماعية تحولت إلى قضايا مالية
%100 زيادة فى الأصول المسئولة الخاضعة للاستثمار خلال 24 شهراً
ترسخ فى قناعة الجميع، أن مخاطر المناخ تضر بالجيمع ولا يوجد أى سوق مالى محصن من تأثيرها كاتجاه كلى لا يمكن تجنبه فلم يعد الامر يتعلق بمسألة ما إذا كان سيحدث ولكن متى.
استجابة لذلك، نما الاهتمام بمعايير الاستثمار البيئى والاجتماعى والحوكمة “ESG” بسرعة بين مجتمع إدارة الأصول والثروة، كما يقول جون ويليامز مسئول وحدة الاستدامة وتغير المناخ فى مؤسسة “برايس ووتر هاوس كوبرز” البحثية.
وأضاف أن هذه المخاطر قد تأتى من أى مكان وتنتقل إلى أى مكان وبالنسبة للبعض ستكون مبالغة، لكن اهتمام صائدى الصفقات بالأصول المسئولة قفز من موقعه الأخلاقى إلى حد كبير على مدار الأعوام القليلة الماضية ليصبح فى موقع الفرص المتاحة، مما جعله يتضاعف من حيث حجم الأصول الخاضعة للإدارة إلى 4 أضعاف خلال الأشهر الـ24 الماضية.
ويشير تقرير المؤسسة البحثية الأمريكية إلى أنه فى الوقت الحالى وبفضل مزيج من طلب العملاء والتغيير التنظيمى تمتلك كل محفظة استثمارية تقريباً صندوق للاستثمار المسئول وينظر إلى المخاوف البيئية والاجتماعية بشكل متزايد على أنها قضايا مالية من قبل المستثمرين الأفراد والمؤسسات وصناديق التقاعد والأشخاص الذين يديرون أموالهم.
ومع تزايد الإجماع العلمى حول تغير المناخ، حدد الفريق الحكومى الدولى المعنى بتغير المناخ التابع للأمم المتحدة أيضاً 2030 موعدًا نهائيا لإصلاح ظاهرة الاحترار العالمى، وليس من المستغرب أن كلاً من المنظمين الماليين والاقتصاديين الحقيقيين يمارسون دورهم الجميل فى تحويل هذه الفروض الدولية إلى فرص استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال.
وأشار وليامز إلى أن مجلس الاستقرار المالى – هيئة دولية تراقب وتقدم توصيات حول النظام المالى العالمى أطلقتها قمة الدول العشرين الكبرى فى لندن 2009 – أصبح مهتماً بتغير المناخ نتيجة لأن القصور فى الكشف عن نسبة الكربون، مما يؤثر على تخصيص رأس المال السوقى وتسعير المخاطر.
وأضاف أن التقدم إيجابى، لكنه بطىء للغاية فبعد مرور عامين على تقرير فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ وشفافية البيانات، لايزال العمل جارياً على تطوير الأداء علاوة على ذلك، يجب أن يكون السوق منتبه لاحتمال خلق فقاعة استثمار خضراء.
ويتوقع التقرير الأمريكى زيادة بنسبة 39% من إقبال المستثمرين علي زيادة التخصيص فى الأصول ذات التأثير الإيجابى على العالم لكن ذلك لا يعنى تخلى الأجيال الجديدة عن العائد المالى لكنهم يريدون القيام بعمل جيد وفعل الخير فى الوقت نفسه.
ويمكن أن تلعب التكنولوجيا دوراً ولكن ليس فى عزلة عن باقى العوامل على صعيد التقييم للفرص المحتملة أو المخاطر والنظر فى التغييرات فى التنظيم أو السياق الأوسع للتحولات فى السياسة، وفى حالة السيارات الكهربائية “EVs”، تتمثل سياسة المملكة المتحدة فى التخلص التدريجى من السيارات الجديدة التى تعمل بالبنزين والديزل بحلول عام 2040، ومع ذلك، تقدر “بلومبرج”، أن هذه المركبات ستصل إلى معادلة التكلفة بحلول عام 2025.
ومن الواضح أن هذا سيكون إيجابياً للمستثمرين فيها والبنية التحتية المرتبطة بها، ولكن هناك دور سلبى لمديرى الأصول والثروة الذين يدعمون الشركات التى تعمل فى مشاريع محطات الوقود أو مكونات السيارات التى تعمل بالبنزين والتى تبلغ 12 ألف قطعة.
كما يمكن أن تظهر أسواق وفرص استثمارية جديدة فى تكنولوجيا أخرى لمقاومة المناخ، مثل استخدام الطائرات بدون طيار فى أعمال الصيانة وأجهزة الاستشعار عن بعد فى الزراعة، أو توليد الطاقة المتجددة والشبكات الذكية.
ومع ذلك، فإن تحويل الاضطراب إلى مصلحة العملاء يعنى أكثر من مجرد تقييم تحولات السوق فى المستقبل حيث يتطلب التخطيط للاستجابة الفعالة والقدرة على فهم الطبيعة المرتبطة لعوامل نجاح الاستثمار المسئول سواء كان ذلك الابتكار التكنولوجى أو التنظيم أو سهولة التبديل أو الوصول إلى التمويل والموهبة اللازمة لابتكار منتجات ملائمة.
ويعتبر الانتقال إلى مرحلة خلق الفرص هو ما يميز الشركات الناجحة وبالنسبة لمجتمع إدارة الأصول والثروة، فإن الضغط شديد الآن وما تفعله الشركات خلال العامين أو الـ3 أعوام المقبلة سيحدد ما إذا كانت رابحة أم خاسرة خلال العقد المقبل وأى قصور ذاتى ليس خياراً حالياً، لأنه يعنى الخروج من اللعبة.