تبحث الدول الآسيوية، عن عوامل محفزة لدفع اقتصاداتها بعد انخفاض الطلب على صادراتها من قبل الصين؛ نتيجة حربها التجارية مع الولايات المتحدة.
أوضحت وكالة أنباء رويترز، أن جذب الشركات الأجنبية، وإيجاد طرق لزيادة الاستهلاك المحلى، والبحث عن أسواق تصدير بديلة، تعد جزءاً من هذا المزيج السياسى؛ حيث تتعامل الدول المجاورة للصين مع ضعف الطلب من البر الرئيسى، التى تعد حتى الآن سوقاً كبيراً لآسيا فيما يخص سلاسل التوريد الإقليمية.
وكشفت تايلاند عن حزمة انتقال تضم حوافز ضريبية وتغييرات فى القوانين لجذب الشركات الأجنبية، كما شكلت ماليزيا لجنة لتسريع جذب الاستثمارات اﻷجنبية، فضلاً عن موافقتها على مقترحات مشاريع بأكثر من 500 مليون دولار هذا الشهر.
وخفَّض البنك المركزى الإندونيسى، الأسبوع الماضى، أسعار الفائدة الأساسية للمرة الثالثة فى ثلاثة أشهر، وأعلن، أيضاً، عن تدابير لدعم الإنفاق المحلى، وخفضت البنوك المركزية فى الهند والفلبين أسعار الفائدة عدة مرات.
وأشارت «رويترز» إلى تباطؤ صادرات آسيا إلى الصين هذا العام، ما دفع البائعين للبحث عن أسواق بديلة.
وشهدت اليابان وكوريا الجنوبية، انخفاض صادراتهما إلى الصين، خلال النصف الأول من العام، ولكن شحناتهما المتجهة إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا ارتفعت خلال الفترة نفسها.
كما نمت صادرات ماليزيا وتايلاند إلى أسواق منها الولايات المتحدة وسنغافورة وفيتنام.
وقال نائب محافظ بنك إندونيسيا دودى بودى والويو، فى حوار أجراه مع «رويترز»، إنَّ الجهود المبذولة للبحث عن أسواق غير تقليدية شهدت زيادة فى الشحنات المتجهة إلى دول مثل تشيلى وقطر وسريلانكا.
وأشار إلى أن إندونيسيا قامت بتنويع وجهاتها التصديرية، وبالتالى أصبحت قادرة على سد الفجوة التى خلفتها الشحنات التى كانت تتجه سابقاً إلى الصين أو الولايات المتحدة.
وأظهر تحليل أجرته «رويترز» على ثمانية اقتصادات رئيسية، بما فى ذلك كوريا الجنوبية وإندونيسيا وتايوان، أن نسبة مساهمة الإيرادات التصديرية من الصين فى الناتج المحلى الإجمالى تراجعت إلى %8 فى نهاية النصف الأول من العام الحالى، بعد أن كانت %9.3 فى الفترة ذاتها من العام الماضى.
وفى الوقت نفسه، تمكن الطلب المحلى من تعزيز الناتج المحلى الإجمالى اليابانى بنسبة %0.7 لتسجل البلاد نمواً بنسبة %1.8 فى الربع الثانى، كما نما اقتصاد ماليزيا بنسبة %4.9 فى الربع الثانى على خلفية الاستهلاك المحلى القوى.
وقالت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، فى تقرير صدر عنها فى يوليو الماضى، إنَّ النمو الاقتصادى يظهر علامات تباطؤ فى آسيا الناشئة، ويرجع ذلك جزئياً إلى التوترات التجارية، ومع ذلك لا يزال الاستهلاك الخاص المحلى فى وضع جيد.
بالإضافة إلى ذلك، قال الاقتصاديون، إنَّ الشركات الآسيوية تسلك اتجاهاً جديداً للحد من الاعتماد على الصين؛ حيث تعمل على إغلاق المصانع فى الصين ونقلها إلى موطنها، كما تنقل بعض الشركات الأمريكية والأوروبية مصانعها من الصين إلى دول أخرى منخفضة التكلفة منها فيتنام والفلبين وكمبوديا.
وارتفع الاستثمار الأجنبى المباشر بشكل حاد لدى بعض من هذه الأسواق منخفضة التكلفة فى المنطقة، ما عزز أرصدة الحسابات الجارية لديها وسمح لبنوكها المركزية بخفض أسعار الفائدة خلال العام الحالى.
وارتفع الاستثمار الأجنبى المباشر إلى فيتنام عند 12 مليار دولار فى الأشهر الثمانية الأولى من 2019، بعد أن بلغ 11.25 مليار دولار فى الفترة ذاتها من العام السابق.
كما شهدت ماليزيا وتايلاند، أيضاً، ارتفاعاً فى استثمارها الأجنبى المباشر.
وقال كبير الاقتصاديين لدى مؤسسة «أكسفورد إيكونوميكس» البحثية، تومى وو، إنَّ عمليات الإنتاج التى تتطلب مهارات عالية ستنتقل إلى اقتصادات مثل كوريا الجنوبية وتايوان، فى الوقت الذى ربما تتجه فى عمليات الإنتاج اﻷخرى إلى دول مثل الهند وفيتنام.
وأضاف أن العديد من الشركات كانت تتطلع إلى الانتقال خارج الصين قبل نشوب الحرب الجارية، ولكن اشتعال فتيل الحرب كان عاملاً محفزاً لتسريع الأمر بأكمله.