قالت شركة «فيتش سوليوشنز» البحثية التابعة لوكالة التصنيف الائتمانى فيتش إن قطاع البتروكيماويات سيقود مصر نحو تحقيق ثانى أكبر معدل نمو فى المنطقة خلال الفترة المقبلة خاصة مع انتعاش الطلب على الإنشاءات التجارية والصناعية.
وأضافت فى تقرير موسع عن قطاع البتروكيماويات المصرى إن آداء القطاع تحسن بصورة كبيرة خلال 2018، وهو ما يفترض ان يرفع استهلاك المواد البتروكيماوية مع تحسن جانب العرض نتيجة اضافة طاقات تكريرية وارتفاع إنتاج الغاز.
وذكرت أن قطاع البتروكيماويات يمثل %3 من الناتج المحلى لمصر و %12 من القطاع الصناعى، ورغم احتياطيات البلاد المعدنية الضخمة لكنها تعتمد على واردات البتروكيماويات بصورة أساسية لتلبية احتياجاتها، وتسعى خلال الفترة المقبلة لتقليل الاعتماد على الواردات خاصة واردات البلاستيك التى تنمو بصورة سريعة وزيادة صادراتها.
أوضح التقرير أن عجز الميزان التجارى فى مصر ارتفع خلال السنوات الماضية، فى ظل الأزمات التى ضربت البلاد ورغم أن الواردات تحجمت بعض الشىء لكن الصادرات تراجعت أيضًا.
أوضحت أن خفض قيمة الجنيه والفائدة لن يساعدا مصر على المدى القصير فى حل معضلتها الاقتصادية، خاصة أنها بعيدة عن مستوى التنافسية فى قطاع الاعمال ما يقلل شهية المستثمرين مقارنة بدول مثل المغرب واوروبا الغربية.
تابعت «ورغم أن قانون الاستثمار مهد الطريق لاصلاح بيئة الاعمال لكن على أرض الواقع لم تعرف الإصلاحات طريقها بعد، فبيئة الأعمال ليست قوية كما هو الحال فى دول الخليج العربى مثل المملكة العربية السعودية ، التى لديها قدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية.
أضافت «تحتاج الحكومة إلى إقناع منتجى البتروكيماويات بأن استثماراتهم آمنة ولن تتعرض للخطر بسبب تدخل الحكومة، وبدون قدر أكبر من الشفافية والاتساق فى سياسة الحكومة ستجد مصر صعوبة فى تحقيق الأهداف الطموحة المحددة فى الخطة الرئيسية لصناعة البتروكيماويات».
أضافت أن التوسع المخطط له فى قطاع البتروكيماويات حال أتى فى وقت مناسب سيؤدى إلى تحول فى الأسواق الإقليمية لأن مصر ستصبح مُصدرا صافيا للمواد البتروكيماوية كما ستستفيد من قناة السويس، ومع ذلك، فإن الصناعة لا تزال عرضة للمخاطر الاقتصادية والسياسية والقدرة التنافسية، وستظل المواد الأولية وأسعار الصرف ، عوامل النجاح الأساسية لهذا القطاع على المدى الطويل.
أضافت أن تطوير مجمع البتروكيماويات، التابع لشركة الكربون القابضة «التحرير للبتروكيماويات» إنجاز كبير فى القطاع، خاصة أن مشروع العين السخنة سيشمل ثلاثة مصانع للبولى إيثيلين تم تصميم كل منها بطاقة 450 ألف طن سنويًا، سينتج الاول البولى إثيلين عالى الكثافة، والآخران سينتجان البولى اثيلين منخفض الكثافة.
وتوقعت إضافة طاقات تكريرة تقدر بنحو 85 ألف برميل يوميًا خلال العام الحالى، و توسيع مصفاة ميدور بحلول عام 2022 ، مع إنتاج وقود وفقًا للمعايير الاوروبية للانبعاثات من سيارات الركوب، فى المنشأة القريبة من الإسكندرية.
وذكرت أن التنفيذ الناجح فى الوقت المناسب لبرامج تطوير السعات التكرير فى مصر عاملاً حاسماً فى تخفيف العبء المالى الناتج عن واردات الوقود ما يقلص عجز الموازنة العامة وستكون هناك حاجة لاستمرار إصلاح دعم الوقود لضمان مزيد من الاستثمارات فى القطاع.
وتتبنى الحكومة خطة للتخلص من معظم دعم الوقود منذ بداية العام المالى الحالى، على أن ترتبط أسعار المستهلك بسعر التكلفة وحركة الأسعار العالمية وسعر الصرف.
ونوهت إلى أن تدشين شركة النصر للكيماويات الوسيطة، لمصنع إنتاج أسمدة فى العين السخنة، سيضيف لطاقاتها الإنتاجين 400 ألف طن أمونيا و380 ألف طن يوريا، و300 ألف طن نترات أمونيوم كالسيوم، وهو ما سيسمح لها بالتوسع فى التصدير بحلول 2022.
وذكرت أن تحديث مؤشر جاذبية القطاعات البتروكيماوية، والذى يوازن المخاطر بالعوائد، كشف احتفاظ مصر بالمركز السابع فى المنطقة، واستقرار وزنها النسبى عند 52.1 نقطة.
وأضافت أن مخاطر القطاع تراجعت نتيجة تحسن مستوى المخاطر فى مصر بصفة عامة وبدعم من الخطة الطموحة لمجمع التحرير للبتروكيماويات، كما أدت الزيادة فى سعر النفط الخام إلى زيادة أسعار خام النفتا الخام، ما يجعل خام الإيثان الذى يعتمد على الغاز أكثر جاذبية، وهو الغاز الذى يعتمد عليه بصورة كبيرة قطاع البتروكيماويات المصرية.
وقالت فيتش سوليوشنز، إن قطاع البوليمرات سيقود نمو التصنيع، خاصة فى المنتجات الاستهلاكية والتعبئة والبناء.
أضافت ”ستكون صناعة البناء والتشييد فى مصر واحدة من أفضل الأسواق أداءً على مدار السنوات الخمس المقبلة، على الصعيدين العالمى والإقليمى ما يعزز الطلب على مواد البناء البوليمر التى يتم إضافتها للخرسانة والطلاء».
وتوقعت نمو قطاع البناء %10.8 عام 2019 ومتوسط سنوى قدره %10.1 فى الفترة من 2019 إلى 2023. مشيرة إلى أن ذلك النمو على المدى الطويل لقطاع البناء فى مصر متوقف على مستقبل الاقتصاد الكلى فى البلاد، والذى سيحفز زيادة الطلب على البنية التحتية التجارية والصناعية على وجه الخصوص.
أضافت أن النمو فى صناعة السيارات سيساعد أيضًا فى تحفيز الطلب على المواد الخام المحلية خاصة مع اشتراط نسبب محددة للمكون المحلى فى الصناعات المغذية، ويعد القطاع من كبار المستهلكى لمجموعة من البوليمرات والمطاط ذات القيمة العالية.
وقدرت نمو إنتاج السيارات فى مصر بنحو %7.6 فى عام 2019 وأن يواصل متوسط النمو السنوى بنسبة %2.5 خلال العشر سنوات المقبلة، خاصة أن الانتعاش الاقتصادى جذب شركات صناعة السيارات العالمية لتجميع وتصنيع السيارات.
ورجحت أن تكون الزيادة الأكبر فى قطاع سيارات الركاب بنحو %16.2، و%3 للسيارات التجارية.
لكنها ذكرت أن الزيادة فى الطاقات الإنتاجية تعنى أن إنتاج البتروكيماويات سيرتفع بمعدل أسرع من الطلب المحلى، مما يتطلب نموًا كبيرًا فى حجم الصادرات.
اضافت «نعتقد أن العجز التجارى سيتراجع بحلول 2023، بدعم من تحول مصر المتوقع إلى مركز تصنيع إقليمى، تمامًا كما فعلت تركيا خاصة فى ظل مساعيها نحو تحديث وتحسين البيئة التنظيمية».
وتوقعت أن يكون نمو سوق البتروكيماويات أعلى من المتوسط الاقليمى خلال العامين الحالى والمقبل، بدعم من نمو الاقتصاد المصرى المتوقع أنه أن يتخطى %5.4 خلال العام المالى الحالى، وهو ثانى أعلى معدل نمو فى المنطقة خلف ليبيا.
ورجحت أن يلعب الاستثمار دورا كبيرا فى تحقيق النمو بدعم من زيادة الطلب والاستهلاك الخاص، وتحسن صافى الصادرات نتيجة التوسع فى تصدير الغاز.
أضاف أن ارتفاع الجنيه أمام الدولار يفيد كافة المنتجات المستوردة وبينها المنتجات البتروكيماوية المستوردة والمنتجة محليًأ.
وحدد التقرير قوة قطاع البتروكيماويات المصرى فى عدد من النقاط أبرزها، ارتفاع احتياطيات الغاز ما يضيف ميزة تنافسية للقطاع، بجانب نمو قطاع الأسمدة، وتنافسية الصادرات المصرية للدول الأوروبية، ومساعى الحكومة لتحسين العلاقات التجارية الخارجية وحماية حقوق المصدرين.
فيما حددت مواطن الضعف فى كون القطاع مازال غير متطور بالقدر الكافى، كما أن الإنتاج الضعيف من المواد البتروكيماوية مثل البنزين والسولار يحرم القطاع من أهمية السوق المحلية، كما أن توابع الازمة المالية العالمية، والاضطرابات السياسية قلصت فرص تمويل المشروعات البتروكمياوية الطموحة.
ونوهت أن توقعات انخفاض احتياطيات مصر من الزيت يجعلها تتحول لمستورد صافى للمواد البترولية.
وعلى صعيد الفرص أبرزت أن الدولة تحاول أن تحقق اكتفائها الذاتى من المواد البتروكيماوية والموارد المحلية، ما فتح المجال امام تطوير القطاع، وأن ذلك سيؤدى إلى تسارع نمو إنتاج البتروكيماويات فى مصر.
أضافت أن قطاع الأسمدة والبتروكيماويات سيستفيد بشدة من احتياطيات الغاز الطبيعى، ومساعى الخصخصة التى مازالت فى بدايتها، عبر الطرح الأولى لبعض الشركات الحكومية بالقطاع مثل سيدى كرير للبتروكمياويات.
كما ان هناك فرص للاستثمار فى ظل سماح الدولة للأجانب بالاستثمار فى الأسمدة الفوسفاتية، التى تستفيد من التكلفة المنخفضة للمواد الخام.
ونوهت إلى أن التهديدات الرئيسية تتمثل فى تفضيل المستثمرين الاجانب لضخ اموالهم بقطاعات الغاز والبترول التى تستحوذ عادة على أكثر من %60 من الاستثمارات اﻷجنبية المباشرة، بما يخطف الضوء من الاستثمار فى قطاع البتروكيماويات، كما أن احتمالات الاضطرابات السياسية دائمًا ما تعد عقبة أمام المستثمرين الأجانب تحول بين توغلهم فى القطاعات بخلاف البترول والغاز.
وقال التقرير، إنه بصفة عامة سيكتسب الغاز الطبيعى والمسال مزيد من الاهتمام فى المنطقة فى ظل اعتماد الحكومات على خفض اعتمادها على النفط، وتنويع مواردها الاقتصادية، لمواجهة الزيادة فى الطلب المحلى.
ونوهت إلى أن فرض عقوبات أمريكية على ايران يفتح المجال أمام الدول الأخرى لتعويض الفجوة التى خلفها النفط الإيرانى والمنتجات البتروكيماوية.
وذكر التقرير أن تخفيضات الدعم وارتفاع التضخم خلال السنوات الماضية يجعل نمو استهلاك الأسر بطيئًا، حيث تضطر الأسر إلى تخصيص حصة أكبر من دخلها للوقود، وسيتم تعويض هذا التأثير قليلاً من خلال انتعاش القطاع الخاص غير البترولى.
أضافت أنه رغم ذلك لا تزال الرؤية إيجابية فى ظل الاستمرار فى تدشين مشروعات توليد الطاقة التى تعتمد على الغاز بصورة أساسية، وتسعى من ورائه لتصدير الكهرباء عبر الربط مع عدد من بلدان الجوار.
وقالت إنه بحلول عام 2020، تخطط مصر لإنتاج أكثر من 3 ملايين طن من المواد الكيميائية فى إطار خطة وطنية مدتها 20 عامًا ، تشمل مجموعة من المنتجات بينها الإيثيلين والبولى إثيلين والأوليفينات والعطريات.
وفى العام المالى الماضى، خططت شركة الإسكندرية للبترول لإنتاج 99 ألف طن من غاز البوتان و1.3 مليون طن من النفثا وتخطط لمشروعين لتوسيع المنشأة. كما تهدف شركة تكرير أسيوط إلى تكرير مليون طن من النفط الخام لإنتاج 36 ألف طن من البوتان و 520 ألف طن من النفتا، ومع الاستفادة من توافر المواد الخام تخطط الشركة المصرية للبتروكيماويات لإنتاج 90 ألف طن من الـ PVC فى 2018/19.
توقعت نمو إنتاج الغاز بأكثر من %80 خلال 2021 مقارنة بمستويات إنتاج 2017، وأشارت إلى أنه على صعيد التكرير تبلغ طاقات حاليًا فى مصر 732.5 ألف برميل يوميًا، وفقًا لبيانات 8 محطات تكرير فى مصر، ولا يزال القطاع يعانى من نقص الاستثمار بسبب دعم أسعار الوقود مما يخلق نقصًا فى الحوافز للمستثمرين من القطاع الخاص فى هذا القطاع.
وما يزيد من ضعف قطاع التكرير المصرى انخفاض كفاءة محطات التكرير فكثير منها غير قادر على إنتاج أكثر المنتجات المرغوبة بشكل فعال مثل البنزين والسولار والغاز المسال.
أضافت أنه على المدى الطويل ، سيكون إصلاح دعم الوقود هو المفتاح لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع، لذلك فإن أى تخلى عن سياسة إصلاح الدعم سيطل تهديدًا كبيرًا.
ونوهت إلى أن زيادة توافر الغاز من شأنه أن يشجع الاستثمار ويزيد من استخدام الطاقة الإنتاجية خاصة فى قطاع الأسمدة.