تسعى الحكومة المصرية لتوطين صناعة السيارات الكهربائية، عبر تقديم الدعم اللازم للاستثمار فى هذا المجال، ومواكبة التوجهات العالمية الحالية للعزوف عن التلوث والتحول إلى بيئة نظيفة باستخدام سيارات كهربائية خالية من الانبعاثات الضارة وتقليل الاعتماد على المحروقات التقليدية.
وتحرص الحكومة على تجهيز جميع المدن الجديدة بالبنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، بجانب الدعم الرئاسى حيث أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، قراراً جمهورياً يسمح باستيراد السيارات الكهربائية دون رسوم جمركية وهو الأمر الذى يشجع المستهلك المصرى على استخدامها.
ووقعت مصر مؤخراً اتفاقية شراكة مع الصين للتصنيع المشترك للسيارات الكهربائية فى مصر، تتضمن تصنيع 2000 أتوبيس خلال 4 سنوات، تبلغ نسبة المكون المصرى منها %45، ورغم الجهود الكبيرة المبذولة، إلا أن هناك العديد من العقبات التى تحول دون انتشار المركبات الكهربائية بشكل كبير.
وقال محمد الغزالى، مدير التسويق ورئيس قطاع السيارات الكهربائية بشركة «بى إم دبليو»، إن مصر تستعد لاستقبال السيارات الكهربائية لمواكبة التغير العالمى، إلا أن هناك مشكلات تواجه المستهلك والوكلاء أيضاً.
أضاف أن أبرز المشكلات تتمثل فى ندرة مراكز خدمة وصيانة هذا النوع من السيارات، حيث ينبغى على الشركة المستوردة للسيارات الكهربائية أن تبدأ فى توفير مراكز الخدمة والصيانة اللازمة لدعم السيارات الكهربائية، والتى لن تستطيع العمالة المعتادة إجراء أعمال الصيانة والإصلاح لها.
وأشار إلى ضرورة توافر أعداد الفنيين القادرين على استيعاب أعطال السيارات الكهربائية، وتوفير قطع الغيار اللازمة نظراً لاختلاف خصائص السيارات الكهربائية عن السيارات التى تعمل بالوقود ومن تم تبدأ الشركة فى استيراد السيارة وذلك لكسب ثقة العميل أولاً.
أوضح الغزالى أن شريحة ليست قليلة من العملاء لا تمتلك معلومات كافية حول السيارات الكهربائية وهو ما يستلزم توفير حملات توعية المستهلكين بمزايا السيارات الكهربائية وأهميتها فى التخلص من التلوث.
وطالب الدولة بوضع محفزات استثمارية لتشجيع وجذب الاستثمارات المباشرة فى الشواحن ونقاط الشحن، بالإضافة لإعطاء العديد من الحوافز لتشجيع المستهلك لشراء السيارات الكهربائية وذلك من خلال التسعير المناسب للسيارة وتقديم الدعم الحكومى اللازم لمستخدمى السيارات الكهربائية والذى قد يتمثل فى الإعفاء من رسوم المرور على الطرق السريعة أو الإعفاء من مصروفات الترخيص، كما شدد على ضرورة الإنتهاء من وضع النظام اللازم لإجراءات التراخيص.
وقال مدير تسويق «بى إم دبليو» إنه يتم العمل حالياً على الإسراع من وتيرة وضع تعريفة لمحطات شحن السيارات الكهربائية، من أجل جذب المستثمرين لضخ أموالهم فى البينة التحتية التى تخدم المستهلك فى النهاية.
وأشار إلى وجود خطوات استثمارية جادة من بعض الشركات ظهرت بوضوح فى إنشاء بعض محطات شحن السيارات الكهربائية، حيث تم بناء عدد من محطات الشحن، مطالباً بضرورة تقنين أوضاعهم وتحديد التعريفة التى سوف يتعاملون بها مع المستهلك، بالإضافة إلى ضرورة إثبات مدى قانونيتها بمنحهم التراخيص اللازمة وهو ما تعمل عليه وزارة الكهرباء حالياً.
أضاف أن أبرز المعوقات أمام انتشار السيارات الكهربائية تتمثل فى ترخيصها ما يؤدى لصعوبة تمويل عمليات الشراء حيث تمتنع البنوك عن تمويل شراء سيارة كهربائية نظراً لأن الرخصة يتم تجديدها شهريا وهو ما ترفضه البنوك العاملة فى قطاع تمويل السيارات ومن ثم فإنه فى حالة منح رخص سنوية فسينعكس الأمر بالإيجاب على مبيعات السيارات النظيفة وسيزيد من معدل انتشارها فى الشارع المصرى.
وقال عز الدين إبراهيم، مدير تطوير الأعمال وعضو مجلس إدارة شركة «ريفولتا إيجيبت»، إن مراكز الصيانة والخدمة متوافرة من جانب الوكلاء وعلى رأسهم المجموعة البافارية، بجانب محاولة بعض المستوردين لتوفير هذه المراكز.
أزمات عديدة تعرقل تواجدها فى الشارع المصرى والمرور العائق الأكبر
أضاف أن انتشار مراكز الخدمات والصيانة لن يستغرق الكثير من الوقت، وشركتنا تسعى لتنفيذ مراكز خدمة لصيانة وإصلاح السيارات الكهربائية فى مختلف المحافظات.
أوضح إبراهيم أن أكبر العقبات التى تواجه انتشار السيارات الكهربائية فى مصر هو الترخيص، نظراً لاحتياجه نحو 30 يومًا، مطالباً الحكومة بتقديم الحوافز من خلال تسهيل الاستيراد بأسعار مناسبة، مشدداً على ضرورة وضع تعريفة واضحة للشركات ومن ثم إعادة بيعها للمواطنين عبر محطات الشحن.
أشار إلى أن العديد من المصانع التابعة لوزارة الإنتاج الحربى، والشركات الخاصة تسعى للحصول على التكنولوجيا اللازمة لتصنيع السيارات الكهربائية.
وأضاف أن وضع مصر الآن يدفعها للحصول على دور الريادة فى قارة أفريقيا، وأن تصبح نقطة مركزية لصناعة السيارات، والصناعات المغذية لها، ومن ثم التصدير إلى الدول المجاورة.
وقال اللواء حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات، والمدير التنفيذى السابق لرابطة مصنعى السيارات، إن السيارات الكهربائية هى المفتاح السحرى لمستقبل صناعة السيارات عالمياً، بغض النظر أن تواجدها فى السوق المصرى، خطوة متأخرة، فى الوقت الذى يتجه فيه العالم للاعتماد عليها.
وأضاف أن التكنولوجيا الحديثة ليست بالأمر الهين، ويجب الحصول عليها واستخدامها بحرص وعناية.
وأوضح أن مصر لديها فرصة جيدة لدخول السيارات الكهربائية، لأن الجزء الأكبر منها يعتمد على البرمجيات والتكنولوجيا الحديثة.
ويرى مصطفى أن أحد المعوقات التى تواجه انتشار السيارات الكهربائية فى مصر، هو انخفاض عدد محطات الكهرباء فى الوقت الراهن، ولابد من إنشاء محطات الكهرباء فى جميع طرق مصر السريعة وفى أماكن تجمع السيارات داخل المدن.
وقال إن الحكومة بدأت بالفعل فى الانتباه الى ذلك حيث طورت أكثر من 20 محطة شحن بالاضافة الى جهود الشركات الخاصة فى إنشاء محطات كهرباء بالتعاون مع محطات الوقود وتجاوزت هذه المحطات نحو 60 محطة حتى الآن.
أضاف أن أسعار السيارات الكهربائية تفوق أسعار التقليدية مما قد يمثل عائقاً كبيراً أيضاً أمام انتشارها فى مصر، فضلاً عن غياب ثقافة السيارات الكهربائية بشكل عام لدى المستهلك المصرى.
أوضح أن المستهلك المصرى يضع المستويات السعرية للسيارات الكهربائية نصب عينيه ويتم مقارنتها بالسيارات التقليدية، دون النظر إلى تكلفة الفرصة البديلة، حيث أن ما يدفعه مقدماً فى سعر شراء السيارة، يوفر أضعافه بعد الشراء.
أشار إلى أن تكلفة صيانة السيارات الكهربائية تقل كثيراً عن نظيرتها التقليدية، وتكلفة التشغيل الأقل تجعل سعر السيارة مرتفعاً.
وفيما يخص تصنيع السيارات الكهربائية فى مصر، قال مصطفى إن مصر مؤهلة فى الوقت الراهن لتصنيع الحافلات فقط، نظراً لأنها تحتاج إلى مكونات محلية عالية متوفرة فى مصر، ولا تحتاج إلى محطات شحن خارجية مثل سيارات الركوب.
وتابع «فيما يتعلق بسيارات الركوب الكهربائية فلا يزال الوقت مبكر على إنتاج وتصنيع تلك النوعية منها وهو ما يأتى بالتزامن مع ندرة محطات الشحن على الطرق».
وقال إن هناك العديد من الحوافز التى يجب على الدولة توفيرها، مثل البدء فى عمليات تصنيع سيارات الركوب ومنها أن تحصل الصناعات المغذية الخاصة بها على الإعفاء الجمركى وإلغاء الضرائب عليها تماماً، مما يتيح الفرصة أمام الدولة للبدء فى التصنيع.
وطالب مصطفى بسهولة ترخيص هذا النوع من السيارات وتخفيض الرسوم مما يساعد على جذب المستهلكين إليها.
وقال حسن الدسوقى، رئيس مجلس إدارة شركة درشال للصناعات، إن مصر الآن قد تكون مؤهلة لانتشار السيارات الكهربائية، لكنها تحتاج إلى العديد من مراكز الخدمة والصيانة التى تلبى احتياجات هذا النوع من السيارات وهذا ما تقوم عليه العديد من الشركات الخاصة.
وأضاف أن انتشار هذه السيارات مازال يحتاج إلى الكثير من الوقت والتخطيط لتوفير البنية التحتية اللازمة، والتخلص من عشوائية التخطيط الموجودة فى الوقت الحالى.
وأشار إلى ضرورة تدخل الحكومة لتجهيز البنية التحتية للسيارات الكهربائية، الأمر الذى قد يحتاج إلى استثمارات ضخمة.
أوضح أن هناك العديد من العقبات التي تعرقل عملية انتشار السيارات الكهربائية منها على سبيل المثال ترخيص هذا النوع من السيارات، حيث تتيح إدارة المرور الرخص المؤقتة لهذه المركبات فقط وليست الرخص النهائية.
وقال إن مصر غير قادرة فى الفترة الحالية على تجميع السيارات الكهربائية، وتابع «نسبة مساهمة المكون المحلى التى حددتها الحكومة عند %45 أكثر ملاءمة للسيارات التى تعمل بالوقود، بينما يختلف الأمر مع السيارات الكهربائية التى تستلزم نسبة أكبر من مساهمة المكونات المحلية وخاصة الأتوبيسات وسيارات النقل».
أضاف أن البطارية تمثل نحو %60 من مكونات السيارة، وفى حال استيراد البطارية من الخارج فإن المكونات المحلية ستسهم بنسبة لا تتعدى %6، وفى حالة عدم توافر بطاريات ليثيوم فى مصر، فلن نمتلك القدرة على تصنيع السيارات الكهربائية.
وعن عمليات تحويل سيارات الركوب التقليدية إلى كهربائية فى الوقت الحالى قال إن هناك صعوبة فى تنفيذ ذلك لعدة أسباب؛ أهمها إلغاء الجمارك على السيارات الكهربائية، ما أدى لاستيرادها بتكلفة أقل من تكلفة التحويل أو التجميع محلياً، خاصة فى ظل ارتفاع الضريبة الجمركية المطبقة على استيراد مكونات السيارة الكهربائية، بالإضافة إلى تكلفة التجميع مما يجعل التكلفة الكلية مرتفعة.
كتبت: زمزم مصطفى