تهدد كل المشاكل المعتادة فى العالم بمزيد من التوتر المستمر بين إيران والسعودية والولايات المتحدة ونشر الفوضى فى جميع أنحاء الشرق الأوسط مع احتمال تصاعد التوترات فى آسيا سواء بسبب البرنامج النووى لكوريا الشمالية أو التصميمات الصينية الطموحة بشأن بحر الصين الجنوبى وهونج كونج وتايوان.
لكن الأضواء مسلطة على تصاعد التوترات فى الشرق الأوسط حيث حذرت وكالة “موديز” من أن أى اشتباكات مستمرة يمكن أن يكون لها تداعيات اقتصادية عالمية، فعلى المدى القصير هناك ما يكفى للقلق ومن المرجح أن يؤدى التوتر المتزايد، أو الصراع المباشر مع إيران نتيجة لحملة الضغط القصوى لإدارة ترامب، إلى ارتفاع أسعار البترول الأمر الذى سيكون بمثابة كبح للنمو العالمى.
وتثير الاحتجاجات المكثفة فى الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى تجدد القتال فى ليبيا وتركيا المغامرة، تساؤلات حول الانتعاش الاقتصادى للعديد من الاقتصادات الناشئة فى المنطقة، والتى تعد نفسها مفتاح النمو العالمى هذا العام.
وكتب ألكسندر بيرجيسى كبير المحللين فى “موديز” فى مذكرة للعملاء أنه سيكون للنزاع الدائم آثار واسعة النطاق من خلال صدمة اقتصادية ومالية واسعة تسوء ظروف التشغيل والتمويل.
وأضاف أنه من المحتمل أن يكون للنزاع الذى طال أمده تداعيات عالمية، لاسيما من خلال تأثيره على أسعار البترول، وقالت إيران بعد اغتيال القائد العسكرى قاسم سليمانى إنها لن تحترم قيود تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها فى الاتفاق النووى لعام 2015.
وأصدر البرلمان العراقى قراراً يدعو إلى طرد القوات الأجنبية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل المهمة الحليفة التى قاتلت بنجاح تنظيم “داعش” خلال السنوات الأخيرة.
وقال بيرجيسى، إن آثار التوترات المستمرة ستؤثر على الاقتصاد الأوسع وليس فقط قطاعى البترول والمصارف، حيث ستتأثر أشياء مثل السياحة فى الشرق الأوسط، على سبيل المثال، كما أشار إلى أن زيادة المخاطرة ستكون أمراً سلبياً بالنسبة للمصدرين، خاصة أولئك الذين لديهم احتياجات تمويل خارجية كبيرة واحتياطيات أصغر أو غير كافية نسبياً.
ومنذ الغارة الجوية نهاية الأسبوع الماضى ارتفعت أصول الملاذ الآمن مثل الذهب والسندات، وارتفعت أسعار البترول إلى أعلى مستوياتها فى عدة أشهر.
وحذر الخبراء بحسب تقرير لقناة “سى إن بى سى” من أن الصراع بين إيران والولايات المتحدة سيؤدى إلى تقلبات فى أسواق العملات والأسهم وارتفاع فورى فى أسعار البترول والذهب.
أسواق البترول والسياحة تعكس التأثير المباشر للصراع المسلح فى الشرق الأوسط
وأصدرت العديد من الحكومات تحذيرات داخلية بأن الحادث سيؤثر على الاقتصاد الكلى ويسبب تقلبات فى أسواق العملات والأسهم.
ومن المتوقع ارتفاع أسعار البترول ما لم يتم تخفيف الوضع وسيدفع تفاقم الصراع المستثمرين إلى الاحتفاظ بأصول منخفضة المخاطر ويؤدى إلى ارتفاع سعر الذهب على سبيل المثال.
وإذا استمرت إيران والولايات المتحدة بالانتقام من بعضهما البعض وتم إغلاق مضيق هرمز، فسوف يرتفع سعر البترول ويتأثر نقل البضائع، حيث تمر حوالى 20% من شحنات الخام البحرية العالمية عبر المضيق فى الخليج العربى.
وهناك أيضًا مخاطر سياسية قديمة الطراز، مثل الانبعاث العالمى للظاهرة السياسية الشعبوية فى جميع أنحاء العالم، وهو ما يعنى فى كثير من الحالات أخذ الهدف بعيداً عن اقتصاديات السوق، مما يضر بالنمو على مدى عقود بحسسب مجلة “فورين بوليسى”.
وفى إطار مخاطر أخرى لإشعال النظرة الشعوبية للاقتصاد العالمى، يدفن القادة العالميون رؤوسهم فى الرمال عندما يتعلق الأمر بالثورة الصناعية الرابعة وسوف يدفعون ثمنها فهناك القليل من التفكير المنهجى حول كيفية التعامل مع الأتمتة، ورد الفعل المناهض للعولمة وتنامى العوامل الهيكلية لما يمكن تسميته الشعبوية القومية.
وإذا كانت هذه مجرد مشكلة محلية سواء فى الولايات المتحدة أو المجر أو أى مكان آخر فإنها ستكون يوماً ما كتلة واحدة من الكراهية تسيطر على العالم فمثل هذه الاضطرابات السياسية تهدد أيضاً المكتسبات الاقتصادية التى عززت الرفاهة الاجتماعية على نطاق واسع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وبالتاكيد فإن الشعوبية لا تثق بالأسواق، وبالتالى فإذا كان لدى الاقتصاد قادة هيكليين بعيدين عن الأسواق فإن العالم سيعانى من مشكلة اقتصادية طويلة الأجل.
وفى آسيا، يمكن أن تجد المشاكل الاقتصادية الداخلية للصين تعبيراً فى السياسة الخارجية، سواء فى بحر الصين الجنوبى أو بسبب الأزمة فى هونج كونج أو حول مستقبل تايوان، والتى بدورها يمكن أن تؤدى إلى مزيد من الأسواق المتحللة والثقة الاقتصادية الأوسع.
ومما لا شك فيه أن التراجع فى الصين سيكون له أيضاً آثار عالمية كبيرة إذا ما دفعت القيادة إلى تبنى سياسة خارجية أكثر قومية أو مغامرة.