بداية أرجو ألا يفهم مقالى على غير القصد منه للتقليل من شأن الآثار الكارثية لوباء كورونا، والذى قامت منظمة الصحة العالمية بتصنيفه على أنه “وباء”، ولكن الهدف هو تحديد أولوياتنا.
ويهمنى إيضاح، أن هناك من الأمور التى تشكل لنا فى مصر أولوية قصوى وهى حوادث الطرق التى شهدت وسائل التواصل الاجتماعى مؤخراً اهتماماً لحظياً نتيجة الحادث المؤسف الذى راح ضحيته الرئيس التنفيذى لشركة أوراسكوم للتنمية، وربما لطبيعة عملنا فى مجال التأمين نراقب حوادث الطرق عن كثب وفى رأيى الشخصى أنها تعتبر الفيروس الذى يجب أن يكون مصدر الإزعاج لنا جميعاً وليس “كورونا”.
إحصائياً، فإن معدل حوادث الطرق فى مصر فى تناقص، حيث وصل إلى 8500 حادث عام 2018 منخفضاً من أعلى مستوياته فى عام 2010 حيث بلغ 24.400 حادث وفقاً لإحصائية الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء وهو أمر جيد وله أسباب عديدة ربما أهمها تحسين جودة الطرق واتساعها.
إلا أنه على الجانب الآخر زادت بشكل كبير شدة الحوادث، والتى تقاس بمعدل الإصابة أو الوفاة لكل حادث، حيث ارتفع المعدل من 1.7 فى عام 2006 إلى 1.8 فى 2018 وهو ارتفاع فى الحقيقة ليس له ما يبرره، حيث أن السيارات الحديثة مزودة بعوامل أفضل للأمان وكذلك من المفترض ارتفاع الوعى بصورة عامة لدى الجمهور فى خلال فترة 12 عاماً.
ومن المؤكد، أن التأثير السلبى على المجتمع لفقد عائل الأسرة فى أغلب الحالات “وفقاً لإحصائية لمنظمة الصحة العالمية فى عام 2007، فإن 70% من ضحايا حوادث الطرق فى مصر من الرجال” كما أن تأثر الاقتصاد بصورة عامة والسياحة بصورة خاصة من أنباء الحوادث ما يضع مصر فى مكانة أقل من التى تستحقها رغماً عن الاستثمار فى الطرق وأنظمة السلامة فى السيارات والأتوبيسات.
وفى الواقع، فإن قطاع التأمين يلعب دوره من حيث تعويض المتضررين وفقاً لعمل مجمعة التأمين الإجبارى على السيارات وكذلك المؤمن عليهم سواء حوادث شخصية أو حياة ولكن هناك أيضاً الدور المهم الذى يجب زيادته وهو المساهمة فى نشر الوعى عن حوادث الطرق وأضرارها على الاقتصاد ومستقبل الأسرة.
ويتبقى السؤال: ماذا يمكن فعله لتقليل الحوادث وشدتها وربما تقديم توصية فى هذا الشأن؟
1- النقطة الأهم هى زيادة الوعى والتأكيد على حملات التوعية لكل أطياف الشعب ووسائل الإعلام وربما العمل مع المدارس ووزارة التربية والتعليم لتوفير مواد تثقيفية للأطفال، وحسناً فعل اتحاد التأمين بعمل ماراثون مخصص لجذب الانتباه بعنوان “توقف عن الكتابة أثناء القيادة”.
2- التدقيق فى منح رخص القيادة وتطبيق العقوبات الحازمة لمخالفات المرور خاصة لسائقى النقل والأتوبيس مع استخدام محددات السرعة وكذلك تعميم الاتجاه نحو فحوص لاكتشاف تعاطى المواد المخدرة.
3- استخدام حزام الأمان: بالرغم من وجود قانون يلزم راكب السيارة سواء السائق أو الراكب فى الكرسى الأمامى بارتداء حزام الأمان، إلا أنه حتى الآن فإن مجال التطبيق ضئيل جداً ويعتمد على رغبة الأفراد بالرغم من أهميته البالغة، حيث تثبت الإحصائيات بأنه يمكن النجاة من الحوادث القاتلة والإصابات الشديدة فى حالة ارتداء الحزام فى 45% من الحالات للسائق والراكب فى الكرسى الأمامى.
ويذكر أن معدلات ارتداء الحزام فى الولايات المتحدة بلغت 90% عام 2018 مرتفعة من 83% فى 2011 وللأسف لاتوجد إحصائيات عن ارتداء الحزام موثقة فى مصر، ولكن أغلب الظن أنها لا تتجاوز 5% إلى 10% فى أحسن التقديرات.
4- زيادة أعداد كاميرات مراقبة السرعة وربطها إلكترونياً على جميع الطرق السريعة وهناك تجارب جيدة فى العالم العربى فى هذا الشأن.
5- التأكيد على استخدام “الخوذة” لراكبى الموتوسيكل والدراجات البخارية.
6- استخدام وسائل ذات تأثير فى نشر الوعى مثل “مصابى أو ضحايا حوادث الطرق” وتجربتهم فى هذا الإطار.
وفى النهاية نرجو الله العلى القدير أن يحفظ أهلنا وأوطاننا من كل شر ومكروه.
بقلم: محمد مهران العضو المنتدب لشركة “أليانز مصر لتأمينات الممتلكات”