لطالما كانت العلامات التجارية ووسائل الإعلام في السابق بمثابة بوابات للمحادثات، لكن الوضع اختلف في الوقت الحالي حيث انتقل التحكّم بالمحادثات إلى الناس، ويشارك ملايين الأشخاص في المحادثات العامة المفتوحة عبر “تويتر” يومياً؛ إذ تعكس هذه المحادثات ما يجري في العالم بوتيرة سريعة لم يسبق لها مثيل، لا سيما مع وجود اللحظات الثقافية التي توفّر الفرص الهامة للتواصل مع الجمهور.
ومع ظهور وتفشي فيروس كورونا “كوفيد 19″، دخلنا في مرحلة مليئة بعدم اليقين، وشكّل ذلك سبباً للجوء الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي من أجل مشاركة إحباطهم وقلقهم وكذلك من أجل إيجاد الدعم المناسب.
وبطبيعة الحال، لا يمكن اعتبار الوباء العالمي فرصة تسويق للعلامات التجارية بأي شكل من الأشكال، إلا أنه لابد من توحيد الناس من جميع أنحاء العالم حول هذا الأمر البالغ الأهمية، لذا، على العلامات التجارية أن تتواصل مع جماهيرها حين ترى ضرورة لذلك، وأن توفّر الرسائل الإيجابية بغض النظر عن السياق الحالي.
أما أبرز الاتجاهات التي شهدناها في الحملات الناجحة عبر “تويتر”، فتمحورت حول العلامات التي تواصلت مع جمهورها في شأن الأحداث المستجدة، سواء تعلّق الأمر بمناسبة أو عطلة ما، أو في هذه الحالة بشهر رمضان.
تواصل العلامات التجارية مع عملاءها خلال شهر رمضان
وتبرز أهمية شهر رمضان في العالم الإسلامي بوضوح عبر “تويتر”، حيث يوفّر الشهر المبارك فرصة للعلامات التجارية كي تتواصل مع جمهورها أكثر من أي وقت مضى.
وأظهرت دراسة أجريت في وقت سابق من هذا العام في مصر أن 55% من الأشخاص عبر تويتر يقضون المزيد من وقتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال شهر رمضان أكثر من أي وقت آخر، فخلال هذا الشهر يلجأ الأشخاص على “تويتر” لإجراء المحادثات حول المواضيع التي تهمهم كالعقيدة أو الطعام أو الترفيه، مما يظهر الفرصة للعلامات التجارية للربط والتواصل مع تلك المحادثات.
كما أظهرت الدراسة أن 60% من مستخدمي تويتر في مصر يعتقدون أنهم ينفقون المزيد من الأموال خلال شهر رمضان، بينما شكّلت نسبة المنفتحين لتجربة العلامات التجارية والمنتجات الجديدة خلال رمضان 46%.
وهنا، تجدر الإشارة إلى التحوّل الكبير الذي سيشهده شهر رمضان من هذا العام، لا سيما مع الوضع الحالي العالمي جراء فيروس كورونا “كوفيد 19″، حيث من المرجح ان ينتقل الناس أكثر فأكثر نحو التجارة الإلكترونية بينما يصبحون أكثر وعياً تجاه ميزانيتهم وكيفية إنفاقهم.
وتُؤكد أهمية التواصل مع المستهلكين دراسة أجرتها شركة “ماجنا” في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث سلّطت الضوء على مدى رغبة المستهلكين في أن تكون العلامات التجارية جزءاً مما يحصل، ويأتي ربع قرار الشراء لدى المستهلك من مدى ارتباط العلامة التجارية بالثقافة.
بناء ملاءة ثقافية للعلامات التجارية
لذا، وفي ظل ازدياد أهمية الملاءمة الثقافية كمحرك أساسي لقرار الشراء لدى المستهلك، على العلامات التجارية بناء تلك الملاءمة من خلال المشاركة في المحادثة.
وقد كشفت دراسة أخرى أجريت مؤخراً أنه كلما ارتفع نشاط العلامة التجارية عبر “تويتر”، كلما كانت ذات صلة أكبر ثقافياً في نظر الجمهور، ويشكّل الارتباط ما بين الاستثمار عبر المنصة والتصورات المتعلقة بالصلة الثقافية للعلامة التجارية من 88 إلى 90%.
تمتلك العلامات التجارية المرتبطة بالثقافة فرصة كبيرة للتميز وسط الفوضى الحاصلة في السوق، حيث بإمكانها التأثير على جمهورها القيّم بإيجابية كبيرة. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن للعلامات التجارية الاستفادة من هذه الأفكار بهدف التواصل الفعال حول ما يحدث، خصوصاً خلال شهر رمضان؟
أولاً، عند التواصل حول ما يحدث، على المسوّقين أن يأخذوا في عين الاعتبار “طريقة تفكير” الجمهور قبل أي شيء.
وقد أظهرت دراسات أجريناتها “تويتر” سابقاً في المنطقة أن جماهير تويتر تتميّز بأنها متقبّلة ومؤثرة في الوقت ذاته.
كما كشفت دراسة أجرتها “مجموعة قنطار” في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن 75% من الأشخاص على تويتر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يؤثرون على أصدقائهم وعائلاتهم عبر إعلامهم بعلامتك التجارية.
شهر رمضان فرصة للمعلنين على تويتر
وفي هذا السياق، يعتبر الشهر الكريم مناسبة رائعة للمعلنين كي يصلوا إلى أبرز الجماهير في وقت يتميّزون بالتقبّل أكثر من أي وقت آخر، لا سيما مع اعتراف 35% من المستخدمين المصريين عبر المنصة أنهم يستمتعون بمشاهدة إعلانات رمضان، مقارنة بمشاهدة باقي الإعلانات خلال السنة. إلا أن الأزمة المستجدة تتطلّب ترجيح التغييرات في سلوك عميلك خلال الشهر المبارك، حيث سوف تتأثر التغييرات السلوكية بالوباء العالمي المستمر، وبالتالي تؤثر على احتياجاته.
لقد وجدت تويتر، بالاستناد إلى أكثر من 100 دراسة لتأثير علامة “نيلسن” وإلى بيانات تويتر الداخلية، أن أكثر حملات الاتصال نجاحاً عبر المنصة تتبع ثلاثة أمور أساسية: تقوم تلك الحملات ببناء استراتيجية أساسها المستخدم، وتزيد من نسبة إنفاقها للمنتجات المناسبة في الوقت المناسب، كما أنها تعزّز من إبداعاتها التي تتماشى مع مؤشرات الأداء الرئيسية لديها.
استراتيجيات إنشاء محتوى
أما في ما يتعلق بالاستراتيجية، فهناك ثلاثة أنواع من المحتوى الذي تود العلامات التجارية إنشائه: المخطّط، والمرجّح، ومحتوى “الوقت الفعلي”.
وأبرز الأمور التي تركّز عليها العلامات التجارية خلال شهر رمضان هي المحتوى المخطّط لاستخدامه طوال فترة الحملة، مع العلم انه يجب تمديده ليتماشى مع اللحظة المرتبطة به. وبينما يعتبر المحتوى المخطط هو كل ما تنشئه العلامة التجارية بالفعل، فقد تتفاوت وتيرة النشر بعض الشيء، آخذة في عين الاعتبار الوقت الفعلي. وثمة أمثلة رائعة حول ذلك في المنطقة.
فقد عزز تطبيق التسليم “مرسول” (@AppMrsool) الوعي حوله عبر إطلاق حملة مكوّنة من إعلانات الفيديو المليئة بالمعلومات الهامة، والتي عرضت ميزاته بطريقة شيّقة.
وأظهرت الفيديوهات على مدار الشهر بشكل مكثف عبر حساب منشئ المحتوى السعودي المعروف أحمد الشقيري (@shugairi)، كما جمعت مقاطع الفيديو، التي احتفلت بجوانب متنوّعة من رمضان والثقافة الإسلامية، أكثر من 10 ملايين مشاهدة إعلان، مقابل تكلفة مناسبة جدًا لكل مشاهدة.
أما في ما يتعلّق بالمحتوى المتوقّع، أي المحتوى حول ما يمكن أن يحدث، فيجب على العلامات التجارية استخدامه عند المشاركة في المحادثة عن طريق التطرّق إلى الرسائل المميّزة.
وتجدر الإشارة إلى انه يتم توقّع غالبية لحظات “الوقت الفعلي”، حيث هناك إمكانية لإنشاء هذا المحتوى مسبقًا.
تواصلت “مجموعة طلعت مصطفى” (TMG_Holding) في العام الماضي مع جمهورها من خلال استخدام أغنية للنجمة أصالة، بهدف الترويج لـ”مدينتي”، مشروعها العقاري الجديد، وتم بث فيديو “مدينتي” مباشرة في الوقت عينه حيث كانت الأغنية تنتشر بشكل كبير عبر المنصة.
واستخدمت “مجموعة طلعت مصطفى” صيغة إعلان الفيديو الدعائي عبر “تويتر” لحملة موجّهة في كل من مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، وحققت 1.8 مليون مشاهدة للفيديو، بالإضافة إلى زيادة عامة في المحادثات عبر “تويتر” في شأن العلامة التجارية ككل.
أما النوع الثالث، أي المحتوى في الوقت الفعلي، الذي يكون حول ما هو غير متوقع، فيجب استخدامه حين تشارك العلامات التجارية في المحادثة وحين تنضم إلى المحادثات تماماً بعد لحظة الذروة فيها، وذلك من اجل إنهائها بشكل تدريجي. ويتعلّق المحتوى التفاعلي بكل ما هو غير متوقّع، ويأتي هذا النوع من المحتوى بأفضل النتائج في بعيداً عن الشهر المبارك.
وتوصى تويتر؛ العلامات التجارية التي تود أن تتواءم مع موضوع معيّن، بأن تستخدم الحلول مثل “رعاية الفيديو أثناء البث”، لأنها تعتبر من الأفضل في ما يتعلق بالربط ما بين الوعي والرسائل.
وتتعاون تويتر مع كبار الناشرين في المنطقة لإتاحة المحتوى الأكثر ملاءمة حول هذه المواضيع عبر المنصة، منطلقين من الرؤى المستمدة من الاستطلاعات عبر تويتر.
على سبيل المثال، يبحث 44% من المستخدمين في مصر عبر تويتر عن المحتوى الترفيهي، بينما يفضل 43% من الناس المحتوى المتعلّق بالكوميديا، ويأتي بعدهما المحتوى المتعلق بالصحة واللياقة البدنية والطعام.
ووفقًا لهذه الإحصاءات، سوف تضيف المزيد من محتوى البريميوم في شهر رمضان من هذا العام.
في حين أن الاستراتيجية الذكية في غاية الأهمية، إلا أن المحتوى الإبداعي هو أيضاً المفتاح.
ويظهر تقرير “IAB Video Landscape” أن 47% من زيادة المبيعات سببها تصميم الإعلان المستخدم في الحملة، فيجب أن تكون التصميمات الإبداعية قصيرة ومركّزة قدر المستطاع، مؤدية إلى لفت انتباه الناس من خلال رسالة واحدة فقط. كما يجب إنشاء مقاطع الفيديو التي لا تزيد عن 15 ثانية لمقاطع الفيديو الدعائية، ولا يجب أن يزيد وقت الفيديوهات قبل التشغيل عن الـ6 ثوان، ومن الضروري توافر الصور القوية من أجل إيصال الرسالة بسهولة أكثر، بالإضافة إلى خلق التعليقات على الصورة والإشارات المرئية التي تساهم في إيصال رسالة العلامة التجارية بدون صوت، أخيراً، على العلامات التجارية أن توفّر التمييز السلعي طوال الفترة التي يعرض فيها الإعلان، لا سيما ان الشعارات ولقطات المنتج تؤدي إلى تذكر وربط العلامة التجارية بشكل أفضل.
للتلخيص، من الضروري اعتماد التغريدات البسيطة، حيث يجب على العلامات التجارية جعلها مختصرة، بالإضافة إلى ربط المحتوى بالتعليق، وإضافة الوسوم “هاشتاج”.
إذًا، يجب أن تبقى العلامات التجارية ذات صلة ومواءمة، بينما تراعي في الوقت عينه البيئة الحالية.
وبينما يجب ربط التصميم بالتعليقات المكتوبة على الصورة، من الضروري الحفاظ على صدق هوية العلامة التجارية، كما توضح دراسة “ماجنا”، حين تربط العلامات التجارية بما يحدث عبر تويتر، فإنها ترى مسار التحويل على النحو التالي: 18%+ ربط الرسالة، 8% + وعي حول العلامة التجارية و7%+ تفضيل العلامة التجارية.