خطوط إنتاج المركبات التجارية تواصل العمل.. وتوقف “الملاكى”
ألقت جائحة كورونا، بظلالها الكئيبة على مختلف المجالات، خاصة القطاعات الصناعية فى أغلب دول العالم.
ومن أبرز القطاعات التى تعرضت لأضرار ثقيلة، قطاع السيارات الذى توقفت مبيعاته وأصابها الشلل، وهو ما تسبب فى توقف قطاع الصناعات المغذية أو خفض الكفاءة الإنتاجية اليومية، إذ يختلف الأمر من دولة لأخرى.
وفى مصر لم تتوقف مصانع السيارات عن العمل، ولكنها خفضت الإنتاج، مما عاد بالسلب على قطاع الصناعات المغذية الذى بدأ اتخاذ عدة اجراءات الاحترازية.
قال المهندس على توفيق، مؤسس ورئيس رابطة الصناعات المغذية للسيارات، إن جائحة كورونا تبرز أهمية تعميق التصنيع المحلى والاعتماد على الذات.
لكن فى الوقت نفسه، لا توجد دولة فى العالم تُنفذ جميع مراحل الإنتاج بشكل ذاتى، وإنما كلما ازداد تعميق التصنيع المحلى كلما قل تأثرنا بالتغيرات التى تحدث فى الأسواق الخارجية لأى سبب من الأسباب، ومن ضمنها أزمة كورونا.
أضاف توفيق، إن العديد من خطوط إنتاج السيارات توقفت فى الوقت الحالى بسبب كورونا، فى حين تعمل معظم خطوط إنتاج المركبات التجارية (الميكروباص والأتوبيسات)، نظراً لاعتمادها على صناعات مغذية محلية الصنع أولاً، وثانياً لأن تصدير تلك المركبات مستمر.
وكشف أن السبب في توقف إنتاج مصانع السيارات الملاكي، هو عزوف المستهلك فى الوقت الحالى عن الشراء، مشيراً إلى إغلاق مصانع السيارات فى الصين الفترة الماضية، كما أن تعليق العمل فى الموانئ الصينية أوقف حركة توريد قطع الغيار إلى أسواق العالم ومنها السوق المصرية، إلى جانب وقف أعمال شركات الشحن، وكل هذه الأسباب عطلت مصانع الإنتاج فى مصر.
قال توفيق، إن أزمة وباء كورونا، تسببت أيضاً فى توقف إنتاج مصانع السيارات فى بعض الدول الأوروبية، مشيرًا إلى تعرض المصانع التى تعتمد على توريدات الصناعات المغذية من الخارج سواء سيارات تجارية أو سيارات ملاكى، إلى تعليق الإنتاج الفترة المقبلة بخلاف الشركات التى قد تعتمد على الصناعات المحلية فقط.
وأكد أن مصانع الصناعات المغذية التى تعمل الفترة الحالية، اتخذت العديد من الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس ومنها المراقبة الشديدة على العاملين فى المصانع.
توفيق: الأزمة تبرز أهمية تعميق التصنيع المحلى والاعتماد على الذات
وحين تظهر أى أعراض انفلونزا عادية أو “كوفيد 19″، يتم إعطاء المريض إجازة لمدة 14 يوماً، تجنباً لإصابة آخرين.
كما يجرى تقليل الاحتكاك بين العاملين من خلال خفض الطاقة الإنتاجية فى المصانع، وتشغيل الموظفين من المنازل ممن تسمح طبيعة عملهم بذلك، نافياً تسريح العمال فى الشركات الصناعات المغذية.
وأشار رئيس رابطة الصناعات المغذية، إلى أن الأزمات التى تعرضت لها مصر فى السابق، أوجدت خبرة فى التعامل مع الأزمات، إذ يجرى توفير مخزون كاف من الإنتاج سواء من السيارات أو قطع الغيار لاستخدامه فى مثل هذه الفترات الكبيسة.
وطالب الحكومة، بتسهيل حركة السيارات التابعة للمصانع خلال ساعات الحظر، حتى يمكن توفير كم كبير من الإنتاج.
حذر توفيق، من أن قطاع السيارات المحلى قد يدخل أزمة شديدة الفترة المقبلة، مما سينتج عنه ارتفاع الأسعار، وخصوصاً فى قطاع المكونات وقطع الغيار، لأنها المحرك الأول لقطاع السيارات، وذلك نتيجة نقص المعروض فى ظل الإجراءات الوقائية التى تتخذها غالبية دول العالم وعلى رأسها الصين.
وقال تامر الشافعى، رئيس شعبة الصناعات المغذية، بغرفة الصناعات الهندسية، إن المصانع تقسم العمل فى عدة ورديات مختلفة، لتلبية طلبات العملاء، ويتم تقسيم العمالة على هذه الورديات للحد من الكثافة والتزاحم.
أضاف أن الشعبة فى تواصل دورى مع المصانع، للوقوف على آخر المستجدات، نافياً إقدام مصانع “الصناعات المغذية” على أى عمليات تسريح للعمالة، وإنما يقتصر الأمر على ترتيب سير العمل داخل كل مصنع.
وأكد الشافعى، أن جميع المصانع تحافظ على العمالة بالكامل ماديًا وصحيًا، وتتبع تعليمات رئاسة مجلس الوزراء التى ترسلها لإتحاد الصناعات، ويقوم بدوره بتوزيعها على جميع المصانع الموجودة تحت مظلته.
الشافعى: تقسيم العمالة فى ورديات للحد من الكثافة والتزاحم
وقال عمرو سليمان، المدير العام لشركة الأمل وكيل “بى واى دى” و”لادا” فى مصر، إن “الأمل” أوقفت خطوط إنتاجها لمدة استغرقت 15 يوماً، بهدف الحفاظ على أرواح وصحة العاملين فى المقام الأول، مؤكدًا صرف الرواتب للعاملين خلال تلك الفترة.
أضاف أن الشركة استأنفت نشاطها مرة أخرى، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة لمواجهة فيروس كورونا، إذ وفرت الشركة أجهزة قياس الحرارة والكمامات والقفازات للعاملين، فضلاً عن تخفيض الطاقة الإنتاجية لمنع التكدس العمالى بالمصنع.
وكشف المدير العام لشركة الأمل، جمود المبيعات هذه الفترة بسبب تطبيق قرار وقف تراخيص المرور من جانب وزارة الداخلية، مؤكدًا أن نسبة المبيعات فى الفترة الحالية هى صفر%.
وطالب وكيل علامتي “بي واي دي” و”لادا”، الحكومة بفتح تراخيص المرور للسيارات المحلية فقط، لاسيما ان مصانع السيارات ترتبط بمصانع أخرى في دورة التصنيع منها مصانع الصناعات المغذية، لذلك لابد من فتح باب الترخيص مرة أخرى لتفادى الخسائر الطائلة التي ستتكبدها تلك المصانع.
ولفت سليمان إلى وجود العديد من الجهات الحكومية التي تعمل دون توقف، موضحاً أن زيادة مدة وقف التراخيص إلى 23 أبريل قد يمثل مشاكل كبيرة للشركات ومعارض السيارات، فغالبية المعارض أغلقت أبوابها هذة الفترة بسبب وقف التراخيص.
واقترح سليمان، أن يتم ترخيص السيارات الجديدة فقط دون السيارات المستعملة، تفادياً للزحام، متوقعاً انخفاض مبيعات السيارات الفترة المقبلة بنسبة 50% أو أكثر، إلى أن تعود المبيعات لطاقتها المعتدلة نهاية العام الحالى.
ونفى رئيس “الأمل”، وجود أى مشكلات فى الصناعات المغذية للسيارات المحلية الفترة الحالية، مؤكداً أن الأسواق الصينية بدأت العمل وإرسال منتجاتها من الصناعات المغذية دون مشاكل، ولا يوجد ارتفاع فى تكاليف عمليات الشحن.
وقال شريف الصياد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة تريدكو للصناعات الهندسية، إن خطوط إنتاج الشركة تعمل بكفاءة تامة، لكن مع خفض الطاقة الإنتاجية بنسبة 15-20% تقريبًا، نتيجة خفض عدد ساعات العمل ساعة واحدة فقط بسبب مواعيد الحظر وتقليل كثافة العمال، كما أن غالبية مصانع السيارات لا تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية بسبب ركود الأسواق.
أضاف أن “تريدكو” تركز حاليًا على إنتاج مخزون استراتيجى، إذ يذهب 60 % من الإنتاج إلى مصانع السيارات، فى حين تذهب نسبة الـ 40 % المتبقة إلى مستودعات التخزين، تحسبًا لأى ظروف طارئة قد تستدعى إيقاف الإنتاج تمامًا بالمصنع، مما قد يضع المصانع الأخرى فى دائرة المنتج النهائى، فى موقف حرج.
ووفقًا للصياد، دفعت الأزمة الحالية أغلب شركات الصناعات المغذية، نحو التركيز على السوق المحلي بسبب إغلاق التصدير والاستيراد، وقامت مصانع عدة بتحويل إنتاجها من التصدير والتصنيع إلى البيع في السوق المحلي كبديل للاستيراد، ودفع عجلة مبيعاتها بعد خفض الطاقة الإنتاجية لمصانع السيارات.
وأكد أن تركيز المصنعين على اسواق قطع الغيار المحلية، سيؤتى ثماراً عديدة على المدى الطويل، لزيادة الاعتماد على المنتج المحلى، لأنه ليس هناك داع للاعتماد على الاستيراد فى حين يوجد بديل محلى محترم.
ولفت الصياد، إلى أن “تريدكو” تتخذ العديد من الإجراءات الاحترازية حفاظًا على سلامة وصحة موظفيها وهى توزيع كمامات يوميًا، وإطلاق إنذار كل ساعتين لتذكير العمال بترك خطوط الإنتاج والقيام بغسل أيديهم ثم العودة للعمل من جديد، بالإضافة إلى توزيع المطهرات على خطوط الإنتاج المختلفة لتكون بالقرب من العمال، كما يجري قياس درجة حرارة جميع العمال عند الدخول أو الخروج من المصنع.
وحال الشك فى مرض أى موظف، تقوم الشركة بإعطائه إجازة مدفوعة الأجر لحين الاطمئنان على صحته، كما تطهر الشركة مركبات نقل الموظفين يوميًا، ويتابع تنفيذ هذه التدابير مدير المصنع بنفسه.
ويأمل الصياد، أن تنتهى الأزمة قبل مرور شهرين تجنباً لتعثر الشركات، إذ يتحمل أغلبها دفع المرتبات دون وجود موارد واضحة.. والجميع يحاول إيجاد حلول وسط بعيدًا عن تسريح العمالة وهو الخيار الذى سيكون مأساويًا فى ظل الظروف الراهنة.
أضاف أن “تريدكو” قررت مسبقًا عدم التضحية بأى من موظفيها مهما كانت الظروف، وتضع الشركة عدة خطط، منها سيناريو لحالة فرض الحظر الكامل، مؤكداً أن المرتبات الصغيرة لن يكون هناك مساس بها تمامًا، فى حين المرتبات الكبيرة هى التى ربما ستخضع للخفض حال استمرار الأزمة.
كتب : زمزم مصطفى