انكماش السياحة يفاقم خسائر الحافلات.. والتشييد والبناء يعزز وضع المركبات التجارية
بداية من 2021 سيتحول الطلب «المكبوت» ويدفع عمليات الشراء لأعلى
كشف تقرير صادر عن وكالة التصنيف الائتمانى العالمية «فيتش سوليوشن»، أن إجمالى مبيعات السيارات فى مصر سيواجه اتجاها عكسيا العام الحالى مع تدهور معنويات المستهلكين والشركات، وتماشيًا مع التوقعات الاقتصادية المحلية والعالمية المتدهورة بسبب جائحة «كورونا».
وشهدت مصر، إغلاقا غير مسبوق للتخفيف من حدة انتشار الفيروس، وهو ما دفع «فيتش» لتوقع انكماش مبيعات السيارات بنسبة 8.2% لتصل إلى 165.132 وحدة، أى أقل من التوقعات السابقة لها والتى كانت تشير إلى زيادة المبيعات 9.7%.
خلص التقرير إلى أن قطاع السيارات المصرى بوجه عام سيواجه ضغطا سلبيا كبيرا فى 2020 بسبب تأثره السلبى بالفيروس، مما ينذر بوقوف مبيعات سيارات الركوب عند 115.79 ألف مركبة، فى حين أن مبيعات الحافلات ستشهد تأثرًا أضخم بنسبة تراجع 20%، ومبيعات متوقعة عند 9.518 ألف حافلة مقابل توقعات نمو سابقة عند 2.1%.
وأحد اسباب هذا التراجع فى مبيعات الحافلات، هو تراجع أعداد السائحين بسبب إجراءات تعليق الرحلات الداخلية والخارجية.
لكن التوقعات أشارت أيضا لتعزيز الطلب على المركبات التجارية على المدى المتوسط نتيجة صناعة التشييد والبناء التى تشهدها مصر. وعلى مستوى الإنتاج، فإن الاضطراب الحاصل فى سلسلة التوريد سيدفعه إلى انخفاض كبير العام الحالي.
وعلى الصعيد العالمى، سيشهد قطاع السيارات الكثير من التحديات، إذ يدفع الفيروس، المستهلكين والشركات إلى التركيز على الإنفاق الأساسى، مما ينبىء بانخفاض المبيعات عالميًا 9.9% خلال 2020.
وسيستمر الفيروس فى التسبب بتوقف الإنتاج لأنه يعطل سلاسل التوريد. وتختار شركات صناعة السيارات تعليق الإنتاج لإبطاء انتشار الفيروس وحماية الموظفين، نتيجة لذلك.
وتعتقد المؤسسة أن الإنتاج العالمى للسيارات سيتعرض للضغط عام 2020، فى حين ستشهد المركبات طلبا ضعيفا.
التحليل الاستراتيجى
حلل نموذج SWOT الرباعى، عددا من نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات التى تمتلكها مصر فى قطاع السيارات.
وتتمثل نقاط القوة، فى امتلاك مصر إحدى قواعد الإنتاج القليلة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بجانب وجود العلامات التجارية العالمية الرائدة المنتجة محليا على أرضها.
أما الموقع الجغرافى، فيجعل من البلاد مركزًا مثاليًا للتصدير بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا.
وحول نقاط الضعف، كشف التقرير أن الاضطراب السياسى المطول، تسبب فى عدم اليقين بشأن سياسة الصناعة.
كما أن النقص فى العملات الأجنبية، يعيق قدرة مجمّعى المركبات على دفع ثمن أطقم ومكونات مستوردة.
انكماش السياحة يفاقم خسائر الحافلات.. والتشييد والبناء يعزز وضع المركبات التجارية
وتستمر أسعار الفائدة المرتفعة فى التأثير على قدرة المستهلكين على الحصول على قروض لشراء المركبات.
وخلص التقرير إلى ان ثمة فرص تتمثل فى إمكانات نمو قوية بسبب حجم البلد، وانخفاض معدل ملكية المركبات وكثرة الشباب وتعداد السكان.
كما أن مناطق التجارة الحرة، تجلب نماذج مستوردة تنافسية إلى السوق، بجانب خطط استبدال أساطيل الحافلات التى ستدعم مبيعات الحافلات وإنتاجها.
وحول التهديات المحتملة، قال التقرير إن تدابير البنك المركزى لحماية الجنيه، تهدد وصول الصناعة إلى العملات الأجنبية للأجزاء المستوردة والمكونات، وستحد من واردات المركبات.
كما أن مناطق التجارة الحرة، تجعل التصنيع المحلى أقل جاذبية لتلك العلامات التجارية من البلدان المشاركة فيها الصفقات، بجانب نمو قواعد الإنتاج الأخرى فى شمال أفريقيا مثل الجزائر والمغرب.
سيارات الركوب
أشارت توقعات «فيتش»، إلى أن إنتاج مصر سيصبح 70 ألف سيارة سنويًا بداية من العام الحالى حتى 2024 وهو الرقم نفسه خلال العامين السابقين، على أن ينمو إنتاج المركبات بمعدلات ما بين 1.5 إلى 2.5% خلال السنوات الأربع المقبلة، فى حين يسجل تراجعا خلال العام الحالى 6.9% مقارنًة بمعدلات نمو 91.7% و7.1% خلال 2018 و2019 على التوالي.
أمَا عن حجم المبيعات فتوقعت المؤسسة تراجعها عند مستويات الـ 170 ألف سيارة خلال العام الحالى وخلال 2021، وهو الرقم نفسه فى 2018، فى حين تشهد نمو إلى نحو 180 ألف فى 2022 ثم 190 ألف مركبة خلال العامين اللاحقين.
وانخفضت مبيعات المركبات المجمعة محليًا بنسبة 9.4% لتصل إلى 85.600 وحدة مقارنة بـ 94.400 وحدة فى 2018 وانخفضت مبيعات السيارات المستوردة بنسبة 2.3% لتصل إلى 97.107 وحدة.
وارتفعت مبيعات سيارات الركوب بنسبة 58.2% فى الربع الأول من العام الحالى لتصل إلى 37.011 وحدة مقابل 23.402 وحدة تم بيعها فى الربع الأخير من 2009، فى ظل الطلب المكبوت فيتأخر شراء المركبات نتيجة لحملة المقاطعة والتى تعرف باسم «خليها تصدى».
وستؤدى الاختلالات المحتملة فى سلسلة التوريد التى سيواجهها مجمعو المركبات المصريون على الأرجح إلى انخفاض المخزون.
وتوقعت «فيتش» أنه من 2021 وصاعدًا سيتحول الطلب المكبوت الذى عايشه القطاع من جانب المستهلكين الذين توقعوا انخفاض أسعار السيارات، ويدفع المبيعات إلى أعلى.
وستظل مبيعات السيارات المستوردة مرنة نسبيًا مع تخفيضات الرسوم الجمركية عليها، فى حين تستمر مخاطر هبوط أو ارتفاع قيمة العملة المحلية، علمًا بأن الانخفاض الحاد سيعود بالنفع على السيارات المجمعة محليًا، نظرا لانخفاض أسعارها حينئذ مقارنة بالمستوردة.
المركبات التجارية
وألقت المؤسسة الضوء على مبيعات الشاحنات والمركبات التجارية فى العموم، وربطته بقوة صناعة البناء التى تشهدها مصر فى الوقت الحالى إلا إن ذلك سيكون فى المدى المتوسط، فى حين سيؤدى استمرارية انتشار الفيروس إلى احتمالية توقف العمل مما يؤثر بالسلب على عمليات الطلب على المركبات التجارية على المدى القريب.
وأشارت التوقعات إلى تقلص المبيعات 8.4% فى 2020 لتصل إلى 49،342 وحدة، يتبعها انتعاش فى العام التالى بزيادة 3.3% في 2021، بعد ذلك نمو مستقرًا بمتوسط نمو سنوى يبلغ 2.1% خلال فترة توقعات المؤسسة من العام الجارى حتى 2029، فى حين توقع فريق البنية التحتية لدى المؤسسة أن تحافظ مصر على مكانتها كواحدة من أسرع أسواق الإنشاءات نموًا.
مبيعات الأتوبيسات
وتراجعت توقعات فيتش بشأن مبيعات الحافلات خلال العام الجارى لتبلغ نحو 9.518 وحدة، أى بانخفاض %20 على أساس سنوى، مقارنةً بتقديرات سابقة كانت تشير إلى نمو 2.1% خلال الفترة نفسها.
وأشارت المؤسسة إلى أن الطلب على الحافلات مدفوعًا إلى حد كبير بصناعة السياحة المحلية التى وصفتها بأنها قوية، رغم ذلك سيؤجل المشغلون أى مشتريات من الحافلات حتى يتم رفع قيود السفر الدولية فى مصر وعلى الصعيد الدولي.
ومن المتوقع تعافى الطلب على الحافلات بداية من عام 2021 فصاعدًا بنسبة هامشية 1.1% خلال نفس الفترة لتصل إلى 9.623 وحدة، وسيظل الطلب على وسائل النقل العام مستقرًا نسبيًا خلال نفس فترة التوقعات سالفة الذكر، ناهيك عن تكثيف الحكومة جهودها فى تحديث شبكة النقل العام.
وتوقعت فيتس ارتفاع معدل التحضر إلى أكثر من 60% بحلول 2030، مما يعنى زيادة الطلب على الوظائف الحضرية والإسكان والبنية التحتية، والخدمات الاجتماعية مثل النقل العام.
علاوة على ذلك، فإن الزيادة الأخيرة فى تكلفة النقل العام لن تفعل الكثير لتثنى المستهلكين عن استخدام وسائل النقل العام بسبب الزيادة الكبيرة فى تكلفة الوقود، وسيؤدى هذا إلى جعل النقل هو الخيار الأكثر جاذبية للمستهلكين على المدى المتوسط، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التحضر فى القيادة، وارتفاع الطلب على مبيعات الحافلات فوق المتوسطة.
وتناول التقرير الحظر الأخير على استيراد المركبات ذات العجلات الثلاث، مما يحل بمشغلى سيارات الأجرة كبديل لنقل الركاب للانتقال إلى الحافلات الصغيرة، وبالتالى ارتفاع الطلب على الحافلات الصغيرة.
كتب: أحمد حسن عبد الكريم