صناع السيارات الكهربائية يستفيدون من ضجيج الشركة الأمريكية.. و”أكس بينج” الصينية تسجل 10 مليارات دولار
كان نيكولا تسلا، واحد من أكثر المخترعين ذكاء في العالم، حتى وإن كان غريب الأطوار، فقد أعاد المهندس الصربي الأمريكي، تصور استخدامات الكهرباء والراديو والروبوتات وسجل 278 براءة اختراع، لكنه مات فقيراً عام 1943.
وفي تطور غريب للأحداث، أصبحت شركة السيارات الكهربائية، المسماة تكريماً للمخترع تسلا، واحدة من أكثر الشركات المدرجة في سوق الأسهم غرابة وتوليداً للثروة في التاريخ.
فرغم عمليات البيع المكثفة لأسهم التكنولوجيا هذا الأسبوع، إلا أن سعر سهم “تسلا” تضاعف أكثر من 4 مرات العام الحالي.
وتقدر قيمة “تسلا”، التي يديرها الرئيس التنفيذي إيلون ماسك، حالياً بنحو 379 مليار دولار، أي أكثر من مرة وربع لكل من شركتي “تويوتا” و”فولكس فاجن” مجتمعتين.
وإذا كان باراك أوباما، فاز بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008 بجرأة الأمل، فإن ماسك قد بنى حياته المهنية من خلال جرأة الدعايا الصاخبة، فأنصار المدير التنفيذي الأمريكي يزعمون أن ماسك كثير التغريدات والمدخن ورجل الصواريخ، لا يعمل على بيع السيارات فقط، بل يقدم تذاكر للمستقبل أيضاً.
وأثر الارتفاع المستمر في أسعار أسهم شركة “تسلا” في الشركات الأخرى العاملة على تصنيع السيارات الكهربائية، إذ سارع المستثمرون لإيجاد الأسهم الرائعة التالية.
وخلال الأسبوع الماضي، ارتفعت قيمة صانع السيارات الكهربائية الصيني “إكس بينج موتورز”، بنسبة 40% في أول ظهور لها في بورصة نيويورك، مستفيدة من الهالة المحيطة بشركة “تسلا”، وبالتالي ساعد الاكتتاب المفرط بشكل كبير- الطلب يتجاوز فيه المعروض- في تقييم الشركة الناشئة بقيمة 10 مليارات دولار.
ومن المؤكد، أن مثل هذه التقييمات آثارت الصرخات التي تقول “فقاعة!”، ومن المؤكد أن السوق توقف لوهلة للتفكير في أحداث الأسبوع الأخير، فلا توجد مقاييس استثمار تقليدية، مثل نسب الأرباح إلى الأسعار أو عوائد أرباح الأسهم، بإمكانها تبرير الارتفاع الحاد في سعر سهم “تسلا”، وفقاً لما قاله جون ثورنهيل، محرر متخصص فى شئون الابتكار، في مقال نشرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وعلى سبيل المقارنة، أنتجت شركتا “تويوتا” و”فولكس فاجن” بشكل مشترك 21.8 مليون سيارة، وولدتا تدفقاً نقدياً حراً بقيمة 15.6 مليار دولار عام 2019- وفقاً لمصرف “جي.بي مورجان” الأمريكي- في حين سجلت “تسلا” في العام ذاته ما يصل إلى 366 ألف سيارة و1.1 مليار دولار نقداً.
وإذا نُظر للأمر بطريقة أخرى، فإن سوق الأسهم يقدر قيمة كل سيارة باعتها “تسلا” خلال العام الماضي بأكثر من مليون دولار للقطعة الواحدة، في حين أنه يمكنك شراء سيارة “تسلا موديل 3” مقابل 35 ألف دولار.
وذكر المحرر ثورنهيل، أن مثل هذه الشكوك لا تثير قلق أنصار ماسك، الذين يهللون له في كل خطوة يتخذها ويتصيدون المشككين بقوة. كما أنه لا يبدو وكأنه يثير قلق بعض المستثمرين الرئيسيين، الذين يجادلون بأن “تسلا” تراهن على 3 اتجاهات تكنولوجية كبيرة، تتمثل في السيارات الكهربائية وتكنولوجيا البطاريات والقيادة الذاتية.
وتتوقع مؤسسة “مورجان ستانلي” قيام “تسلا” ببيع 6 ملايين سيارة بحلول عام 2030، مع إمكانية تحقيق زيادات سريعة في هوامش الربح المرتفعة من الخدمات والبطاريات.
وقلص صندوق إدارة الاستثمار “بيلي جيفورد”، أحد أكبر المساهمين في “تسلا”، خلال الأسبوع الماضي، حجم استثماراته لأسباب تخص ترجيحات المحافظ الاستثمارية، محققاً أرباحاً قدرها 17 مليار دولار في 8 أشهر، لكن إدارة الصندوق، ومقرها إدنبرة، قالت إنها لاتزال متفائلة بشأن مستقبل “تسلا” واحتفظت بحيازة قدرها 4.25% في أسهم الشركة.
وفي هذا الصدد، قال جيمس أندرسون، المدير المشارك في صندوق “بيلي جيفورد”، إن الأمر يستحق أحيانا دفع أسعار غير منطقية لأسهم التكنولوجيا عالية النمو.
ومن المؤكد أن التقييم الحالي لشركة “تسلا” غير منطقي، لكنه كان ضعيفاً بشتى الطرق في عام 2020، ففي عالم غارق في السيولة النقدية للبنك المركزي، تبدو العديد من التقييمات السوقية الأخرى وكأنها مضطربة، إذ توجد الآن سندات عالمية بنحو 14 تريليون دولار تُتداول بعوائد سلبية.
وثمة اختلاف كبير بين ما يحدث الآن وما حدث أثناء فقاعة الإنترنت في عام 2000، ويدور هذا الاختلاف حول أن العديد من شركات التكنولوجيا عالية القيمة، إن لم تكن “تسلا”، تحقق أرباحاً ضخمة، وبالتالي وفقاً لهذا المنظور، ربما تعكس تقييمات شركات التكنولوجيا الكبيرة التركيز المفرط فيما يتعلق بقوة الشركة.
في “بيلي جيفورد”، يقر أندرسون بأنه من غير المجدي محاولة وضع وقت محدد للخطوة التالية للسوق، لكنه لايزال مقتنعاً بقيمة الإدارة النشطة للصناديق والتحولات طويلة الأجل التي أحدثتها التكنولوجيا.