20 % نسبة مديونية شركة البترول فى يونيو بارتفاع عن النطاق المستهدف من 5 إلى 15%
تتعرض «أرامكو السعودية»، أكبر شركة بترول فى العالم لضغوط من قبل المساهم الرئيسى فيها، الذى يتمثل فى الحكومة السعودية.
وحتى مع انخفاض سعر البترول الخام إلى 40 دولاراً للبرميل هذا الأسبوع، وتراجع التدفقات النقدية، تحاول «أرامكو السعودية» دفع أرباح المساهمين البالغة 75 مليار دولار هذا العام، ومعظمها تقريباً موجه للدولة.
وتتزايد المخاوف، بما فى ذلك بين مديرى الصناديق العالمية الذين اشتروا أسهماً فى الشركة خلال أكبر طرح عام أولى فى ديسمبر الماضى، من أن «أرامكو» تؤجل المشاريع الاستراتيجية، وتزيد الديون بسرعة كبيرة، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء «بلومبرج». ولطالما كانت «أرامكو» هى الشركة التى تدر الأموال للبلاد منذ عقود، لكن الضغوط التى تواجهها ظهرت بشكل أكبر؛ بسبب انهيار الطلب على الطاقة الناجم عن تفشى فيروس كورونا.
وذكرت «بلومبرج»، أن ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلى صاحب الـ35 عاماً، تعهد بتنويع موارد المملكة من البترول وإنفاق المليارات على تطوير كل شىء بداية من المدن المستقبلية إلى السياحة والخدمات المالية، لذلك فهو بحاجة إلى أموال «أرامكو».
وقال جان فرانسوا سيزنيك، الزميل البارز فى مركز الطاقة العالمى فى المجلس الأطلسى، المتخصص فى شئون الشرق الأوسط، إنَّ ولى العهد قرر بشكل أساسى أن «أرامكو» هى صندوق النقود الذى يمكن اللجوء له لتمويل مشاريعه الأخرى.
وعد توزيع الأرباح
وعدت «أرامكو» بدفع 75 مليار دولار سنوياً للمستثمرين لمدة خمسة أعوام بعد الاكتتاب العام.
وحرصاً منها على جذب الأموال الأجنبية وتحقيق تقييم عالمى قياسى يبلغ 2 تريليون دولار، قالت الحكومة فى ذلك الوقت، إنها قد تتخلى عن حصتها من الأرباح الموزعة، والحفاظ على تعهداتها للآخرين إذا انخفضت أسعار البترول، ولكن بدلاً من ذلك خفضت «أرامكو» الإنفاق الرأسمالى بعشرات المليارات من الدولارات واستغنت عن مئات من العمال الأجانب وأدخلت تعديلات على الإدارة العليا فى إطار خطة لبيع بعض الأصول.
وذكرت «بلومبرج»، أن «أرامكو» دفعت أرباحاً بقيمة 37.5 مليار دولار فى الأشهر الستة الأولى من عام 2020، حتى مع قيام المنافسين «رويال داتش شل» و«بريتش بتروليوم» و«إينى» بخفض أرباحها، كما بلغت المدفوعات ضعف التدفق النقدى الحر لـ«أرامكو» البالغ 21 مليار دولار.
وأدت توزيعات الأرباح، والاستحواذ على 69 مليار دولار من شركة سابك لصناعة الكيماويات من صندوق الثروة السيادى السعودى، إلى تضخم مستويات ديون الشركة، رغم أنها لا تزال أقل من تلك الخاصة بمعظم شركات البترول الكبرى، فقد ارتفعت نسبة المديونية من -5% فى نهاية مارس، ما يعنى أن أرامكو لديها سيولة نقدية أكثر من الديون، إلى 20% فى يونيو، وهو ما يزيد على هدفها الذى تتراوح نسبته بين 5% و15%.
ويعتقد ديفيد هافينز، رئيس أبحاث أسهم الطاقة لدى «إس إم بى سى نيكو سيكيوريتيز أمريكا»، أن نسبة مديونية الشركة قد ترتفع إلى 30% بحلول عام 2023 إذا ظلت أسعار البترول الخام أقل من 60 دولاراً للبرميل وإذا لم تقم «أرامكو» بخفض حجم الأرباح الموزعة.
وهناك شكوك فى إمكانية ارتفاع البترول إلى هذا المستوى فى أى وقت قريب؛ حيث يشير متوسط توقعات المحللين، ممن خضعوا لاستطلاع للرأى أجرته «بلومبرج» إلى أن متوسط سعر خام برنت سيبلغ 47.50 دولار فقط فى العام المقبل و53 دولاراً فى عام 2022.
مشاريع مؤجلة
قام المديرون التنفيذيون بتأجيل العديد من المشاريع الكبرى فى الأشهر الأخيرة، بما فى ذلك منشأة على البحر الأحمر بقيمة 20 مليار دولار لتحويل البترول الخام إلى مواد كيميائية ومحطة لتصدير الغاز الطبيعى المسال فى تكساس.
وذكرت وكالة «بلومبرج»، أنه تم تعليق تنفيذ مشروع مصفاة تكرير بقيمة 10 مليارات دولار فى الصين، على الرغم من أن «أرامكو» قالت إنها لا تزال ملتزمة بالاستثمار فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم.
وكانت «أرامكو» قد حددت هذه الخطط للحصول على منافذ إضافية لبترولها الخام والصمود فى ظل تحول الطاقة العالمى إلى وقود أنظف، مثل الغاز.
التفوق على المنافسين
استطاعت «أرامكو» النجاه من أزمة البترول بشكل أفضل من نظيراتها حتى الآن، فربما تكون أرباحها البالغة 6.6 مليار دولار فى الربع الثانى قد انخفضت بنسبة 73% عن العام السابق، لكنها كانت بسهولة أعلى من أرباح أى شركة طاقة أخرى، فقد خسرت «بريتيش بتروليوم» 6.7 مليار دولار و«إكسون موبيل» 1.1 مليار دولار.
وارتفع سعر سهم الشركة السعودية بنسبة 2% فى الرياض هذا العام، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى التعهد بتوزيع الأرباح، بينما تراجعت أسهم «شل» بنسبة 54% و«بريتش بتروليوم» بنسبة 45%.
وقال نيل كويليام، رئيس شركة «أزور استراتيجى» الاستشارية التى تركز على الشرق الأوسط، إنَّ ولى العهد والحكومة السعودية يحتاجان حقاً إلى «أرامكو» لمساعدة البلاد فى التغلب على آثار كوفيد-19 والانتقال إلى عصر ما بعد البترول، مضيفاً: «فى هذا السياق، من المحتمل أن تتضرر الشركة الأكثر ربحية فى البلاد».