فجوة الإنفاق العام والخاص على البحث العلمى.. أبرز التحديات
قالت مؤسسة “نيستا” الإنجليزية لدعم الابتكار وريادة الأعمال فى تقرير لها عن مصر، إن مبادرة رواد النيل التى أطلقها البنك المركزى فى 2017، من أبرز المبادرات لتعزيز ريادة الأعمال فى البلاد.
أوضح التقرير أن المبادرة تستهدف رفع وعى الشباب بريادة الأعمال ومدتها 5 أعوام وتتم بالتنسيق بين البنك المركزى، وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ووزارة التخطيط، وأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا والبنوك المحلية، والمعهد المصرفي وهو الذراع التعليمية للبنك المركزي، وجهات محلية ودولية ومانحين.
ويسعى البنك المركزي لتحويل رواد النيل إلى مبادرة قومية تتبنى أفضل الممارسات العالمية، والمنهجيات العلمية المتطورة.
وقالت المؤسسة، إن المبادرة توفر المعدات التقنية اللازمة والاستشارات الهندسية للمبدعين عبر بيت التصميم وموقعه فى جامعة النيل، للوصول إلى نموذج يتماشي مع المعايير القياسية لعمليات التشغيل بالنسبة للمنتجات التى يتم تطويرها.
وأشارت إلى تدشين نماذج مماثلة لبيت التصميم فى 3 جامعات أخرى، وأن بروتوكول تعاون تم توقيعه بين رواد النيل ومشروعات رواد 2030 الذى أطلقته وزارة التخطيط، على أن توفير الوزارة تمويلات لمشروع المصنع متناهى الصغر.
وقال التقرير، إنه خلال العقد الماضي، شهدت مصر تقدمًا ملحوظا فى عدة قطاعات خاصة علوم التكنولوجيا والابتكار، مع الكتلة السكانية التى يسيطر عليها الشباب، فأكثر من 60% من السكان تحت 30 عامًا، والاقتصاد ينمو بمعدلات مرتفعة وصلت إلى 5.7% فى 2018، بجانب المشهد الحيوي لريادة الأعمال، والاهتمام المتزايد من الشركات الدولية فى السوق المصرى والمؤسسات الدولية والهيئات المانحة.
وشهدت بيئة الابتكار والتكنولوجيا خلال العقد الماضي تطور إيجابيى ملحوظ انعكس فى رؤية مصر 2030 ودستور مصر الذي تم اقراره فى 2014، وبناءً على ذلك فإن قطاع علوم التكنولوجيا والمعلومات من الركائز الأساسية التى تخلق اقتصاد تنافسي ومجتمع قائم على المعرفة والابتكار بحلول 2030.
وفى ضوء تلك الرؤية، صممت العديد من الجهات الحكومية استراتيجيتها الخاصة، على سبيل المثال وزارة التعليم العالى والبحث العلمى تبنت استراتيجيتها للعلوم والتكنولوجيا والقائمة على خلق بيئة دعم وتمكين للعلوم والتكنولوجيا والابتكار ونقل المعرفة وتوطين التكنولوجيا للمساهمة فى التطوير المجتمعى والاقتصادى.
وأشارت إلى أن مصر مؤخرًا بذلت جهد لتحسين وضع العلوم والتكنولجيا والابتكار عبر تبني إصلاحات تشريعية واقتصادية ومثل تلك المحفزات تمت ترجمتها فى تحسن تدريجي فى ترتيب مصر بمؤشر البنك الدولى GII، لتصبح فى المركز 92 عاما 2019 مقابل 105 فى 2017.
ومع ذلك، لايزال يعانى السوق ضعف انتشار المعرفة، الذى مازال يقيد الأثر الكبير لمثل تلك التحسينات والمبادرات.
وأشار إلى وجود فجوات واضحة فى نظام الابتكار على رأسها ضعف التنسيق على مستوى الوزارات فى سياسات علوم التكنولوجيا والمعلومات بما يخلق صعوبات فى تكوين الروابط بين الهيئات المختلفة، وأن ذلك التنسيق تم إسناده فى عام 2006 إلى المعهد العالى للعلوم والتكنولوجيا لكنه حاليًا غير نشط أو فعال ولا يخصص له موازنة.
وثانيًا هناك اتساق ضعيف بين الجانب الاكاديمي والصناعة رغم وجود رأس المال البشرى المؤهل.
ومما سبق، بات من الأولوية القومية، تطوير سياسات تحسن عمليات الربط تلك، خاصة مع ضعف الإنفاق الخاص على البحوث والتطوير، رغم زيادة الإنفاق عليها نتيجة المبادرات الحكومية مثل بنك المعلومات وعدد من الإصلاحات التشريعية الجديدة.
وذكر أن قوة مصر تعتمد أساسًا على حجم السوق الكبير وديناميكيته، والتقدم فى مؤشر سهولة مزاولة الأعمال، وأيضًا بشكل ملحوظ، تبني قانون الاستثمار، والإطار الداعم الذى وفره البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والذى يحسن بصورة كبيرة وصولها للتمويل، بجانب تشجيع الاستثمارات فى صناديق رأسمال المخاطر، رغم أن الكثير من المحللين مازالوا يرون أن الاستثمارات فى تلك الصناديق منخفضة.
وحول نقاط القوة والضعف فى طبيعة تمويل البحث والتطوير، قال المعهد إن من أبرز نقاط القوى، أن هناك تنوع فى آليات التمويل الحكومي للبحوث والتطوير، فهناك الكثير من التمويلات والمنح المتاحة، لدعم تطبيق الأبحاث وخلق نماذج وتطوير المنتجات مثل صندوق البخث والتطوير الزراعي، وأن الخدمات المالية وغير المالية متاحة للشركات الناشئة فى أى درجة من درجات تطورها، عبر الجهات غير الهادفة للربح والجهات الحكومية مثل رواد النيل ومشروع بداية عبر الهيئة العامة للاستثمار وغيرها.
كما أن هناك زيادة تدريجية فى الإنفاق على البحث العملى والتطوير ليصل إلى 0.61% من الناتج المحلى فى 2017 مقابل 0.4% متوسط الإنقاق خلال ما بين 1999 و2015، وينص دستور مصر أن يصل الإنفاق على البحث العلمى إلى 1% من الناتج المحلى الإجمالي.
ورغم وجود عدد كافى للتمويلات والجهات المانحة إلا أن هناك نقص فى التنسيق بين المؤسسات التى تدعم الابتكار، كما أن التمويلات الموجودة وأطر الدعم لتيسير الابتكار موجهة للجهات العامة، وذلك يعمق فجوة الامداد فى المعلومات وطلبات السوق وبالتبعية مازال انفاق الأعمال التجارية على البحث العلمى والتطوير أقل من المتوقع وفى المتوسط غير كافي.
كما أشار إلى نقص الآليات الفعالة للمتابعة والتقييم فى أطر الدعم المختلفة، وبالتبعية الأثر الاقتصادى والتكنولوجي، لذلك يجب التعامل مع حقيقة أن الجهات البحثية لا تعمل على معايير أداء واضحة وخطط تطوير ذات توقيت زمنى.
وقال التقرير، إن عدد الجهات التي تقوم بدور المشرع وواضع القوانين في بيئة ريادة الأعمال في مصر يبلغ حوالي 221 جهة مختلفة.
التشخيص والتوصيات
قال التقرير، إنه بات من المثبت أن مصر لديها المتطلبت المؤسسية الضرورية لمناخ غنى بالابتكار مثل العدد الضخم للجامعات والمراكز البحثية، وجهات التمويل الكافية، والمؤسسات الداعمة للابتكار والأكثر من ذلك القيادة السياسية التى تعرف الابتكار كركن أساسي لتطور الدولة، وتحولها لمجتمع قائم على المعرفة، ومع ذلك النظام المصري للابتكار يحتاج تطوير كبير ليصل لكامل قوته ويواجه التحديات.
ما هى التحديات؟
أضاف أن الجهود مجزأة وهناك نقص فى التنسيق فى العوامل الرئيسية التى ترثر على نظام العلوم والتكنولوجيا والابداع.
وجعل عدم تنسيق التعريف والنتائج المتوقعة من الاستثمار فى الابتكار، من الصعب التدخل لتحديد الأولويات والخطط والتنسيق والتقييم.
كما أن الفجوة بين الصناعة والبحث تحتاج مزيدا من الأنماط التحفيزية لتحفيز المصنعين والباحثين على التكامل فى المشروعات لخلق سوق يقوده الابتكار.
ما هى التوصيات؟
للتأكد من تبنى سياسات داعمة لتسريع سياسات الابتكار العالمي، وضعت “نيستا” عدة توصيات بناء على استيان شارك فيه عدد من العاملين بالمجال، وجاء على رأسها اختيار المشاركين، فمعظم الموظفين الكبار وذوي الرتب المتوسطة فى مجال الابتكار، يضعون وينفذون السياسات كما يحتم منصبهم، ولذلك يجب عند الاختيار الأخذ فى الاعتبار امتلاكهم فهم وخبر فى صناعة السياساة بجانب امتلاكهم قوة كافية لاصدار القرارات وتعبئة الموارد.
أوضحت أن تلك المواصفات، بوسعها أن تسهل بشكل ملحوظ تبنى تنفيذ مشروع محدد، خاصة مع الدور المزدوج فى صنع السياسات وتنفيذها، للمسئولين الحكوميين.
والأكثر من ذلك، يجب التركيز على مقومات شخصية مثل الميل للمخاطرة والمرونة وأساليب الادارة المختلفة، بجانب المهارات المكملة للفريق.
وقال المشاركون فى المقابلات، إن هناك حاجة لوجود منظور جديد لحل المشكلات والتصميم، والتفكير، والتقييم، بجانب طرق لمواجهة مقاومة التغيير فى مؤسساتهم وحل النزاعات التى تظهر أثناء تنفيذ المشروعات.
كما أن تطبيق أحدث الأفكار العالمية والممارسات فى مجال الابتكار والمعرفة محليًا كان بين أكبر ما شغل المشاركين، ووصفوه بعامل أساسي للنجاح الذى تتجاهله معظم برامج بناء القدرات.