يشعر المسئولون التنفيذيون فى المجال المالى، بالأسف لاستبعادهم من خطط تعزيز البنية التحتية المتداعية فى الولايات المتحدة، إذ تتبع إدارة الرئيس جو بايدن نهج الضرائب والإنفاق لبناء المشاريع.
وتطالب «خطة الوظائف الأمريكية» التى طرحها بايدن، والتى تم الكشف عنها الشهر الماضى، باستثمار 2 تريليون دولار فى الطرق السريعة والشبكات الكهربائية والبنية التحتية الأساسية الأخرى، حسبما نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وفى الوقت نفسه، اقترح البيت الأبيض إصلاحات ضريبية على الشركات، يقال إنها ستدر أموالاً كافية لدفع فاتورة الاستثمار على مدر 15 عاماً، الأمر الذى خيَّب آمال بعض المستثمرين ومديرى الأصول الذين كانوا يتوقعون فى السابق أن تشكل الشراكات بين القطاعين العام والخاص فرصة تمويل مربحة.
من جانبه، قال كريستوفر إيلمان، كبير مسئولى الاستثمار فى مؤسسة «كالستر» (Calstrs)، وهو نظام التقاعد الذى يدفع المعاشات التقاعدية لمعلمى كاليفورنيا: «أود أن استثمر الأموال فى مشاريع البنية التحتية».
وقال أيلمان، إنَّ الصندوق الذى تبلغ قيمته 290 مليار دولار أجرى محادثات متفرقة مع وزارة الخزانة الأمريكية بشأن الاستثمار فى مشاريع البنية التحتية منذ إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
وأضاف: «كثير من المستثمرين على المدى الطويل، ينظرون إلى البنية التحتية على أنها مصدر لعائدات مستقرة طويلة الأجل».
وقال الرئيس التنفيذى لشركة «بلاك روك»، لارى فينك: «ثمة مجموعات هائلة من رؤوس الأموال الخاصة على أهبة الاستعداد للإنفاق على البنية التحتية، لكن المشكلة الكبرى هى الافتقار إلى مشاريع البنية التحتية التى يمكن للمستثمرين الاستثمار فيها». وكان الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، يأمل ذات مرة فى حل هذه المشكلة، ووعد فى خطاب تنصيبه بـ«بناء طرق، وطرق سريعة وجسور ومطارات وأنفاق وخطوط سكك حديدية جديدة، فى جميع أنحاء دولتنا الرائعة».
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الطموحات دفعت حكومة المملكة العربية السعودية إلى الالتزام بما يصل إلى 20 مليار دولار لصندوق استثمار يركز على البنية التحتية الأمريكية.
لكن برنامج ترامب الإنشائى لم يتحقق أبداً.. لذا ركزت «بلاكستون»، وهى مجموعة إدارة الأصول التى تستثمر الأموال السعودية بجانب رأس المال من المستثمرين الآخرين، إلى حد كبير على محاولة شراء الأصول الحالية، مثل الموانئ والسكك الحديدية والطرق، بدلاً من صب الخرسانة فى المواقع التى لم يتم وضع حجر بها بعد.
وفى حين أن اقتراح بايدن للبنية التحتية يعيد إحياء بعض الطموحات التى لم يستطع سلفه تحقيقها، إلا أنه لا يتصور أن يلعب المستثمرون من القطاع الخاص، الذين كانوا يتوقعون ذات مرة أن يكونوا فى مقعد القيادة، أى دور فى هذه الطموحات.
وقال أحد أعضاء جماعة الضغط الذى يمثل شركات الاستثمار المباشر فى الكونجرس: «هذه خطة تقليدية للغاية، فالحكومة تنفق على البنية التحتية».
وأضاف: «هذه الخطة تظهر أن الرئيس بايدن سياسى نشأ بالفعل فى السبعينيات والثمانينيات. من المؤكد أن هذا النهج يبدو وكأنه قديم، فهو يعتمد على تمويلات من خلال الحكومة. فهذه هى الطريقة التى شيدت بها البنية التحتية حينها».
وعلى عكس الحكومة الفيدرالية، التى تدفع سعر فائدة أقل على ديونها من أى مقترض آخر تقريباً، يجب على مشغلى البنية التحتية فى القطاع الخاص كسب معدلات عائد تجارية، وهى تكلفة تقع فى النهاية على مستخدمى الخدمات الأساسية.
وقال الرئيس التنفيذى فينك: «إذا أرادت إدارة بايدن أرخص تكاليف التمويل فإنها ستمول المشاريع على المستوى الفيدرالى».
لكن بعض المديرين التنفيذيين يجادلون بأن مشاركة القطاع الخاص يمكن أن تفرض انضباطاً تجارياً، وتحقيق وفورات فى أماكن أخرى.
ويأمل آخرون فى إمكانية إقناع بايدن ببيع الأصول المملوكة حالياً للملكية العامة، ما يسمح للمستثمرين بجنى عائد على البنية التحتية الحالية مع ترك أعمال البناء المحفوفة بالمخاطر للقطاع العام.
وقال مسئول تنفيذى كبير فى شركة استثمرت مليارات الدولارات فى أصول الطاقة والنقل: «لقد تغير العالم كثيراً خلال الـ80 عاماً الماضية»، معرباً عن إحباطه السائد من تباطؤ بايدن فى تبنى مشاركة القطاع الخاص فى برنامج استثماراته العامة.
وأضاف هذا المسئول: «لقد ولدت صناعة بنية تحتية كاملة. وثمة طرق يمكن للإدارة الأمريكية اتباعها للدخول فى شراكة مع شركاء من القطاع الخاص لتسريع ومضاعفة وزيادة كفاءة ما يقومون به».