%165 نمواً فى الودائع خلال 4 سنوات.. لكن معدل الادخار يتراجع
تستعد البنوك فى مصر لفعاليات اليوم العالمى لـ”الادخار”، فى الفترة من منتصف الشهر الجارى وحتى نهايته، عبر عدد من الخدمات التى ستعلن عنها الأسبوع المقبل على غرار السنوات الماضية التى نفذت فيها حملات توعية وحملات اعفاء من المصاريف الإدارية لفتح الحسابات.
ونمت الودائع فى مصر بشكل قوى خلال الفترة من ديسمبر 2016 إلى مايو 2021، بمعدل تخطى %165 لتصل إلى 5.609 تريليون جنيه مقابل 2.116 تريليون جنيه، ورغم ذلك لم يتعاف معدل الادخار فى مصر بعد.
ووفق بيانات البنك الدولى، يسجل معدل الادخار كنسبة للناتج المحلى الإجمالى %11.13 بنهاية 2020، مقابل %23.62 بنهاية 2008، وتأثرت نسبة ما يدخره المصريون بعدة عوامل؛ أبرزها برنامج الإصلاح الاقتصادى، وتحرير سعر الصرف، وإصلاحات أسعار الطاقة.
فى الوقت نفسه، تلقت معدلات الادخار دعماً من الشهادات مرتفعة العائد التى طرحها بنكا الأهلى ومصر بفائدة %20 واستمرت فترة طويلة، بدعم من طرح البنك المركزى آلية جديدة للسوق المفتوح تتيح ربط ودائع من البنوك لديه بآجال طويلة وفائدة متغيرة، ثم عدَّل الآلية لتصبح الفائدة مرتبطة بالكوريدور فمكنت فوائد تلك الودائع البنوك جزئياً من تغطية الفوائد المدفوعة الضخمة، وكبدت المركزى خسائر لسحب فائض السيولة.
وكان لتلك الشهادات دور كبير فى النمو بحجم الودائع لدى القطاع المصرفى، وأدت لانخفاض نسبة الودائع بالعملة الأجنبية إلى %16.9 من جملة الودائع فى يونيو 2020 ثم %13.5 بنهاية يونيو الماضى، وذلك بعدما ارتفعت نتيجة تضاعف قيمة العملات الأجنبية عبر التعويم، إلى %27.8 من جملة الودائع.
وتوازى ذلك مع تعليمات البنك المركزى للجهاز المصرفى بضرورة الترويج للمنتجات المصرفية خارج الفروع البنكية، بالإضافة لفتح حسابات للعملاء، وإصدار البطاقات الائتمانية المختلفة وتفعيلها؛ لتعزيز الشمول المالى.
وأطلقت البنوك برامج إقراض تعتمد على الادخار، مثل القروض بضمان شهادات ادخار أو إصدار حدود لبطاقات الائتمان بضمان وديعة أو شهادة، ولاقت إقبالاً عليها من العملاء.
«سوس»: القروض بضمان المدخرات ساهمت فى زيادة معدلات الإقراض
وقال كريم سوس، الرئيس التنفيذى لقطاع التجزئة المصرفية والفروع فى البنك الأهلى، إنَّ القروض الشخصية بضمان الودائع كان لها دور كبير فى نمو محفظة قروض التجزئة لدى البنك الأهلى خلال السنوات الماضية.
ووفق بيانات نشرة طرح السندات الدولية التى طرحتها وزارة المالية نهاية سبتمبر الماضى، سجلت الإيداعات غير القابلة للسحب، 463.4 مليار جنيه بنهاية مايو 2021 مقابل 120.7 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2016.
«القاضى»: القنوات الرقمية دعمت نمو الودائع.. والتمويل العقارى وجه آخر للادخار
وقال أشرف القاضى، رئيس المصرف المتحد، إنَّ ميكنة الرواتب وانتشار القنوات الرقمية الآمنة، لهما دور فى نمو الودائع بالقطاع المصرفى، كونها عززت الوصول بأمان وسهولة للأموال فلم يعد هناك ظاهرة التجمهر أمام الماكينات لسحب المرتبات دفعة واحدة خاصة مع الاطمئنان لأمان المعاملات الرقمية.
وذكر أن زيادة الاعتماد على محافظ المحمول وماكينات البيع، ستدعم أكثر نمو الودائع والاستفادة من تلك الأرصدة وذلك على خلاف ماكينات الصراف الآلى التى تمثل عبئاً فى تغذيتها، بخلاف ركود السيولة الموضوعة بها، فمعدل دورانها أقل كثيراً من القنوات الرقمية الأخرى.
أضاف أن رفع معدلات الادخار يتطلب المزيد من رفع معدلات الوعى لدى العملاء من قبل البنوك لتغيير ثقافة الاستهلاك إلى الاحتفاظ بجزء من الدخل بغرض الاستثمار بحيث يمكن للعميل تجنيب ما بين %10 و%20 من الدخل فى منتجات ادخارية كالشهادات أو صناديق استثمار وغيرها تضمن له عائد مناسب.
ونوه بأن منتجات التمويل العقارى تعد ادخاراً من نوع آخر باعتبارها إحدى وسائل الاستثمار طويل الأجل للعميل، مضيفاً أن المصرف سيطرح عبر ذراعه المالية يونايتد فينانس منتج الإجارة للتمويل العقارى بالصيغة الإسلامية، وذلك بخلاف الأوعية الادخارية وشهادات الإيداع التى تم تصميمها لتتناسب مع جميع شرائح العملاء سواء بالصيغ التقليدية أو الإسلامية، وكذلك صناديق الاستثمار بعائد تنافسى.
«ناجى»: يجب تصميم منتجات تناسب الشرائح المختلفة لزيادة المعدلات
وقال وليد ناجى، نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى، إنه من الضرورى وضع أساليب ادخارية جديدة من البنوك لجذب المزيد من العملاء للاستفادة من المنتجات المصرفية التى تشجعهم على الادخار وتلبى احتياجاتهم من بينها حسابات التوفير لطلبة الجامعات وشهادات ادخار لأصحاب المعاشات والموظفين.
وذكر أنَّ الجهاز المصرفى نجح خلال الأعوام السابقة فى الوصول للبسطاء والطبقات المهمشة من خلال طرح منتج شهادة أمان والتى جذبت طبقة العمالة غير المنتظمة، موضحاً أن البنوك تحتاج لمزيد من الجهود لرفع الوعى الادخارى للعملاء بأهمية الخدمات الرقمية وتحفيزهم بخصم %1 على مصروفات حسابات التوفير التى يتم الاشتراك فيها رقمياً على سبيل المثال.
أوضح أن العلاقة طردية بين الودائع وسعر الفائدة، ولكن هناك معايير تتحكم فى سعر العائد أبرزها معدلات التضخم، فسعر الفائدة الحقيقى حالياً أعلى مما كان عليه عند طرح شهادات الـ%20 مع معدلات التضخم التى تجاوزت %30 حينها.
وأشار إلى أن البنوك الكبرى استطاعت أن تتنبه فى وقت مبكر للاستفادة من تحويل المرتبات، خصوصاً موظفى شركات البترول والشركات متعددة الجنسيات والجهات الحكومية، وحالياً هناك منافسة بين البنوك لطرح الخدمات الرقمية التى تستطيع جذب الشركات وميكنة رواتبها، بما يرفع نسبة المدخرات قليلة التكلفة مثل حسابات التوفير والحسابات الجارية.
وقال علاء على، نائب رئيس البنك الزراعى المصرى، إنَّ البنك مهتم بتحفيز العملاء على استثمار أموالهم فى منتجات تلبى احتياجاتهم سواء فى شهادة الحصاد بعائد %11 وحسابات التوفير بسعر فائدة %8، معتبراً أنها خطوات للتشجيع على الادخار.
وأضاف أن البنوك ابتكرت منتجات لتحفيز الموظفين على شراء وثائق صناديق الاستثمار من الراتب الشهرى مع إضافة العائد على حسابات التوفير بشكل يومى.
واقترح تعاون الجهاز المصرفى ووزارة الصحة والسكان لإطلاق مبادرة فتح حسابات توفير لكل مولود جديد برصيد هدية بقيمة بسيطة تشجع أسرته على زيادة رصيده لحين الوصول لمراحل التعليم، ما يوفر عائداً لصاحب الحساب فى سداد المصروفات التعليمية وغيرها.
«محيى الدين»: فتح حسابات للطلبة يمنع تسرب المدخرات بعيدا عن مسار الاستثمار
وفى هذا الصدد دعا المدير التنفيذى لمصر فى صندوق النقد الدولى محمود محيى الدين، إلى فتح حساب ادخار لكل تلميذ لوضع نهج جديد يضع الادخار كهدف أول للشمول المالى، مشيراً إلى أن هناك تسرباً كبيراً فى مدخرات العرب بعيداً عن مسار الاستثمار والتنمية، يتجه نحو المضاربات، ولا أقول الاستثمارات العقارية، واقتناء الذهب والسلع المعمرة.
وذكر فى تصريحات سابقة لصحيفة «البورصة»، أنَّ هذه المبادرة تستفيد من أربعة عوامل: أولها شبابية التكوين السكانى، وتزايد أعداد تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات فى البلدان العربية، ثانيها انتشار خدمات الإنترنت فى البلدان العربية، وثالثها التوسع فى النشاط المصرفى، ورابعها استخدام نظام الرقم القومى الموحد فى عدة بلدان عربية.
أضاف: «فمع بداية العام الدراسى يسجل التلاميذ الجدد فى مدارسهم أسماءهم، يسجلون أيضاً تلقائياً فى البنوك من خلال فتح حساب مالى إلكترونى يودع فيه مبلغاً رمزياً ليكون ما يعادل 10 دولارات (بالعملة المحلية)، على أن تمول هذه الإيداعات من البنوك بالتعاون من البنوك المركزية باستخدام هامش محدود من الاحتياطى القانونى».
وذكر أن تلك المبادرة ستحدث نقلة نوعية فى الثقافة المالية والادخارية للتلاميذ وذويهم، وتفتح أمامهم آفاق الخدمات المالية مثل الائتمان والاستثمار وأعمال البورصات والتأمين، كما ستربح البنوك أعداداً غفيرة من المودعين الجدد بمدخراتً طويلة الأجل، إذ لن يقربوا هذه المدخرات حتى بلوغ السن القانونية، بل قد يضيفون وذووهم إليها مدخرات عبر الزمن وفقاً لأحوالهم المالية.
تابع: «من شأن هذه المبادرة، إذا أحسن تطبيقها، باستخدام قاعدة بيانات متكاملة والتنسيق بين البنوك، تحقيق شمول مالى له فائدة حقيقية للأفراد والاقتصاد، فالخدمات المالية أكثر تنوعاً وأهمية من مجرد فتح حساب لسداد الالتزامات والمستحقات مع ما فى ذلك من ضرورة».
كتب: محمد يحيى