63 مليار يورو صادرات روسيا من النفط والغاز منذ غزو أوكرانيا.. 71% منها للاتحاد الأوروبى
“إنرجى مونيتور”: الدول الأوروبية عليها الاختيار بين قطع الإمدادات أو الدفع بالروبل
قال موقع “إنرجى مونيتور” إن إمدادات الغاز الأوروبية تمر بمنعطف حاسم، حيث يتعين على الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى أن تقرر ما إذا كانت سترفض أو توافق على طلب روسيا بسداد مدفوعات الوقود بالروبل.
وأوصت كادرى سيمسون، المفوض الأوروبى للطاقة، الدول الأعضاء بعدم الامتثال لطلب موسكو، ما يجعل الأمر أكثر إلحاحًا بالنسبة للاتحاد الأوروبى للسعى لإنهاء اعتماده على الغاز الروسى.
وقد تؤدى الموافقة على طلب روسيا والدفع بالروبل مقابل الغاز إلى انتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبى، ورغم ذلك، فإن الدول التى ترفض قد تمنع عنها روسيا الإمدادات، إذ أوقفت موسكو صادراتها من الغاز إلى بلغاريا وبولندا فى 27 أبريل الماضى.
وحذر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أنه سيتخذ إجراءات مماثلة مع الدول الأوروبية الأخرى التى ترفض الدفع بالروبل، وفى 10 مايو الجارى قالت وكالة رويترز إن ألمانيا تعمل على خطة للأزمات فى حالة التوقف المفاجئ لواردات الغاز الروسى.
واستورد الاتحاد الأوروبى نحو 155 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى من روسيا فى عام 2021، ويمثل ذلك نحو 40% من إجمالى استهلاك الغاز فى الاتحاد الأوروبى، مع زيادة الاعتماد على الغاز إلى 65% فى ألمانيا.
وتغذى واردات الاتحاد الأوروبى من النفط والغاز من روسيا بشكل مباشر، الإنفاق العسكرى للكرملين، ما يؤكد ضرورة الحد منها.
وكشف مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف فى تقريره الصادر فى 27 أبريل الماضى، أنه منذ بداية الصراع الروسى الأوكرانى، صدرت روسيا ما يعادل نحو 63 مليار يورو من الوقود الأحفورى، استحوذ الاتحاد الأوروبى على نحو 71% من هذه القيمة، وتعد ألمانيا وإيطاليا وهولندا من أكبر المستوردين فى أوروبا من حيث القيمة المطلقة.
وبحسب موقع “إنرجى مونيتور” من المتوقع أن تنشر المفوضية الأوروبية مقترحات تشريعية لإنهاء اعتماد أوروبا على الغاز الروسى فى 18 مايو الجارى، كما تجرى دول الاتحاد الأوروبى الـ27 محادثات للاتفاق على حزمة سادسة من العقوبات ضد روسيا.
ونشرت المفوضية استراتيجية بشأن الاستغناء عن الغاز الروسى فى مارس الماضى، وفقًا لخطة الاتحاد للاعتماد على الطاقة المتجددة، والتى تقول إنه يمكن استبدال ثلثى الغاز الروسى فى الشتاء المقبل، وسيتم مناقشة تفاصيل هذه الخطة خلال الأسبوع المقبل.
وتأتى الأهمية الجوهرية لهذه الخطة فى قيامها بالتنويع فى إمدادات الغاز وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفورى من خلال زيادة حصة الطاقة المتجددة.
وتتوقع المفوضية الأوروبية أن تكون قادرة على استبدال 50 مليار متر مكعب من غاز خط الأنابيب الروسى بالغاز الطبيعى المسال بحلول نهاية العام الجارى ونحو 13.5 مليار متر مكعب أخرى بخط أنابيب غاز غير روسى وميثان حيوى، وحسب تقديرات المفوضية، يمكن أن تقلص الطاقة المتجددة ووفورات الطاقة نحو 38 مليار متر مكعب إضافية من الغاز الروسى.
وقال “إنرجى مونيتور” إنه فى الوقت الذى نشرت فيه المفوضية برنامج الطاقة المتجددة فى مارس الماضى، نشرت وكالة الطاقة الدولية أيضاً خطة مماثلة من عشر نقاط لوقف الاعتماد على الغاز الروسى.
“الطاقة الدولية”: يمكن تقليص واردات الغاز الروسى بنسبة 33.3% خلال عام
ورغم ذلك، فإن التخفيضات المتوقعة أكثر تحفظًا من تلك الموجودة فى برنامج الطاقة المتجددة التابع للاتحاد الأوروبى، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أنه يمكن خفض ما يتجاوز نحو 33.3% من واردات الغاز الروسى إلى الاتحاد الأوروبى خلال عام واحد.
وتقدر الوكالة أن عدم إبرام عقود غاز جديدة مع شركة “جازبروم” الروسية، يمكن أن يخفض الواردات بنحو 15 مليار متر مكعب بحلول نهاية عام 2022، واستبدال الغاز الروسى بمصادر بديلة يمكن أن يخفض 30 مليار متر مكعب أخرى.
كما يمكن أن يؤدى التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتوليد من الطاقة الحيوية والنووية، إلى تقليل استخدام الغاز بمقدار 19 مليار متر مكعب أخرى سنويًا، ويمكن لتدابير توفير الطاقة عبر خفض الاستهلاك والمضخات الحرارية تقليص الواردات 14 مليار متر مكعب فى عام 2022.
“برويجل”: أوروبا يجب أن تكون قادرة على الاستبدال الكامل لتدفقات الغاز من موسكو
ويشير مركز أبحاث “برويجل” إلى أن الاتحاد الأوروبى يجب أن يكون قادرًا من الناحية النظرية، على استبدال تدفقات الغاز الروسية بشكل كامل، حتى على المدى القريب، ولكن ذلك الأمر مُعقد من الناحية العملية.
وبحسب محللو “برويجل”، فإن الاتحاد الأوروبى لديه قدرة استيراد غاز بنحو 1800 تيراوات / ساعة من موردين بديلين للغاز الطبيعى المسال وغاز خطوط الأنابيب، أى ما يتجاوز 1700 تيراوات / ساعة من الغاز الروسى فى عام 2021.
لكن المحللون يروا أن ذلك غير واقعى، وأنه يجب التركيز على جانب الطلب وتقليل استهلاك الغاز، إذ تم استهلاك نحو 900 تيراوات / ساعة من الغاز الطبيعى لإنتاج الكهرباء فى الاتحاد الأوروبى فى عام 2021.
ويمكن تقليل ذلك من خلال تدابير مثل التغيير من الغاز إلى الفحم، وتأخير إغلاق محطات الطاقة النووية، وتقليل الطلب على الغاز فى الصناعة من خلال التدابير الإدارية للخفض القسرى وتدابير توفير الطاقة.
وتتماشى سيناريوهات المفوضية الأوروبية ووكالة الطاقة الدولية مع أهداف الاتحاد الأوروبى الخاصة بإزالة الكربون وخفض الانبعاثات بنسبة 55% ولكنها تتصور الاستثمار فى بدائل أحفورية للغاز الروسى.
وهذا ينطوى على مخاطر استمرار الاعتماد على الوقود الأحفورى لفترة أطول، فالشروع فى بناء موانىء غاز طبيعى مسال بتكلفة مرتفعة يتطلب استمرار عملها لفترات أطول لتغطية التكلفة التى تم تحملها.
وعلى النقيض، توصل مشروع المساعدة التنظيمية ومؤسسة “بيلونا” و”إمبر” و”إيه ثرى جى” غير الربحية إلى سيناريو يمكن فيه استبدال 152 مليار متر مكعب من الغاز الروسى بحلول عام 2025 دون الحاجة إلى بنية تحتية جديدة للغاز أو تأجيل التخلص التدريجى من الفحم.
وأشاروا إلى أن تنفيذ خطة أوروبا للوصول إلى حياد الكربون والمعروفة بـ”فيت فور 55″ من شأنه أن يخفض بالفعل استهلاك الاتحاد الأوروبى من الغاز الروسى بمقدار 32 مليار متر مكعب بحلول عام 2025.
ويمكن أن يقلص تنفيذ المزيد من الحلول النظيفة والفعالة مثل تدابير كفاءة الطاقة والمضخات الحرارية وتوليد الكهرباء المتجددة، واردات الغاز روسى بنحو 69 مليار متر مكعب أخرى فى حين يمكن استيراد 51 مليار متر مكعب من الغاز غير الروسى عبر البنية التحتية الحالية لتحل محل جميع إمدادات الغاز الروسية.
وتستند تلك الدراسة إلى إجمالى واردات الاتحاد الأوروبى البالغة 152 مليار متر مكعب، بينما تفترض المفوضية الأوروبية ووكالة الطاقة الدولية 155 مليار متر مكعب من واردات الغاز الروسى.
ويقول مركز الأبحاث الألمانى “أجورا إنرجيويند” إنه من خلال الاستثمار فى كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة وحدها، يمكن استبدال نحو 80% من واردات الغاز الروسى بحلول عام 2027، ويقترح مركز الأبحاث أنه فى حال تم دمجها مع إمدادات غاز بديلة مثل الغاز الطبيعى المسال، فقد تصل إلى 100%.
كما توصلت دراسة “أجورا إنرجيويند” إلى أنه يمكن تقليل نحو 49 مليار متر مكعب من استهلاك المبانى عن طريق الابتكار وربط المنازل بشبكات تدفئة المناطق ووقف تركيب سخانات الغاز، ويمكن توفير ما يعادل 23 مليار متر مكعب أخرى فى الصناعة، كما أن فرص خفض استخدام الغاز فى قطاع الطاقة أكثر من أى شئ، مع إمكانية توفير 51 مليار متر مكعب من زيادة نشر مصادر الطاقة المتجددة.