سرعت جائحة «كورونا» وتيرة نمو سوق المدفوعات الرقمية، خاصة فى مصر والأسواق الناشئة، ليتضاعف حجم السوق محلياً، خاصة أن مصر لديها المزيد من الفرص الواعدة فى القطاع، وما زالت فى بداية الطريق.
وتوقعت تقارير عالمية وصول حجم إيرادات قطاع المدفوعات الرقمية عالمياً إلى نحو 460 مليار دولار بحلول 2030، فيما قدرت حجمها فى عام 2020 بنحو 70 مليار دولار.
وعقدت جريدة «البورصة» ندوة لـ«المدفوعات الرقمية» ضمن سلسلة ندوات «business trend»، لمناقشة مستقبل المدفوعات الرقمية فى مصر بعد الطفرة التى شهدها القطاع خلال العامين الأخيرين، خاصة بعد صدور الضوابط المنظمة لعمل لقطاع من قبل البنك المركزى المصرى.
وحضر الندوة عدد من القيادات البارزة فى القطاع وممثلى وزارة المالية، وهم سمر عادل، رئيس وحدة الدفع والتحصيل الإلكترونى، وداليا فوزى، مدير الوحدة، ورئيس لجنة «ميزة» بالوزارة، وضمت قائمة ممثلى شركات القطاع الخاص فى الندوة، كريم عيادة، المدير الإقليمى لشركة «باى تابس»، وأحمد عبدالحكيم، العضو المنتدب لشركة «كونتكت باى»، و«أحمد خلف» رئيس قطاع التطوير بشركة «ضامن».
كما حضر الندوة إسلام جابر، رئيس القطاع التجارى بشركة فورى لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الرقمية، ومحمود خضر، رئيس قطاع تطوير الأعمال والشراكات الاستراتيجية بشركة «أو باى»، وعبدالله عسل، العضو المنتدب لشركة «سهل»، وعبدالرحمن على، الشريك المؤسس لشركة نقود القابضة، وتوفيق محمود، مدير عام شركة العربية للخدمات المالية – مصر، وأدار الندوة محمود القصاص، مدير تحرير جريدة البورصة.
وقال “القصاص”، إنَّ قطاع المدفوعات الرقمية شهد طفرة كبيرة؛ بسبب التطورات التكنولوجية والجهود الحكومية، لا سيما دور وزارة المالية جنباً إلى جنب البنك المركزى فى دفع نمو القطاع.
ووجه سؤالاً إلى داليا فوزى، مدير عام الدفع والتحصيل الإلكترونى بوزارة المالية عن تطور بداية خطط الحكومة لنشاط المدفوعات الرقمية.
وقالت إن عملية رقمنة مرتبات العاملين فى الدولة بدأت بقرار وزير المالية عام 2015 من خلال بطاقات بلاستيكية، بدلاً من الصرف التقليدى من الخزانة العامة للدولة، وهنا بدأت أولى خطوات التحول الرقمى والشمول المالى فى الدولة.
<< داليا فوزى: «المالية» تحملت عبء تغيير ثقافة التحول الرقمى للمواطنين
وأضافت: “حينها بدأت الوزارة تدشين البطاقات البلاستيكية لنحو 5 ملايين موظف من موظفى الدولة، لتكون بداية لتغير اتجاهات العاملين فى الدولة نحو النظام الإلكترونى”، مؤكدة أن الوزارة واكبت التطورات التكنولوجية من خلال التحول تبعاً لتغيير تلك البطاقات بتلك المزودة بشرائح.
وقالت: «فى عام 2019 تم تدشين المركز القومى للمدفوعات برئاسة الجمهورية، وصدرت تعليماته بإصدار بطاقات للعاملين فى الدولة تحمل أحدث درجات التقنية والتشفير والتكنولوجيا تحت اسم (ميزة)، وهو المشروع الكبير الذى تبنته وزارة المالية مع البنك المركزى المصرى.
وأضافت، أن الوزارة كانت تهدف إلى تغيير ثقافة المواطنين عبر إضافة مجموعة من المزايا على تلك البطاقات والتى تدفعه نحو تنفيذ عمليات شراء، وتنفيذ جميع المعاملات المصرفية من خلال السحب، والإيداع، والتحويل، فضلاً عن إمكانية الشراء عبر الإنترنت، والعديد من الخدمات الأخرى.
وخصصت الوزارة ميزة إضافية بالتعاون مع “المركزى” وهى “خدمة الراتب المقدم” عبر إتاحة ثلث المرتب مقدماً لحاملى بطاقات ميزة الحكومية فقط فى عمليات الشراء من المتاجر والمحلات التجارية، مؤكدة أن هدف الوزارة كان تغيير الثقافة للمواطنين عبر البدء بموظفى الدولة.
وأكدت “فوزى”، أن وزارة المالية بالتعاون مع البنك المركزى تحملت عبء تغيير الثقافة وأصدرت تلك البطاقات دون أى رسوم يتحملها الموظفون، فضلاً عن سداد المستحقات على الوزارة للموردين عن طريق الحسابات البنكية لتعزيز عملية الشمول المالى، أما بالنسبة لصغار الموردين فقامت الوزارة بعقد عدد من بروتوكولات التعاون مع البنك الأهلى المصرى، وهيئة البريد لسداد مستحقات الموردين، وجاءت الجهود التى بذلتها الوزارة بصفتها ذراعاً من أذرع الدولة فى قيادة عملية التحول الرقمى.
وانتقل الحديث إلى سمر عادل، رئيس وحدة الدفع والتحصيل الإلكترونى وزارة المالية، التى أوضحت بدورها أن وزارة المالية بدأت بنفسها عند تبنى عملية التحول الرقمى عبر إنشاء وحدة الدفع والتحصيل الإلكترونى خلال عام 2007، لإتاحة جميع المتحصلات وتبادلها بشكل إلكترونى وربطها مع الجهات الحكومية، وبنك الاستثمار القومى، ومكاتب البريد، والبنك المركزى المصرى.
<< سمر عادل: الدولة سرَّعت التحول الرقمى باستبدال حسابات الوحدات بـ«الخزانة الموحد»
وأضافت أن الوزارة بدأت بجمع المتحصلات عبر التحويلات البنكية، وكان حجم التعاملات الإلكترونية حينها لا يتجاوز مليار جنيه سنوياً، خاصة أن الاعتماد الأساسى كان على الشيكات الحكومية، والتى كان يصاحبها بعض المشكلات المتعلقة بالشيكات، وبدأت الدولة تحصيل الإيرادات السيادية إلكترونياً أولاً، حتى صدور قانون 18 لسنة 2019 بإلزام جميع الجهات الحكومية بالدفع والتحصيل الإلكترونى فى جميع جهات الدولة.
وأشادت بخطوة الدولة لإلغاء حسابات الوحدات التى بلغ عددها 3225 وحدة حسابية على مستوى الدولة بعدد 23 حساب لكل وحدة، والتى تم استبدالها بحساب الخزانة الموحد الذى يضم نحو 15 حساباً، ونشرت الوزارة نحو 15 ألف نقطة بيع فى جميع جهات الدولة للتعامل على البطاقات البلاستيكية لتحصيل رسوم الخدمات المقدمة للمواطنين فى المعاملات الحكومية، دون أى عبء إضافى.
وتابعت أن التطور شمل توفير قنوات الدفع الإلكترونية أونلاين للخدمات الحكومية على المواقع التابعة لها من خلال بوابة السداد والدفع الحكومية الخاصة بوزارة المالية، أو عبر الحسابات البنكية أو من خلال منافذ شركات الدفع الإلكترونية.
وكشفت أن الوزارة تعمل حالياً على تدشين منصة فواتير للجهات الحكومية وستقوم تلك الجهات برفع كل المطالبات التى تخصها على المنصة، وتتيحها لأى متعامل مع الوزارة، وحجم التعاملات الإلكترونية للحكومة تجاوز 4 تريليونات جنيه خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وسأل “القصاص” عن نسبة نمو حجم المعاملات الرقمية الحكومية قبل وبعد الجائحة؟
وقالت سمر عادل، مدير وحدة التحصيل بوزارة المالية، إن حجم التعاملات قبل “كورونا” كان أقل كثيراً من المعاملات الحالية، وبدأت تظهر طفرة فى الأرقام خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خاصة بعد صدور القوانين للتعاملات الحكومية والرقمية والتى دفعت عملية التطور بالتزامن مع تفشى فيروس كورونا.
وانتقل مدير الندوة بسؤاله إلى أحمد عبدالحكيم، العضو المنتدب لكونتكت باى، عن مساهمة قطاع المدفوعات الرقمية فى دفع عجلة الأنشطة المالية غير المصرفية الأخرى لا سيما عمليات تحصيل الأقساط لنشاطى التمويل الاستهلاكى، والتأمين.
<< أحمد عبدالحكيم: المدفوعات الرقمية حجر أساس فى دفع وتيرة التحول الرقمى فى الدولة
وأجاب “عبدالحكيم”، أن الهدف الأساسى من تنمية العمل فى القطاع هو تقوية الاقتصاد عبر إتاحة سبل دفع تسهم فى تحقيق استراتيجية الدولة فى الشمول المالى، ومع دخول الدولة على تحديات كبيرة ظهرت الحاجة إلى تحول إلى مجتمع لانقدى، ما دفع الاتجاه نحو قطاع المدفوعات الرقمية، وخلق فرص كبيرة وقوية للقطاع الخاص، والفرصة فى المجتمع المصرى كبيرة، خاصة أن السلوك المسيطر فى مجتمعانا هو “الكاش”، ما خلق فرصاً فى السوق أمام لاعبين جدد.
وعدد “عبدالحكيم”، مزايا الدفع الإلكترونى من تسريع دورة رأس المال، وزيادة معدل الاستهلاك بالنسبة للمواطنين، لأن الاعتماد على البطاقات فى الدفع يزيد من عمليات الشراء عن استخدام الكاش.
وأكد أهمية التوعية بالمدفوعات الرقمية، عبر خلق تجربة ممتعة للدفع بسهولة التجربة؛ لأن المدفوعات الرقمية مرتبطة بصورة مباشرة بالأنشطة المالية غير المصرفية مثل التمويل الاستهلاكى، والتكنولوجيا المالية.
وقال كريم عيادة، المدير الإقليمى لتطوير الأعمال بشركة Pay Tabs Egypt، إنَّ قطاع المدفوعات الرقمية جاذب للغاية فى مصر ما دفع “باى تابس جلوبال” للتواجد فى مصر عبر الشراكة مع المجموعة المالية هيرميس فى ديسمبر 2019 مع بداية جائحة “كورونا”، والشركة تعمل فى دول الخليج منذ عام 2014، وقطاع المدفوعات الرقمية كبير للغاية ويستوعب دخول منافسين جدد سواء مستثمرين محليين أو أجانب.
<< كريم عيادة: قطاع المدفوعات الرقمية جاذب ما دفع «باى تابس جلوبال» للتواجد فى مصر
وذكر أن عدداً من الشركات العالمية بدأت النظر بالفعل فى السوق المصرى، وإدخال منتجات رقمية جديدة مثل الدفع بتكنولوجيا الـ”NFC”، والبنك المركزى سيسمح بوجود منتجات رقمية جديدة فى سوق المدفوعات لمواكبة التطورات العالمية فى القطاع.
وأكد ضرورة تكنولوجيا “بلوك تشين” لعملية ربط جميع قطاعات الدولة مع مقدمى الخدمة، وقنوات الدفع المختلفة، وأن عملية الربط بين الوزارات والجهات الحكومية والبنوك يحتاج إلى بنية تحتية تكنولوجية قوية تحتاج إلى المزيد من الوقت، والدولة تسير فى الطريق الصحيح بخطى ثابتة.
وقال توفيق محمود، المدير العام للشركة العربية للخدمات المالية- مصر، إنَّ السوق المصرى سوق ناشئ وواعد فى عملية التحول الرقمى، والمجلس القومى للمدفوعات تبنى خطة قوية وطموحة لعملية التحول الرقمى فى مصر منذ تدشينه، عبر تشريعات جديدة، وساعد البنك المركزى المصرى بصورة كبيرة فى عملية تغيير التشريعات ما أسهم فى جذب استثمارات أجنبية فى قطاع المدفوعات والذى شهد مؤخراً نزوح بعض الاستثمارات الأجنبية من دول الخليج إلى مصر.
<< توفيق محمود: السوق المصرى سوق ناشئ وواعد فى عملية التحول الرقمى
وقال إن الجزء المهم من البنية التحتية التكنولوجية هو ربط جميع الجهات الحكومية بنظام موحد عبر تقنيات “بلوك تشين”، تزامناً مع ضرورة تحفيز المواطنين لتقليل الاعتماد على الكاش واستخدام المدفوعات الرقمية، خاصة أن الفرصة فى مصر كبيرة للغاية؛ نظراً إلى توافر عدد سكان يتخطى 100 مليون نسمة.
ووجه مدير الندوة سؤالاً لـ”إسلام جابر”، رئيس القطاع التجارى بشركة فورى لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الرقمية، عن إمكانية بناء منصات تجارة إلكترونية متكاملة لمساعدة الشركات الناشئة فى المجال..
وقال جابر، إن “فورى” تعمل على التحول إلى منصة متكاملة فى منظومة الدفع الإلكترونى، عبر أفكار جديدة ومنتجات رقمية لمواكبة النمو الهائل فى الأسواق العالمية، وتلبية احتياجات العملاء، والتركيز على تجربة سهلة للعميل من حيث سهولة وراحة العميل فى تنفيذ المعاملات الرقمية.
<< إسلام جابر: الدولة المصرية لعبت دوراً مهماً فى تطوير ثقافة المواطنين تجاه المدفوعات الرقمية
وأوضح أن تغيير السلوك من عام 2010 لدفع الفواتير فى الشركات إلى التحصيل الإلكترونى، وصولاً إلى التحصيل من نقاط البيع المتحركة والتى خدمت بشكل كبير المنظومة الحكومية، مشيراً إلى بروتوكول وقعته “فورى” مع وزارة الكهرباء لتحصيل الفواتير عبر نقاط البيع بدلاً من التحصيل التقليدى، والدولة لعبت دوراً مهماً فى تطوير ثقافة المواطنين تجاه المدفوعات الرقمية.
وقال أحمد خلف، رئيس قطاع التطوير بشركة ضامن، إنَّ حركة قطاع المدفوعات الرقمية مختلفة عن أى قطاع آخر خاصة فى المنافسة، ويستوعب العديد من المتنافسين، والقطاع ينمو بشكل كبير بعد الدفعة التى تلقاها من “كورونا”، والتى تزامنت مع مبادرات البنك المركزى بتوفير “كروت ميزة”، ونقاط البيع داخل وخارج القاهرة.
أضاف أن الشركة صاحبة التميز هى التى تملك أكبر عدد من الحلول الرقمية والتكنولوجية، وقوة تواجد تلك الشركات فى السوق عبر الانتشار الجغرافى؛ حيث تتمتع شركة “ضامن” بشبكة واسعة من نقاط البيع على مستوى الجمهورية.
<< أحمد خلف: استثمارات شركات الدفع فى التطوير عامل أساسى لضمان استمرارية الشركات فى المنافسة فى القطاع عبر خلق تجربة جيدة للعميل
وأضاف “خلف”، أن من المزايا التى تحقق مصلحة الشركات المتنافسة فى السوق هى البنية التحتية التكنولوجية للشركة، وعلاقة الشركات بالعميل سواء الشركات التى تقوم بتحصيل مدفوعاتها أو المستخدم النهائى، وحجم الاستثمارات التى يتم ضخها فى التطوير، وخلق حلول رقمية جديدة، مع الدفع فى السوق من قبل البنك المركزى.
وسأل مدير الندوة، محمود خضر، المدير الإقليمى لشركة OPay، عن الفرص التى رأتها الشركة فى دخول السوق المصرى..
وقال “خضر”، إن السوق كان ناشئاً ولم يصل بعد لمرحلة التشبع، ويحتاج جودة تكنولوجية أعلى، بجانب تعليمات رئيس الجمهورية، والمجلس القومى للمدفوعات، وقرارات المركزى الداعمة للتحول الرقمى بشكل سريع.
<< «محمود خضر»: نشاط الدفع الإلكترونى فى مصر لم يصل بعد إلى مرحلة التشبع
وذكر “خضر”، أن الشركة ضخت استثمارات بعملات أجنبية، فى السوق المصرى فى إطار التوجه لمجتمع «Cash less» موضحاً أن تحصيل مدفوعات الجهات الحكومية بسيط مقارنة بحجم السوق، لكن فى الوقت نفسه يجب ملاحظة أن السوق ما زال بمرحلة تقليل الدفع النقدى “الكاش”، مقابل الدفع الإلكترونى.
أوضح أن أى عملية تغيير سلوك تواجه مقاومة، وهو ما لمسه بنفسه فى الدفع الإلكترونى بوحدات المرور التى أصبحت مستخدمة فيها “بطاقات دفع إلكترونى دوارة”، بجانب ظهور أشخاص من حاملى أجهزة الحواسب المحمولة بمحطات القطارات لحجز التذاكر عبر الموقع الإلكترونى للاستفادة من الكوتة المخصصة للحجز الإلكترونى، ما يعكس قابلية المجتمع وحاجته للدعم فى التحول نحو نظم الدفع الإلكترونى.
أشار إلى حاجة السوق المصرى لدعم أكبر من الدولة لخفض تكلفة التحصيل الإلكترونى، ما سيؤدى لدمج الاقتصاد غير الرسمى وتسليط الضوء عليه بشكل أكبر.
ووجه مدير الندوة سؤالاً إلى عبدالله عسل، العضو المنتدب لشركة سهل، عن مستقبل عمليات الدفع بدون استخدام البطاقات “اللا تلامسية Near Field Communication»، هل يكون لاستخدام محافظ الهواتف الذكية أم لنقاط الدفع فى ظل التوجه إلى هدف تقليل المدفوعات النقدية؟
<< «عبدالله عسل»: المستقبل سيشهد تركيزاً من مقدمى الخدمات لتحقيق الشفافية والتيسير وخدمة العملاء بجودة مرتفعة
وأجاب “عسل” بأن المستقبل سيشهد تركيزاً من مقدمى الخدمات فى استخدام التكنولوجيا لتحقيق 3 عناصر هى الشفافية والتيسير وخدمة العملاء بجودة أعلى فى عمليات المدفوعات الإلكترونية والتحصيل الإلكترونى.
أضاف أن الشركة بدأت عملها بتحديد هدف رئيسى وهو التسهيل على العملاء فى عمليات الدفع خاصة فى المدفوعات الثابتة مثل الفواتير الشهرية لخدمات مثل الكهرباء والغاز، ثم جاءت الرغبة من شركات وزارة الكهرباء فى عملية سهولة شحن كروت العدادات مسبقة الدفع عبر نقاط البيع المنتشرة لشركات الدفع الإلكترونى.
ثم تطور الأمر إلى الدفع عبر تطبيقات الهواتف الذكية دون أدنى جهد بدنى، والسعى بدأ من الدولة للوصول نحو هذا الهدف، وهذه التجربة انتقلت بسبب نجاحها إلى شركات الغاز ثم المياه والصرف الصحى.
وسأل مدير الندوة، عبدالرحمن على، الشريك المؤسس لشركة نقود القابضة، عن اتجاه الحكومة نحو التحول الرقمى فى الخدمات وتأثيره على وجود منصات وكروت موحدة لبعض الخدمات المتشابهة..
أوضح الشريك المؤسس لشركة نقود القابضة، أن تأثير انتشار الجائحة كان كبيراً فى نمو عمليات المدفوعات الإلكترونية بشكل كبير، وأسهم فى اختصار خطوات كبيرة، بجانب القوانين المنظمة للقطاع مع دعم الأجهزة الرقابية سواء البنك المركزى أو هيئة الرقابة المالية.
<< عبدالرحمن على: «نقود القابضة» تعمل على مشروع يستهدف توفير حلول إلكترونية للشركات الناشئة بالتعاون مع الحكومة
ذكر أن الشركة تعمل، حالياً، على مشروع يستهدف توفير حلول إلكترونية للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع الحكومة والبنك المركزى، بمميزات أكثر، فى إطار استغلال دعم الدولة لزيادة المدفوعات الإلكترونية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
أشار إلى حاجة الدولة للاعتماد على فروع البنك الزراعى المصرى والبريد المصرى لمعرفة ما يناسب سلوك المتعامل المصرى من خدمات، وبالتالى البداية بها للعمل على تغيير سلوك المصريين نحو الدفع الإلكترونى بدلاً من النقدى.
ونوه بأن إطلاق البنك المركزى صندوق «إنكلود» للتكنولوجيا المالية، ساعد الكثير من الشركات الناشئة على توجيه الاستثمارات نحو قطاعات محددة.
أضاف أن السوق المصرى يحتاج إلى دورات تدريبية لطلبة الجامعات لبناء كوادر من فئات عمرية أصغر.
ووجه محمود القصاص، مدير الندوة سؤالاً للمتحدثين عن مدى ضرورة إنشاء اتحاد لشركات المدفوعات الإلكترونية يمثل الشركات ويرعى وجود دورات تدريبية تدعم وجود أجيال جديدة من الكوادر العاملة بالقطاع..
وقال إسلام جابر، رئيس القطاع التجارى بشركة فورى، إنَّ الشركة بدأت منذ أيام تدشين أول أكاديمية تدريب خاصة بها، لرعاية وتقديم برامج توعوية وتسمح بوجود أجيال جديدة من المتخصصين بالقطاع.
وتوجه مدير الجلسة بالسؤال إلى جابر، عن البنوك الرقمية وكيفية تطبيق نموذج مصرى فى التحول لها..
وأضاف جابر، أن المجتمع المصرى ما زال فى مرحلة التحول الرقمى الأولى ويجرى التحضير لمرحلة جديدة من التحول إلى مجتمع رقمى بشكل أكبر أو مجتمع «Cash less»، وألمح إلى الحاجة الماسة إلى التدريب والتوعية.
الأمن السيبرانى
على الجانب الآخر مع نمو حجم المدفوعات الإلكترونية عالمياً، خاصةً بعدما سرعت جائحة كورونا من تبنى العالم لهذا النظام فى الدفع، ظهر فى المقابل كثافة فى عمليات الاحتيال المالى الإلكترونى، والاختراقات الإلكترونية للعديد من الشركات، ما رفع من حجم مطالبات التأمين على المدفوعات.
وقال كريم عيادة، إنَّ هناك قرارات صدرت من البنك المركزى بضرورة أن تكون المعاملات مؤمنة بنظام 3D Secure، وهو نظام التأمين على المعاملات المالية فى أحدث إصداراته العالمية والذى يضمن سلامة وأمان المعاملات المالية، ودائماً ما يجرى تحديث هذه الأنظمة، خاصةً أن المتسللين الإلكترونيين يطورون من قدراتهم على التسلل والاختراق.
كما أشار “عيادة”، إلى حملات التوعية بالجرائم الإلكترونية للجمهور، وعدم إعطاء بيانات الحسابات عبر التليفون أو لأى شخص، مطالباً بضرورة استمرارها مستقبلاً.
وأضاف أن المفارقة الكبيرة هى أن الاعتماد على منظومة الدفع الإلكترونى والمحافظ الذكية أكثر فى الأقاليم عنها فى المدن، وهو ما يتطلب ضرورة نشر الوعى فى هذه المناطق بصورة دورية.
ويرى “عيادة”، أن المشكلة تكمن فى عمليات مشاركة كلمات السر الخاصة بالكروت البلاستيكية للبنوك وغيرها من التطبيقات، “وأحياناً نتلقى شكاوى من عملاء بتنفيذ عمليات من خلال أحد أفراد أسرهم بسبب مشاركة كلمات المرور، ويجب التوعية بشكل دورى».
وأضاف أن المشكلة عالمية وليست فى مصر فقط، خاصة أنه مع نمو حجم التجارة الإلكترونية عالمياً، فإن الهجمات السيبرانية تنمو بمعدلات متزايدة، ولهذا السبب دائماً ما تعمل شركات المدفوعات الإلكترونية للحصول على شهادات PCIs من البنوك للتوافق مع الحد الأدنى للمتطلبات التأمينية لعملياتها وحماية العملاء وأموالهم من هذه النوعية من الهجمات، وبالتالى كلما نجحت الشركات فى تأمين عملياتها زادت عمليات التبنى للوصول إلى مجتمع غير نقدى بالكامل وارتفعت الثقة فى المنظومة ككل.
وقال محمود خضر من شركة «أوباى»، إنَّ تأمين الحسابات فى الماضى كان يعتمد على وجود اسم مستخدم وكلمة سر للحساب فقط، ومع تطور المنظومة وارتفاع جهود حماية بيانات وأموال العملاء تطور النظام إلى ما يعرف بـOTP، أو كلمة المرور لمرة واحدة، والتى يتم إرسالها على هاتف العميل المسجل لدى مقدم خدمة الدفع لحمايته، وقد يظهر فى المستقبل أنظمة جديدة لحماية العملاء تتطلب المزيد من الإجراءات.
لكنه عاب على مشكلة تخلقها أنظمة التأمين المتعددة وتطورها بإجراءات معقدة، إلى خلق ما يعرف بمشكلة عدم المرونة، وهو ما يجعل العملاء تمل من تعدد درجات الحماية وبطء العمليات، خاصةً فى ظروف مرتبطة بسرعة وجودة عمليات الاتصالات بين حسابات العملاء وخطوط الهاتف وجودة تغطية الشبكات.
وقال عبدالله عسل، العضو المنتدب لشركة سهل، إنَّ الأزمة فى عمليات التأمين والتشفير ضد الهجمات السيبرانية مرتبط بنقص الكوادر والمواهب البشرية، والميزة التى ستخلق الفارق والتمييز بين الشركات بصورة كبيرة، هى مدى إمكانية الشركة من توظيف كوادر بشرية على درجة عالية من الكفاءة داخلياً، تتعامل مع المشكلات بشكل أسرع وتخلق حلولاً للمواقف بشكل لحظى.
وأشار إلى دراسة عالمية تؤكد أن أكبر مشكلة تواجه شركات المدفوعات عالمياً مرتبط بمدى توافر الكوادر والمواهب البشرية.
وأضاف أن الشركات التى تدخل القطاع يجب أن تتأكد أن خلفها فريق عمل قوياً فى الأمن السيبرانى يستطيع مواكبة التغيرات وأساليب الهجوم بشكل فورى.
وتجاوز عدد الهجمات السيبرانية التى تعرضت لها دول الشرق الأوسط خلال عام 2021 تجاوز 400 مليون هجمة والتى رصدتها إحدى شركات منصات الأمن السيبرانى ونجحت فى مواجهتها.
وبالرغم من التكاليف المرتفعة لتأمين المدفوعات، قال أحمد خلاف، رئيس قطاع التطوير بشركة «ضامن»، إن الشركات لا يمكنها حتى التفكير فى توفير التكاليف فى عمليات التأمين، إذ إن السلعة التى تتعامل معها هى أموال لعملاء من أفراد وجهات حكومية وشركات ومتاجر، وبالتالى فإن أى تقصير فى تأمين العمليات يعنى بالضرورة تحمل الشركة هذه التكلفة، ولهذا يجب الاستثمار بقوة فى تأمين التعاملات بين الأطراف المختلفة.
وتطرق أحمد عبدالحكيم، العضو المنتدب لشركة كونتاكت باى، إلى أساليب سرقة الأموال من البطاقات البنكية عبر تقنية NFC، بمجرد تقريب ماكينة POS إلى محفظة الشخص الذى يحمل الكارت أو البطاقة، استغلالاً لعدم طلب أرقام تعريف طالما كان المبلغ أقل من 500 جنيه، وهو ما دفع بعض الشركات إلى تصنيع محافظ جلدية بخاصية معينة تمنع هذا النوع من السرقات.
وأضاف أن جزءاً كبيراً من عمليات تأمين المعاملات يصل إلى 65% منها تكنولوجيا مرتبط بشهادات PCI، لكن 35% مرتبط بأمور غير تقنية متعلقة بالتوعية ونشر الثقافة المالية.
وأشار إلى أن إحدى الصور المتداولة لعميل يقوم بالسحب من ماكينة ATM، و7 أشخاص يراقبون ما يقوم به، وهو أمر مرتبط بثقافة الخصوصية، وأحياناً مرتبط بعمليات التعلم لكيفية استخدام البطاقات.
تصدير التكنولوجيا
قال توفيق محمود، العضو المنتدب لشركة الخدمات المالية العربية ALC مصر، إنَّ ثورة التحول بدأت بصورة واضحة بعد عام 2018، وكان هناك العديد من مشروعات الرقمنة حبيسة الأدراج.
وأشار إلى تغيرات كبيرة أحدثت الفارق خلال السنوات الخمس الماضية، فى دولة عميقة وقديمة مثل مصر، جعلها نقطة مضيئة عالمياً لجذب الاستثمارات فى القطاعات الناشئة ورأس المال المخاطر.
وذكر أن التغيرات كانت عنيفة جداً، وساعدت جائحة كورونا فى تسريعها، لكن القادم يظل هو المحطة المهمة، ويجب أن تكون مصر منصة تكنولوجية لأفريقيا، والشرق الأوسط، وبالفعل كان هناك الكثير من النجاحات فى هذا القطاع؛ بسبب حجم السوق الذى يتم تدشين المشروعات به والذى يتجاوز عدد سكانه 100 مليون نسمة – ما يجعله الأكبر فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلاً عن التنوع الكبير للقطاعات والفرص الاستثمارية التى جذبت رؤوس الأموال المغامرة، ونتج عنها وجود قصص نجاح لشركات تحولت إلى «يونيكورن»، مثل سويفيل، وفورى، وإى فاينانس، وجميعها بدأت فى مصر وبدأت رحلة انطلاق أوسع نحو أسواق جديدة.
وقال “توفيق”، إنه كان من بين الفريق الذى أسس منصة جوميا تيك هب، والتى كان من المفترض أن يتم تأسيسها فى البرتغال، لكن التفوق النسبى لمصر عن السوق البرتغالى خاصةً فى تكلفة العمالة ووجود العديد من الكوادر فى بعض الوظائف التكنولوجية الحيوية كان نقطة تميز يجب استغلالها فى الترويج بصورة أكبر للسوق المصرى.
كما أشار إلى أن بعض الشركات الخليجية تدرس نقل مقرتها التكنولوجية إلى مصر بسبب المواهب والتكاليف واللوجيستيات التى شهدت طفرة خلال السنوات الماضية.
وأثنى “توفيق” على التطورات الأخيرة فى جذب الاستثمار، على جميع الأصعدة، وخاصةً هيئة الاستثمار والتى أصبحت تقدم خدمة تأسيس شركات فى بضع ساعات ما سيساعد على جلب المستثمرين وتحفيز وجود مصر كمنصة تصدير تكنولوجية عالمية وإقليمية.
وذكر “توفيق”، أنه من الضرورى خلال الثورة الحالية للتكنولوجيا المالية، هو الاستدامة والحفاظ على خطط التحفيز الحالية والعمل على تنميتها.
فرص الاستثمار
وأكد عبدالرحمن على، الشريك المؤسس لشركة نقود القابضة، ضرورة تركيز الشركات على النمو بصورة طبيعية وعدم تعجل الحصول على الأموال من المستثمرين بأحجام تفوق الخطط الموضوعة على الأرض حتى وإن كان أغلب الشركات العاملة فى القطاع ما زال فى مرحلة النمو.
وضرب مثالاً بشركات عالمية مثل ريفلووت – وهو بنك رقمى فى المملكة المتحدة تأسس فى عام 2014- ويملك حالياً أكثر من 45 مليون عميل، وتعرض لأزمات خلال المراحل الأولى من النمو لكنه استطاع الصمود بسبب تبنى استراتيجية وخطة عمل واضحة.
وأكد “على”، أن السنوات القليلة المقبلة ستشهد العديد من صفقات الدمج والاستحواذ داخل القطاع، والعديد من الشركات استطاعت جمع أموال من مستثمرين خلال السنوات الماضية، كما شهد القطاع أكثر من صفقة دمج واستحواذ، وستنشط بقوة هذه الصفقات.
وخلال العامين الماضيين تم طرح شركتى فورى وإى فاينانس فى البورصة المصرية، كما استحوذت بعض البنوك على شركات مدفوعات، فيما أطلقت بنوك “أذرع” للدفع الإلكترونى خاصة بها.
وقال “على”، إن هناك الكثير من الأموال التى تحتاج إلى توظيفها وتبحث عن فرص للدخول، لكن المهم هو مراعاة التوازن من جانب شركات التكنولوجيا المالية الناشئة «قلة الفلوس وحشة وكثرتها وحشة».
وقال محمود خضر، رئيس قطاع تطوير الأعمال والشراكات الاستراتيجية فى شركة «OPAY»، إنَّ شركته عندما فكرت فى دخول السوق المصرى كانت تبحث فى العديد من الشركات للاستحواذ عليها لاختصار وقت الترخيص، لكنها اصطدمت بمشاكل عمليات الفحص النافى للجهالة وقلة البيانات والمعلومات ما قادها إلى طلب رخصة للعمل فى السوق.
وأضاف أن المشكلة الثانية كانت فى المبالغة فى التقييمات، وهو ما دفع الشركة لتقييم الفرصة البديلة عبر استثمار الأموال الخاصة بالاستحواذ فى تأسيس مركز بيانات محلى خاص بالشركة، والتسويق لعملياتها، والتى أصبحت منتشرة فى 27 محافظة مصرية فى الوقت الراهن خلال أقل من عام على التأسيس.
وأكد أنه مع هذا الاستثمار أصبحت الشركة منصة لتصدير التكنولوجيا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا.
وكشف عن سعى الشركة لدخول الإمارات وتركيا فى الفترة المقبلة، إضافة إلى 10 أسواق تعمل بها الشركة حالياً، لكن السوق المصرى يظل درة التاج بالنسبة لهذه الاستثمارات، خاصةً أن معدلات اختراق السوق أمامها فرصة كبيرة للنمو.
وقال إن «أو باى»، قد تكون أول مستثمر أجنبى كبير يدخل قطاع المدفوعات الإلكترونية فى مصر، إلا أنه لن يكون الأخير، متوقعاً دخول لاعبين عالميين فى القطاع إلى السوق عبر مجموعة استحواذات على شركات مصرية قائمة.
التوقيع الإلكترونى والهوية الرقمية
وأشاد “عيادة”، برعاية البنك المركزى لصندوق «ساند بوكس»، والتى كانت حاضنة أعمال لشركتين تم الترخيص لهما بإعداد الهوية الرقمية، ومن المتوقع صدور القرارات المنظمة للعمل بها خلال أشهر قليلة مقبلة، ما سيدفع بنمو أكبر لحجم العديد من القطاعات المالية.
ويرى المدير الإقليمى لتطوير الأعمال بشركة بايتابس، أن الهوية الرقمية ونموذج أعرف عميلك الإلكترونى، والتوقيع الإلكترونى جميعها ستمكن الجمهور من فتح الحسابات وامتلاك حسابات مصرفية ومالية فى شركات الخدمات دون التواجد فى مقراتها ما سيقلل بصورة كبيرة من خروج النقد خارج النظام البيئى للمدفوعات الرقمية.
وقال “عيادة”، إن الجزء الآخر من الاعتماد على بيانات العملاء غير المالية فى تحديد الجدارة الائتمانية والتصنيف الائتمانى لهم يخلق فرصاً لإيجاد منتجات مالية إلكترونية جديدة، وإحدى شركات المحافظ الذكية المشغلة لخدمات الهواتف المحمولة كانت تعتمد أكثر من 600 مؤشر للعملاء.
فيما أشار العضو المنتدب لشركة كونتاكت باى، إلى أن مجموعة كونتاكت المالية، اعتمدت على بيانات العملاء منذ بدء عملها فى السوق المصرى من عام 2003، فى تطوير برنامج ذكاء اصطناعى داخلياً لحساب الجدارة الائتمانية للعملاء، وتقديم منتجات مالية متعدد عبر أذرع المجموعة المختلفة.
وقالت سمر عادل، رئيس وحدة الدفع والتحصيل الإلكترونى فى وزارة المالية، إن استراتيجية الوزارة تستهدف خلق تكامل بين الأنظمة المالية الإلكترونية التى أسستها سواء داخل الوزارة أو مع الوزارات الأخرى، مثل مشروع الإيصال الإلكترونى، والفاتورة الإلكترونية، بجانب التكامل مع المنصات الأخرى، مثل منصة مصر الرقمية.
وأشارت داليا فوزى، مدير الوحدة، إلى توجه الوزارة لتقليل الإنفاق العام عبر منظومة المشتريات الحكومية الموحدة، ورقمنة وحوكمة إدارة أصول الدولة.